الكهرباء .. اختبار صعب يواجه الحكومة في الصحراء والساحل (تقرير خاص)

أخبار محلية

اليمن العربي

تعد الكهرباء واحدة من أبرز المعضلات التي تواجه الحكومة إلى جانب الملف الأمني، بعد أن أصبحت من أساسيات الحياة اليومية لكافة السكان في المدن والأرياف على حد سواء خصوصاً في المناطق الصحراوية والساحلية .

حيث تواجه السلطات الشرعية صعوبة بالغة في سد العجز الكبير المتفاقم في خدمات الكهرباء في المحافظات الساحلية والصحراوية مما يزيد حفظة السكان ضدها خصوصاً في فصل الصيف في ظل ارتفاع درجة الحرارة .

ومما يزيد الأمور تعقيداً ويضع الحكومة أمام اختبار الصعب لجوءها إلى حلول بديلة واعتمادها على حلول مؤقتة من خلال التعاقد مع شركات الطاقة المشتراة والتي لا تفي بالغرض وتخلق فجوة كبيرة من عدم الثقة بين الحكومة والمواطن .

وهنا في هذا التقرير يناقش "اليمن العربي" أسباب تدهور الكهرباء وعجز السلطات عن توفيرها وتجاوز معضلة العجز القائم والانقطاعات المتكررة حتى في عواصم المدن كعدن والمكلا ومأرب .

 

فساد وتلاعب

اضطرت حكومة الوفاق عام 2013 م، إلى التعاقد مع شركات طاقة مشتراة لتوفير الكهرباء بشكل مؤقت لمعظم المحافظات اليمنية، إلا ان تدهور الاوضاع السياسية والاقتصادية للبلاد نتيجة انقلاب مليشيا الحوثي الانقلابية سبتمبر 2014 وشنها حرب همجية على معظم محافظات البلاد أبقى على تلك الشركات الاستمرار دون تمكن الحكومة من إيجاد البديل .

لم يكن اختيار الحكومة لشركة أجريكو موفقاً فهي لم تغطي حاجة السكان من الكهرباء في المحافظات والمناطق التي تعتمد عليها كمصدر وحيد للطاقة حسب الاتفاقات المبرمة بين الحكومة والشركة .

مديرية حريب جنوب شرق محافظة مأرب ثاني أكبر مديرية في المحافظة، تعاني منذ التعاقد مع شركة الطاقة المشتراة "أجريكو" ودخولها في الخدمة يوليو 2013 م، من انقطاعات مستمرة ومتكررة في الكهرباء كنموذج مصغر لبقية المحافظات التي تعتمد تلك الشركة كمصدر وحيد للطاقة .

سالم أحمد النجار مدير فرع الكهرباء في مديرية حريب جنوب شرق محافظة مأرب، يقول في حديث خاص لـ "اليمن العربي" ان الحكومة تعالج معضلة تدهور الكهرباء بحلول تعاقد مع شركة فساد مثل اجريكوا ومثيلاتها، وهو أساس المشكلة .

وأوضح ان تهالك المولدات سبب آخر في تدهور الكهرباء مؤكد ان المولدات التي تستقدمها شركة أجريكو هي في الاصل مستخدمة قبل وصولها إلى محطة الجوبة التي تعمل منها على تغطية مديريتي حريب والجوبة بالكهرباء .

وأضاف مدير كهرباء حريب ان من أسباب تدهور الكهرباء وانقطاعاتها المتكررة ضعف أعمال الصيانة وعدم وجود مولدات احتياطية لأي مولد يخرج عن الخدمة .

وأكد النجار أن شركة أجريكو لم تفي بالتزامها في توفير 6 ميجا كما هو في الاتفاق المبرم منذ عملها والذي وان وجد لم يعد يغطي حتى 30% من حاجة حريب والجوبة .

وأشار إلى أن خروج مولدات شركة أجريكو في محطة الجوبة عن الخدمة أصبح بشكل أشبه باليومي مما تسبب في انقطاع الكهرباء بشكل يومي خلال ساعات النهار عن مدينة حريب كما تسبب منذ فترة طويلة في حرمان سكان الأرياف في مديرية حريب وضواحيها من الكهرباء حيث لا تتوفر إلا ساعات معدودة خلال فترة النهار يوم واحد فقط بعد كل 4 أيام .

 

طلب متزايد

أصبحت الكهرباء عامل أساسي في الحياة اليومية للسكان في المدن والأرياف على حد سواء، لا تقل أهمية عن الصحة والتعليم .

وقد تسببت الصناعات الحديثة من أجهزة إلكترونية ومعدات زراعية وأدوات منزلية، تعتمد على الكهرباء، في زيادة حاجة السكان إلى الطاقة الكهربائية، سواء كانوا في الريف أو المدينة، بعد ان كان سكان الارياف لا يحتاجون الكهرباء إلا للإنارة .

ويقول مدير كهرباء حريب سالم أحمد النجار لـ "اليمن العربي" ان الطلب المتزايد على الكهرباء نتيجة انتشار الأجهزة والمعدات التي تعمل بالكهرباء جعل من مديرية حريب تحتاج في الوقت الحالي 10 ميجا من الكهرباء بعد ان كانت قبل 6 سنوات تحتاج إلى 4 ميجا فقط، وقس على ذلك بقية المديريات والمحافظات .

وأضاف النجار ان انعدام مادة الديزل وشحها وارتفاع أسعارها دفع المزارعين ومالكي المطاحن إلى الاعتماد على الكهرباء وهو ما تسبب في احمال كبيرة .

 

الصيف وحرارة الصحراء والساحل

ما أن يدخل فصل الصيف حتى تعلو أصوات السكان في المحافظات الصحراوية والساحلية بمطالبة الحكومة بتوفير الكهرباء، في الوقت الحرج والحساس بالنسبة للمواطن الذي بأمس الحاجة إليها نتيجة ارتفاع درجة الحرارة والحكومة التي تجد نفسها عاجزة أمام الطلب المتزايد على الكهرباء خلال فصل الصيف في مناطق الصحراء والساحل الأكثر حرارة والتي تتسبب في عجز مولدات شركات الطاقة المتهالكة في الايفاء بالتزاماتها للحكومة والمواطن .

وفي حديثه لـ " اليمن العربي" أكد مدير كهرباء حريب سالم أحمد النجار أن ارتفاع درجة الحرارة خلال فصل الصيف يضاعف حاجة المديرية من الكهرباء بفارق 4 ميجا زيادة على حاجتها في فصل الشتاء .

وأكد ان المناطق الصحراوية والساحلية تحتاج إلى ضعف ما قد تحتاجه المناطق الجبلية الباردة من الكهرباء، لحاجة سكان الصحراء والساحل إلى اجهزة التكييف والتبريد واعتمادهم عليها بشكل كبير بينما قد لا يحتاج إليها سكان المناطق الجبلية الباردة .

وأشار إلى ان الكهرباء حق لكل مواطن في المدينة والريف خصوصاً في المناطق الصحراوية والساحلية فالكل يحتاج إليها، إلا أن هناك أولويات للمدينة على الريف لأسباب عدة منها الازدحام السكاني وكثرة البعوض وكونها مركز المديرية .

 

حلول بديلة

تسعى الحكومة والسلطات المحلية في المحافظات المحررة إلى إيجاد حلول بديلة وجذرية تعتمد عليها لحل مشكلة الكهرباء وإنهاء معاناة السكان .

ففي محافظة مأرب تسعى الحكومة والسلطة المحلية إلى ربط المحافظة وبعض مديرياته بمحطة مأرب الغازية وتبذل جهود حيال ذلك .

ويقول سالم أحمد النجار مدير كهرباء حريب في سياق حديثه لـ "اليمن العربي" انه التقى بمدير كهرباء مأرب عبدالهادي الشبواني ومعه مندوبين من الجوبة وأرياف حريب، وطالبوا بتوفير 2 او 3 مولدات لحل مشكلة العجز القائم بشكل كبير .

وأكد النجار ان الشبواني وعدهم بتوفير 3 مولدات خلال اسبوع او عشرة ايام ستكون تعزيز لمحطة الجوبة لتخفيف العجز القائم في المديريتين .

وأشار مدير كهرباء حري ان السلطة المحلية في محافظة مأرب وعدتهم بمحطة كهرباء خاصة بحريب تكون في المديرية وتتكون من 10 مولدات وهو ما أكده الشبواني حيث قال انه تم شحن 20 مولد من دبي وهي في طريقها الى عدن منها 10 لمحطة حريب، مشير إلى انهم كانوا موعودين بعد عيد الفطر بـ 3 مولدات لمحطة الجوبة من ضمن 5 مولدات كانت في ميناء عدن، إلا انها عند وصولها مأرب تم تخصيصها لمحطة مأرب .

 

كل ذلك بصفته حلول بديلة، أما عن الحلول الجذرية قال سالم النجار ان من ضمن الحلول الجذرية المطالبة بمحطة مستقلة في حريب بقدرة 15 ميجا .

وأكد ان محافظ محافظة مأرب اللواء سلطان العرادة وافق على طلب من مدير مديرية حريب ناصر القحاطي بمحطة مستقلة لحريب ووجه العرادة بتنفيذ محطة بقدرة 8 ميجا تتكون من 10 وهو ما أكده مدير كهربا مأرب عبدالهادي الشبواني وهي في طريقها من دبي الى عدن .

أما عن الحلول الدائمة المتمثلة في استكمال مشروع محطة مأرب الغازية وربط المحافظة بها بما فيها مديرية حريب، أكد النجار ان العمل سيبدأ في استكمال خط الفلج لربط حريب بغازية مأرب وقد تم تكليف المهندس حسين درجان باستكمال العمل لربط حريب بغازية مأرب .

من جانبه أكد حسين علي درجان مستشار وزير الكهرباء للكهرباء الغازية ان العمل جاري لتنفيذ المرحلة الاولى من غازية مأرب، وقد تم تكليفه استكمال ربط حريب بمأرب عبر منطقة الفلج .

وصرح مدير كهرباء مأرب عبدالهادي الشبواني أن المحولات الخاصة بالغازية في طريقها من كوريا الى ميناء  جدة بعد ان تم دفع المستحقات المالية .

 

مغرم لا مغنم

أن تكون مسئولاُ في قطاع الكهرباء، يعني أن تكون نداً للمواطن .. هكذا هو الحال اليوم في ظل وجود شركات طاقة لا تفي بالتزاماتها وتعمل دون رقابة أو معايير وفي ظل الحرب وتفشي الفساد بين أروقة الحكومة خصوصاً قطاع الكهرباء وفي ظل الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية خصوصاً خلال فصل الصيف في مناطق الصحراء والساحل وحاجة السكان الماسة إليها .

فما ان تنطفئ الكهرباء.. سرعان ما يتجه السكان المحليين إلى كيل التهم بالفساد والفشل للمسئول المحلي الذي ربما يبذل ما بوسعه لتفادي انقطاعها.. ورغم كل ذلك يبقى هو والسلطة المحلية المسئول الأول قبل الحكومة عن توفيرها للسكان المحليين .

وفي ختام حديثه لـ "اليمن العربي" يقول سالم احمد النجار مدير كهرباء حريب، نؤكد لكثير ممن يتهمونا اننا سبب تأخر الكهرباء وانقطاعها عنهم لأيام ان وضيفتنا في الوقت الحالي تتمثل في توزيع الطاقة الواصلة من محطة الطاقة المشتراة ولسنا منتجين للطاقة الكهربائية .

وأكد انه يعمل بكل أمانة ويحرص على توفير الطاقة لتخفيف معاناة السكان في ظل العجز الكبير القائم ويبذل كل جهد رغم تعقيدات تعامل السلطة تجاه هذه المطالب العامة حد وصفه .

وهكذا ستظل الحكومة والسلطات المحلية أمام اختبار صعب يتحتم عليها اجتيازه خصوصاً في فصل الصيف ومناطق الصحراء والساحل لإثبات نجاحها في تلك المحافظات المحررة وكسب رضا المواطن بعد ان أصبحت الكهرباء حق أساسي له ومقوم من مقومات الحياة اليومية .