ماهو دور المنظمات في الحد من تجنيد الأطفال وإعادتهم للمدارس؟

تقارير وتحقيقات

صور ارشيفية
صور ارشيفية

تكشف أرقام المنظمات الدولية والهيئات الرسمية لحقوق الإنسان، أرقاماً «مفزعة» عن وضع الأطفال في اليمن ومستوى الكارثة التي تسبب فيها انقلاب الميليشيا على الطفولة في اليمن.

 

وفي حين يحتفل العالم يوم 20 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام بيوم الطفل العالمي، إلا أن هذه المناسبة تحل على أطفال اليمن في ظل استمرار الحرب للعام الرابع على التوالي، ومستقبل قاتم لا يوحي بانتهاء الحرب قريباً بسبب رفض الميليشيا لكل مبادرات السلام.

 

وتطالب الحكومة اليمنية، الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتدخل الحازم والضغط على الانقلابيين الحوثيين بما يكفل حماية الأطفال والحيلولة دون الزج بهم في أتون الحرب والنأي بالعملية التعليمية عن الصراعات السياسية.

 

أطفال اليمن يواجهون تجنيد إجباري من قبل الحوثيين

 

دعت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في اليمن الدكتورة ابتهاج الكمال المنظمات الدولية الخاصة بحماية الأطفال إلى الاهتمام بأطفال اليمن وتكثيف برامج الحماية والتأهيل جراء ما يعانيه من عنف وقتل وتجنيد وتشريد من قبل ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية.

 

وقالت الكمال في تصريحات صحافية أمس إن وضع الأطفال والطفولة في اليمن ينذر بالكارثة جراء ارتفاع عدد الأطفال المجندين وتسريب الكثير منهم من التعليم بسبب إغلاق المدارس من قبل الميليشيا واستخدامها ثكنات عسكرية...» , واصفة ما تقوم به الميليشيا من تدريس الأطفال بمناهج تدعو إلى العنف والكراهية والعنصرية بالمخالفة للقوانين المتعلقة بحقوق الطفل كافة.

 

وأشارت الكمال إلى أن ميليشيا الحوثي انتهكت القوانين كافة الخاصة بحقوق الطفل وتسببت بمقتل مئات الأطفال وإضافة فرض التجنيد الإجباري للأطفال... مؤكدة أن القوانين الدولية كافة تجرم استهداف الأطفال في الصراعات والنزاعات... ومطالبة بضرورة تحييد الأطفال وعدم استخدامهم في التجنيد وإعادتهم إلى المدارس لتلقي العلم.

 

وعبرت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل عن قلقها إزاء استمرار ميليشيا الحوثي وصالح باستهداف الأطفال... داعية المنظمات المهتمة بحقوق الطفل إلى إنقاذ أطفال اليمن جراء ما يتعرضون له من أعمال عنف وقتل من قبل الميليشيا.

 

وبحسب تقرير للأمم المتحدة صدر مؤخراً فإن نحو 11 مليون طفل في اليمن ما دون 18 عاما يعانون من مشاكل صحية ونفسية، وبحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة بسبب الحرب الدائرة في اليمن.

 

ويعد تجنيد الأطفال والحرمان من التعليم من القضايا التي نالت الاهتمام الأكبر من قبل المنظمات الدولية، حيث رصدت تورط الحوثيين في ارتكاب هذه الجريمة التي تسببت في مقتل وإصابة المئات منهم في جبهات القتال.

 

الشرعية تدين إرسال «الحوثي» طلاب المدارس للقتال

 

أدان وزير الإعلام بالحكومة، معمر الارياني، الدعوة التي أطلقها سابقاً القيادي الحوثي، والمنتحل لصفة وزير الشباب حسن زيد، بتعطيل العملية التعليمية في المناطق التي ما زالت خاضعة لسيطرة الميليشيا الحوثية، وإرسال الطلاب والمعلمين للقتال في صفوف جماعته.

 

وقال الارياني، إن هذه الدعوة تؤكد استمرار الانقلابيين الحوثيين في تجنيد الأطفال واستغلالهم في العمليات القتالية ضد اليمنيين دون اكتراث بأرواحهم ومصائرهم ومستقبلهم، وغير مكترثين بالقوانين والأعراف الدولية كافة التي تمنع استغلال الأطفال والزج بهم في الصراعات السياسية.

 

وأضاف بالقول: «في الوقت الذي تطالب فيه الحكومة الشرعية المجتمع الدولي الضغط على الميليشيات الحوثية لتسريح الأطفال المجندين في صفوفهم ومغادرتهم للمتارس وإعادتهم للمدارس وترك القنابل والبنادق وحمل الأقلام والدفاتر، نفاجأ بإطلاق أحد القيادات الحوثية لهذه الدعوة لتعطيل العملية التعليمية والزج بالأطفال لقتال اليمنيين خدمة للأجندة الإيرانية التوسعية في المنطقة».

 

وأكد أن قيام القيادات الحوثية بإرسال أبنائها للدراسة خارج اليمن، أو تعينهم في أهم الوظائف المدنية في العاصمة صنعاء وغيرها من المدن اليمنية في حين تدفع بأبناء الشعب اليمني ليقتلوا في الجبهات.

 

أطفال اليمن يواجهون الجوع

 

يؤكد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الدكتور عبد الملك المخلافي أن نحو 70 في المائة من قوام الميليشيا الانقلابية هم من الأطفال، تمكنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» من التحقق من تجنيد 1800 طفل في الحرب منهم.

 

من جهته وثق التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان 1529 حالة تجنيد للأطفال من قبل الميليشيا الانقلابية في عدد من المحافظات، غالبيتهم في مناطق ذات نمط اجتماعي فقير، وتشير الإحصاءات إلى أن عدد الأطفال في صفوف الميليشيا الانقلابية أكثر من 12 ألف طفل مجند.

 

وأكد عصام المثني الشاعري، رئيس مؤسسة صح لحقوق الإنسان، في مؤتمر حقوق الإنسان بجنيف أنه تم توثيق 2438 حالة تجنيد إجباري للأطفال في محافظات «ذمار - عمران - صعدة - حجة - المحويت - ومناطق تهامة» إلى ما قبل العام المنصرم.

 

وقال إنه تم توثيق مقتل 453 طفلا من المجندين، وإصابة 83 بإعاقات دائمة، ومقتل 105 أطفال مجندين في محافظة المحويت وحدها، مضيفاً أن المؤسسة وثقت مقتل 30 طفلا مجندا في صفوف الميليشيا الانقلابية كلهم من مدرسة واحدة.

 

أما سوء التغذية فذكرت منظمة الصحة العالمية في تقارير لها أن 7 ملايين يمني مهددون بالمجاعة بينهم مليونا طفل باتوا على حافة الموت بسبب سوء التغذية المنتشرة جراء الحرب.

 

فيما أشارت منظمة اليونيسيف أن 4.5 مليون طفل محرمون من التعليم بسبب الحرب الدائرة في البلاد، ونزوح الآلاف من الأسر، وتدمير المدارس، بالإضافة إلى تحويل المئات منها إلى معسكرات.

 

وأقدمت ميليشيا الحوثي على توقيف رواتب المعلمين وتحويل المدارس إلى معسكرات لتدريب عناصرها وتخزين الأسلحة هربا من استهداف مقاتلات التحالف العربي.

 

إطلاق مبادرات للحد من تجنيد الأطفال وإعادة تأهيلهم

 

وكانت قد أطلقت عدة مؤسسات ومنظمات دولية ومحلية، مبادرات تهدف إلى تأهيل الأطفال المجندين والأطفال المتأثرين بحرب اليمن كما تأهيل أولياء أمرهم وأفراد أسرهم.

 

ويؤكد الحقوقيون اليمنيون أهمية برامج تأهيل الأطفال المجندين، مطالبين بتوسيعها لتشمل أكبر شريحة ممكنة من الأطفال المجندين.

 

ويعد اليمن من الدول الموقعة على معاهدة الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي تمنع انخراط الأطفال دون 18 عاما من المشاركة في الحروب.

 

إلا أن الكثير من الأطفال يشاركون في الحرب المستمرة في البلاد، وتقدر منظمة الأمم المتحدة للطفولة نسبة الأطفال المجندين في صفوف الحوثيين (انصار الله) ومنظمات مسلحة أخرى بثلث المقاتلين في اليمن.

 

ومن العوامل التي ساهمت في تجنيد الأطفال في الحرب الفقر المستشري في البلاد، وفق ما ذكر تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش الصادر في حزيران/يونيو 2016.

 

ومن الأعمال التي توكل إلى الأطفال المجندين القتال ونقل الذخيرة على جبهات القتال وسحب الجثث في المعارك، كما شرح سبعة فتيان تطوعوا للقتال مع الحوثيين للمنظمة في آذار/مارس 2014.

 

هذا وشملت مهامهم العمل كجنود بلباس عسكري أو حراسة نقاط التفتيش.

 

وكان وزير حقوق الانسان اليمني محمد عسكر قد أعلن أن الحوثيين جندوا أكثر من عشرة ألف طفل.

 

وأضاف أن العديد غير هؤلاء من الأطفال تأثروا بشكل أو بآخر بالحرب، معتبرا أن مؤسسة وثاق تسعى للوصول إلى أكبر عدد منهم عام 2018.

 

معاناة جسدية ونفسية

 

وقال عبد الرحمن القباطي مدير المشروع في مؤسسة وثاق للتوجه المدني إن "مشروع إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب جاء متناسقا مع متطلبات المرحلة الحرجة التي يمر بها اليمن".

 

ولفت في حديث للمشارق إلى أن "الأطفال باتوا أهدافا للصراع سواء من خلال تجنيدهم والزج بهم للجبهات أو [أصبحوا] ضحايا للحرب كمصابين جسديا أو نفسيا".

 

وأضاف القباطي أن "هدف المشروع هو الحفاظ على الأطفال من خلال توجيههم للمدارس ودمجهم في المجتمع وإبعادهم عن أجواء العنف".

 

وبحسب توجيهات مشروع المؤسسة، فإن الهدف من البرامج تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب نفسيا وتوعويا بما يسمح بإعادة دمجهم في المجتمع.

 

وتشمل عملية دمجهم تسجلهم بالمدارس حيث اجبر الكثيرون منهم على ترك مقاعد الدراسة، بحسب ما أشارت المؤسسة.

 

نحو التأهيل الاجتماعي

 

وأما طريق التأهيل فيشمل عدة جلسات للعلاج النفسي والدورات والنشاطات التوعوية للأطفال وذويهم.

 

وتركز على مساعدة الأطفال في اعادة اكتشاف مواهبهم الدفينة من خلال تدريبات مكثفة على تطوير المهارات ونشر الوعي بين الأهالي حول تكتيكات التجنيد وضرورة حماية حقوق الأطفال.

 

وسيتم توفير حصص غذائية كوسيلة لدعم العائلات حتى لا يرضخ الأهل للضغوطات ويرسلوا أطفالهم للحرب بهدف جني المال.

 

أما بالنسبة للأطفال، فتشمل النشاطات الاختلاط مع أطفال آخرين من خلال نشاطات رياضية ورحلات ميدانية والمشاركة في دروس حول ما فاتهم مع أساتذة مختصين ليتمكنوا من الالتحاق بالمدرسة بطريقة أقل صعوبة.

 

آلاف أطفال بحاجة للمساعدة

 

من جانبه، قال الناشط الحقوقي موسى النمراني للمشارق إن مشروع التأهيل "يعد نشاطا وجهدا مهما لكنه بحاجة إلى تمويل كبير حيث يمكن تنفيذه للمزيد من المجموعات من الأطفال المحتاجين لإعادة التأهيل".

 

واضاف النمراني أن عدد الأطفال المحتاجين لهذا النوع من التدخل يُقدر بالآلاف، "بينما الاحتياج في الميدان كبير".

 

وشدد على أنه "لا بد من تعزيز قدرات البرنامج المادية لتغطية الاحتياج المتزايد، حيث يُقدر الأطفال المجندون بالآلاف بينما المتأثرون بالحرب بعشرات الآلاف".

 

المحامي والناشط الحقوقي عبد الرحمن برمان اعتبر، أنه وفي حين تعد جهود تأهيل الأطفال المجندين من قبل الحوثيين والذي استسلموا للقوات اليمنية جهدا مهما، ما زال هناك الكثير يجب فعله لهؤلاء الأطفال.

 

وقال إن "هذه الدورات التأهيلية للأطفال المجندين كان اجتهادا من بعض المناطق العسكرية في عدن ومأرب، لكنها لم تكن بالمستوى المطلوب لعدم وجود الخبرات الدولية في هذا المجال".