الأوضاع المتردية دفعت بالأسر اليمنية إلى بيع "القرش الأبيض"

أخبار محلية

أرشيفية
أرشيفية

نتيجة لتفاقم الوضع الانساني في اليمن وتردي الوضع منذ اكثر من ثلاثة أعوام بسبب الحرب التي اشعلتها مليشيا الحوثي لجأت كثير من الأسر اليمنية إلى بيع مصوغاتهم الذهبية في محاولة لتوفير قوت يومهم وتوفير حياة كريمة لأولادهم.

وكان ما ادخروه في أيامهم البيضاء، سببًا في إنقاذ أسرهم من “البؤس والجوع والفقر” في أيامهم السوداء التي يعيشونها اليوم.

“عبدالله زايد” وهو مواطن يمني بحسب موقع إرم نيوز" يعمل موظفًا في قطاع التعليم، لكنه ظل على مدار 17 شهرًا من دون استلام راتبه الحكومي؛ ما دفعه للبحث عن مهنة أخرى جرّاء تردي الأوضاع الاقتصادية وعجزه عن إطعام أطفاله الستة.

الأب الأربعيني، الذي لم يعمل في مجال آخر غير التعليم منذ 25 عامًا، فشل في كل الوظائف التي التحق بها، ليلوذ في النهاية إلى العمل كسائق أجرة، بيد أن فقره وعجزه، لا يضمنان له توفير سيارة “تاكسي”.

كان الذهب الذي اشترته زوجة زايد، منذ أمد بعيد، تلبسه في المناسبات الاجتماعية فقط، ولم تكن تعلم أن ما ادخرته في أيامها البيضاء، كحلي تتزين بها، قد يكون سببًا في إنقاذها وأسرتها من “بؤس” في أيامهم السوداء.

وقال زايد، إن قيمة الذهب كانت كفيلة لشراء سيارة صغيرة، يعمل بها في شوارع المدينة الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثيين، ليعول بها أسرته ويضمن بها توفير أساسيات الحياة.

 

 رسوم مدرسية

 

“أم زلفى”، هي الأخرى لجأت لبيع ذهبها من أجل دفع الرسوم الدراسية لطفليها اللذين يدرسان في مدرسة خاصة، بعد انهيار التعليم تمامًا في المدارس الحكومية منذ بداية العام الدراسي.

 

وقالت، وهي تتطلع إلى سيارتها الصغيرة، وكان الصدى اعترى محيط الإطارات: “الأموال والذهب سيعوض، لكن العمر يمضي، ولذلك سأبيع كل ذهبي من أجل أن يحظى طفلاي بتعليم جيد”.

 

ورغم أن الأمم المتحدة والدول المانحة تعهدت بملياري دولار لإنقاذ الوضع الإنساني، الأسبوع قبل الماضي، إلا أن اليمن وهو البلد العربي الأكثر فقرًا، لا يزال ينحدر إلى القاع، مع استمرار الحرب بين ميليشيات الحوثيين والقوات الحكومية المسنودة من التحالف العربي الذي تقوده السعودية.

 

 وضع كارثي

 

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قال في المؤتمر الذي عُقد في جنيف السويسرية أخيرًا، إن “الوضع في اليمن كارثي، وأكثر من 22 مليون شخص في اليمن (75 %من السكان)، يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية والحماية”.

 

وزايد وأم زلفى هما اثنان من آلاف اليمنيين الذين باتوا لا يثقون في الجهود الإنسانية والسياسية للأمم المتحدة والمنظمات الدولية، في تقديم الغذاء للمنكوبين، ووقف الحرب، ولجأوا في نهاية الأمر إلى بيع مجوهراتهم ومصوغاتهم الثمينة، لتجاوز محنتهم الإنسانية.

 

ودائمًا ما تردد أم زلفى المثل الشهير عربيًا: “القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود”، مضيفة: “تخلى عنا كل العالم، وتركونا نواجه أسوأ محنة إنسانية في العصر الحديث، لكن الله ألهمنا شراء الذهب في الماضي، واليوم نحن نعيش عليه”.

 

وتخشى أم زلفى من إطالة أمد الأزمة والحرب، وقالت: “لا يزال لدي القليل من الذهب، وأخاف أن ينتهي قبل أن تنتهي الحرب، حينها ستحل الكارثة”، وبيدين ترفعهما للسماء تناجي “نسألك الفرج يا الله”.

 

بيع المجوهرات

 

الجواهرجي هشام النقيب، وهو مالك متجر لبيع الذهب في شارع جمال عبدالناصر وسط مدينة تعز، (جنوب غرب)، يقول إن الأزمة التي يعيشها اليمنيون دفعتهم إلى بيع ذهبهم ومجوهراتهم.

 

وأضاف: “بالفعل كان الذهب طوق نجاة للكثيرين، وربما هو أحد الأسباب التي حالت دون حدوث مجاعة حقيقية، فكثير من الناس أحوالهم مستورة رغم الحرب والحصار”.

 

وتابع: “كثيرون باعوا ذهبهم ومجوهراتهم ليفتحوا مشاريع اقتصادية جديدة، كما أن عددًا من النازحين باعوا ذهبهم واشتروا أراضي وبنوا وسكنوا فيها، لكن ليس كل الناس تملك الذهب”.

 

 عادات وتقاليد

 

ويرتبط اليمنيون بالذهب بشكل كبير، إذ تفرض العادات والتقاليد على الزوج أن يقدم لزوجته في ليلة زفافها كمية من الذهب، لا تقل في بعض الأحيان عن 50 غرامًا (عيار 21 قيراطًا).

 

ولا توجد إحصائيات حول حجم الذهب الذي يمتلكه اليمنيون أو المتواجد في السوق، لكنه على الأرجح يبقى الشيء الوحيد الذي يتواجد في كل بيت، ولا تكاد امرأة متزوجة أو شابة تخلو منه، عدا أن كثيرين يفضلون شراءه لحفظ أموالهم، كملاذ آمن.

 

 انهيار الريال

 

ومع انهيار سعر الريال اليمني وارتفاع الدولار الذي وصلت قيمته في السوق السوداء إلى 485 ريالاً، انعكس ذلك على ارتفاع في قيمة الذهب.

 

ووجد اليمنيون أنفسهم أمام وفرة من المال؛ وقال عبدالله زايد: “ذهب زوجتي اشتريته بـ650 ألف ريال، واليوم بعته بمليون و400 ألف”.

 

وخلال الأشهر الماضية، اتسعت رقعة الجوع ومعدلات سوء التغذية الحادة في أوساط السكان بشكل غير مسبوق، وخصوصًا بعد توقف رواتب مليون ومئتي ألف موظف حكومي، وتزايد معدلات الفقر.

 

وتحتاج خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام 2018، إلى 2.96 مليار دولار، وذلك لتوفير المساعدات لنحو 18 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بزيادة مليون شخص عن العام الماضي، بينهم 8.8 مليون لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم الغذائية التالية.

 

ويشهد اليمن، منذ أكثر من 3 سنوات، حربًا بين القوات الموالية للحكومة الشرعية وميليشيات الحوثي، الذين يسيطرون على محافظات، بينها العاصمة صنعاء منذ الـ 21 من سبتمبر/أيلول 2014، وخلّفت الحرب المتواصلة أوضاعاً معيشية وصحية متردية