بواخر وتيجان مصفاة عدن المتهالكة .. تهديد للملاحة والبيئة البحرية (تحقيق مصور)

اليمن العربي

أضحت بواخر وتيجان مصفاة عدن المتهالكة والراسية في غاطس ميناء الزيت التابع للمصفاة، تمثل تهديداً خطيراً للملاحة في ميناء عدن والبيئة البحرية، غير أن التهويل الإعلامي الرافض بيع أو التخلص من هذه البواخر ساهم في تضليل الراي العام والمجتمع لما حمله هذا التهويل من إتهامات للحكومة بالتصرف بأصول مصفاة عدن .

مندوب (اليمن العربي) كان ضمن مجموعة من الإعلاميين الذين سمحت لهم شركة مصافي عدن بزيارة هذه البواخر والإطلاع عليها وعلى حالها واللقاء بمن يريد من منتسبي وموظفي الشركة للحديث عن وضعها وحالتها، فكانت له هذه الحصيلة :

أسباب طلب المصفاة التخلص من البواخر : 

رفعت شركة مصافي عدن، في 26 ابريل 2018م رسالة تضمنت طلباً بالتخلص من الناقلات قنا وباب عدن والمسيلة ورديف قنا والتاجين الكود والغدير، لتهالكها ولما تشكله من خطورة على ممر الملاحة إلى ميناء عدن .

ويؤكد مسؤولين في المصفاة لـ(اليمن العربي) جاء بعد تلقي الشركة رسالة من مؤسسة مواني خليج عدن تحملها مسؤولية غرق هذه البواخر الأربع والمخاطر التي ستخلفها على ممر الملاحة الدولية .. مشيرين إلى أن المصافي حملت في رسالتها الحكومة المسؤولية الكاملة على أي مخاطر تنجم عن غرق السفن التي يتأكل بدنها يوماً بعد يوم .

وبحسب المسؤولين فإن غرق هذه البواخر تهدد خط الملاحة المؤدي إلى ميناء عدن كما أنه سيتسبب بكارثة بيئية ستظل أثارها لعشرات السنوات .

وكشف المسؤولين أن المصفاة كانت بصدد بيع هذه البواخر الأربع في عام 2014م حيث تم إنزال إعلان في الصحف المحلية والدولية، وتقدم مستثمرين من دول عديدة لشرائها .. لافتين إلى أن اللجنة المكلفة بالبيع تلقت عروض تصل إلى أكثر من ثلاثة مليون دولار لشراء هذه البواخر .

وأضاف المسؤولين أن الحكومة كعادتها تدخلت وأوقفت عملية البيع كما تدخلت لايقاف عملية البيع التي أعلنت عنها المصفاة في العام 2016 على الرغم من عدم تقدم أي مستثمر بعروض لشراء البواخر .

جولة على متن البواخر :

رافقنا كابتن الناقلة المسيلة بالإنابة، فرج حسين، في جولتنا للإطلاع على حال البواخر وكانت البداية مع الناقلة "المسيلة" التي يعود عمرها إلى العام 1982، وبحسب ما شاهدنا فإن هذه الباخرة تمثل حالاً أفضل من البواخر الأربع الأخرى، ولكنها لا تطابق المواصفات الدولية التي تم إقرارها بعد حادثة الاسكا عام 1989 عندما جنحت ناقلة النفط العملاقة إكسون فالديز على (ألاسكا)، وترتب على ذلك تسرب نحو٣٦٠٠٠ طن من النفط في المياه. مما سبب كارثة بيئية غير مسبوقة في مجال تسرب النفط من الناقلات العملاقة، وتركت آثارها البالغة على الثروة السمكية والثدييات البحرية والطيور، فضلاً عن التأثيرات الناجمة عن التسرب على صحة سكان تلك المنطقة، حسبما يقول الكابتن فرج .

ويظهر مدى الضرر والتهالك الذي أصاب الناقلة المسيلة عند التجول على سطحها، كما أنها تعرضت لأعمال نهب وسلب كغيرها من البواخر الأربع التي تعرضت لها خلال الحرب التي شنتها ميليشيا الحوثي الإنقلابية من قبل بعض اللصوص، كما ذكر لنا بعض العمال في ميناء الزيت .

زيارتنا الثانية كانت إلى الناقلتين قنا التي يعود عمرها إلى العام 1978م وباب عدن عام 1984م، واللتان اصبحتا بحالٍ يرثى لها بسبب الصدأ الذي ألتهم بدنهما .

ويؤكد موظفين في ميناء الزيت، لـ(اليمن العربي) أنه يتم بشكل يومي عمليات شفط للمياه الذي يتسرب إلى جوفهما خوفاً من غرقهما وتسببهما بكارثة بيئية .. مشيرين إلى أن إحدى الناقلتين كانتا قد بدأت بالغرق بعد تأكل أسفل البدن ودخول كميات كبيرة من المياه قبل أن يتدخل فرق الصيانة لسد الثغرات وشفط المياه .

ويظهر مدى الميلان في الناقلتين الراسيتين في عرض البحر عند المرور بجانبهما وحجم الصدأ الذي أنتشر في بدنهما المتهالك وسطحها الذي يصعب السير عليه لتأكله .

وكانت الناقلة رديف قنا التي يعود عمرها إلى 1992م، أخر الناقلات التي تم زيارتها ولكن التاج سقطرى لم يستطع الإقتراب منها كثيراً لرسوها في منطقة ضحلة بعد أن تم قطرها إليها خوفاً عليها من الغرق .

ويؤكد الكابتن فرج حسين أن هذه الناقلة هي الأكثر ضرراً .. مشيراً إلى أنها غرقت في وقت سابق وتم شفط المياه منها وقطرها إلى تلك المنطقة القريبة من الأرض حتى لا تغرق .

ضرورة التخلص منها :

يتفق الكثير من خبراء الملاحة ومنتسبي الادارة البحرية في شركة مصافي عدن على ضرورة التخلص من هذه البواخر والبالغ عددها أربع بواخر لما تشكله حالياً من خطر على مستقبل ميناء الزيت التابع للمصفاة خاصة وأنها اصبحت غير صالحة للعمل بعد إنتهاء عمرها الإفتراضي وتهالكها .

ويؤكد الكابتن فرج حسين، لـ(اليمن العربي) أن القضية ليست قضية بيع أصول كما يتم الترويج له إعلامياً بقدر ما هي قضية الحفاظ على الممر الملاحي لميناء عدن وحماية البيئة البحرية من أي تلوث قد ينجم بسبب غرق هذه البواخر .

أمكانية تأهيلها أو بيعها للعيسي :

وحول إمكانية إعادة تأهيل هذه البواخر، أكد فرج إستحالة إجراء أي ترميم أو إصلاح لهذه البواخر في الوقت الحاضر وبعد مرور أكثر من عشر سنوات دون إجراء أي أعمال صيانة .. مستطرداً أنه حتى وأن تم تأهيلها فإن مواصفها غير مطابقة للقانون الدولي للنقل البحري الذي يشترط أن يكون بدن أو هيكل ناقلات النفط (دبل) وليس (سنجل) على حد قوله .

وأضاف أن المصفاة لا يمكن أن تخاطر بسمعتها من أجل تشغيل بواخر لا تطابق المواصفات الدولية .. لافتاً إلى أن المصفاة تمتلك حالياً باخرتين مطابقتين للمواصفات الدولية هما درة كريتر وبرينسيس عدن .

وحول ما إذا كان سيتم بيع هذه البواخر للتاجر أحمد العيسي، قال "الأمر الآن أمام الحكومة وهي المعنية بالتخلص من هذه البواخر بعد إيقافها لعمليتي البيع خلال العامين 2014 و2016، واللجنة المشكلة بهذا الخصوص هي ستحدد كيف يتم التخلص منهم ولكن ما يهم المصافي الأن أن لا تتحمل أي مخاطر تنجم عن بقاء هذه البواخر بهذا الوضع" .

البواخر والتيجان خرجت من أصول المصفاة :

مسؤول في شركة مصافي عدن طلب عدم ذكر أسمه قال، لـ(اليمن العربي) هذه البواخر والتيجان خرجت من أصول المصفاة منذ العام 2014 .. مشيراً إلى أن هذه البواخر والتيجان متوقفة عن العمل منذ أكثر من ثمان سنوات .

وأضاف أن المصفاة تمتلك حالياً باخرتين وتاجين (قاطرتي سحب) جديدين هما (سقطرى) و(نور عدن) يستخدمان لخدمة ميناء عدن إلى جانب ميناء الزيت .. لافتاً إلى أن المهم الأن هو الحفاظ على ما تبقى بدلاً من المهاترات الإعلامية والمكايدات السياسية التي من شأنها تدمير المصفاة بشكل نهائي .