الرئيس اللبناني يغرد بكلمته في القمة: هذا وضع لبنان والمنطقة.. النص

عرب وعالم

اليمن العربي

غرد الرئيس اللبناني ميشال عون، حول القمة العربية، وكلمته بالمناسبة حول آخر تطورات لبنان والوضع الذي تعيشه المنطقة. 
وقال عون في التغريدات التي رصدها اليمن العربي: 
التقينا في الأردن في القمة الماضية وكانت النار تشتعل في العديد من اوطاننا والتقينا في اسطنبول في القمة الإسلامية على وجه السرعة لأن خطراً وجودياً هدد القدس، ونلتقي اليوم، ومن البديهي أن يكون أول سؤال نطرحه عما إذا كانت اجتماعاتنا السابقة قد أدت الى بعض الحلول
نار الحروب لا تزال مستعرة، وخطر اندلاع حرب دولية على أرض سوريا يتصاعد، واللا استقرار يخيّم على معظم دول المنطقة، والإرهاب يتنقّل من بلد لآخر يصطاد الضحايا، والعديد من أبناء شعوبنا هجروا أوطانهم وتشرّدوا في العالم بحثاً عن أمن أو لقمة عيش، كما تشرّد قبلهم أبناء فلسطين
لبنان نال نصيبه من الإرهاب، وهو إن يكن قد تغلّب عليه، فإنه لا يزال يحمل تبعات الأزمات المتلاحقة حوله، من الأزمة الاقتصادية العالمية، الى الحروب التي طوّقته، وصولاً الى أزمة النزوح التي قصمت ظهره وجعلته يغرق بأعداد النازحين

تلقّى لبنان بحكم الجغرافيا والجوار، العدد الأكبر من موجات النزوح، ما يفوق قدراته على الاستيعاب والمعالجة؛ فلا مساحته ولا كثافته السكانية ولا وضعه الأمني ولا بنيته التحتية ولا سوق العمل فيه قادرة ان تتأقلم مع هذا الدفق السكاني

أتوجه الى كل الإخوة المجتمعين في القمة لأقول إن مشكلة النزوح السوري تعنينا جميعاً، ولا يجوز أن تتحمّل عبئها فقط دول الجوار السوري، بحكم سهولة الانتقال والوصول إليها
تمثّل قضية فلسطين الموقع المتقدّم في قلب التطورات، وهي أساس اللا استقرار في الشرق الأوسط. والتغاضي الدولي، حتى لا نقول التواطؤ الدولي، عن كل ما قامت وتقوم به إسرائيل، من تدمير وتهجير وسلب حقوق على مدى عقود هو لبّ المشكلة
الإعتداءات الاسرائيلية على السيادة اللبنانية تتواصل من دون رادع، وأيضاً خرقها للقرار 1701، واستخدامها الأجواء اللبنانية لضرب الداخل السوري، بالإضافة الى تهديداتها المتواصلة بإشعال الحرب
في فلسطين، تعتدي إسرائيل وتمعن في التهجير وسلب الحقوق من دون أي إدانة فعلية تردعها. والقضية الفلسطينية تتآكل وتُقضم؛ مقاومة الاحتلال تتزايد، ولكن الدعم العربي لها ينحسر، والقدس توشك أن تضيع رسمياً، بعد وضع اليد عليها على رغم الإرادة الدولية الجامعة وخلافاً لكل القوانين
إن المبادرة العربية للسلام لا تزال المرجعية الوحيدة التي تحظى بإجماع الأشقاء العرب وهو إجماع يمكن البناء عليه لاستئناف المساعي التي تؤدّي الى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، حل يحفظ الأرض والهوية، إذ بدونهما لا يقوم وطن ولا شعب
هذه المرة أيضاً لم آت ناصحاً ولا واعظاً، ولكن الحل الذي خشيت أن يُفرض علينا، وأن نذهب فرق عملة فيه، بدأ يفرض فعلاً، والقدس أول بداياته
هل سنسمح للقدس أن تضيع؟ هل سنقبل بالتهجير الجديد، ونقف مكتوفي الأيدي ونحن نرى قدسنا، والتي تضم مسجدنا وكنيستنا، تصبح عاصمةً لإسرائيل؟

هل نتهرّب من المواجهة ونرمي المسؤولية على الغير، خصوصاً وأن في الأفق ملامح سياسة ترسم لمنطقتنا وهي، إن نجحت، ستنال منا جميعاً. فهل ننتظر حدوثها لنعالج النتائج أم نقوم بعمل وقائي لنمنع وقوعها؟

الحرب الدولية على أرضنا لم تعد بالوكالة وكل مجريات الأحداث تشير الى أنها تتجه لتصبح بالأصالة وهي إذا ما اندلعت فعلاً فستقضي على ما تبقّى من استقرار واقتصاد وحجر وبشر في أوطاننا، فهل سنسمح أن تكون أرضنا مسرحاً لحروب الآخرين؟ هل سنقف مكتوفي الأيدي ونترك أوطاننا تدمّر وشعوبنا تذبح؟
السياسة في مفهومها الكبير هي التلاقي مع الحدث والتأثير فيه، لا محاولة اللحاق به وتحمّل نتائجه وتبعاته، والكلام لم يعد مجدياً إن لم يقترن بالعمل والتنفيذ؛ فنحن في سباق مع الوقت، وكل تأخير يرتّب علينا خسائر جديدة ويزيدنا ضعفاً

لا يمكن لأي موقف لنا أن يكون فاعلاً ويؤثر في مجريات الأحداث ما لم يكن محصّناً بوحدتنا الفعلية، وما لم نكن جميعاً داعمين له بالقول والفعل، لذلك فإن الحاجة الى مبادرة إنقاذ من التشرذم الذي نعيش أصبحت أكثر من ضرورة

نحن اليوم على أرض المملكة، ومن يقدر على جمع العائلة أكثر من كبارها؟ فهل تنطلق مبادرة عملية رائدة تلمّ الشمل وتعتمد الحوار سبيلاً لحل المشاكل وتجعل من المادة الثامنة من ميثاق جامعتنا عهداً ملزماً يفرض على كل دولة منا أن تحترم فعلاً نظام الحكم في الدول العربية الاخرى؟

بعد العاصفة التي ضربت منطقتنا، لا بد من إرساء رؤية مستقبلية عنوانها المصارحة والتضامن الحقيقي الذي لا خلاص لنا بدونه

المجتمع اللبناني هو نقيض العنصرية والأحادية، وهو نموذج لعيش الوحدة ضمن التعددية والتنوع. والتجربة اللبنانية أثبتت أن الحوار هو الحل؛ فعلى الرغم من كل الاختلافات السياسية والتصاريح النارية ظلّت وحدتنا الوطنية هي السقف
لبنان ظلّ قادراً على منع انتقال الشرارة اليه على الرغم من كل الغليان حولنا، ذلك أن اللبنانيين تعلموا من تجارب الماضي وصاروا يعرفون جيداً أن الحرب الداخلية لا تحل مشكلة وأن لا رابح فيها بل الجميع خاسرون، والحل لا يكون إلا باللقاء والحوار، وهذه التجربة يمكن أن تعمم لتكون نموذجاً
إن كان هناك من أخطار محدقة، فاتحادنا أو على الأقل تعاوننا قادر أن يحمينا، ولنضع نصب اعيننا مستقبل الأجيال القادمة، مستقبل أولادنا وأحفادنا، فهم غد أمتنا وأملها، ولنعمل جاهدين كي لا يعيشوا ما عشناه، وهذه مسؤوليتنا
لدينا كل المقومات والمعطيات لنخرق هذا الواقع المؤلم ونطل على غد مشرق مزدهر ومستقر وأكثر عدالة، فنكون وطناً عربياً كبيراً يغتني بتعدديته ويقوى بمكوناته وتنوعه، بدل أن نبقى أوطاناً مبعثرة يسود بينها الشك والحذر ويسهل استفرادها وضربها
الأخطار كثيرة، والتحديات كبيرة، ومسؤوليتنا جسيمة، ويبقى أن نختار ما بين المواجهة والرضوخ.