تعرف على علاقة قطر بالحرس الثوري الإيراني

عرب وعالم

اليمن العربي

بات مستوى العلاقة والتنسيق بين مليشيات الحرس الثوري الإيراني وقطر أوضح من أي وقت مضي، في وقت ينقضي فيه عام كامل من أزمة قطر بعد قرار دول الرباعي العربي الداعية لمكافحة الإرهاب قطع العلاقات مع الدوحة في يونيو/ حزيران 2017، لتورطها في دعم تنظيمات إرهابية، والعمل على زعزعة أمن واستقرار المنطقة.

لكن تقارب الدوحة مع الحرس الثوري لم يكن وليد ضغط الأزمة، فقد حاولت الإمارة الصغيرة التستر على العلاقات الوطيدة التي تربطها بالمليشيا الأبرز لحليفتها إيران، والتي تعد رأس الحربة لتنفيذ مشروعها التخريبي داخل بلدان الشرق الأوسط، وذلك منذ أن رست بوارج عسكرية تابعة للحرس الثوري وعلى متنها قادة بارزون من بينهم الأميرال محمد شياري؛ وبرئاسة علي رضا ناصري، قائد المنطقة الرابعة للقوات البحرية للحرس الثوري، بموانئ الدوحة في ديسمبر/ كانون الأول عام 2010.

وسائل الإعلام الإيرانية الرئيسية والمقربة من نظام الملالي، نقلت خلال تلك الزيارة ذات الطابع الأمني، والتي شهدت توقيع اتفاقيات عسكرية تتعلق ظاهريا بتأمين "الملاحة القطرية"، عن عبد الرحمن السليطي، نائب القائد العام للقوة البحرية القطرية، أن بلاده أضحت بمثابة "الوطن الثاني" للإيرانيين، في الوقت الذي كشفت حينها وكالة أنباء "ميزان" البرلمانية جانبا لم يكشف عنه يتضمن إجراء تدريبات عسكرية مشتركة بين القوات البحرية في الحرس الثوري والقطريين على أراضي جزيرة قشم الواقعة في مدخل مضيق هرمز، وتعتبر من أكبر الجزر بالخليج العربي.

وفي أعقاب هذا التطور اللافت في مستوى العلاقات بين الطرفين عسكريا، اعتبر ماشاء الله پورشه، الممثل العسكري لطهران في الدوحة، والذي كان يتقلد رتبة عميد في الحرس الثوري أيضا، أن البلدين دخلا فصلا جديدا في سبيل توطيد الصلات والاتفاقيات الثنائية، لا سيما بالجانب الأمني.

واعتبر القائد البارز في مليشيات الحرس الثوري، خلال تصريحات أدلى بها حينذاك لموقع "سباه نيوز" الناطق باسم المليشيا، أن قطر باتت بوابة إيران للتخلص من عقبة ما وصفها بـ"الفوبيا" في التعامل مع الدول المجاورة، وذلك بسبب سياستها العدائية وتدخلاتها في الشؤون الداخلية للجوار، إضافة إلى تصدير الفوضى. 

ومع زيادة مستوى العلاقات العسكرية بين الإمارة والمليشيا والتي اتسمت بعض جوانبها بالسرية، اعتبرت وسائل إعلام مقربة من الحرس الثوري من بينها موقع "تابناك"، أن الدوحة باتت بمثابة "شريك جديد" يمكن من خلالها أن تمرر طهران صفقاتها مع الغرب، في أعقاب إبرام اتفاقية تعاون عسكرية جديدة على هامش لقاء ضم كلا من قاسم رضائي قائد حرس الحدود الإيراني، ومدير أمن السواحل والحدود في قطر علي أحمد سيف البديد، في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2015.


وفي أعقاب اندلاع الأزمة الخليجية وبقاء قطر على موقفها المتعنت من قبول المطالب العربية الرامية إلى كف يدها عن دعم تمويل الإرهاب، والتوقف عن التقارب مع أنظمة سياسية معادية للجوار الخليجي، كشفت وسائل إعلام إيرانية عن وصول وفد عسكري على رأسه قائد بارز في الحرس الثوري إلى قطر، في مارس/ آذار الماضي، للمشاركة في معرض سلاح قطري ضمن مؤتمر قادة القوات البحرية بمنطقة غرب آسيا، في زيارة استغرقت 3 أيام، وأثارت الكثير من الجدل حول مدى استقلالية أراضي الدوحة، بعد أن أكدت تقارير إخبارية عدة تدخل المليشيات الإيرانية بقوة في عمل المؤسسات القطرية الرسمية. 

وفضحت تصريحات أدلى بها رضا تنكسيري، نائب قائد الوحدة البحرية بالحرس الثوري الإيراني الذي ترأس وفد طهران على الرغم من أن غرض المؤتمر اقتصر على توفير مظلة للقاء الجيوش النظامية وليس المليشيات، أهداف بلاده من المشاركة في المؤتمر القطري الذي حظي برعاية خاصة من أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، معتبرا أن إيران "تدعم قطر شعبا وحكومة"، مشددا على أن "الظروف مهيأة لتعزيز التعاون معها إلى حد غير مسبوق"، وفي إشارة إلى حضور الوفد العسكري الإيراني قال تنكسيري "نسعى إلى علاقات أقوى في هذا المجال".

وبحسب القيادي في "الحرس الثوري" فإن الوفد العسكري الإيراني يشارك للمرة الثانية في معرض الدوحة، مؤكدا في الوقت نفسه أن المليشيا الإيرانية تحاول بيع منتجات من الأسلحة على مدار السنوات المقبلة، وهو الأمر الذي يتواءم مع ما كشفت عنه المعارضة القطرية مؤخرا، حول استغلال الموانئ القطرية في عمليات تهريب أسلحة للمليشيات الإيرانية، إضافة إلى نقل المخدرات التي تشرف على زراعتها الاستخبارات الإيرانية لتمويل أنشطة طهران التخريبية بالمنطقة.

وتضمنت المعلومات التي أوردتها المعارضة القطرية عبر حسابها الرسمي على موقع تويتر في هذا الصدد، أن تلك العمليات تتم على نحو سري باستخدام سفن مموهة، من خلال سفر عناصر من الحرس الثوري الإيراني إلى الدوحة كممثلين عن شركات إيرانية، واستغلال الشراكات والاتفاقيات التجارية للتستر على تلك الأنشطة المشبوهة، مؤكدة ضلوع ضباط تابعين لجهاز الأمن القطري "الاستخبارات" في هذا الأمر.

التقارب الوطيد بين الحرس الثوري وقطر على مدار عام من المقاطعة الخليجية والعربية للدوحة، كشفت عنه تصريحات أدلى بها أيضا قاسم رضائي قائد خفر السواحل بالوحدات الخاصة الإيرانية "ناجا" في لقاء عسكري مع نظيره القطري، علي أحمد سيف في الدوحة، في أبريل/ نيسان الماضي، مؤكدا استعداد بلاده لمواجهة أي تهديدات تتعرض لها قطر، مشيرا إلى استعداد بلاده عقد دورات ومسابقات عسكرية مشتركة مع الدوحة تأكيدًا على "الشراكة" بين البلدين، بحجة تدريب قوات الدوحة لأي مواجهة محتملة في سواحلها، على حد قوله.

وكشف رضائي في لقاء آخر عقد في يناير/ كانون الثاني بالعاصمة الإيرانية طهران، مع علي المناعي قائد قوات خفر السواحل القطرية، بحسب الموقع الرسمي للقوات المسلحة الإيرانية، عن تطور العلاقات العسكرية بين إيران وقطر بشكل ملحوظ مؤخرًا، معتبراً أن لقاءه مع نظيره القطري دليل على تعزيزها لاسيما في تأمين الحدود والمياه الإقليمية للبلدين. 

ويعتقد مراقبون أن مقاطعة الرباعي العربي للدوحة يثبت مع مرور الوقت صوابيته بعدما تساقطت الأوراق تباعا لتكشف عن سوءات السياسة القطرية وسراديبها التي ظل جانب منها مخفيا لسنوات.