أسعار النفط تتأرجح بانتظار اجتماع حاسم لـ «أوبك» .. والأعين على التضخم

اقتصاد

اليمن العربي

توقعت تقارير دولية أن يكون اجتماع منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" وحلفائها في 22 حزيران (يونيو) الحالي من الاجتماعات الحاسمة، خاصة بعدما طلبت الولايات المتحدة من المنتجين في "أوبك" وخارجها زيادة العرض بنحو مليون برميل يوميا، في الوقت الذي تعاني فيه إيران وفنزويلا ضعفا حادا في القدرة على توسيع الإنتاج، معتبرة أن قرار زيادة الإنتاج سيمثل مزيدا من المعاناة لهاتين الدولتين.

وأبرز تقرير لمجموعة "سيتي جروب" المصرفية الدولية قول المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في الشهر الماضي، إنه من المحتمل زيادة الإمدادات في وقت لاحق من هذا العام مع التمسك بضرورة العمل المشترك لتحقيق حالة من التوافق في الآراء.

ورجح تقرير المجموعة المصرفية أن تؤدي الارتفاعات الأخيرة في سعر النفط إلى دفع التضخم العالمي بوتيرة سريعة وبأكثر مما يتوقعه المستثمرون، مشيرا إلى أن يرجع ذلك جزئيا إلى أنه من غير المحتمل أن تستجيب البنوك المركزية الرئيسة عن طريق تشديد السياسات النقدية.

وأضاف التقرير أن ارتفاع أسعار النفط الخام بنسبة 10 في المائة من شأنه أن يرفع التضخم الرئيس بمقدار ربع نقطة مئوية في الولايات المتحدة وفي منطقة اليورو وبنسبة 0.21 نقطة في المملكة المتحدة.

ولفت إلى ارتفاع أسعار خام القياس الدولي برنت بنسبة نحو 20 في المائة في الأشهر الثلاثة الماضية ليسجل متوسط سعر البرميل 77 دولارا.

وأوضح التقرير أن زيادة التضخم ستكون بوتيرة أسرع من المعتاد، إذ تتأثر أسعار السلع بارتفاع النفط الخام في الوقت الذي تعاني فيه كثير من الأسواق ضيق المعروض، وقد تكون البنوك المركزية أكثر حذرا مما كانت عليه في الماضي للتفاعل والتدخل في هذه التطورات.

ورجح التقرير أن تتجاهل البنوك المركزية مثل البنك الاحتياطي الفيدرالي حالة نمو الأسعار الناجمة عن صعود أسعار النفط، لأنها تركز على دفع التضخم إلى المستوى المستهدف وقد ترى أن حالة نمو الأسعار مؤقتة.
من جانبه، أشار تقرير "وورلد أويل" الدولي إلى أن فنزويلا وإيران يقودان حملة لحث بقية الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" على التوحد معا ضد العقوبات الأمريكية وتأثيراتها على اقتصاديات بعض الدول الأعضاء.
ونقل التقرير عن مانويل كيفيدو وزير الطاقة الفنزويلي مطالبته بدعم بقية الأعضاء في المنظمة لافتا إلى ضرورة أن تناقش "أوبك" الآثار المقيدة للعقوبات الأحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تمثل عدوانا غير عادي ماليا واقتصاديا على صناعة النفط الوطنية واستقرار السوق -بحسب تعبيره.
وذكر التقرير الدولي أن فنزويلا التي تعد أحد أهم منتجي "أوبك" تخضع بالفعل لعقوبات أمريكية وتواجه احتمال فرض عقوبات أكثر صرامة بعد أن اتهمت لجنة ضمتها الولايات المتحدة الشهر الماضي الرئيس نيكولاس مادورو بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وأضاف أن إيران ثالث أكبر منتج في "أوبك" تتعرض هي الأخرى لعقوبات أمريكية صارمة بما في ذلك القيود المفروضة على تجارة النفط، بعدما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي في الشهر الماضي.
وأشار تقرير "وورلد أويل" إلى تأكيد السعودية وروسيا على استعدادهما لزيادة الإنتاج، لكنه في المقابل لفت إلى موقف مختلف لوزير النفط العراقي جبار اللعيبي الذى أكد أن زيادة الإنتاج ليست مطروحة عندما تجتمع المجموعة في فيينا في 22 حزيران (يونيو) الحالي بسبب ما أسماه مواقف غير متوازنة من الدول الأعضاء والحاجة إلى الإجماع على أي قرار.
ونوه التقرير إلى ارتفاع أسعار النفط الخام فوق مستوى 72 دولارا في أواخر أيار (مايو) الماضي بعد قرار أمريكي بتجديد العقوبات على إيران إلى جانب حدوث انخفاض حاد في مستويات الإنتاج النفطي في فنزويلا، الأمر الذي أثار حالة واسعة من المخاوف جراء تنامي احتمال حدوث نقص واسع في مستوى الإمدادات النفطية.
وأضاف التقرير أنه منذ ذلك الحين حدث تراجع كبير في مستوى الأسعار بنحو 8 في المائة مع تزايد احتمال إقدام منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" وحلفائها على بحث إمكانية تخفيف القيود على إمداداتها، مشيرا إلى أنه في المقابل يواصل منتجو الصخر الزيتي الأمريكي ضخ أحجام قياسية من الإمدادات النفطية في السوق، ما عزز مستويات المعروض.
وذكر تقرير "وورلد أويل" نقلا عن محللين دوليين أن هناك حالة من اختلاف الآراء وتباين المواقف على نحو كبير بين بعض أعضاء منظمة "أوبك" وهو ما قد يفرض كثيرا من التحديات والصعوبات على الاجتماع المقبل من أجل الوصول إلى الإجماع والتوافق على خطة العمل في الفترة المقبلة، لاتفا إلى أنه من المرجح أن تتأرجح الأسعار دون أي اتجاه واضح مع ارتفاع حالات عدم اليقين في السوق.
وبحسب التقرير فقد استفادت جميع الدول الأعضاء في "أوبك" من اتفاق خفض الإنتاج وتقليص المعروض التى طبقت بداية العام الماضي، لكن حجم الاستفادة لم يكن موزعا بالتساوي وهذا أمر طبيعي، بسبب اختلاف الثقل الإنتاجي والتأثير في السوق من دولة إلى أخرى.
ولفت إلى ارتفاع الإيرادات الإجمالية لصادرات النفط الخام في دول "أوبك" بنسبة 28 في المائة في عام 2017 لتصل إلى 578 مليار دولار، وفقا للبيانات الصادرة عن المنظمة يوم الخميس الماضي، مشيرا إلى استفادة الأعضاء البالغ عددهم 14 عضوا من ارتفاع الأسعار حيث ساعد التخفيض في الإنتاج المشترك مع تحالف من المنتجين الآخرين بما في ذلك روسيا على تخليص سوق النفط العالمي من حالة الوفرة الواسعة السابقة.
وذكر التقرير أن إيرادات ليبيا من عائدات تصدير النفط الخام سجلت أكبر زيادة نسبية حيث ارتفعت بنسبة 61 في المائة، لافتا إلى أن ليبيا ونيجيريا تم إعفاؤهما من إجراء أي تخفيضات إنتاجية وفق صفقة خفض الإنتاج بسبب تضرر واسع حدث على مدى سنوات من الصراع السياسي في البلاد وأثر على نحو سلبي واسع على صناعة النفط الخام في البلدين.
وأضاف أن ليبيا ونيجيريا تمكنتا في الفترة الماضية من حصد مكاسب والاستفادة من أسعار أعلى للنفط الخام، بينما تضاعف أيضا مستوى الإنتاج في البلدين.
وأوضح التقرير أن ثاني أكبر الرابحين كانت قطر التي وجدت أن نزاعها السياسي مع منتجي الخليج الآخرين لا يشكل عائقا أمام زيادة الإيرادات بنسبة 55 في المائة، وقد احتلت الإمارات المرتبة الثالثة بعد أن سارت في طريقها إلى الوفاء بالتخفيضات التي تعهدت بها.
ونوه إلى خطوة مهمة في عمر الاتفاق الدولي لخفض الإنتاج وهي التي أدت إلى زيادة فاعلية تطبيقه وحدث ذلك بالتحديد عندما اتخذت السعودية إجراءات صارمة ضد دول "أوبك" ذات الأداء الضعيف، وذلك في منتصف عام 2017.
وأضاف التقرير أنه من الطبيعي أن يكون توزيع المكاسب من الصفقة بشكل غير متساو ولكن الهدف الأكبر الذي يحظى باهتمام وتركيز المنتجين قد تحقق وهو استعادة التوازن في السوق وامتصاص فائض المخزونات وتنشيط الاستثمارات، وإضافة إلى كل ذلك حدث تحسن في الوضع الاقتصادي لجميع الأعضاء باستثناء عضوين.
على صعيد تعاملات الأسواق، هبطت أسعار النفط في ختام الأسبوع الماضي متأثرة بزيادة مستمرة في إنتاج الخام في الولايات المتحدة وتراجع الطلب في الصين وتقرير بأن بنك "جيه بي مورجان" خفض توقعاته للأسعار.
وبحسب "رويترز"، أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت جلسة التداول منخفضة 86 سنتا، أو 1.11 في المائة، لتبلغ عند التسوية 76.46 دولار للبرميل.
وتراجعت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس 21 سنتا، أو 0.32 في المائة، لتغلق عند 65.74 دولار للبرميل بعد أن تعافت من خسائر منيت بها في وقت سابق من الجلسة.
وأنهى برنت الأسبوع منخفضا 0.2 في المائة في حين لم يطرأ تغير يذكر على الخام الأمريكي، وتعرضت أسعار النفط لضغوط بعد بيانات أشارت إلى تراجع الطلب الصيني واستمرار القلق بشأن نمو الإنتاج الأمريكي.
وذكر متعاملون أن "جيه بي مورجان" خفض توقعاته لأسعار خام القياس الأمريكي لعام 2018 بمقدار ثلاثة دولارات إلى 62.20 دولار للبرميل.
وأظهرت بيانات الجمارك أن واردات الصين من النفط الخام في أيار (مايو) تراجعت بعد أن سجلت مستوى قياسيا مرتفعا في الشهر السابق، مع دخول مصافي التكرير التي تديرها الدولة في عمليات صيانة مقررة.
وأشارت البيانات إلى أن الواردات في أيار (مايو) بلغت 39.05 مليون طن، أو 9.2 مليون مليون برميل يوميا، مقارنة مع 9.6 مليون برميل في نيسان (أبريل).
وتأثرت الأسعار أيضا بزيادة الإنتاج الأمريكي الذي سجل مستوى قياسيا جديدا الأسبوع الماضي عند 10.8 مليون برميل يوميا.
ويعني ذلك زيادة 28 في المائة في عامين أو معدل نمو 2.3 في المائة شهريا في المتوسط منذ منتصف 2016، ويقترب هذا بالولايات المتحدة من أن تصبح أكبر منتج للنفط الخام في العالم، إذ تدنو من مستوى الـ 11 مليون برميل يوميا الذي تضخه روسيا.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إن مخزونات الخام في الولايات المتحدة سجلت زيادة مفاجئة الأسبوع الماضي في الوقت الذي زادت فيه أيضا مخزونات البنزين ونواتج التقطير.
وارتفعت مخزونات الخام بمقدار 2.1 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الأول من حزيران (يونيو) مقارنة بتوقعات محللين بانخفاض قدره 1.8 مليون برميل.
وانخفضت مخزونات الخام في مركز تسليم العقود الآجلة في كاشينج بولاية أوكلاهوما بمقدار 955 ألف برميل.
وزاد معدل استهلاك الخام في المصافي بمقدار 214 ألف برميل يوميا وفقا لبيانات الإدارة، وارتفعت معدلات التشغيل 1.5 نقطة مئوية.
وارتفعت مخزونات البنزين بمقدار 4.6 مليون برميل، مقارنة بتوقعات محللين في استطلاع لزيادة قدرها 587 ألف برميل.
وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة، أن مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، زادت بمقدار 2.2 مليون برميل في حين كان من المتوقع أن ترتفع 784 ألف برميل.
وارتفعت واردات الخام الأمريكية الأسبوع الماضي بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا إلى 6.63 مليون برميل يوميا.
وعمقت زيادة الإنتاج الأمريكي خصم سعر خام غرب تكساس عن برنت لتتجاوز 11 دولارا للبرميل، وهو أكبر مستوى لها منذ 2015.
وقال وليام أولوخلين محلل الاستثمار لدى ريفكين الأسترالية للأوراق المالية "يحدث هذا بسبب الزيادة السريعة في الإنتاج الصخري الأمريكي وشح الإمدادات في أماكن أخرى من خلال إجراءات أوبك وروسيا".
وارتفع عدد الحفارات النفطية قيد التشغيل في الولايات المتحدة للأسبوع الثالث على التوالي رغم هبوط أسعار الخام بأكثر من 8 في المائة على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الذي يحظى بمتابعة وثيقة، إن شركات الحفر أضافت حفارا نفطيا واحدا في الأسبوع المنتهي في الثامن من حزيران (يونيو) ليصل إجمالي عدد الحفارات إلى 862 وهو أعلى مستوى منذ آذار (مارس) 2015.
وهذه هي الزيادة الأسبوعية التاسعة في عدد الحفارات النفطية النشطة في أمريكا في الأسابيع العشرة الماضية، وإجمالي عدد الحفارات النفطية في الولايات المتحدة، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، مرتفع كثيرا عن مستواه قبل عام عندما بلغ 741 حفارا.