بعد عام من إنتفاضة صنعاء ومقتل صالح .. ما الذي تغير ؟

تقارير وتحقيقات

اليمن العربي

انطلقت العاصمة صنعاء، في مثل هذا اليوم من العام الماضي، إنتفاضة شعبية هي الأولى ضد ميليشيا الحوثي الإيرانية، قادها الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، وحزبه، بعد ثلاث أعوام من الشراكة مع الحوثيين .

غير أن هذه الإنتفاضة سرعان مع تحولت إلى مواجهات مسلحة بين الحراسة التابعة للرئيس السابق والتي كان يقودها العميد طارق محمد عبدالله صالح، والميليشيات الحوثية التي أستقدمت مختلف أنواع الأسلحة لإخماد المواجهات ومنع توسعها خارج نطاق شارع صخر حيث يسكن صالح .

وأعلنت الميليشيات الحوثية مقتل صالح في الرابع من ديسمبر أي بعد يومين من المواجهات الدامية التي إستخدمت فيها الميليشيات سلاح الدبابات وشاركت فيها الإستخبارات الإيرانية، كما أحكمت سيطرتها على المؤسسات الإعلامية التابعة لحزب صالح وأحتجزت العديد من قيادات الصف الأول .

إنقسام المؤتمر :

بعد أيام من مقتل صالح، بدأ قيادات حزب المؤتمر وكوادره بالنزوح سراً بإتجاه مناطق سيطرة الشرعية، وتحديداً بإتجاه العاصمة المؤقتة عدن ومحافظة مأرب قبل أن يغادروا إلى خارج البلاد، مسجلين بذلك بداية الشتات لحزب المؤتمر الذي اضحى مقسماً بين ثلاث فصائل الأول يقوده رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، والثاني هم الذين نزوحوا ويقودهم السفير أحمد علي، نجل الرئيس السابق، والثالث هم المحتجزون في صنعاء ويقودهم حالياً يحيى الراعي، رئيس البرلمان، وصادق أمين أبو رأس أحد قيادات الصف الأول .

وتسعى منذ ذلك اليوم قيادات الحزب المتواجدة في الخارج، إلى الوصول لقيادة موحدة تجمع بين فصيلي هادي وأحمد، غير أن هذه الجهود لم تثمر نتائجها حتى الآن على الرغم من اللقاءات التي عقدت بين ممثلي الجانبين، وكذا اللقاء الذي جمع الرئيس هادي بقيادات الصف الأول المتوجدين في العاصمة المصرية القاهرة .

ولازالت الجهود تبذل لإعادة لحمة الحزب الذي تواصل الميليشيات تفتيته داخلياً لجعله تابعاً لها، وخاضعاً لسيطرتها على عكس وضعه أبان فترة قيادة الرئيس السابق، كما تقوم الميليشيات حالياً بإستبعاد قيادات الحزب من الحكومة والمؤسسات السيادية والمؤسستين العسكرية والأمنية التي تم حوثنتها بشكل شبه كامل .

في المقابل لازال العشرات من قيادات وكواد المؤتمر الشعبي العام يقبعون في سجون الميليشيات على خلفية تمسكهم بموقفهم الرافض لها، حيث يخضع هؤلاء المعتقلين لعمليات تعذيب منظمة من قبل الميليشيات التي تحاول إجبارهم على تغيير مواقفهم ووصف صالح ومن معه بالخونة .

قوة عسكرية بقيادة طارق :

وخلال عام من الإنتفاضة التي تم إخمادها، نجح العميد طارق محمد عبدالله صالح، نجل شقيق الرئيس السابق، في تشكيل قوة عسكرية من بقايا قوات الحرس الجمهوري التي كانت خاضعة لصالح، وكذا قوات الأمن المركزي والقوات المسلحة إلى جانب متطوعين من مختلف محافظات الجمهورية .

ويشترط للإنخراط في هذه القوة التي أطلق عليها "حراس الجمهورية" أو المقاومة الوطنية، عدم وجود أي صلات أو إنتماء سابق للميليشيات الحوثية أو حزب الإصلاح المولي لقطر والذي يرتبط بعلاقات خفية مع الميليشيات الإنقلابية .

وتحظى هذه القوة بدعم عسكري ولوجستي من دول التحالف العربي وتقودها كوادر عسكرية أقصتها الميليشيات في وقت سابق، وتشارك في عمليات تحرير الساحل الغربي ومحافظة الحديدة من مسلحي ميليشيا الحوثي الإنقلابية .

إنشقاقات وجرائم : 

كما أحدتت هذه الإنتفاضة على الرغم من إخمادها سريعاً حالة تمرد في صفوف الميليشيات الإنقلابية، حيث شهد العام الماضي إنشقاق عدد كبير من القادة العسكريين الذين إنضم معظمهم لقوات العميد طارق والبعض الأخر إلتحق بجيش الشرعية، كما أنشق عدد من الوزراء والمسؤولين الذين التحقوا بالشرعية وكشفوا العديد من الأسرار والجرائم التي ترتكبها الميليشيات الحوثية بحق المدنيين في مناطق سيطرتها .

وزادت هذه الإنتفاضة من حالة الإرتباك التي كانت تعيشها الميليشيات عسكرياً خاصة بعد ظهور العميد طارق في الساحل الغربي وتشكيل قوات حراس الجمهورية، حيث إنضم إليه العديد من القيادات العسكرية المحنكة والتي كان لها دور بارز في صمود الميليشيات أمام قوات الشرعية والتحالف العربي .

وبعد نجاح الميليشيات في إخماد إنتفاضة المؤتمر والقضاء على الرئيس السابق، إنفردت قياداتها بالحكم في صنعاء، وزادت سطوتهم في المناطق الخاضعة لسيطرتهم وتحديداً العاصمة صنعاء، الأمر الذي تسبب بزيادة جرائمهم بحق المدنيين ونهب المال العام وتعويض الموظفين بمواد غذائية تتحصل عليها الميليشيات من المنظمات الدولية كمساعدات مجانية .

كما زادت عمليات التجنيد الإجباري للشباب والأطفال والزج بهم إلى جبهات القتال ضد الشرعية لتعويض خسائرهم البشرية الناجمة عن المواجهات أو الفرار من الجبهات .

كشف علاقة الإصلاح بالحوثي :

ومن أبرز إسهامات الإنتفاضة هو كشف علاقة الإصلاح بالميليشيات الحوثية، وتحول الأول إلى حلقة وصل بين قطر الموالين لها والحوثيين، خاصة بعد أن كشفت الشواهد وتصريحات قيادات المؤتمر علاقة قطر بمقتل صالح .

وأظهرت هذه الإنتفاضة خيانة الإصلاح وتحديداً فصيل قطر الذي تقوده الناشطة توكل كرمان، المقيمة في تركيا للشرعية والتحالف العربي، وتحولهم بشكل تدريجي منذ طرد قطر من التحالف في يونيو 2017م إلى مناصرين للميليشيات ومعاديين للتحالف .

وساعد كشف هذه الخيانة على إعادة ترتيب القوات العسكرية وتغيير قادتها الموالين لقطر ووضع حد لتدخلات الأخيرة في العمليات العسكرية والتحركات السياسية للشرعية لمواجهة الميليشيات الإنقلابية .