دوائر الانتقام.. الأزمة والحل

اليمن العربي

يعيش الشعب اليمني منذ عقود في دوائر للانتقام كل فئة تنتقم من فئة اخري وتعتبر نفسها هي صاحبة الحق ونتجاوز عن عدد من الفترات لنقف أولًا علي لحظة تولي صالح للحكم في شمال اليمن والذي أعلن في خطابه لمجلس النواب أمام القاضي العرشي أنه يُريد أن يتولى الحُكم لمدة أسبوعين فقط للانتقام من قتلة الغشمي الذي قتل بطرد مفخخ في الجنوب.  

 

وتولي الحكم قائد أقوى الألوية العسكرية والمتواجد بالقرب من حدود الجنوب وقبل أن يبدأ تحرك القوات الشمالية باتجاه الجنوب قام جناح في الجنوب باستغلال الفرصة و أصدر حُكمة ضد الرئيس سالمين على اعتبار أنهم يحكمون علي من قتل الغشمي وتظهر دائرتين للانتقام في الجنوب والشمال دائرة الانتقام من أنصار الرئيس سالمين والتنكيل بهم في الجنوب ودائرة الانتقام من أبناء المناطق الوسطي علي اعتبار انهم مناصرين للحزب الاشتراكي الشيوعي.

 

"وتستمر دوائر الانتقام تتسع حتي جاءت كارثة 1986 م التي غذتها دوائر الانتقام السابقة"

 

وتاتي الوحدة ويصر الشركاء علي استبعاد المهزومين بحرب 1986 ويخرج علي ناصر إلى سوريا و يبقي من بقي بمعسكرات خاصة ويلتقي الفرقاء وتاتي حرب 1994 م ويتم استخدام الدوائر الانتقامية  للانتصار ويجيد اللعبة صالح الذي يستدعي الانتقام لتحقيق مآربة، ويحقق الانتصار علي الجنوب وليستمر في الحكم يحرك أدواته للانتقامات

 

"حتي جاءت ثورات الربيع العربي وانقلب حلفائه عليه وخرج مرغما ولكن كان صريح عند خروجه بانه سيقوم بالانتقام لمن أخرجه وأحرقه هو وزُملائه وتحالف مع الحوثيين الذين أرادوا ان ينتقموا أيضًا لمن ساهم في هزيمتهم".

 

ويدخل الوطن في آتون دائرة الانتقام وتتسع الدائرة حتي ينقلب السحر علي الساحر ينتقم الحوثيين من صالح الذي كان يقود الحروب الست والذي هزمهم فيها ويصيح القاتل سيدي حسين، يا صالح ما راح هدر"، في إشارة إلى مقتل مؤسس جماعة الحوثيين، زعيمها السابق، "حسين بدر الدين الحوثي"، وهو مايؤكد دوائر الانتقام وبمقتل صالح توقع الكثيرين تغيرات كثيرة بعد سقوط الراقص  علي رؤوس الثعابين.

 

واذ بالمشهد لا يتغير كثيرا بما يؤكد ان القوة التي اوهم الجميع صالح بانه يملكها لم تكن موجودة سواء كانت سياسية او عسكرية او حتي اجتماعية.

 

وسرعان ما ظهر من يريد ـن يستثمر ثقافة الانتقام وياتي بيان ابنه احمد بعد الوفاة بأيام يُعلن من خلاله أنه سيقود المعركة حتى طرد آخر حوثي من اليمن... "دماء والدي ستكون جحيما يرتد على أذناب إيران".

 

وقد شعر المتابعين بعدم وجود أي تأثير فظهر طارق في مُحافظة شبوة لتعزية رفيق عمه ليعلن الانتقام وكانت هتافات العشرات الذين حوله مؤشر لنجاح الدعوة للانتقام.

 

وخلال الأيام الماضية أعلن عن انتظار كلمة يلقيها أحمد وانتظر الكثيرين الكلمة وإذ به بيان جاء فيه شكر لمن ساهم لرفع العقوبات الأممية التي فرضت بناء علي طلب من الحكومة الشرعية وقد جاء البيان ليصب جام غضبه علي من ساهم بفرض هذه العقوبات ويجعلها هي السبب في كل المآسي التي يعاني منها الشعب اليمني.

 

ويطالب نجل صالح بالمزيد من التعاضد والمساندة لرفع العقوبات وبالطبع المقصود من هذا هو رفع العقوبات الاقتصادية وتجميد ارصدة احمد واخوته لانه عند فتح الارصدة ستحل الكثير من المشاكل من وجهه نظر احمد ومناصرية

 

ما نحن بحاجه إليه


اعتقد باستعراض الدوائر التي ندور فيها من سبعينات القرن الماضي وحتي الآن يجعلنا ندرك اننا لسنا بحاجه لدوائر انتقام و أن المناطق التي خرجت وتجاوزت مرحلة الدوائر بدأت تزدهر وحضرموت نموذج واضح للتجاوز والابتعاد عن دوائر الانتقام و قد استفادت من هدنة "انجرامس" التي أعلنها في ثلاثينات القرن الماضي والتي حققت صلح بين القبائل المتناحرة وقضت فعليا علي الثأر وجعلها تخرج من دوائر الانتقام ويستمر الدرس إلى الآن لتحقق ازدهارها.

 

وان كان المتحاربين في 86 أعلنوا مبدأ التصالح والتسامح ونجحوا إلى حد بعيد في  تجاوز المرحلة وإفشال أي محاولات لإعادة المشهد وتغذية الانتقام للمصالح الشخصية ولكن هذا لا يجعلنا في منطقة آمنة ويخشي أن النجاح الموجود هو نيران فوقها رماد سرعان ما ستأتي ريح وتظهرها وربما تكون الريح هي نبرات الانتقام التي انتشرت حاليا للانتقام لمقتل الزعيم.


وربما كان يري البعض أن الترويج للعدالة الانتقالية هي الخطوة الأولي للخروج من الانتقام ولكن للأسف بدأت تندثر ثقافة ومطالب وخطط  العدالة الانتقالية وبدأ يصدح صوت الانتقام ولكن الطريق الوحيد الذي يمكن ان يجمع عليه الجميع هو مشروع وطني يلتف عليه الجميع يعيد الحقوق المسلوبة للجنوبيين كابناء دولة  اولا  ثم لكل من سلبت حقوقهم  سواء كانوا افراد او مجموعات او قبائل او محافظات او تكتلات.


وبعد ذلك تاتي مرحلة البناء واعادة الاعمار..