«أطفال اليمن».. شهود عيان للتاريخ على جرائم الحوثي «تقرير»

تقارير وتحقيقات

اليمن العربي

يستعرض موقع " اليمن العربي"، ويعيد نشر سلسلة التقارير التي نشرتها صحيفة "اليوم السابع" المصرية ، وذلك لتميزها في رحلتها في رصد جرائم الحوثيين ومعاناة الأهالى ودور قوات التحالف العربي،  ورصدها قصص انسانية، من قلب المخيمات والمستشفيات والجبهات.

وتقول الصحيفة لم تكن المجازر ضد اليمنيين فى الأعياد تقتصر على عدن فقط، وإنما يؤكد الناشط الحقوقى حمود الديب، رئيس المركز الإنسانى للحقوق والتنمية باليمن، أنه بنفس التكنيك الممنهج وبعد حادث عدن بشهرين ارتكبت جريمة حرب بشعة فى أول أيام عيد الأضحى المبارك 24 سبتمبر 2015، فأسقط الحوثيون صاروخ كاتيوشا على سوق المواشى فى شارع التحرير وسط مدينة تعز بالتزامن مع قصف مدفعى مكثف استهدف عدة أحياء سكنية مجاورة للسوق، مما أسفر عن سقوط «9» قتلى و«35» مصابا جميعهم مدنيون وبينهم «5» أطفال، طبقا لإحصائيات المركز.

عمار: الصاروخ قتل أصحابى ليلة العيد

أطفال اليمن هم وقود الحرب وأبطالها الحقيقيون، وفى كل منطقة، تحمل الأجساد الصغيرة النحيلة بصمات الانتهاكات فى حق الإنسانية لتكون شاهدة عيان للتاريخ على ما تفعله الحروب بالبشر، ومن بين هؤلاء يحكى الطفل عمار جاسم، الذى لم يتم السابع من عمره، أنه ذهب للعب مع أصحابه ليلة عيد الفطر طلب من والده تحضير هدية العيد فأجابه والده «أيوه يا عمار لما ترجع هتلاقيهم»، ويضيف ببراءة: طلعت ألعب جنب البيت وكان معى كتير أصحاب وولاد الجيران منهم أحمد وغسان وحسين ومحمد قال أنا جاى بعد شويه، عملنا بإيدينا دايرة ولفينا لفتين وإحنا باصين فوق للسما وبعدين جه محمد ومعه كورة قال أبوه جابها له عشان العيد وأنا كمان قلتله أنا هديتى هتيجى دلوقت من أبويا هو مواعدنى».

سكت لوقت قصير وكأن براءته تصارع مشاهد الذكريات، وواصل بعدها: بعد شويه جه الصاروخ قتل من أصحابى 8 وقعت علينا حاجة تقيلة وما شفتش حاجة بعدها ولما صحيت كنت فى المستشفى وسألت عن أصحابى وقالولى ماتوا، أنا عارف أن الحوثيين موتوهم.

استكمل والده الحديث قائلا: «فى آخر يوم فى رمضان ليلة عيد الفطر قبل المغرب طلب منى عمار يخرج زى ما هو متعود يجمعوا بعض فى ساحة قريبة يفرحوا بالعيد، كنت مواعده بعدها أجيب له اللبس بتاع العيد، ما درينا إلا الشوارع مقلوبة والناس بتجرى الحق يا حاج ابنك والعيال وقع عليهم صاروخ الحوثة، ما صدقتش جريت للمكان لقيت الأهالى مغطيين جثث 8 من الأطفال وابنى و3 معه جرحى بين الحياة والموت منهم واحد فقد عينه، جريت على المستشفى ودم ابنى سايل، قالولى لازم الساق اليمنى متهشمة ولازم البتر، وأصيب بشظايا فى الساق التانية، كانت المشكلة لما صحى ومش عارفين أنا وأمه نقوله أيه على رجله، سأل فقلتله الحوثة عوروك بس أنا هركبلك واحدة تانية زيها وهتلعب متخافش».

يستكمل الأب روايته الحزينة: «عمار بكى كتير وزعل وبدأنا معه بالعلاج النفسى.. وبعدين ما كانش معنا مبلغ ينفع أشترى له الساق الصناعى لحد ما روحنا مركز الملك سلمان للأطراف الصناعية ووفروا لنا الساق وساعدونى أرجع الحياة لابنى من تانى، لكن نفسيته مدمرة ولحد دلوقت يصحى من النوم يصيح الصاروخ يابابا الصاروخ»، وختم الأب حديثه بجملة الحوثة منهم لله».

سألت عمار عن أمنيته فأجاب بحسم بدا أكبر من عمره: أنتقم من الحوثة عشان مش هلعب تانى..

الانتهاكات عرض مستمر

انتهاكات حقوق الإنسان منذ 2015 وخلال فترة حصار الحوثى لعدن لم تقتصر على تدمير المبانى وتهجير المواطنين، لكنها تضمنت جرائم عدة، وطبقا لإحصائيات وزارة حقوق الإنسان اليمنية تنوعت الانتهاكات فى عدن بين القتل والإصابة والاعتقال والإخفاء القسرى، والتعذيب واستهداف السكان بقذائف الهاون والكاتيوشا والألغام، فبلغت حالات القتل فى عدن 2713 منهم 100 طفل و190 سيدة و17864 مصابا، ووصل عدد المنشآت التى أضيرت 17930، أما الإخفاء القسرى والاعتقال ١٧٨٩٩ حالة، وحتى العمل الإنسانى لليمنيين تعرض للانتهاكات، وبينها كما ترصد اللجنة العليا للإغاثة منع دخول 65 سفينة إغاثة و615 شاحنة من بينها تفجير أربع شاحنات، واحتجاز 13.815سلة إغاثية ونهبها والمتاجرة بها فى السوق السوداء.

 الدكتور محمد عسكر، وزير حقوق الإنسان باليمن، يقول لنا إن الوضع الإنسانى فى اليمن بشكل عام لم يكن جيدا قبل الحرب فكان 60 % من اليمنيين تحت خط الفقر وبعد الحرب ازداد تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل مريع، وبلغ التدهور الذروة فى 2015 فـ69% من الانتهاكات حدثت فى ذلك العام، وسعى الحوثيون إلى تحويل المدارس والمستشفيات إلى مراكز عمليات وثكنات عسكرية لتصبح هدفا عسكريا لطيران التحالف فيتهموا بضرب الأماكن السكانية.

وتابع عسكر: بكل تأكيد نحن ندين أى ضربات ضد المواطنين سواء من الحوثى أو ما يتم بالخطأ من التحالف فى بعض الأحيان، والتحالف يعترف ببعضها الذى يثبت صحته، فلديهم فريق تقييم لما يتوارد من أنباء أو معلومات بشأن الضربات الخاطئة وبناء عليه يتم مراجعة قواعد تحديد الأهداف والاشتباك، فيما كانت خلية الإجلاء والعمليات الإنسانية التابعة للتحالف أكدت أن هناك 14.138 هدفا محظورا من الاستهداف أهمها المخيمات والمدارس ومواقع النازحين والمستشفيات ومواقع توزيع المساعدات والمواقع الأثرية.

ويشير إلى تشكيل عدة لجان من الجانب اليمنى مختصة بهذا الشأن هى لجنة تعويض المتضررين من تلك الضربات، واللجنة الوطنية للتحقيق فى ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، وتم التحقيق فى 17 ألف شكوى، ثبت منها 3 آلاف، وأمر الرئيس عبد ربه بتحويلها للنيابة ثم القضاء، مضيفا: لدينا أيضا فريق من كبار الخبراء تابع لمجلس حقوق الإنسان الذى أنشى بقرار رقم 36/31 لعام 2017، مهمته التحقق من حالة حقوق الإنسان فى البلاد والتحقيق فى الانتهاكات، وأيضا مؤخرا تم إقامة مقر لوزارة حقوق الإنسان فى عدن لتلقى الشكاوى من المواطنين والتوعية بالقانون الدولى لحقوق الإنسان، وجميعها آليات للوقوف ضد أى انتهاكات من أى طرف ضد المدنيين.

أما عبدالعزيز المفلحى، محافظ عدن سابقا، ومستشار الرئيس اليمنى حاليًا، فيؤكد لنا أنه منذ الاجتياح المسلح من قبل ميليشيات الحوثى والدمار لحق بكل قطاع فى المحافظة، حيث ارتكبت الميليشيا جرائم حرب وركزت على تدمير البنية التحتية، وامتد تخريبهم إلى استهداف القطاع التعليمى فدمروا جزءا من المدارس، والكليات وجامعة عدن واستخدموا بعضها كمراكز حربية واستخدموا جزءا آخر كمأوى للنازحين، كما وجه الحوثى الكاتيوشا على مدار يومى 27 و19 يونيو 2015 لضرب مصافى عدن التى كانت مشهورة بإنتاج البترول بكثافة، وضربوا متحف عدن ونهبوا ما به من آثار، ولم تسلم الحركة التعليمية من الإيذاء فتم تدمير 153 مدرسة، وعدد الطلاب الذين توقفت مسيرة تعليمهم أثناء الحرب بلغ 17582 فى المرحلة الابتدائية و27290 فى الثانوية.
وبحسب بيانات التحالف اليمنى لرصد انتهاكات حقوق الإنسان فقد خلفت حرب عدن 500 ألف نازح و194 مخفيا قسريا.

قصف جامعة عدن

من الأماكن الشاهدة على الدمار الذى خلفته الحرب جامعة عدن، وهى أكبرجامعات اليمن وأول جامعة أنشئت فى اليمن الجنوبى قبل الوحدة، حسبما أكد لنا رئيسها الدكتور الخضير لصور، وأولى كلياتها «التربية العليا» تأسست عام 1970م وفى 1975 صدر القانون الخاص بإنشاء الجامعة رسميًا، وتتبعها 20 كلية منها 7 كليات داخل عدن، والباقى فى محافظات لحج وأبين، لافتا إلى أن الجامعة كانت مقر رئاسة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قبل توحيد اليمن.

وأوضح الدكتور الخضير أن الجامعة تعرضت للقصف الحوثى فى يونيو 2015 وكان المقر يضم 7 مراكز تعليمية لطلبة الدكتوراه والماجستير، بالإضافة للمبانى الإدارية، مشيرا إلى أنه لم يسلم من قذائف جماعة الحوثى أحد، حتى هذا الصرح التنويرى، لكن أُعيد العمل فيه، على الرغم من قلة الإمكانات، وذلك بفضل قوة عزيمة أبناء عدن الذين قدموا التضحيات الجسام، مبينا أنه سيتم هذا العام إعادة ترميم وبناء المبانى التى هدمتها الحرب.

 شهود عيان على الحادث

من داخل الجامعة، تحدث إلينا حسين المحمودى قائلا: الحوثيون قصفوا مبنى الهندسة وفقدت زميلى عمار وزميلا آخر كان فى التربية، كنا نستعد للتخرج.. الحقيقة إحنا عشنا لحظات رعب كتيرة وتوقفت الدراسة فى الجامعة ونزحنا من خور مكسر لأن الهجوم كان شديدا هنا، لكن الحمدلله الحياة رجعت زى ما كانت قبل الحرب.
 عبدالفتاح فريد، أحد سكان منطقة الجامعة، وشاهد عيان على الأحداث، وصف قصف الجامعة بالـ«مروع»، موضحًا أن الحوثيين استخدموها كثكنة عسكرية ومكان لتخزين الأسلحة ومنصة لإطلاق الصواريخ لمناطق أخرى وحصلت مواجهات بين المقاومة وبين الحوثيين داخل الجامعة، والطلاب تحولوا لأبطال مقاومة شعبية وتوقفت الدراسة وبعد ذلك ضربوا عليها صواريخ الكاتيوشا فى إطار محاولتهم السيطرة على المكان.

مأساة «التواهى»

«البحر ابتلع 20 أسرة بالتواهى فى لحظات.. وفيه جثث ما طلعتش»..ترددت هذه العبارة من أهل عدن الذين التقينا معهم ودفعنا ذلك للتوجه للذهاب إلى مديرية التواهى لرصد مكان الحادث الدامى عن قرب، أرشدنا أحد السكان لميناء «دكات البيلات» أو ميناء التواهى وكان شاهدا على أبشع جريمة قام بها الحوثى فى عدن، وداخل الميناء التقينا مع عادل حربى أحد العاملين بقسم الإرشاد السياحى وشاهد عيان على الحادث، والذى أوضح لنا أن أن المنطقة سميت بالتواهى لأنها كانت واسعة محاطة بجبال وكان الأهالى يخشون أن يضلوا الطريق بها، مشيرا إلى أن تاريخ إنشاء الميناء يرجع إلى عام 1850 عندما تم إعلان «عدن» منطقة حرة، وهجر الإنجليز ميناء صيرة القديم وفكروا فى إنشاء ميناء آخر ذى إمكانات كبيرة.

وعن الحادث الذى شهده الميناء قال: بعد ما قتل الحوثيون قائد المنطقة العسكرية الرابعة على ناصر هادى قنصًا اتجهوا من المعلا إلى التواهى وكان قوات الشرعية تجتمع فى المعسكرات هنا، ومنذ دخول الحوثة بدأ الأهالى يتجمعون كل يوم فى مجموعات، وتنقلهم القوارب إلى البريقة والمنصورة هربًا من مدافع الحوثيين، وفى يوم الأربعاء 6 مايو بالتحديد الساعة 10 صباحا ضربوا الميناء من منطقة «دكة البكارى» المواجهة له بأربعة قذائف هاون، الأولى وقعت على المرفأ الذى يضم التجمع وأصيب الأهالى بشظايا وغرق آخرون كانوا فوق القارب المتوقفة على الشاطئ، وثلاث قذائف أخرى ألقيت فى البحر، وحدث هذا فى الوقت الذى كانت تهرول فيه الأسر للقوارب بأطفالها، ولا يحملون أسلحة ولا شىء يحميهم، فقط يحملون أبناءهم بعد أن طوق الحوثة المنطقة وأثناء نزوحهم فى البحر بالقوارب الصغيرة إلى البريقة ضربتهم القذائف، وحولتهم أشلاء تناثروا على الميناء وبداخل المياه راح ضحية الضرب أكثر من 27 أسرة بأطفالهم ونسائهم.

وواصل حربى مشاهد المأساة: كنا نحاول إنقاذهم ونقلهم لمستشفى باصهيب العسكرى وملابسهم كانت غارقة فى الدماء، وبعدها اشتغلنا أكثر من خمسة أيام فى لملمة أشلاء الجثث من قاع المياه وظلت عمليات البحث عن الجثث فى المياه أكتر من خمسة أيام واستخرجنا حوالى 15 جثة من المياه بين شيوخ ونساء وأطفال، وأضاف: «الحوثيون خبثاء وأسهل حاجة عندهم القصف بالهاون.. كانت عدن مليانة بالفنادق الجميلة، لكن خربوها كلها، مثلا منطقة نشوان كانت يذهب لها زائرون كتير وغنية بالمناظر الطبيعية لكن قضوا عليها، وأكد: «إحنا صامدين وواثقين فى الحكومة الشرعية والتحالف واقفين وقفة رجالة وإن شاء الله هنفضل نطارد الحوثى لآخر لحظة فى حياتنا وهنخرجهم من صنعاء وهترجع اليمن كلها لنا».

وأضاف سليم المحمدى، من سكان المنطقة وأحد شهود العيان على الحادث، إحنا كنا نعرف ناس من اللى اتقتلوا كانوا بيجهزوا من فترة أنهم يمشوا قبلها بكام يوم مكنش حد منهم عارف يخرج يجيب لقمة عيش فقرروا يمشوا ويوم الحادثة كنت مع أسرتى فى البيت وسمعنا صوت الضرب ورا بعض وسمعنا صرخات الناس «الحقونا الحوثة ضربتنا» طلعنا نجرى لقيناهم مرميين على المينا واللى غرق حاولنا نساعد ونشيل الناس للمستشفيات ومنهم أطفال ماتت على أكتافنا فى الطريق ما تحمتلش، حادثة أثرت فى الكل كلنا نتذكرها ونقول حسبنا الله ونعم الوكيل».

 المقاومة بالابتسامة

رغم كل مظاهر الدمار وشواهد التخريب الحوثى فى «عدن»، لكنك تلمس أيضا محاولات حثيثة للعودة إلى الحياة.. ذهبنا إلى سوق المنصورة، ورصدنا هناك محلات الأحذية وأدوات الزينة والملابس والخردوات والأدوات الكهربائية أيضا، وإلى جوارها بعض المطاعم والتيك أواى، وبعض من المحلات العالمية مثل «بسكن روبنز»، يقبل عليها الزبائن من عدة أماكن وإن كان ارتفاع الأسعار يقلل من القوة الشرائية للسكان.


 وأضافت الصحيفة: انتقلنا أيضا إلى سوق «كريتر الشعبى» أو سوق «المدينة القديمة» وهو أشهر وأهم أسواق عدن لموقعه بوسط المدينة التى تسمى «عدن القديمة» ورغم أنه مازال يحمل آثار دمار الحرب، لكن يقصده العديد من الزبائن.. هناك التقينا مع محمد زين، حارس أحد العقارات الأثرية لنتعرف منه على تفاصيل عن المنطقة والسوق، قال لنا: «عدن هى أم اليمن الحنونة لكن لم تجد من يحن عليها، وكريتر منطقة عدن القديمة يوجد بها قصر معاشق مقر الحكم وضربوه وقت الحرب، وبالمنطقة أيضًا أكبر سوق شعبى هنا سميت المنطقة بهذا الاسم لأنها على فوهة بركان وجوها حار، كان عدد كبير من السياح وأهل المحافظة يأتون للسوق والأول كان اسمه سوق الكيلو، ولما دخل الحوثيون أول شىء هجموا بالدبابات والمدافع، والقناصين كانوا فوق الجبال اللى محاوطة المنطقة، وضربوا عدة مولات بالسوق منها الرحاب والملكة، ومقر البنك الأهلى اليمنى، وفى يوم واحد سقط 19 قتيلا، وحرقوا العمارات، وضربوا سوق القات وسوق الخضار وشارع أروة، دلوقت ما عادتش التجارة فيه زى زمان لكن عندنا أمل الأحوال بديت تتحسن، وأقول للحوثيين «أمرنا لله فيكم دمرتوا كل شى جميل بالبلد.. ربنا يدمركم زى ما دمرتوا بلادنا.. حسبى الله ونعم الوكيل».


 فى منطقة «صيرة» وجدنا شكلا آخر من المقاومة للحرب، فالأطفال على أبواب «ملاهى صيرة» يحملون البالونات الملونة، اقتربنا منهم لنعرف قصتهم وكيف هزموا الخوف بالابتسامة.. فحكى «موسى الربيعى وعبدالله زهير وأحمد اللبنى» عن معاناتهم خلال رحلة فرار من صنعاء حيث سيطر الحوثيون على عدن، فقال «عبدالله»، الذى يبلغ من العمر 13 عاما: «الحوثيون أطلقوا على بيوتنا الرصاص، وكان شباب المقاومة يقفون فى وجوههم لكن من غير سلاح، وأنا مش بخاف منهم لكن بكرههم لأنهم دمروا بلادنا»، أما «موسى» ابن السادسة فلم يعلق إلا بجملة واحدة: أتمنى نقضى على الحوثيين وترجع بلدنا.
أما «أحمد» الذى لم ينه بعد عامه التاسع فيقول إنه يأتى من وقت لآخر للملاهى التى تعتبر متنفسًا للعب مع أصحابه غير مكترث بما يفعله الحوثيون، لكن ما يعلمه أنه ترك مدينته فى صنعاء وجاء بدون ألعابه التى كانت بمنزله، حيث اضطر لتركها تخفيفًا للأحمال، مضيفا ببراءة: «سبت دبدوب كان معى من ساعة ما اتولدت ولما طلبت من أمى أخده معى وإحنا فارين قالت لى سيبه ويلا بسرعة هنموت».

تحديات ما بعد التحرير

وعن التحديات التى تواجهها عدن، يقول محمد نصر شاذلى، وكيل محافظة عدن، إنه منذ تحرير عدن والحكومة تواجه عدة تحديات على مستوى توفير الخدمات الأساسية خاصة مع بعد تدمير البنية التحتية جراء الحرب والمرافق فى مقدمتها شبكات الكهرباء، وتوفير السيولة النقدية لدفع رواتب الموظفين والمتقاعدين، وترسيخ الأمن والمحافظة على الاستقرار، حيث تحاول العناصر الحوثية والمتطرفون إثارة القلاقل وزعزعة استقرار عدن من خلال التفجيرات الإرهابية للحد من استقرارها وعرقلة عمل أدوات الدولة، مشيرا إلى أن إدارة أمن عدن أعلنت مؤخرا القبض على فريق تصوير تابع لـ«داعش»، بحوزته أجهزة تصوير عالية التقنية بينها كاميرات وعدسات، وطائرات خاصة بالتصوير الجوّى، كما تم العثور بداخل وكر تتخذه خلية داعش بعدن مخبأ لتخزين الأسلحة والمتفجرات على معدات التصوير التى يستخدمها الفريق لتسجيل وصايا منفذى العمليات الانتحارية بينها شعار التنظيم باللون الأسود، والذى يُستخدم كخلفية ظهرت دائمًا فى الصور التى نشرها التنظيم لمنفذى العمليات الانتحارية.

وقبلها تبنى «داعش» فى فبراير الماضى هجومًا انتحاريًا مزدوجًا استهدف مقر قوات مكافحة الإرهاب التابعة للحكومة بعدن، ونتج عنه مقتل 12 شخصًا بينهم امرأة وأطفالها الثلاثة.