مؤتمر لمُرشد إيران علي خامنئي في صنعاء.. ماذا يُعني؟

تقارير وتحقيقات

مؤتمر خامنئي في صنعاء
مؤتمر خامنئي في صنعاء

يومًا بعد يوم تثبت ميليشيا الحوثي بما لا يدع مجالًا للشك أنها مُجرد ذراع للمخطط الإيراني في اليمن سواء من خلال نوعية الأسلحة والصواريخ التي تستخدمها الميليشيا والتي أثبتت تقارير أجنبية أنها صناعة إيرانية أو من خلال الدعم اللامحدود للميليشيا في خطابات قاسم سلماني وحسن نصرالله وروحاني.

 

الأمر لم يقف عند مثل هذا الانزلاق الحوثي للمشروع الفارسي التوسعي في المنطقة العربية الرامي لزعزعة الاستقرار، بل فائجتنا وكالة الأنباء الإيرانيَّة "فارس" إنّ مؤتمراً في صنعاء اختتم أعماله يوم الأربعاء 11 يوليو 2018 درس "أبعاد ودلالات" كلمة المرشد الأعلى في إيران على خامنئي إلى الشباب العربي.

 

وحسب الوكالة في نسختها الفارسية، فإن المؤتمر حمل عنوان: "الأبعاد والدلالات في خطاب الإمام السيد علي خامنئي الموجه إلى الشباب العربي"، وحضره مجموعة مختلفة من الشباب والأكاديميين والمثقفين في العاصمة اليمنية.


وأشارت الوكالة الإيرانية الرسمية إلى أن أربعة ممن وصفوا بـ"الخبراء" بتحليل خطاب "خامنئي للشباب العربي"، وكان بينهم امرأتان، ولم تحدد الوكالة أسماء المتحدثين، وقالت الوكالة إن المؤتمر عُقد وسط تحليق مكثف لطيران التحالف العربي، وغارات جوية في مختلف مناطق البلاد.

 

وتعود الكلمة إلى يونيو الماضي، حيث وجه خامنئي خطاباً للشباب العرب باللغة العربية وذلك في ختام كلمته بالذكرى الـ29 لرحيل قائد الثَّورة الخمينية.

 

ويقع خطاب خامنئي في (144) كلمة دعا فيه العرب إلى الاستقلال والحرية والتقدم ومواجهة حكوماتهم من أجل الاستقلال (كدعوة تمرد) ومواجهة "التذلل" للأعداء.


ماذا يُعني ذلك؟


استثمر النظام الإيراني التنوع المذهبي والتقارب النظري- على الأقل- بين المذهبين الشيعي في إيران والزيدي في اليمن لاستقطاب هذا المذهب، وجرّه إلى المحور الشيعي على رغم البعد الظاهر بين المذهبين، لذلك نجد أن ارتباط الحركة الحوثية بالنظام الإيراني قام على أسس دينية مرجعية، لكنها لا تخلو من ارتباطات تتعلق بالتوجّهات السياسية.

 

لذلك فالتدخل الإيراني في اليمن ليس وليد اليوم، بل بدأ في عام 1982، فعندما أنشأت إيران «حزب الله» في لبنان أنشأت في اليمن في العام نفسه حركة «أنصار الله»، وقامت هذه الحركة بأول عملية إرهابية في صنعاء بتفجير سينما بلقيس في عام 1983، وكشفت التحقيقات حينها عن الحركة وارتباطها الوثيق بإيران، ومنذ تلك اللحظة والدعم الإيراني يتواصل ويتعاظم لهذه الحركة، إلى أن وصل الآن إلى مرحلة الدعم الشامل عسكرياً وسياسياً.

 

حتى 2011 لم يكن من السهل التيقّن من حجم النفوذ الإيراني في اليمن، على رغم وضوح بعض معالمه التي كانت محصورة في الأدوات الناعمة، الإعلامية والسياسية والثقافية، لكنها بدأت تتكشف أكثر مع تسارع الأحداث في اليمن والمنطقة عموماً، وقد كشف تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن، الصادر بتاريخ 26 كانون الثاني (يناير) الماضي، أن النفوذ الإيراني في اليمن لم يعد قضية إقليمية بقدر ما أصبح قضية عالمية، حين ذكر «أنه وثَّق مخلفات قذائف ومعدات عسكرية متصلة بها، وطائرات عسكرية مسيّرة من دون طيّار ذات أصل إيراني جُلبت إلى اليمن»، وأن الفريق استنتج أن جمهورية إيران لا تمتثل للفقرة (14) من القرار 2216 (2015)، وتم إمداد جماعة الحوثي بقذائف تسيارية قصيرة المدى من نوع بركان 2ح، وصهاريج تخزين ميدانية لمؤكسد سائل ثنائي الدفع للقذائف، وطائرات عسكرية مسيّرة من دون طيار من نوع (أبابيل- T قاصف1).

 

كانت نتيجة بسط السطو الإيراني نفوذه في اليمن منذ أكثر من عقدين من الزمن، زرع الميليشيات الإرهابية وتمويلها مثل الميليشيات الحوثية التي تمثل أحد أبرز أذرع النفوذ الإيراني في الخارج، ويتواصل دعم النظام الإيراني حالياً الحوثيين بالسلاح والصواريخ، إضافة إلى دعمهم سياسياً وعسكرياً حتى سيطروا تدريجاً على صنعاء في أيلول (سبتمبر) 2014. والنتيجة أنه ما إن تتدخل إيران في بلد إلا وتحوله إلى قاعدة لاستهداف الأمن القومي العربي مخلفة الفوضى والدمار في كل مكان، مثلما حدث في العراق وسورية واليمن ولبنان.

 

إن التدخل الإيراني في اليمن عبارة عن مخطط توسعي طائفي، هدفه إخضاع المنطقة لنفوذ ولاية الفقيه من خلال إسقاط الدول لتحل محلها الطوائف، واستبدال الجيوش بالميليشيات الدموية التي تقتل وتدمر الإنسان العربي، وذلك بارتكاب إيران عبر أدواتها الحوثية جرائم القتل والهدم والتفجير والتخريب ضد اليمنيين في شكل ممنهج ومدروس، إضافة إلى نشرها الأفكار الطائفية لتمزيق النسيج الاجتماعي ونسف التعايش السلمي، فالتدخلات الإيرانية عبر أدواتها الحوثية تتسبب بكارثة إنسانية حقيقية، مخلفة آلافاً من القتلى والجرحى، ولم تكتفِ إيران بتفخيخ العقول، بل زرعت عبر أدواتها الحوثية الآلاف من الألغام التي تحصد أرواح الأبرياء في شكل يومي في العديد من المدن والأرياف التي عجزت عن البقاء فيها، في ظل صمت عجيب لمنظمات حقوق الإنسان.

 

يقيناً أن الأطماع الإيرانية لم تكتفِ بتدمير اليمن، بل تسعى إلى نقل التجربة إلى كل الدول العربية وتهديد الأمن الإقليمي والدولي، من خلال تهديد الملاحة الدولية عبر زرع الألغام البحرية واستهداف السفن التجارية بالصواريخ الذكية التي تأتي من إيران، واستهداف المدن السعودية بالصواريخ الإيرانية الصنع وخبراء ميليشيات حزب الله.