نجيب غلاب لـ"اليمن العربي": تحرير مدينة وميناء الحديدة سيحدث متغيرا جذريا لصالح الصف الجمهوري

تقارير وتحقيقات

اليمن العربي

قال رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات ووكيل وزارة الإعلام، د. نجيب غلاب، إن محافظة الحديدة ستصبح أهم القواعد الوطنية في إدارة الحرب باتجاه محافظات الوسط وحجة وصولا إلى صنعاء.. لافتا إلى أن ذلك سيمكن الجبهات الأخرى من التحرك، وقد تندفع قوى اجتماعية في الوسط والشمال لمواجهة الحوثية باعتبار أن استمرار حكمها أصبح في حكم المنتهي.

وأضاف غلاب، في حوار مع "اليمن العربي"، أن أفضل خيارات المليشيا الحوثية، هو تسليم المدينة والميناء كبادرة حسن نية لقبولها للحل السياسي وجعل إجراءات بناء الثقة ببعدها الاقتصادي قابلة للشغل.

وحول دوافع التحرك البريطاني الأخير لإيقاف عملية الحديدة، أكد رئيس مركز الجزيرة، أن هناك حسابات لدى المنظومة الدولية فيما يخص أمن البحر الأحمر ولطبيعة الحل.. مضيفا أن جميعها تسير باتجاه إضعاف جبهة الساحل وتثبيت الحوثية كطرف أساسي في السياسة اليمنية.


فيما يلي نص الحوار:

 

ـ ما وراء التحرك البريطاني لوقف العملية العسكرية في الساحل الغربي؟.

·  البعد الإنساني وإن كان محددا في هذا التحرك إلا أن الواقع أن الحوثية وافقت على الانسحاب من الميناء وتسليمه للأمم المتحدة ولا يوجد ضمانات، مما يجعل التحرك إنقاذا للحوثية وتمكينها من ترتيب صفوفها وإعاقة تحرير الميناء.

هناك حسابات لدى المنظومة الدولية فيما يخص أمن البحر الأحمر ولطبيعة الحل وجميعها تسير باتجاه إضعاف جبهة الساحل وتثبيت الحوثية كطرف أساسي في السياسة اليمنية وتتوافق معها أطراف يمنية. والمسألة ليست مرتبطة بأهداف المعركة وإنما بطبيعة تشكيلات مراكز الثقل المؤثرة وتحركها مصالح دول أو مصالح داخلية، وهذه التناقضات تسمح للمنظومة الدولية في التأثير وفق مصالحها وتستغل التناقضات لتمرير أجنداتها، وكما هي العادة تتحول البيئة الداخلية إلى مصدر قوة للتحركات البريطانية.

ونشير أيضا إلى اللوبيات المشتغلة في دول الغرب غربية وغير غربية وفي المنظمات الأممية وتعمل عبر وسائل متعددة لإفشال التحالف وتحويل الحوثية إلى وظيفة لاستدامة الحرب أو جعلها خنجرا مسموما في العمود الفقري للدولة اليمنية من خلال حل سياسي يؤسس لحرب أهلية قادمة.

 

ـ ماذا يعني توقف عملية الساحل بعد أن حققت كل هذا التقدم؟.

·  تحرير المدينة والميناء وكامل الساحل سيحدث متغيرا جذريا في تركيبة القوة لصالح الصف الجمهوري ويعيد ترتيب التوازنات الداخلية بين الأطراف المعادية للحوثية ويضع الحوثية في مأزق مركب في مناطق سيطرتها وضعف مواردها وهز أركان مراكز ثقلها مما يجعلها أمام خيار الهزيمة عبر استنزاف قاتل لاستمرارها كسلطة وكتنظيم أو الاستسلام وفق شروط الشرعية وبضمانات عربية كخيار إجباري.

الحديدة ستصبح أهم القواعد الوطنية في إدارة الحرب باتجاه محافظات الوسط وحجة وصولا إلى صنعاء وسيمكن الجبهات الأخرى من التحرك، وقد تندفع قوى اجتماعية في الوسط والشمال لمواجهة الحوثية باعتبار أن استمرار حكمها أصبح في حكم المنتهي ولقاءها ليس إلا خسائر بلا أمل.

 

ـ هل تتوقع أن تحول هذه التحركات دون استعادة مدينة وميناء الحديدة؟.

·  الحوثية أصبحت مكشوفة في مناوراتها ومراوغاتها وهي أمام معضلة غير قابلة للحل بعد تجربة طويلة معها من قبل اليمنيين وأيضا من الدول الراعية للملف اليمني وعمليته السياسية، فالقبول بالحل السياسي سيحاصر الحوثية ويجعلها مكشوفة شعبيا وأمام تكتلات وطنية جمهورية خيارها الوحيد التكتل لاستعادة الكرامة والحريّة وبناء الدولة وتحريرها من الاختراقات القاتلة لوظيفتها ولدورها، وإن رفضت الحلول السياسية فإن الحرب ستصبح خيارا وحيدا ولن تتوقف المعركة إلا بعد انجاز أهدافها، وستصبح الحوثية أمام كتلة عسكرية صلبة وحاسمة وحراك شعبي أمله سيتركز بالخلاص من الحوثية بعد فشلها في الحكم وفسادها الذي أصبح جريمة منظمة لصالح دوائر عصبوية معلقة جشعة تعمل كمافيا ومصاصي دماء، ولم تعد الشعارات التي ترفعها قادرة على تغطية الجريمة، فكيف إن كان مركز عقائدها يتناقض مع جمهورية الشعب والتحديث الذي يرى الكهنوتية إهانة للكرامة وسموم قاتلة للمستقبل.

المعركة ستأخذ مداها والكرة في ملعب الحوثية، فأفضل خياراتها تسليم المدينة والميناء كبادرة حسن نية لقبولها للحل السياسي وجعل إجراءات بناء الثقة ببعدها الاقتصادي قابلة للشغل، ولأن الحوثية بطبيعتها وتركيبتها تتحرك وفق أيديولوجيا ومصالح وأجندات خارجية فإن خياراتها السياسية عادة تقودها إلى الهاوية والفشل.

 

ـ قبل تحركات بريطانيا كانت هناك تحركات إعلامية ضد العملية من قِبل محسوبين على إخوان اليمن.. لماذا؟.

·  التحركات الإخوانية مرتبطة بأجنحة متمردة عن الخيارات اليمنية الشرعية ومتعارضة مع الأهداف العربية وطبيعة المعركة وتعكس مصالح انتهازية بعضها يتحرك من منظور الباحث عن غنيمة بوعي الحاقد الأحمق وبعض آخر يتحرك من منظور الأجندات القطرية والتركية وآخرون مرتبطون بمنظومات لها علاقة بالصراع على البحر الأحمر.

أغلب أطراف الحركة الوطنية بما في ذلك الاتجاهات الرسمية في حزب الإصلاح لديها توافق على ضرورة إنجاز معركة الساحل بالكامل أما الأغبياء الغارقون في فخ الربيع العربي فيمثلون اتجاه آخر ضد العملية وهؤلاء في الغالب يتحركون ضمن المسارات القطرية والتركية أو مرتبطون بأجندات استخباراتية ابتزازية تديرها دول غربية وشرقية.

وفي كل الحالات يجد هؤلاء غوغاء فارغين تحركهم العاطفة والجهل أو هناك حالات فردية باحثة عم دور من خلال إظهار الولاء للاتجاهات الثورجية حتى وإن كانت انتحارا وانتصارا للحوثية وتدميرا للصف الجمهوري ومعاديا لتهامة الباحثة عن خلاص من الكهنوت الطغياني والنهب الحوثي.

 

ـ على ذكر الإخوان.. أنت تهاجم الإخوان المسلمين بنفس الحدة التي تهاجم بها مليشيا الحوثي، رغم أنهم في صف الشرعية.. ما السبب؟.

·  هجومنا واضح لأي اتجاهات إخوانية تتلاعب بأهداف المعركة أو تدير صراع لحزبنة المعركة أو تسعى لتشويه المعركة أو تتحرك ضمن أجندات التنظيم الدولي وارتباطاته القطرية والتركية وحساباته التي ترى اليمن مكان لإدارة معركة ضد التحالف العربي لتحقيق مصالح التنظيم في المنطقة.

الاخوانية الغير مرتبطة بأجندات ترى اليمن أداة وظيفية أو نفوذا مرتبطا بالتنظيم العابر للحدود أو مرتبطا بمصالح متناقضة مع المصالح الوطنية كعقيدة مركزية لا يمكن السكوت عنها لأنها تشكل خطرا جاثما على قضيتنا الوطنية بأبعادها الداخلية والعربية والإسلامية وتهديدا مباشرا للشرعية، وأثبتت الأحداث المتلاحقة حساباتهم الخاطئة والتي ورطت الجميع بما في ذلك نفسها ومن تحالف معها.

الإصلاح كحزب يتحرك باتجاه اليمننة وله تجربة أعتقد أنه استفاد منها ويسعى لتصحيح دوره كحزب يمني مرتبط بالمجال العربي وفق منظورات مرتبطة أولا وأخيرا بالمصالح الوطنية وتثبيت مفهوم الوطنية باعتبارها خلاصة الاهتمام وما لا ينفعها باطل.

 وتسير هذه السياسة على قدم وساق وكل المعوقات تأتي من التنظيم الاخواني الذي يشتغل من داخله ومن خارجه ومن متمردين من أعضائه يرون أن اليمننة خيانة للأدلجة الاسلاموية الاخوانية وللجماعة وبداية لتفكيك مفهوم الأمة وعملية التثوير  التي تجسد في مشروع العربي وثوراته العابرة للحدود باعتبار أن الثورة الممتدة في الدول أهم مداخل التمكين وصولا إلى بناء الخلافة وفق المنظور الاوردغاني وخلاصته رغم الفذلكة الاخوانية في الدول العربية هو تتريك المنطقة بالأخونة لخدمة النفوذ التركي وبناء مركزية لرأسمالية هامشية ترى العرب كإيران مجالا حيويا.

ومن التجربة وجدنا أن الانفعالات العابرة للحدود باسم التثوير لم تنتج تغييرا وإنما فوضى وصراعات متنوعة ومتعددة أضعفت التحولات الديمقراطية وأوصلت التغيير إلى أفق مسدود وتم توظيف التثوير لإنهاك الدول والشعوب وإفراغ المنطقة من الحصانة الصلبة لحماية مصالحها، وكان الإخوان ضحية موظفة ومازالت في معارك الغير وغارقة في انتهازيات ومصالح انتهت لصالح أقلية تنظيمية على حساب البلدان وأتباعهم.

 

ـ أليس من الأحرى تأجيل الخلاف مع الإخوان احتراما للمعركة القائمة مع من انقلبوا على السلطة وأحالوا حياة اليمنيين إلى جحيم؟.

لا يوجد خلاف داخل أطراف الحركة الوطنية على القيم والمبادئ الجامعة، وهناك بعض التباينات في مسائل لا تهدد أهداف المعركة ولا التواصل لتحقيق المصالح الوطنية وهي مسألة طبيعة، وربط الإصلاح بالإخوان أكثر من يرفضه الإصلاحيون الملتزمون بالحزب وهذه بادرة ممتازة وتحول في اتجاه اليمننة.

وستجد أن المواجهة مع الاخوانية المعادية للشرعية والتي تسعى لتشويه صورتها أو لتشويه دور التحالف أو التي تريد إفشال المعركة إما بالاستغلال أو حرفها عن أهدافها أو توظيف في مصالح دول معادية أو طامحة متعارضة مع طبيعة المعركة بأبعادها الوطنية والعربية.

ناهيك عن الاخوانية التي ترى الحوثية رفيقا ثوريا وتيارا وطنيا إمكانية التحالف معه ممكنة وهذا بطبيعة الحال في ظل الانقلاب الميليشاوي ليس إلا استهداف للمعركة ومحاولة خلق مسارات لاستهداف الشرعية ومحاولة زعزعت تمكينها لصالح تحالفات خارج سياق الأهداف الجامعة للحركة الوطنية، وهذه التحركات في الأساس تستهدف التحالف كمحاولة لخلق فتن تقود إلى وضع الشرعية في موقع العداء، وهذا حتما سيقود إلى إنقاذ الحوثية لصالح مشاريع الفوضى واستدامة الحرب الأهلية وتهيئة اليمن لتكون مجالا آمنا للإرهاب خدمة للحوثية وتخريبا لليمن وإيذاء للجور.


ـ لماذا ينزعج الإخوان من انشقاق قيادات مؤتمرية عن حكومة الانقلاب في صنعاء؟.

·  القصة ليست مرتبطة بالإخوان بل ببعض المنظومات الحزبية وقوى المصالح الانتهازية وقصيري النظر أما الأخبث فمن يحاول أن يعطي رسالة أن الشرعية صندوق مغلق لا أفق وطني مفتوح لكل القوى المناهضة للحوثية.

هناك جشع سلطوي لدى البعض ويرى الشرعية ملكية خاصة ويراها غنيمة لا مجالا قيميا وقوة لتجسيد الإرادة الوطنية، وبعضهم يخاف من تنامي مراكز وطنية خارج سياق تحكمهم أو أن يكون لهم دور في المعركة يعتقدون أنها ستغير من طبيعة القوة والمصالح بعد سقوط الحوثية.

وفي الأخير ستجد المعترضين الأكثر وضوحا دوائر وحلقات ضيقة تحركها انفعالات بلا إستراتيجية ومحكومة بنزعات عصبوية أو حزبية.

أما الأخطر فهم من يعملون ضمن أجندات تشويه الشرعية والتحالف وهؤلاء تحركهم قطر وشبكات الإخوان ونزعات ثورجية عمياء، ناهيك عن حسابات قذرة لإطالة المعركة، وربما أنك تقصد هؤلاء تحديدا في سؤالك.