مسيحي مصري يتبرع بـ200 ألف جنية لبناء مسجد لغرض نبيل.. ما هو؟

منوعات

اليمن العربي

قرر رجل مسيحي مصري الجنسية، التبرع بمبلغ 200 ألف جنيه - ما يزيد عن 11 ألف دولار - لإنشاء مسجد بمحافظة المنيا (جنوب القاهرة)، أكثر المحافظات معاناة من التوتر الطائفي في مصر.

وقال مراقبون، أن الواقعة التي احتفى بها الإعلام المصري، ليست فريدة وإن كانت مميزة، وتُظهر إصرار المصريين على مواجهة الفتن الطائفية، التي تحدث كل حين، بفعل عوامل دخيلة عليهم، تسعى لضرب استقرار البلاد.

وأعلن المواطن المصري مايكل عاطف منير، قبل أيام، تبرعه لإنشاء مسجد أحد بمنطقة "المطاهرة"، جنوب غرب مدينة المنيا، وهو ما اعتبره اللواء قاسم حسين قاسم، محافظ المنيا، "تعزيزا لروح التآخي والوحدة الوطنية". 

وتأتي المبادرة، بعد نحو أسبوع من مناوشات شهدتها قرية "دمشاو هاشم" بالمحافظة نفسها، اعتراضا على بناء كنيسة دون ترخيص، اتهم خلالها مسيحيون عددا من المسلمين بالاعتداء عليهم، ونهب محتويات منازلهم، قبل أن تلقي قوات الأمن القبض على عدد من المتهمين. 

وعلى فترات متباعدة، تشهد مصر أعمال عنف طائفي، أغلبها بسبب هجمات لتنظيمات متشددة على كنائس أو تجمع مسيحيين، في حين تتعلق بعضها حول خلافات بناء الكنائس لكن حدة تلك التوترات تراجعت بصورة ملحوظة في الشهور الأخيرة، إثر إقرار قانون بناء الكنائس، في سبتمبر/أيلول عام 2016، ودخوله حيز التنفيذ في العام التالي. 

يقول الباحث إبراهيم ربيع لـ"العين الإخبارية"، مبادرة بناء مسيحي لمسجد في المنيا "أمر ليس جديد على المجتمع المصري، الذي يتبادل أبناؤه مسلمون ومسيحيون الدعم والتعايش في مودة وانصهار، إلى أن أصيب بفيروس فقدان المواطنة الإخواني"، في إشارة إلى تنظيم الإخوان الإرهابي.

وشهدت مصر حوادث عنف ضد مسيحيين، وحرق كنائس، في أعقاب عزل الرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي عام 2013، انتقاما على تأييد الأقباط لثورة (30 يونيو) التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان الإرهابية.

ويؤكد ربيع، الباحث في الحركات الاسلامية والمنشق عن تنظيم الاخوان الإرهابي، إن "تنظيم الإخوان الإرهابي سعى ولا يزال، ليكون كيانا بديلا عن الدولة الوطنية، ويقوم بتفكيك منظومة القيم الحاكمة للهوية والانتماء الوطني والتماسك المجتمعي، ونشر ثقافة التعصب والعنصرية والفتنة الطائفية؛ تمهيدا لتفكيك النسيج الوطني، ويسود جو من عدم الثقة بين مكونات المجتمع بعضها البعض، وكذلك بين المواطن ومؤسسات الدولة، حتى يسهل السيطرة على العقول والتلاعب بها في مشروع الفوضى".

وتابع: "مصر بحاجة إلى تحالف المجتمع ومؤسسات الدولة للإطاحة بمخلفات عقود من التخلف والطائفية والعنصرية، وإزالة آثار العدوان الإخواني السلفي على الشخصية المصرية، وإعادة أعمارها على أساس متين من قيم المواطنة، والانتماء الوطني وتماسك النسيج المجتمعي".

بدورها، ترى جيهان حلمي، الناشطة القبطية ومؤسس مبادرة "معا"، أن تبرع مسيحي لبناء مسجد دلالة على أن المصريين كيان واحد تجري روح التسامح والمحبة بدمائهم، وإن كان الأمر لا يخلو من بعض المؤامرات التعايش خاصة في المنيا، وذكرت أن "جدها حنا بك سليمان ساهم أيضا ببناء مسجد في حي بين السرايات بالقاهرة، بجوار شارع سمي على اسم والدها حلمي إسكندر".

وتشير حلمي في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إلى أنه لتلاشي ما يحدث بين الحين والآخر، لابد على الدولة أن تحدث تقاربا بين الشباب من جميع الطوائف بمراكز الشباب، وفي ندوات تخطط لها من قبل متخصصين اجتماعيين، إضافة إلى أنه "لا يصح أن تكون هناك جريمة تعد من أخطر الجرائم وهي استهداف أمن الدولة بحرق بيوت فئة دينية مختلفة أو تهجيرهم، ويكون الرد الأمني تقليديا، ففي علم الجريمة إذا شعر مرتكب جريمة بالتراخي أو عدم الهيبة؛ يزيد جرمه أضعافا والعكس صحيح". وناشدت بـ"الشدة والهيبة الأمنية في تلك الأمور، مثلها مثل طرق التصدي للإرهاب لأنها تنزع أمن الوطن بالفعل".

ولا يوجد إحصاء رسمي بعدد المسيحيين، غير أن التقديرات تشير إلى أن نسبتهم تتخطى الـ 10% من سكان مصر، ومنذ وصوله للحكم عام 2014، يحرص الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على حضور احتفالات المسيحيين، وأصبح هناك الوزير والمحافظ من الأقباط، فيما يترقب الانتهاء من تدشين أكبر كاتدرائية في العاصمة الإدارية الجديدة. 

الكاتب الصحفي، محمد صلاح، يرى أن المصريين تجاوزوا مرحلة إرهاب جماعة الإخوان الإرهابية، ويتعاملون الآن مع مؤامراتها ومحاولاتها لإعادة الفوضى وزرع الفتنة ونشر الأكاذيب، مؤكدا أن التيار المتشدد يلعب دورا محوريا في نشر الفتاوى الطائفية بين السكان، حتى يصل الأمر إلى الصدام. 

وأضاف، في مقال له، "يتبنى الإخوان الآن حملة للدفاع عن أقباط المنيا، بينما لم ينس المصريون بعدُ مشاهد هجمات عناصر الجماعة على الكنائس بعد الثورة ضد مرسي، الإخوان وغيرها من القوى والجهات الكارهة لمصر تستغل الخلافات الطائفية؛ لـ(فرملة التطورات الإيجابية المتسارعة في البلاد)".