ما لا تعرفه عن حزب الله اللبناني

عرب وعالم

صور ارشيفية
صور ارشيفية

بعد انقضاء 9 سنوات منذ آخر انتخابات برلمانية شهدها لبنان، وممثلو "حزب الله" منشغلون عن الهواجس الحقيقية لناخبيهم، بالتسويق لقضايا مفتعلة لا تمت إلى مشاغلهم بصلة.

ففي تلك الهوة المترامية بين وعوده الكاذبة، وواقع مر تغرق في يومياته المناطق التي منحته أصواتها ليمثلها في أعلى سلطة تشريعية، يطل الحزب على ناخبيه، بالعباءة السياسية المفلسة نفسها، مستعرضاً ذات الأوهام التي غدت بضاعة مستهلكة ومنبوذة.


9 سنوات من الكذب بين 2009 و2018 والمطلع على البرنامج الانتخابي للحزب عام 2009، يكاد لا يصدق أن أي حزب مهما بلغت قوته وموارده، قادر على تحقيق جميع تلك الوعود الرنانة التي سوّق لها "حزب الله" بإسهاب يفوق الوصف.

إصلاحات تشمل جميع مجالات الحياة، من السياسة إلى الاقتصاد إلى التعليم والبيئة وغيرها، وعد الحزب بتحويلها، بشكل سحري، إلى واقع ينتشل اللبنانيين من الفقر والبطالة والصراعات السياسية والطائفية، ويصنع لهم بيئة متوازنة.

غير أن انسياب الأيام كان كفيلاً بتفنيد جميع تلك الوعود البراقة، ما فجر تسونامي من الانتقادات لأداء نواب الحزب على امتداد السنوات الـ9 الماضية. 

أداء باهت غيّب مشكلات الناخبين بشكل تام، مقابل افتعال جبهات معارك خارجية، وتوظيف مفاهيم القومية في غير محلها، واللجوء إلى سياسة التخويف من العدو الخارجي، حتى يظل وعي المواطنين سجين الصورة المغلوطة التي يبثها الحزب، ورهين برامجه الدموية محلياً وإقليمياً.

بيئة الحزب تلفظه سكان بعلبك الهرمل، المنطقة التي شهدت ولادة الحزب عام 1982، يعيشون أسوأ الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وهي المنطقة التي يمثلها الحزب بالبرلمان منذ أكثر من ربع قرن.

هي أيضاً المنطقة التي تتفشى فيها الجريمة بشكل كبير، وتنتشر فيها عصابات الاحتيال والتجارة غير المشروعة بأنواعها، في نتيجة تبدو بديهية بالنسبة للإهمال المتغلغل في أوصالها، الذي عادة ما يفرز غضباً ثم تململاً فاحتقاناً وانفجاراً يأتي في أشكال مختلفة، وفق مختصين.

حالة تململ يعرفها الحزب جيداً، وهذا ما يدفعه باستمرار إلى استحضار فزاعة الخطر الإسرائيلي الداهم، أو أي معضلة أخرى كفيلة بتشتيت انتباه المواطنين عن مشكلاتهم الحقيقية، مثل "داعش"، فزاعة يبدو أنها تآكلت تدريجياً عبر الزمن، وبفعل تناقص منسوب ثقة أهل البقاع في الحزب حتى تساوت مع الصفر، أمام عجز الأخير عن تقديم إجابات شافية عن سبب التقصير الفاضح لممثليه بالبرلمان.


واضمحلت الصورة الكاذبة التي كان يرسمها الحزب في أذهان قواعده، حتى غدت مثاراً للسخرية في كثير من الأحيان، في ظل التناقض الصارخ بين ما ينادي به وبين حقيقته.

فالمواعظ التي كان يلقيها بعض مسؤوليه في شتى الأمور الحياتية، لم تعد تلقى آذاناً مصغية، في ظل انهيار الصورة الملائكية الكاذبة وتبخرها عقب فضائح فساد متتالية هزت الحزب عبر السنين، لعل أبرزها ملف المستثمر اللبناني صلاح عز الدين، وما كشفه من مبالغ ضخمة استثمرها عدد كبير من نواب و قيادات "حزب الله"، وغيره.

ورغم صندوقه الأسود المروع، فإن الحزب يحافظ بتعنت على استعلاء واستقواء نفرت منه قواعد كثيرة، ووضعت أداء ممثليه في ميزان الاختبار الشعبي.

ومع ذلك، يجاهد الحزب من أجل أن يضمن لنفسه كتلة نيابية تستند إلى قاعدة شيعية صلبة، وتستكمل بنواب متنوعين من الطوائف الأخرى، طمعاً في الحصول على قوة نيابية يتحصن بها الحزب من أي مخاطر دستورية أو قانونية قد تمس بدوره الاستراتيجي والعسكري.