فاجعة التعليم
رغم اني كنت ولازلت مؤيدا للسياسة التعليمية التي تقسم التعليم الثانوي إلى قسمين: أدبي وعلمي.
لكن للاسف في مجتمع يغيب فيه التوجيه التوبوي والتعليمي والاجتماعي والأسري، صار هذا التقسيم كارثة بحد ذاته.
لتوضيح أكثر؛ صار الإقبال على القسم العلمي يكاد يكون له نصيب الأسد، بل لا يذهب أحد الى القسم الأدبي إلا الضيعف جدا والتعبان الذي لا ينقي.
بل في جميع المدارس الأهلية لا يوجد بها قسم أدبي أصلا. لأنه لا أقبال عليه، ولا المدارس النموذجية التي تهتم بإعداد قادة المستقبل.
طيب أين تكمن الكارث؟
تكمن في القسم العلمي طبعا.!!
رغم الكثير من الطلاب ليس مؤهلين لهذا القسم(العلمي) وبعضهم لا يرغبه اصلا فيه ولكن الدفع الاجتماعي وخيارات ما بعد الثانوية يدفع بهم غصبا عنهم إلى هذا الإتجاه.
القسم العلمي مركز على المواد العلمية وبعض المواد التربية الاسلامية. فيتخرج طلاب الجيدين حصيلتهم العلمية جيده وبعضهم ممتازة. ولكن حصيلتهم الثقافية والتاريخية والتربوية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية صفر. اقولها عن تجربة ، صفر بكل انواع الثقافة العامة .
هؤلاء يهتم بهم على أنهم خرجي القسم العلمي وهم الأفضل ويحصلون على منح من بعض المؤسسات الخيرية والحكومية. ويتخرجون ويكونون قادة الجامعات والكليات وبعض المؤسسات الحكومية ويبرزون كقادة مجتمع، وهم ضحل الثقافة، ولا يفهون في التاريخ شيئا، ولا في التربية، ولا في الاجتماع، ولا في الاقتصاد، ولا في السياسة، لان طبيعة داراستهم تخصصية بحثة هنا تكمن الكارثة.
هل فهمتوا الآن اين تكمن الكارثة؟
يتم اعداد قادة المستقبل على المناهج العلمية التخصصية البحة، ويدفع بجميع الطلاب ، بل اكثرهم حتى غير الراغبين في هذه الزاوية.
وبعد ذلك تجد الفشل الفضيع في إدارة وقيادة المجتمع، تجد دكتور يحمل شهادة عليا لا يفهم كيف يدير قسم علمي، ناهيك أن يقود مجتمع او كلية او جامعة او مؤسسة حكومية.
يجب أعطاء القسم الأدبي حقه من الإهتمام والأهمية، وان يحصلوا خريجيه على المنح والفرص الكبيرة في خيارات ما بعد التعليم الثانوي حتى نرغب الطلاب الجيدين فيه. وتفتح له أقسام في المدارس النموذجية أيضا.
لان قادة المجتمع يخرجون من هنا، من الثقافة، والعلوم الدينية ، والفكر ، والأدب ، والاجتماع، والسياسة ، والاقتصاد، و الفلسفة. لا يتخرجون من الطب و الهندسة. دراسات الانسانية هي التي تصنع لنا القادة.
يجب أن يشعر الطلاب بأهمية الدراسات الانسانية لأنها تعطيه الدخيرة الكافية للقيادة وفهم المحتمع وتغيراته، والاقتصاد وتحولاته ، والسياسة وفنونها، والفكر وفلسفاته.
لا بد من استراتيجية لاصلاح هذا الخلل في سياسة التعليمية والتوجهات المجتمعية.