الاستغلال الجنسي.. تقرير يكشف أسوأ انتهاكات مليشيا الحوثي الإيرانية «تقرير»

تقارير وتحقيقات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يستعرض موقع " اليمن العربي"، ويعيد نشر سلسلة التقارير التي نشرتها صحيفة "اليوم السابع" المصرية ، وذلك لتميزها في رحلتها في رصد جرائم الحوثيين ومعاناة الأهالى ودور قوات التحالف العربي،  ورصدها قصص انسانية، من قلب المخيمات والمستشفيات والجبهات.

ونستعرض الحلقة الثامنة والتي جاءت حول المرأة اليمنية والتي تتحمل الكثير والكثير فى كل ميدان من الميادين، وجدناها فى المستشفى تعالج المرضى، وأيضا على الجبهات تسعف الجرحى، وناشطة حقوقية وأم الشهيد، وهى فى المخيمات تعول أكثر من 10% من الأسر رغم تأزم المعيشة.

 تحدثت إلينا السيدة «ك. ع» القادمة من محافظة ذمار، بعد أن استحلفتنى كثيرا بألا أغلط وأنشر اسمها، قائلة: «لا تودرينا يا أستاذة»، وواصلت: «أنا أم فى الثلاثينيات من عمرى، وعندى طفلان، والأب متوفى، وأنا وحدى وفى بلد غريبة.. المساعدات اللى بتيجى هنا مش بتكفينا كام يوم، أضطر أبحث عن أى لقمة عيش عشان العيال دى ما تموتش من الجوع، أتعرض للتحرش ومد الإيد نظير بس لقمة عيش حاف، وباسكت عشان مقدرش أتكلم.. أتفضح فى وسط الناس وكتير زيى كده، كل اللى بعمله مش بروح المكان ده تانى وبشوف غيره».

أرشدتنى لمخيم آخر به سيدة نازحة من الحديدة تعول أسرة تتكون من طفلين توأم معاقين، فى البداية سألتها عما أتى بها إلى هنا، فردت:  «الألغام والجوع فالحوثة مش سايب لنا نفس حتى، إذا نزلت الشوارع تلاقيهم فى كل حتة يرقبوا أنفاسك وممكن يقبضوا عليك من غير سبب، والسلع هما يتحكموا فى أسعارها.. أسعار البترول خلت المواصلات شحت، سعر أنبوبة البوتاجاز وصل 8000 ريال، بطلنا نستخدمه وبقينا نجمع مخلفات بلاستيك نولع فيها النار ونستخدمها بدل الأنابيب، ومفيش كهربا، والأدوية للى معه فلوس بس، والناس اللى مش معها بنشوفها تموت والله العظيم، الحال فى الحديدة وجع وتعب و موت».

وتستكمل: «ولاد الحلال سلفونى تمن أجرة عربية وجيت عشان ولادى محتاجين علاج ، طبعا أبيت فى الخيمة وأنا خايفة، مفيش باب أقفله عليا، مفيش حيطان تحمينى، أحيانا ألاقى رجالة تبص عليا وأنا مش واخدة بالى، وعشان أدخل الحمام لازم أخلى واحد من العيال يبقى حارسنى، لما بنزل أدور على حد يساعدنى فى علاج ولادى أو مصدر دخل بلاقى تحرش أحيانا واستغلال حوجتى، وجسمى مطمع، ومش بقدر أتكلم بتاكلنى الحسرة من جهة على عيالى ومن جهة على شرفى وكرامتى».

الحاجة فزعة هربت من تعذيب الحوثيين

أما الحاجة فزعة التى هربت من تعذيب الحوثيين فتقول باكية: «تركنا بيوتنا كان عندى ولدين واحد راح يحارب على الجبهة واتقتل والتانى اختطفه الحوثيون وقتلوه قبل ما أشوفه، وخسرت كل شئ ولادى وبيوتنا وحالنا ما جبت معى شىء طلعت بهدومنا اللى لابسنها بس، فين ولادى دلوقتى».

مضايقات حتى للأطفال 

فى أحد المخيمات التقينا طفلة، طلبت عدم ذكر اسمها، تبلغ من العمر 14 سنة، تحدثت عما تتعرض له داخل مخيم  النزوح: «بنتعرض لمضايقات خصوصا لما الليل يخش ومفيش إنارة، مرة واحد من الشباب حاول يعمل معى الغلط ورا التل اللى هناك ده، وأنا زعقت وطلعت أجرى، حاول يمسكنى ويعرينى، بالعافية جريت بس خفت أقول لأمى، وأبويا متوفى،  وفيه عيال غيرى بيحصل معهم كده وبيسكتوا برضه، عشان مالناش باب يتقفل علينا». 
إحصائيات النزوح.. كارثة إنسانية

يعد النزوح والتشريد أحد أسوأ الانتهاكات التى خلفتها ممارسات جماعة الحوثى ضد الشعب اليمنى، وتأثرت بها فئات النساء والأطفال بشكل خاص، باعتبارهم الأكثر تضررا من هذه الأوضاع، وهو ما يؤكده الدكتور محمد عسكر، وزير حقوق الإنسان اليمنى، مشيرا إلى ما يترتب على النزوح  من مشكلات صحية، مثل أمراض سوء التغذية، التى يبلغ عدد المصابين بها من الأطفال 462 ألف طفل، فضلا عن أنه- والكلام لعسكر- غالبا ما يكون النزوح مصحوبا ببعض الجرائم وممارسات العنف، والتى تدفع بالأسرة للفرار دون أن تأخذ شيئا من ممتلكاتها، فمنهم من هرب من القتل أو الاعتقال أو الألغام.

ويشير الدكتور نجيب السعدى، الرئيس التنفيذى لإدارة مخيمات النازحين، التابعة للحكومة اليمنية، إلى أنه منذ الانقلاب الحوثى خلال الفترة من 2015 حتى 2018 بلغ إجمالى النازحين فى اليمن 5 ملايين نسمة، مثّل عدد الأطفال النازحين منهم مليونان و800 ألف طفل، طبقا لإحصائيات المجلس، والنساء بلغن مليونا و150 ألف امرأة.

ويضيف السعدى: عاد مليون ونصف المليون من إجمالى من نزحوا، ليصبح أعداد النازحين اليمنيين الآن 3 ملايين ونصف المليون، منهم 3 ملايين بداخل محافظات اليمن، ونصف المليون خارجها، وعدد الأطفال النازحين الآن مليون و800 ألف، والسيدات 800 ألف، حيث يمثل الأطفال 55% من إجمالى النازحين، والنساء  23% من الإجمالى، بينما تعول المرأة 10% من الأسر النازحة، مبينا أن النازحين يتوزعون بأعداد كبيرة فى كل من مأرب «562 ألفا»، تليها عدن «435 ألفا»، ثم تعز «427 ألف نازح»، فيما تشير منظمة رصد للحقوق والحريات، التابعة للتحالف اليمنى لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، إلى أن المحافظات التى جاءت منها الأغلبية من النازحين هى صنعاء، والبيضاء، وتعز، وذمار، والحديدة، والجوف، والضالع لصعوبة الأوضاع الأمنية والإنسانية بها.

انتهاكات جنسية

ويقول السعدى إن النزوح كارثة ترتب عليها العديد من الأزمات، فهناك انتقال الأسرة من مجتمع مألوف إلى مجتمع جديد لا تعرفه، إلى جانب فقدان الأسر للسكن الآدمى والآمن والصحى، وفقدان هذه الأسر لمصدر عيشهم يعرض الفئات الضعيفة «النساء والأطفال» إلى كثير من الانتهاكات، وفى مقدمتها التحرش أو الاستغلال الجنسى مقابل لقمة العيش، فيكون هناك استغلال لوضع النازحين وحاجتهم المادية، خاصة أن النساء يتولين إعالة نسبة من تلك الأسر.

ويضيف أنه تم توثيق بعض الحالات القليلة، رغم أن الانتهاكات ملازمة لعملية النزوح وتحدث بكثرة، لكن الغالبية تفضل الكتمان، لأن المجتمع اليمنى محافظ، وتغلب عليه ثقافة العيب، لذلك لا تجد من يتحدث عن هذه الانتهاكات، مبينا أن نصيب الأطفال من الضرر كبير، فهم لا ينالون فرصتهم فى التعليم، ويتعرضون للتسرب من المدارس، خاصة أن الطاقة الاستيعابية لمدارس المحافظات لا يمكنها تحمل كل هذه الأعداد القادمة لها، بالإضافة للافتقار إلى الخدمات الصحية فى أماكن النزوح، وكل هذا يخلّف مشاكل أيضا للمجتمعات المضيفة، لافتا إلى أنه من أزمات النزوح الأخرى نشاط الجماعات المسلحة داخل مجتمعات النزوح من أجل التجنيد، وخصوصا تجنيد الأطفال.

التحالف والتنمية

تحررت مأرب من قبضة الحوثيين منذ ثلاث سنوات، ومنذ ذلك الوقت والحكومة الشرعية تطلق مسيرة البناء لمواجهة ما خلّفه الحوثيون من دمار، ويتحدث وكيل المحافظة الدكتور عبد ربه مفتاح عن أن مأرب عانت من الإهمال مدة 33 عاما فى فترة حكم صالح، والآن بها مشروعات ضخمة، حيث تم افتتاح جامعة إقليم سبأ، وفى 2015 تم فتح مطار دولى، وأيضا فى 2016 أعيد افتتاح العديد من المصانع التى أغلقت فترة الحرب، وفى 2017 تم افتتاح المحطة الغازية للكهرباء فى صافر، وسيتم ربط مديريات محافظة مأرب بالكهرباء، وكذلك المحافظات المجاورة،  وكل هذا بدعم من أشقائنا فى قوات تحالف دعم الشرعية.

كثير من الأهالى أكدوا لنا أن المساعدات تأتى فقط من مركز الملك سلمان، ولا وجود للمنظمات الدولية التى يسمعون عنها، فيما أوضح منسق عمل المركز فى مأرب، فتحى بصابيح، أنه يتم إرسال 50 شاحنة شهريا، تحمل مواد غذائية وطبية لدعم مركز الأطراف الذى أنشأته السعودية هنا لمساعدة المعاقين الذين فقدوا أطرافهم جراء القصف والألغام.

من داخل مخيمات جو النسيم وجدناها بجوار خيمتها تجلس وحيدة، بادرتنا: «تركنا بيوتنا وكان عندى ولدين واحد راح يحارب على الجبهة وقتل والتانى اختطفه الحوثيون وقتلوه قبل ما أشوفه» مضيفة: «خسرت كل شىء ولادى وبيوتنا وحالنا ما جبت معى شىء طلعت بهدومنا اللى لابسينها بس»، أما سميرة محمد وهى أم لثلاثة أولاد فجاءت نازحة بهم من صنعاء، فتقول: تعبنا قوى فى صنعاء ولاحقوا جوزى فهرب منهم بسرعة، بيهجموا عشوائى على البيوت، وكنت بشوف جيرانى بيتعرضوا للضرب، كمان ما نحصلش الغاز، وعملنا موقد نار وندور نجمع الحطب والحاجات البلاستيك، وكتير ننام على الحصى «لحم البطن» بدون أكل، وتابعت: هنا فى المخيمات مفيش منظمات بتيجى.. هنا أحيانا مركز الملك سلمان.. بس مش بيكفينا وبننزل السوق ندور على قوت يومنا ولما مش بنلاقى بنقعد على الحصى.


زوجة أخرى بالمخيم الملاصق لمخيم سميرة قادمة من ذمار، وصفت مشقة الرحلة قائلة: «جينا على السكة خايفين من الحوثة وما قلنا أسامى حقيقية ولا أزواجنا جم معنا، هم بيجيوا من طريق تانى تهريب، وإحنا النساء نيجى لحالنا، وزوجى لسه ما جاش أنا وصلت من شهر».


وقال محمد على نازح من ذمار ومعه 4 أطفال: جئنا هربًا من ملاحقة الحوثيين وتضييق الخناق علينا مفيش شغل وحتى التعليم مبقاش للغلابة كل عيل مطلوب عليه من 500 إلى 1000 ريال فى الشهر فقعدتهم من المدرسة، وجينا هنا نبحث عن الأمان الذى فقدناه منذ هجوم الحوثيين، وخوفًا على عيالنا وزوجاتنا.