"لا للشاشات".. صرخة أمهات لإنقاذ أطفالهن من مخاطر التكنولوجيا

تكنولوجيا

اليمن العربي

منذ أن كام عمرها 3 أشهر، بدأت ليلى تشاهد قنوات الأطفال، وتنجذب إلى الأغاني السريعة فيهدأ صراخها، تفرح الجدة بنجاحها في مهمة العناية بحفيدتها ريثما تعود أمها من عملها. 

استمر الوضع على هذا الحال حتى أتمت ليلى عامها الثاني ولم تكن تفوهت بكلمة واحدة.

تقول "نهى" والدة الطفلة وفقاًُ لـ"العين الإخبارية" إنها لم تشعر بخطورة تعرض ابنتها الرضيعة للتلفزيون، وكانت تظن أن هذه القنوات مفيدة للأطفال لما تعرضه من مواد تعليمية كالحروف والأرقام وأسماء الحيوانات وأنها ستجعلها تتحدث في وقت أسرع، ولكن العكس هو ما حدث.

وتضيف أنه بعد بلوغ ابنتها عامين قررت الذهاب لأخصائي تخاطب لمعرفة سبب تأخر النطق لتفاجأ عندها بأن السبب الأول هو قنوات الأطفال التي تجلس أمامها طفلتها بالساعات كل يوم.

انطلاقا من مشكلات شبيهة يتعرض لها الأطفال نتيجة جلوسهم لفترات طويلة أمام شاشة التلفزيون أو الهاتف والتابلت، قررت مؤسسة "نادي الأمهات" إطلاق حملة بعنوان "لا للشاشات" في أغسطس/آب الماضي، وما زالت أنشطتها مستمرة حتى الآن للتوعية بمخاطر تعرض الأطفال لفترات طويلة للتكنولوجيا.

"نادي الأمهات" مؤسسة تجمع أمهات من كل أنحاء الوطن العربي؛ بهدف تأمين مساحة دافئة ومريحة للأم وأطفالها يجدون فيها محاضرات وورش عمل وأنشطة تفاعلية واستشارات فردية تربوية وسلوكية وأسرية ومكتبة غنية للمطالعة للأم وللطفل.

وتقول ريم صابوني، مدرب معتمد من الاتحاد الفيدرالي لمنسقي الأمم المتحدة ومؤسسة نادي الأمهات لـ"العين الإخبارية"، إن الحملة تستهدف الأمهات والتربويين لتوعيتهم بمدى الضرر الذي يقع على الأطفال نتيجة تعرضهم للشاشات عبر "فيسبوك" أو من خلال ورش عمل في مقر النادي بمدينة القاهرة الجديدة وفرعه في مدينة 6 أكتوبر وأكاديمية "نيو إيدج" بمصر، وقريبا في مناطق أخرى بالتعاون مع جهات أخرى.

وخلال هذه الورشة تتم توعية الأمهات بالمخاطر التي يتعرض لها أطفالهن واستراتيجيات سحبهم من التكنولوجيا للأنشطة التفاعلية والبدائل التي يمكن القيام بها في الوقت المخصص للشاشة.

وتشير ريم صابوني إلى دراسات عدة أثبتت خطورة الشاشات على الأطفال وتأثيرها السلبي على محصلتهم اللغوية وعلى الصعيد التفكيري، إضافة لإكسابهم عادات سلوكية سيئة مثل الميل للشجار والكذب والسرقة، والسبب في ذلك يعود إلى أن العنف المرئي يزيد من استجابة الطفل له، أضف إلى ذلك أمراض السمنة وسوء التغذية والكسل وتأخر النطق وأضرار العزلة الاجتماعية التي تخلفها الشاشات عموما.

وتشكو أمهات من ظهور أعراض توحد على أطفالهن نتيجة تعرضهم للشاشات لفترات طويلة، وتقول ريم صابوني إن الأجهزة الذكية وقنوات التلفاز لا تسبب اضطراب التوحد لأن الطفل يصاب بالاضطراب وهو جنين، لكن تأثيرها يكون في تعزيز الأعراض والسلوكيات التي يعاني منها الطفل المصاب بالاضطراب كرفض التواصل البصري والاجتماعي واللفظي.

كما تؤدي إلى ظهور بعض أعراض وسلوكيات التوحد لدى الطفل الطبيعي بسبب تأخر الطفل لغوياً نتيجة استقباله للأغاني السريعة دون تفاعل وعدم رغبة الطفل بمشاركة آخرين أي نشاط لأنه يجد متعته مع الشاشة حيث لا يُطلب منه أي جهد بدني.

وتقول المدربة المعتمدة من الأمم المتحدة إنه لا يجب أن يقضي الأطفال دون سنّ الثانية أي وقت أمام التلفزيون، أو أجهزة الكمبيوتر، أو الألعاب الإلكترونية.

ومن سن الـ3 حتى الـ5 يمكن قضاء ساعة واحدة مقسمة على مدار اليوم، ومن سن الـ6 وحتى الـ12 تزداد المدة إلى ساعتين مقسمتين على مدار اليوم.

وترجع أسباب تفضيل تفادي وقت الشاشة للرضع والصغار لحاجتهم إلى الكثير من النشاط البدني لاكتمال نموهم الجسدي والذهني.

وتضيف أن الأطفال أقل من عمر العامين لا يتعلمون الكثير من وسائل الإعلام الإلكترونية، ولكن كلما أصبح طفلك أكبر سناً كلما زادت قدرته على التعلم من هذه الوسائل.

وتنصح ريم صابوني الأمهات بعدم استخدام الوقت المخصص للشاشة كمعزز إيجابي أو سلبي والاتجاه للبدائل مثل قضاء وقت مشترك مع الطفل أو الألعاب الجماعية وأنشطة مونتيسوري في الطفولة المبكرة والأنشطة الخارجية والرحلات الأسرية واستخدام تطبيقات إلكترونية مفيدة بديلة عن الألعاب الضارة (كتطبيقات رياضة الدماغ وتعلم اللغات الأجنبية) وممارسة الفنون كالرسم والتلوين وغيرها.

ويؤكد الدكتور محمد عبدالهادي، استشاري مخ وأعصاب الأطفال، مخاطر تعرض الأطفال للشاشات ولاسيما القنوات التي تعرض أناشيد برتم معين خاصة في الشهور الأولى للطفل لتفادي ظهور أعراض توحد لاجيني عند الطفل كغياب التواصل البصري بينك وبين الطفل وعدم الانتباه إذا ناديت عليه وعدم التجاوب عند احتضان الطفل أو تقبيله وعدم الرغبة في التواصل واللعب مع أقرانه والميل للعدوانية والخمول الشديد.

ويحذر عبدالهادي من أن صمت الطفل أمام هذه القنوات ليس مؤشرا جيدا كما تظن بعض الأمهات ويلجأن إليها كوسيلة لإسكات الطفل، ويضيف أن الطفل بحاجة للعب والحركة وإصدار الأصوات حتى ينشأ بشكل سليم ومتزن.

ويشير إلى أن مخاطر التكنولوجيا تمتد أيضا للتأثير السلبي على النظر والنطق والتواصل، وأن البديل الآمن هو التفاعل مع الأطفال ورواية القصص لهم والألعاب المشتركة بالصلصال أو المكعبات والرسم وغيرها من الأنشطة.