التفاصيل الكاملة للهجوم على عرض عسكري للحرس الثوري بمدينة الأحواز الإيرانية

تقارير وتحقيقات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

شهدت إيران عددًا من الأحداث أمس السبت ، جميعها يتعلق بالعرض العسكري في منطقة الأحواز الإيرانية بجنوب غرب إيران،  وفي حضور الرئيس الإيراني حسن روحاني.

وتشهد إيران ظروفًا قاسية خلال تلك الأيام ، بسبب انهيار الاقتصاد والعملة ، وغيرها من المشكلات التي تواجه النظام الإيراني ، لتأتي أحداث اليوم لتزيد من متاعب نظام الملالي ، والذي يمر بأصعب أيامه في خلال تلك الفترة.

هجمات وقتلى

الأحداث التي وقعت أمس ،  كانت هجومين على العرض العسكري في منطقة الأحواز ، وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية بارتفاع حصيلة الهجوم على العرض العسكري في مدينة الأحواز إلى 24 قتيلا ، وجرح أكثر من 60 شخصًا في هجوم إرهابي صباح أمس.

وكان روحاني متواجدًا في عرض عسكري أخر في جنوب طهران بمناسبة ذكرى بدء الحرب الإيرانية العراقية 1980-1988 ، وغادر على الفور بعد حدوث هذا الأمر ، فيما أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن الحارس الشخصي لقائد قوات الحرس الثوري الإيراني قتل في محافظة خوزستان الإيرانية.

تفاصيل الحادث 

قال غلام رضا شريعتي، محافظ خوزستان ، إن منفذ العملية التي وقعت أثناء العرض العسكري في إيران  كان متنكرا في زي الحرس والباسيج وقام بتنفيذ العملية.

وأضاف غلام رضا في تصريحات أبرزتها وكالة أنباء إيرنا الإيرانية إن المنفذ قام بفتح النار أثناء العرض ، مما أدى إلى مقتل البعض وإصابة أخرين.

وأكد محافظ خوزستان إنه تم تأكيد مقتل ثلاثة وإصابة أكثر من 20 ونقلوا إلى مستشفيات الأهواز.

وأضاف شريعتي: "الوضع الآن تحت سيطرة قوات الأمن والامن والهدوء في المنطقة".

ووفقا لتقارير أولية ، كان منفذي الحادث أربعة أشخاص ، اثنان منهم قتلوا واعتقل اثنان ، وأصيب واحد بجروح ، وفقا لشريعتي.

وفي الوقت الحاضر ، تم تحضير مستشفيات أبدانا وأهوازى لعلاج الجرحى وبدأت بالفعل في إستقبال المصابين.
ونشرت وكالة أنباء "إيسنا"  شبه الرسمية صوراً لآثار الهجوم ، حيث قام جنود ملوثون بالزي العسكري بمساعدة بعضهم البعض لمحاولة الهرب من المنفذين.

وفي سياق متصل ، قال وزير الخارجية الإيراني ، ردا على الهجوم  إن إيران سيكون ردها فوريًا على هذا الهجوم القاسي.

وبحسب وكالة أنباء الطلبة الإيرانية ، أصدر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف رسالة على صفحته على تويتر ردا على الهجوم.

وأضاف ظريف أن عدد من المنفذين ممولين من الخارج ، وهم من شنوا الهجوم على العرض العسكري ، الذي أسفر عن قتلى وجرحى ، مؤكدًا أن إيران ستستجيب بسرعة وبحزم للدفاع عن حياة الإيرانيين.

وألقى وزير الخارجية الإيراني باللوم على دول المنطقة و والولايات المتحدة في هجوم على عرض عسكري أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل. 

ليس أول هجوم

هذا الهجوم يأتي بعد هجوم شنته جماعة الدولة الإسلامية في 7 يونيو 2017 على البرلمان وضريح آية الله الخميني في طهران. 

وقُتل ما لا يقل عن 18 شخصًا وجُرح أكثر من 50 آخرين ، حيث شهدت قيام مسلحين يحملون بنادق هجومية من طراز كلاشينكوف ومتفجرات باقتحام مجمع البرلمان حيث كانت هناك جلسة تشريعية قيد التنفيذ ، بدءاً من حصار استمر ساعات. 

في هذه الأثناء ، قام مسلحون ومهاجمون انتحاريون بضرب ضريح الخميني في ضواحي طهران الجنوبية. قاد الخميني الثورة الإسلامية عام 1979 التي أطاحت بالشاه المدعوم من الغرب ليصبح أول زعيم إيران الأعلى حتى وفاته في عام 1989. 

وقد صدم الهجوم طهران ، التي تجنبت إلى حد كبير هجمات المتشددين في العقود التي أعقبت الاضطرابات المحيطة بالثورة الإسلامية.

حركة أحوازية تتبنى الهجوم 

أعلن مسئول المكتب الإعلامي لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز، يعقوب حر التستري، مسئولية جماعته عن الهجوم الذي استهدف العرض العسكري لقوات الحرس الثوري الإيراني في مدينة الأهواز جنوب البلاد، وأوقع عشرات القتلى والجرحى.
وقال يعقوب حر التستري في تصريحات “إيران اينترناشيونال” التابعة للمعارضة الإيرانية، إن "الهجوم ضد القوات الإيرانية جاء نصرة للشعب الأهوازي الذي يعاني من بطش النظام"، مضيفًا أن “المعلومات المتوفرة لديه تفيد بمقتل أكثر من 40 من عناصر الحرس الثوري”.

صراع الأحواز والنظام الإيراني

تضم إيران عدد كبير من القوميات في البلاد ، ومنها الأحواز الذين يتعرضون لكل أنواع الاضطهاد من النظام الإيراني كونهم من العرب والسنًة.

وعانى الأحواز في ظل إستمرار النظام الإيراني الحالي كثيرًا من القمع وغيره من الأساليب الوحشية تجاه المواطنين الأحوازيين.

أن معاناة الأحواز إزدادت جراء السياسات العنصرية التي اتبعتها الحكومات بعد الثورة الإيرانية ضد تلك القومية وعلى مختلف المستويات.

عملت النظام الإيراني في بادئ الامر على ضم أجزاء من الإقليم إلى المحافظات الفارسية، كفارس وأصفهان وغيرهما، بإدعاء أن هذا الأمر تابع للتنظيم الإداري للدولة، وهذا ترتب عليه حرمان الشعب الأحوازي من مياه الشرب النقية والزراعة من خلال تحويل مسارات الأنهار وروافدها،  كما عانى  الإقليم من  الخدمات الأساسية والتحيز ضد أبنائه، في الوظائف المهمة والرواتب، بل وفرص التعليم، والرعاية الصحية.

كما عملت السلطات الإيرانية المستمر للقضاء على اللغة العربية، وإحلال  اللغة الفارسية محلها، وتغيير أسماء عدة مدن من اللغة العربية إلى اللغة الفارسية، مثل مدينة الفلاحية إلى شادكَان، ومدينة عسكر مكرم التاريخية إلى بند قير، والصالحية إلى انديمشك، بل تغيير اسم الإقليم نفسه من عربستان إلى خوزستان ، رغم أن من سماه باسم عربستان هو شاه إيران السابق رضا بهلوي. 

وبشكل عام يضيق النظام الإيراني الخناق على الأحواز ، كونهم من الطائفة السًنية في البلاد ، ولأنهم غير شيعة ، فيتعرضون لضغوطات كبيرة من أجل الرحيل وأما السجن.
حسبما أبرزت التقارير المختلفة ، فقد فرضت السلطات الإيرانية على إدارات المدارس الثانوية والمتوسطة في الإقليم التبليغ عن أي طالب عربي أحوازي ينتمي المذهب السني ، كما أقتحمت القوات الإيرانية بعض المساجد التابعة للأحواز.

وكان الأحواز قد تظاهروا من قبل ضد النظام الإيراني ، حيث تجمع الآلاف في مدن قريبة من خرمشهر في مقاطعة خوزستان ، بما في ذلك في الأهواز ، عاصمة المقاطعة ، ماهشهر وسربندر ، دعما لتجمع خورامشهر بسبب الأحوال السيئة للمعيشة ، في يوليو الماضي.

وردد الشباب في هذه المدينة شعار "الموت لخامنئي وروحاني"، وكان الرد بأن أطلقت قوات إنفاذ القانون ومكافحة الانتقام المتظاهرين، الغاز المسيل للدموع، ما أسفر عن مقتل عدد من المتظاهرين، بما في ذلك طفل.
وتأتي الاحتجاجات حول خورامشهر التي تبعد نحو 400 ميل جنوب غربي طهران في وقت يشكو فيه سكان المدينة التي تسكنها أغلبية عربية قرب الحدود مع العراق من المياه المالحة الموحلة التي تخرج من صنابيرها وسط جفاف استمر لسنوات. 
وفي أغسطس الماضي ، قالت منظمة العفو الدولية إن هدم المقابر الجماعية والأفراد المنتمين إلى المنشقين السياسيين الذين أعدموا في الأهواز في ستينيات القرن الماضي يدل على اضطهاد النظام الإيراني للأحواز.

ودعت المنظمة الدولية لحقوق الإنسان إلى فرض وقف التصعيد الإيراني على المقابر الجماعية والفردية في الأحواز، وأن مثل هذا النهج تجاه العائلات هو مثال للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية ".


وتقول منظمة حقوق الإنسان إن العائلات خائفة من مواجهة المضايقات القانونية في وجه الاحتجاجات العامة.
كما قالت منظمة العفو الدولية إنها تلقت تقارير عن هدم هذا المقبرة الجماعية وبعض المقابر الفردية في الأهواز.
كان معظم السجناء الذين تم إعدامهم من السنة أعضاءً في مجموعات مثل منظمة مجاهدي خلق ، وحزب توده ، وجماعات يسارية أخرى ، وتمت محاكمتهم في وقت سابق ، بعدما كانوا يقضون عقوبة السجن.


وبحسب آية الله حسين علي منتظري ، نائب المرشد الأعلى الإيراني أية الله علي خامنئي ، فقد أمر آية الله روح الله الخميني شخصياً بإعدام أولئك الذين ، بحسب قوله ، "أصروا على مواقفهم في السجون في جميع أنحاء البلاد".

الامر ليس بجديد

قال هشام البقلي ، الباحث بالشأن الإيراني ، إن ما حدث في العرض العسكري الإيراني ، إنه ليس بجديد وليست المرة الاولي التي يستهدف فيها عناصر الحرس الثوري الايراني.
وأضاف البقلي في تصريحات لصحيفة  "الفجر" ، أن عدد الجماعات الانفصالية المسلحة في ايران تزيد بشكل كبير للغاية بسبب استمرار سياسات التهميش والعنف والقمع ضد الاقليات في ايران.
وأكد ان السياسات الإيرانية ادت إلي ظهور حركات مسلحة ضد النظام الايراني ،  وان كان البلوشستان هم الأكثر عنفا من الأحواز، إلي أن الهجوم رسالة إلي النظام بأن الاحواز قادرين علي العنف المسلحة مادامت الإحتجاجات السلمية لم تؤتي ثمارها وتقابل بالعنف والتنكيل 
ـما بالنسبة للتأثير علي الاحواز ،  بالطبع النظام الايراني سيظل متعنت معهم وسيقابل هذا الامر بمزيد من العنف والاعتقالات والاحكام الغير مقبولة والتي يصل معظمها الي الاعدام ، وسيحاول النظام الايراني إستغلال هذا الحادث ضد الاحواز بالخارج لبيان أنهم إرهابيون.

الصدام أصبح بشكل علني

قال فتحي المراغي ، رئيس مركز البحوث بالمعهد الدولي للدراسات الإيرانية في الرياض ، إن الهجوم الذي قامت به اعضاء جماعة تحرير الاحواز على العرض العسكري ، يعبر عن دخول مرحلة المواجهة العسكرية ما بين الجماعات الاحوازية والنظام الايراني  ، فهو هجوم بشكل علني في حضور الرئيس الإيراني وفي حضور الكثير من الحرس الثوري الإيراني، نتيجة الاضطهاد الذي يواجهه النظام الايراني تجاه الطائفة الاحوازية.


وأضاف المراغي في تصريحات لصحيفة الفجر أن كل تلك الامور تأتي عن طريق سياسات إيرانية من أجل تغيير البنية السكانية لاقليم الاحواز والعمل على تهجير السكان العرب من المنطقة وحرمانهم من ثرواتهم الطبيعية.


وأوضح أن الأحواز يردون على حرب إبادة كاملة للنظام الإيراني والأن الحرب أصبحت علنية ضد النظام الإيراني فهم يعبرون عن حالة العنف ضدهم ، ويمكن الربط بين ما حدث والهجوم على البرلمان الإيراني وضريح الخميني .