من المسؤول عن فشل هدنة الحديدة؟

اليمن العربي

فشلت الأطراف اليمنية وحلفاؤها في تأمين اتفاق السلام بالسويد، بعد خرْق وقف إطلاق النار بميناء الحديدية الاستراتيجي، ما يبدو واحدًا من فصول المراوغة السياسية لاتساع رقعة الصراع المسلح.

بيدْ أنّ السبب الرئيس وراء هذه التطورات، هو السقف الذي رفعه المجتمع الدولي والأطراف المحليّة إزاء ما جرى الاتفاق عليه في السويد باعتباره «اتفاق سلام»، غير أنّه اختبارُ بناء الثقة فقط وليس جزءًا من حل الأزمة، ما يعني أنّ الاعتراف بالواقع إزاء ما جرى هو أحد المحدادات الرئيسية لمعالجة الأزمة.

نظريًا فشلت أطراف الأزمة اليمنية - (وأعني جيدًا وصفهم أطرافًا، وليس طرفي الأزمة باعتبار أنّ كافة الدول المؤثرة والمتأثرة بالموقف تملك دورًا فيما يجري)- في تأمين 14 اتفاقًا لوقف إطلاق النار آخرها ما جرى في السويد، ما يعني أنّ الخرق الأخير ليس مفاجئًا أو أمرًا جديدًا على مناطق النزاعات، فالهُدَن في مثل تلك الصراعات لا تُحترم من قبل جميع الأطراف.

غير أنّ المهم فهمه الآن أنّ ما جرى ليس خرقًا للهدنة بل هو رفضٌ للحوار، بالنظر إلى أنّ أحد طرفي الصراع وهم الحوثيون أعلنوا صراحة عن «تحرير» بعض المناطق عبر وسائل إعلامهم، فالأمر لم يعد خفيًا أو خرقًا بل هو عودة كاملة لما قبل مباحثات السويد.

هذه النقطة تحديدًا تفسح المجال للتساؤل: ما مهام لجنة المراقبة الدولية؟، فلسنا بحاجة إلى مراقبة ميدانية، الجميع بات لا يخجل من الإعلان عن خرق الهدنة على الهواء مباشرة، فأصوات الرصاص صمّت آذان رئيس بعثة المراقبة الدولية «باتريك كامرت» لدى وصوله الأراضي اليمنية، أم أنّ الفريق الأممي جاء إلى اليمن لأهداف أخرى؟، هل من بينها تأمين الهدنة وليس مراقبتها، هل جاء بأجندة ونفوذ دولي يمكن إزاءها إرغام الأطراف على احترام ما جرى الاتفاق عليه؟، اليمن – يا سادة- بحاجة إلى «تأمين الهدنة» وليس «مراقبة الهدنة».

بعد هذه التوطئة، نصلُ للسؤال الأهم الآن: من المسؤول مباشرة عن خرق هذه الهدنة، وهنا لا أعني مسؤولية الأطرا،ف بقدر ما هي مسؤولية الظروف والإجراءات والمعالجات، وذلك في النقاط التالية:-

 

1- غياب المذكرات التفسيرية والشارحة للاتفاق؛ لأن الطرفين يُفسران بنود الاتفاق لصالحهما، خاصة أنّه حمّال للأوجه، بيد أنّ المذاكرات التفسيرية هذه بحاجة إلى مفاوضات جديدة؟!

2-المفاوضات ركّزت على عودة الحديدة لما قبل 2014، وهو أمر أعتقد أنه من الصعب تحقيقه باعتباره سلاح الحوثيون الاستراتيجي، وهذا لا يعني أنّه بعيد المنال، بقدر ما يحتاج إلى ترتيبات أمنية وسياسية واقتصادية أخرى تسبقه لضمان تنفيذ أي اتفاق يهدف لعودة المرفأ الهام إلى ما قبل أربع سنوات.

3-واحدة من النقاط الهامة التي ساعدت على فشل الهدنة، هو إغفال التحركات التي جرت في شرق اليمن، في وقت ركّز العالم على غرب البلاد والحديدة والموانئ المطلة على البحر الأحمر.

4- أساس المشكلة هو النظرة الاستراتيجية لحل المسألة اليمنية، فما أقتنع به تمامًا هو أنّ حلِّ المشكلات الصغيرة، بمثابة توطئة لوضع إطار للمشكلات الأكبر، وليس العكس، فالحديث عن إنهاء الصراع لابد أن يكون مستبعدًا تمامًا خلال الفترة الحالية على حساب معالجة أزمات أقل في معظم المناطق.

5- طبيعة المعركة في الحديدية قبل الذهاب إلى السويد تبدو واحدة من التساؤلات، وإذا ما كانت الهجمات التي شنّها التحالف العربي وحلفاؤه على الحديدة كاد تقترب من تحقيق أهدافها، فلماذا أُطلقت صفارة الحكم لوقف المبارة والذهاب إلى المفاوضات، وهذا لا يعني أنّني أؤيد الأعمال العسكرية برمتها، ولكني أثير نقطة أخرى تتعلق بمن يتحكم في المشهد اليمني من الخارج؟.

6-النقطة الأخيرة والتي تبقى دائمًا سببًا مباشرة لخرق أية هدنة هي غياب النية الحقيقية للتشاركية في السلطة لدى كافة الأطراف.

إزاء ما سبق، فإنّ التوترات الحالية تفرض على المجتمع الدولي والأطراف الإقليمية إعادة النظر في طريقة معالجتهم للأزمة، من خلال البحث عن حلول جزئية تتزامن معها آلية تأمين تلك الحلول.