أقدم جامع في حضرموت منذ السنة الـ 10 للهجرة بين التاريخ والحاضر.. تقرير

تقارير وتحقيقات

اليمن العربي

من بين كل معالم حضرموت التاريخية والأثرية، يعد جامع مدينة الشحر أو ما يعرف بـ"الجامع الكبير" في شرقي المحافظة، أسما لأول جامع بحضرموت تم تشييده في السنة 10هجرية .


ويؤكد المؤرخ عبدالله حداد، أنه بعد عودة أهالي الشحر إلى مسقط رأسهم بعد أن أسلموا ضمن من أسلم من أهل اليمن 'اي الجمهورة العربية اليمنية' في عام الوفود ، و كانوا قوماً من كندة الذين أنشأوا مدينتهم في هذ البقعة التي عرفت فيما بعد بالقرية التي تعرف بهذه التسمية إلى يومنا هذا كأحد أحياء مدينة الشحر.

ويُعتقد أن جامع الشحر كانت أعمدته من جذوع النخيل و سقفه من سعفها، إلى أن قام الشيخ محمد عبدالعليم باصديق بتجديد عمارته ، وهو أحد تجار الشحر الذي حفر البئر الشهيرة بوادي سمعون باسم بئر صديق و هي المدينة القديمة التي كانت أهم مصادر المياه الشرب بالمدينة في ذلك الحين. .

ويعلم أبناء حضرموت ان العلامة المؤرخ الشاعر و الأديب عبدالله محمد باحسن هو الوحيد الذي أفرد باباً في كتاب المخطوط 'النفحات المسكية من أخبار الشحر المحمية' عن مساجد الشحر و هو الباب الثاني و عنه قال "نذكر فيه مساجدها العامرة و التنبيه عن المندرسة منها و الدائرة مع بيان ما في بعضها من خصوصة أو فضلة" .

ويشمل الجامع على 140 أسطوانة و بين كل أسطوانة والأخرى نحو 5 أذرع (وهو بكامل العمارة و غاية الأحكام ، ومنه إلى الجانب الشرقي مسجد ، وقد أندرس ، ومسجد آخر بناحية الجامع قريبا من البحر و قد أندرس ، ومن الجامع إيضاً إلى الجانب النجدي بيت الوقف للفقراء و المساكين والمنقطعين و قد أنهدم. 

و من خلال كتب التاريخ المحلي نستطيع أن نعد تسعة و تحديداً لعمارة المسجد كان أخرها عام 1385هـ الموافق1965م حيث أعيد بناء الجامع من جديد بناءً حديثاً وقوياً ، وزود بالماء العذب و النور الكهربائي باشراف حاكم الشحر آنذاك الشيخ علي محفوظ بن بريك المتوفي بجدة 1981م و قاضيها الشيخ عبدالقادر محمد عمر العماري أطال الله عمره .

وفي العقد الأخير من القرن 20 ساءت حالة جدران المسجد و أرضيته بفعل الرطوبة حيث يقع المسجد بالقرب من شاطئ البحر و التي أثرت عليه و على فرشه و أدوات إنارته و تهويته ، وقد قام الجمهورية في عام 1996م بأعطاء لجنة المسجد 6ملايين ريال يمني و التي كان لها الأثر بترميم الجامع .

و قد أوفد رسول الله صلى علية وسلم إلى اليمن و حضرموت معلماً إذ كان أعلم الصحابة بالحلال و الحرام و من أشدهم حفظاً للقرآن ، وقد زودهم بنصائح علمية و خلقية صادفت من نفسه تربية طيبة ، فزكت و نمت و أتت أكلها الشهي حسب عبارة محمد رجب بيومي في كتابة ، كان ذلك في شهر ربيع الأخر سنة التاسعة للهجرة .

لهذا نستطيع نقول إن معاذ بن جبل الصحابي كان أول معلم للإسلام في حضرموت ، ولابد أن يكون له تلاميذ هنا في حضرموت تابعوا مهمته التي من أجلها أرسله الرسول صلى الله علية وسلم إلى هذه البقعة و لابد أن يكون خيراً و بركة فقد ذكر أن أصحاب معاذ الذين تعلموا منه باليمن قبل تحويلهم منها إلى الكوفة كانوا المقدمين في الفقة والعلم و الحلال والحرام .

لقد كان زياد بن لبيد عاملاً على حضرموت من قبل النبي صلى الله علية وسلم يقيم تارة في تريم و اخرى في شبام و كان وائل بن حجر وهو عرف بأمير الشاطئ الصحابي الجليل الذي عد من رواة الحديث التقاة قد أقره الرسول على إمارته بعد إسلامه في كل من تريم وشبام والشحر .

إن مايذكره أحد تلاميذ معاذ بن جبل يؤكد ذلك فقد قال عبدالرحمن بن سابط بن عمرو بن ميمون الأودي (قدم علينا معاذ بن جبل من الشحر ، رافعا صوته بالتكبير ، رجل حسن الصوت ، فلما فرقته حتى حثوت عليه التراب ميتاً) حيث مات معاذ في طماعون عمواس بناحية الأردن سنة 18هـ .

و إذا كنا لاندري ماهي الشحر التي قدم منها معاذ فإننا نعتقد أنه تنقل في أكثر من مكان في الساحل المعروف بالشحر ، والتي أقيم فيها أول مسجد بحضرموت و هو جامع الشحر الحالي.

جامع الشحر ظل له دور كبير جداً في الناحية الدينية فقد أقيمت به الأربطة و حلقات العلم لتعليم المسلمين أمور دينهم و تفقيهم، وكان الدور الأكبر للجامع في خطب الجمعة .

الجامع كان له دور كبير أثناء الغزو البرتغالي حيث ذكر المؤرخ عبدالله حداد، في أحد كتاباته 'أي سنة 927هـ -1520م' كتب السلطان محمد بن عبدالله الكثيري رسالة إلى خطيب الجامع الشيخ أحمد السبتي أن يسقط أسمه من خطبة الجمعة و أن يخب لأخية بدر بن عبدالله الكثيري المشهور بأبي طويرق .

و في يوم الخميس 9ربيع الأخر أتفق قادة مقاومة الغزو البرتغالي السبعة الشهداء على أمور منها أن يتحدث في اليوم التالي الجمعة الشيخ أحمد بن عبدالله بافضل ، أحد القادة السبعة إلى المصلين في الجامع و يحثهم على المقاومة و الدفاع عن وطنهم و بأموالهم و أعراضهم وذلك قبل يوم واحد من ابتداء الغزو البرتغالي.