قانون "العميل الأجنبي" في أمريكا يضع قناة الجزيرة تحت طائلة التهديد

عرب وعالم

اليمن العربي

وافق الكونجرس الامريكي على تشريع جديد يجبر المنظمات الإعلامية الأجنبية مثل فضائية "الجزيرة" القطرية على تسجيل نفسها لدى السلطات الأمريكية بأنها "عميل أجنبي"، ما عده مراقبون صفعة جديدة لحكومة الدوحة.
وتأتي خطوة الكونجرس بعد انتقادات وجهها نواب لما عدوه محاولات الجزيرة إخفاء أجندتها الحقيقية خلف عباءة "الصحافة" في وقت نفذت فيه حملات ضغط وأنشطة تجسسية.

ويفرض القرار الأمريكي على فضائية الجزيرة القطرية كشف حجم هيكلها ومصادر تمويلها وطبيعة عملها داخل الولايات المتحدة، على غرار وسائل إعلام صينية وإيرانية وروسية

ويهدف الكونجرس من تمرير قانون تسجيل العملاء الأجانب، الذي يأتي ضمن قانون الأمن القومي السنوي الجديد، إلى تسليط الضوء على علاقات تلك المنظمات الإعلامية بالحكومات الأجنبية، لمعرفة مدى تأثيرها على عملية صنع القرار داخل الولايات المتحدة لصالح تلك الدول.
وأثار تشريع الكونجرس مناشدات لوكالة تنظيم الاتصالات والإعلام في بريطانيا لتحذو على خطى أمريكا، خاصة أنها في 2012 أوقفت عمل قناة "إيران برس" بعد أن رأت الوكالة أن القرارات التحريرية لها تأتي مباشرة من طهران بدلا من لندن، كما أوقفت الحكومة البريطانية رخصة عمل شبكة "إمام إف إم" بعد أن بثت 25 ساعة من خطابات زعيم تنظيم القاعدة السابق أنور العواقلي.
ونظرا لإيقاف الحكومة البريطانية عمل "إيران برس" و"إمام إف إم" استنادا على أن قراراتهما التحريرية تأتي من الحكومات الأجنبية التابعين لها، فإن استمرار بث الجزيرة محتوى متطرفا في التلفزيون البريطاني يثير تساؤلات حول سبب عدم اتخاذ وكالة تنظيم الاتصالات البريطانية قرارا حيالها.
وأشارت وسائل إعلام بريطانية إلى أن قرار الكونجرس يبعث رسالة إلى العالم بأنه لا يمكن اعتبار "الجزيرة" قناة إخبارية بالأعراف المعتادة، وهو ما يعين عليها فحص تقارير الجزيرة عن كثب، وتحديد ما إذا كانت ملائمة للاستمرار في بث محتواها داخل بريطانيا، خاصة أنها بثت بعض أكثر المحتويات تطرفا وعنفا بهدف تقويض الديمقراطية.
الوجه الحقيقي للجزيرة 
تلزم المادة الجديدة في التشريع الأمريكي وسائل الإعلام الأجنبية بتقديم حساب عن ميزانيتها وتحركاتها وأهدافها التي تسعى أن تصل إليها في واشنطن، وهو ما يحوّل عمل وسائل الإعلام الأجنبية في نظر السلطات الأمريكية إلى الطبيعة السياسية أكثر من التعامل معها باعتبارها مؤسسات إعلامية.
وتعتبر الولايات المتحدة "العميل الأجنبي" شخصا أو كيانا يحمل صفة قانونية ويعمل لصالح إحدى الدول أو الجهات الأجنبية نظير مقابل مادي، ويشمل عمله في أغلب الأحيان العلاقات العامة وممارسة الضغط على السياسيين الأمريكيين لصالح الدولة الأجنبية.
وأصبحت الجزيرة بشكل خاص المثال الحي لنواب الكونجرس الذين يدعمون التشريع، حيث شنّ مجموعة من المشرعين الأمريكيين، ديمقراطيين وجمهوريين بينهم تيد كروز (تكساس) ولي زيلدن (نيويورك)، حملة لتمرير ذلك القانون منذ شهور بهدف إجبار الجزيرة وغيرها على الاعتراف بصلاتهم القوية مع الحكومات الأجنبية التابعين لها.
وقال مؤيدو التشريع إن الشبكات الإعلامية مثل الجزيرة حاولت إخفاء أجندتها الحقيقية خلف عباءة "الصحافة المحايدة"، لكنها في الحقيقة تجري عمليات ضغط على الساحة الأمريكية وأحيانا تجسس بأوامر من الحكومة التابعة لها، وهو ما دفع بعض نواب الكونجرس على رأسهم كروز وزيلدن لمطالبة وزير العدل الأمريكي جيف سيشنز بإطلاق تحقيق في أهداف وطبيعة عمل الجزيرة.
ويعد التشريع ضمن أولى خطوات الكونجرس لرصد الحكومات الأجنبية التي تعمل بحصانة كاملة داخل الولايات المتحدة تحت عباءة "الصحافة"، ولذلك أقر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تشريع تسجيل العملاء الأجانب في قانون الأمن القومي السنوي الجديد لهذا العام، لدفع الحكومة الأمريكية إلى مراقبة الجزيرة وغيرها من المنظمات الإعلامية المماثلة عن كثب.
ازدواجية لخداع الغرب 
ورأى الغرب الجزيرة لوقت طويل بأنها منظمة إعلامية شرعية، ويرجع ذلك إلى أن الشبكة منذ إطلاقها وهي لديها منصتان مختلفتان، النسخة الإنجليزية التي تقدم محتوى معتدلا ومتوازنا في دول الغرب، بينما لعبت النسخة العربية منبرا لبعض أكثر الشخصيات المتطرفة والإرهابية في العالم.


ويعد أحد أبرز الأمثلة على ذلك المحتوى هو بث الشبكة خطابات أسامة بن لادن بشكل منتظم عندما كان زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي، وفي 2009 كان لدى يوسف القرضاوي، القيادي البارز في تنظيم الإخوان الإرهابي الذي يعيش في الدوحة منذ أكثر من 50 عاما، حوارات دورية مع مذيعي القناة، وقبل ذلك بعام واحد نظمت الجزيرة احتفالية لسمير قنطار العضو السابق بمليشيا حزب الله الإرهابي، حيث تم الإشادة بقنطار ووصفه بـ"البطل".