العقوبات الأمريكية.. سهم ترامب يؤجج نار غضب داخلي ضد نظام طهران

عرب وعالم

اليمن العربي

حزمة العقوبات الأمريكية المفروضة مؤخرا على إيران لم تثر غضب شعب البلد الأخير ضد الولايات المتحدة، وإنما أججت حنقه ضد طهران.

حالة احتقان وغليان تجلت من خلال رفع محتجين إيرانيين، خلال المظاهرات المستعرة بالبلاد تنديدا بالظروف الاقتصادية السيئة والفساد، لشعارات من قبيل "الموت لخامنئي". 

ولئن لا يعد رفع الشعار سابقة في إيران، إلا أنه كشف هذه المرة، أن الوعي الشعبي بحقيقة أسباب الوهن بالبلاد، تعدّت الرواية النمطية التي يستعرضها النظام كلما ضاق الخناق حوله، والتي غالبا ما تستحضر "نظرية المؤامرة" الغربية. 

ففي الماضي، عندما كانت تسوء الأوضاع بشدة داخل البلاد، كان قادة إيران يلقون باللوم على القوى الخارجية، حيث كان "الشيطان الأكبر" هو المسؤول عن كل مشكلة تعصف بشعبهم، طبقًا لصحيفة "تليجراف" البريطانية. 

لكن هذه المرة، يبدو الوضع مختلفا تماما.

الإيراني مراد (45 عامًا)، وهو كهربائي وأب لثلاثة أبناء، قال في حديث للصحيفة إن حكومة بلاده "تحاول القول إن (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب وراء جميع مآسينا، مع أن من يلقى اللوم عليه في الواقع هو المرشد الأعلى لوحده".

وأضاف أن "الناس ينظرون لبعض المنازل والفيلات المهيبة وأنماط حياة الأقلية الموجودين في القمة، ويتساءلون كيف تمكنوا من الحصول على هذا في حين أن الأغلبية فقراء للغاية".

وقرر مراد الانضمام إلى الاحتجاجات على خلفية انخفاض الأجور وخسارة أصغر أبنائه لوظيفته، ليشارك بذلك في أول تظاهرة له، موضحًا أن "الناس لم يعودوا يلقون باللوم على رئيس دولة أجنبية، لكنهم يلومون قيادة هذا البلد".

وفي الواقع، فإن الوضع المتدهور للاقتصاد الإيراني كان واضحا وبارزا للعيان، وبدخول الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية حيز التفعيل الأسبوع الماضي، تضاعفت محنة الإيرانيين.

عقوبات أثقلت كاهل الاقتصاد المحتضر، ووسعت نطاق قائمة المشاكل التي تعصف بالبلاد، والمتعلقة بالأساس بالفساد المزمن والنظام المصرفي الفوضوي، والبطالة المرتفعة، بعد عقود من سوء الإدارة وتدخلاتها في الشؤون الإقليمية.

وقال مراد، الذي رفض إعطاء اسمه الثاني خوفًا من ملاحقة سلطات بلاده، إن إيران دولة غنية للغاية، "لكن حكومتنا يبدو أنها أكثر اهتمامًا برفاهية غير الإيرانيين الموجودين في العالم العربي".

وتعم في إيران حالة استياء متزايدة بشأن كيفية إنفاق أموال النفط المحلي، حيث جعلت إيران نفسها مركزًا للحروب باهظة الثمن في سوريا واليمن، وأنفقت المليارات لدعم وكلائها الشيعة في معركة الهيمنة ضد السعودية.

ويرى الكثيرون الرئيس الإيراني، حسن روحاني، على أنه فشل في الوفاء بوعوده الانتخابية بالإصلاح، وقد حاول تهدئة المتظاهرين هذا الأسبوع بالاعتراف بشكواهم، لكنه تجاهل جميع دعاوى التفاوض على اتفاق جديد مع ترامب.

وحاليًا، يعول الرئيس الإيراني على الأوروبيين للإبقاء على الاتفاق متعدد الأطراف، وهو ما يرى خبراء أنه لن يصمد كثيرا في ظل التحذيرات التي تطلقها واشنطن للشركات الأوروبية في حال تمسكها بالاستثمار في إيران.

موقف قد يجبر تلك الشركات على الانسحاب، كما فعل العديد منها، ما من شأنه أن يغلق أبواب العالم بوجه طهران، ويحشرها في خط تماس مباشر مع تداعيات إرهابها حول العالم.