نحو ثقافة إعلانية

اليمن العربي

يعتقد البعض أن الإعلان مجرد نصف صفحة في جريدة يومية أو ٣٠ ثانية في قناة تليفزيونية، أو لوحة لإعلانات الطرق الخارجية أو حتى مجرد ظهور لافتة ثابتة أو متحركة أو إعلان مفاجئ على الإنترنت أو على أحد التطبيقات الحديثة لوسائل التواصل الاجتماعي.<br><br>ويبدو الأمر للوهلة الأولى صحيحاً، ولكن كل ما تقدم لا يمثل فقط إلا القمة البارزة لسلسلة متكاملة من العمليات والأنشطة والأعمال، إنها بمثابة الرأس الظاهر أو المرئي من الجبل الضخم للجميع والجزء المختفي أكبر وأعظم، فالأمر أكبر وأعمق وأكثر من ذلك بكثير، قد لا يراه الرائي العادي أو الجمهور العام أو غير المتخصص. الإعلان عَصب رئيس وشريان حياة وعمود فقري لجميع الوسائل الإعلامية تقليدية أو غير تقليدية، الإعلان أحد أهم الأنشطة الرئيسة للمزيج الترويجي، وربما أكثر هذه الأنشطة بروزاً وظهوراً وملاحظةً للجمهور، وعلى الرغم طبعا من أهمية بل ضرورة الأنشطة الأخرى أيضاً مثل العلاقات العامة وتنشيط المبيعات والبيع المباشر وغير المباشر، ويظل الإعلان الأكثر بروزاً وإشهاراً للقاصي والداني قيمةً ومساحةً وموقعاً ومعلومية لدي الجميع، بعملياته الرئيسة الأربع من بحوث ودراسات ثم تخطيط وإعداد ثم تنفيذ وتطبيق ثم مراجعة وتقويم، كما أن المزيج الترويجي بأنشطته المختلفة ما هو أيضاً إلا جزء لا يتجزأ من مزيج آخر أكبر يعرف بالمزيج التسويقي يضم كافة العمليات الأساسية مثل تطوير المنتج والتعبئة أو التغليف والتسعير والتوزيع إضافة إلى الترويج أيضاً.<!--mobileAd--><br><br>ويذكر أن هناك علاقة طردية قوية بين الإعلان والترويج بصفة عامة والبيع بصفة خاصة، وذات العلاقة أيضاً بين المزيج الترويجي عموماً وبين المزيج التسويقي لأي منتج (سلعة أو خدمة أو فكرة أو غيرها). وَمِمَّا لا شك فيه أن هناك علاقة طردية ربما أقوى بين كافة الأنشطة الترويجية والتسويقية بشكل عام وآليات وحجم كل سوق بشكل جزئي أولاً ثم كلي لاقتصاديات هذه الأسواق. بل تتجاوز تلك العلاقة الفعالة والمؤثرة في قدرتها على تنمية قطاعات الأسواق المختلفة بشكل أعم لتتجاوز ذلك إلى ما يمكن تأثيره على إجمالي الناتج المحلي أو حتى إجمالي الناتج القومي لكل سوق أو إقليم أو دولة أو منطقة بأسرها. وللتدليل على ذلك فقط بلغ حجم أجمالي الإنفاق الإعلاني العالمي في عام 2017م ما يزيد على نصف تريليون دولار أمريكي وتحديداً 537 بليون دولار أمريكي، وتمثل الولايات المتحدة الأمريكية وحدها ما يقارب 40% بواقع في حدود 2.5 % من الناتج المحلي لها. وعلى الرغم من بلوغ هذه النسبة في بعض الدول أحياناً على 3.5% كما في سويسرا على سبيل المثال لا الحصر في فترة من الفترات. وتشير تقديرات الخبراء في مجال الإعلان إلى أن متوسط الإجمالي العالمي للإنفاق الإعلاني يقارب 1.5% من إجمالي الناتج المحلي للدول ذات الاقتصاد الحر. وللأسف الشديد فإن الواقع الإعلاني العربي والسعودي يمثل وضعاً متواضعاً لا يتجاوز 1% تقريباً من الناتج المحلي رغم حجم واقتصاديات هذه الأسواق، وذلك لأسباب عدة قد يطول شرحها في هذه العجالة، ولكن في الأمر فرصة ذهبية للزيادة والاطراد سريعاً مما يجعل أسواقنا العربية والسعودية أكثر نمواً وتفاولاً من غيرها في الإنفاق الإعلاني، وكذلك فرص النمو الوظيفي للعمل في هذا القطاع المتميز، وكذلك نمو ورواج النشاط الإعلاني بصفة خاصة والنشاط التجاري والاقتصادي لكل قطاع أو سوق أو دولة بشكل عام. كلية الإعلان في جدة