مدينة إب.. أكثر هطولاً للأمطار على مستوى الجزيرة مهددة بالجفاف! "تحقيق"

تقارير وتحقيقات

اليمن العربي

لا يمكن تخيل مدينة إب، وهي المنطقة الأكثر هطولاً للأمطار على مستوى الجزيرة العربية، أن تكون مهددة بالجفاف ونضوب المياه وترتفع أصوات الساكنين لافتقارهم لمياه الشرب.


خلال شهر اغسطس الماضي، شهدت مدينة إب أكبر أزمة مياه خانقة منذ عشرات السنين وارتفع سعر "وايت المياه المتوسط" الى أكثر من 10 آلاف ريال، بعد أن انقطع المياة عن الوصول الى المنازل.

 

اليمن العربي، اتجه نحو البحث عن أسباب هذه الكارثة لما تمثله مدينة إب من أهمية إنسانية حيث تشهد أكبر تجمع للنازحين واللاجئين القادمين من الحديدة وتعز.

 

الأسباب:

وخلال أزمة إنقاع المياه عن المنازل في عموم مدينة إب، اتجهت القضية على نحو من الاتهام لجماعة الحوثي المسيطرة على المدينة، إذ أظهرت المعلومات عن قيام الحوثيين بنهب مئات الملايين من مؤسسة المياه لصالح الجماعة.

 

وإلى جانب ما يقوم به مسؤولي الحوثي من نهب واردات المؤسسة أدى إلى عجز في تشغيل مضخات المياه، والاعتماد على ما ستقدمه منظمة اليونيسيف من دعم مشتقات نفطية للمؤسسة.

 

وتقوم اليونيسيف بدعم مشروع المياه وذلك من خلال رفدها بالمشتقات النفطية، إلا أن نهب الحوثيين لميزانية المؤسسة أدى الى مشكلة في عملها واستمرار ضخ المياه الى عموم المدنية.

 

المؤسسة توضح السبب:

وعلى قدر الاتهامات المباشرة للحوثيين وراء أزمة مياه المدينة إلا أن مؤسسة المياه خرجت بتصريحات تعزو جذور الأزمة إلى انخفاض منسوب المياه في بئر "المسلخ" التابع للمؤسسة المحلية للمياه والواقع ضمن حقل وادي ميتم جوار المسلخ.

وذكرت المؤسسة في بيان صادر عنها أن إنتاجية آبار المؤسسة ستقل من إنتاج المياه بسبب الانخفاض الكبير لمناسيب المياه في معظم آبار المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي محافظة اب الواقعة ضمن حقل وادي ميتم وحقل صلبة السيدة.

وأشارت إلى أن مناسيب المياه في الآبار ما انخفضت بين 50_120متر تحت الأرض وهذه المؤشرات تدل على تدهور كبير وحرج في مصادر المياه التي تعتمد عليها مدينة اب في إمدادات مياه الشرب وتوزيعها على أحياء المدينة.

 

جفاف 9 آبار:

 واضافة الى أسباب انخفاض منسوب المياه في الحقول التي بررت بها المؤسسة إلا أنها كشفت عن نضوب المياه خلال الفترات الماضية في عدة أبار وهم: بئر السبل شارع 16، بئر السبل كاحب، بئر الجامعة، وبئر وادي اللحج، وبئر شارع بغداد، وبئر شارع بغداد، وفي جبلة بئر رقم 2 منطقة العرمة، وبئر رقم 3 منطقة الهبوب، بئر رقم 5 ذي عقيب.

 أما الآبار الخاصة الأخرى التي توقفت بسبب نضوب المياه منها في مدينة إب، فهي بئر النجار، الذي يغذي منطقة الظهرة في مياه الشرب، وآبار المشتل الزراعي الخاص بمكتب الزراعية، وبئر الجامعة الخاص في جامعة إب، وبئر جوبلة الذي يغذي منطقة جوبلة.

 

جفاف مخزون مائي عمره آلاف السنين:

وعطفا على ما ذكرته المؤسسة من أسباب نضوب المياه يتجه أستاذ البيئة في كلية العلوم بجامعة إب إلى ما هو أكثر من كارثة يمكن أن تهدد مياه المدينة الاستراتيجية.

 

وقال د عبدالله الذيباني، في مقال له رصده اليمن العربي، أن هناك كوارث تستهدف  الثروة المائية وخاصة الاحواض المائية بمدينة إب وما حولها من كل الجهات كمثال للعبث المستشري بالمياه الجوفية بكثير من المناطق وذلك من منح تصاريح للبناء العمراني و منح تصاريح حفر الآبار بشكل غير مدروس.

 وذكر الذيباني أن "ما يحدث بالسحول من الحفر لأعماق أكثر من 1600م كارثة بدأنا نلمس مؤشراتها الآن ولو استمر هذا العبث فإننا ننبه بأنه سيأتي يوم تصبح إب المدينة الجميلة ذات أعلى معدلات أمطار بشبه الجزيرة العربية يصل الى 1200مم ستصحى بعدان وإب وما حولها على كارثة لأن الوصول لأعماق 1600م بالسحول يعني الوصول لمستوى سطح البحر سيفرغ الاحواض المائية".

واعتبر الذيباني وهو استاذ متخصص في البيئة أنه وعلميا تسمى المياه الجوفية بعد 400 م بالمياه الارتوازية والتي تتكون خلال آلاف السنين والمساس بها يعني اننا نستنزف ما تم تخزينة خلال قرون ولن يتم تعويضه الا بعد قرون فيما لو توقفنا عن التعمق بعد 400م ، فكيف سيغدو الحال بنا وبأحفادنا والناس تتنافس حاليا على حفر آبار جديدة بتلك الأعماق وبمسافات متقاربة وبشكل عشوائي".

 

وكان تقرير صادر عن المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي أكد تغيّر نسب المياه في كل الآبار خلال عام 2017، حتى وصل هذا الانخفاض إلى مستويات مقلقة خلال الربع الثاني من العام 2018.

 

 ويشير التقرير إلى انخفاض كبير لمنسوب المياه في معظم الآبار، تزامناً مع انخفاض معدل انتاج المياه من كل الآبار ليصل إلى ما بين 30 و50 في المائة من إنتاج الآبار الآمنة. كما انخفض منسوب المياه في الآبار إلى ما بين 50 و120 متراً تحت الأرض، لافتاً إلى أن هذا مؤشر يدل على "تدهور كبير وحرج في مصادر المياه التي تعتمد عليها المدينة في إمدادات مياه الشرب وتوزيعها على أحياء المدينة".

وعطفا على ما ذكر من أسباب فأنه يضاف لتلك العوامل تدفق الاف من النازحين من مناطق الحرب في تعز والحديدة الى مدينة إب.

 

هذار التدفق الكبير أدى الى ضغط مضاعف على انتاج المياه وهو ما زاد من حدة الأزمة المائية أكثر المضافة الى ما تعانيه المدينة في الأصل من انخفاض في المياه.

 

إجراءات ضد الجفاف:

وفيما يتعلق بالإجراءات التي يمكن أن تتفادى كارثة الجفاف في المدينة وادارة الأزمة فأنه يتوجب ايقاف إصدار تراخيص حفر أو تعميق آبار المدينة وضواحيها، وتوقيف الآبار التي تضخ المياه للزراعة سواء كانت في إطار الحوض المائي أو الآبار التي في ضواحي المدينة.


ويقول خبراء أن من المهم  خفض عدد ساعات تشغيل آبار المؤسسة والآبار الأخرى للحد من تدهور المياه فيها، وانقاذ هذه المدينة من شبح الجفاف وهي المنطقة التي تتدفق عليها أمطار سنوية كأكثر مدينة في اليمن والمنطقة.