قباطي في حوار صحفي يؤكد إمكانية السياحة في اليمن بعد تحرير أكثر 80%

أخبار محلية

محمد عبدالمجيد قباطي
محمد عبدالمجيد قباطي

يزخر اليمن بعدد من المناطق السياحية المُهمة، وآثار الحضارة القديمة العظيمة، والتي طالت الكثير منها يد التخريب والتدمير على وقع التطورات الميدانية التي شهدها طيلة السنوات الماضية.


"السياحة في اليمن مُمكنة"، ربما يبدو للقارئ أن العنوان غير منطقي فيه، على اعتبار أن الحديث عن حركة سياحية في بلدٍ يشهد اضطرابات واسعة في الداخل هو أمرٌ غريب، بخاصة إذا  أُخذت في الاعتبار تلك المناطق السياحية التي دُمرت بشكل شبه كامل أو التي تضررت على أقل تقدير جراء الاضطرابات الداخلية التي تشهدها البلاد، فضلًا عن تأثير وتداعيات سنوات الإهمال التي عانى منها القطاع السياحي بصفة عامة.


وفي ضوء ذلك كان غريبًا الحديث عن فكرة تنشيط السياحة في اليمن؛ فأي سياحة تلك التي يُمكن أن تكون في بلدٍ يشهد حربًا داخلية؟ وبالتالي كيف يمكن الحديث عن مسألة تنشيط السياحة في اليمن في ضوء الوضع الراهن؟ هل يمكن لليمن أن يكون جاذبًا للسياحة الداخلية والخارجية؟ هل هناك أصلًا قطاع سياحي باليمن لازال قائمًا ومتماسكًا يمكن الترويج إليه؟".. أسئلة تطرح نفسها بصورة مباشرة إذا ما جاء ذكر فكرة السياحة في اليمن في الوقت الراهن.


وضعتُ تلك الأسئلة على مائدة وزير السياحة اليمني الدكتور محمد عبدالمجيد قباطي، والذي كشف عن الكثير من الأمور فيما يتعلق بالقطاع السياحي اليمني، مراهنًا على بعض المناطق السياحية التي يمكن أن يتم من خلالها تنشيط القطاع السياحي في اليمن وهي: جزيرة سقطرى، ومحافظة حضر موت (مانهاتن الصحراء)، ومحافظة المهرة، ومأرب. تضاف إليها بعض المناطق السياحية التي لم تطلها يد التخريب والتدمير وهي بعيدة من مناطق التوتر في اليمن، ويمكن أن تكون نواة لتنشيط القطاع السياحي، أبرزها جزيرة سقطرى.


وفي تصور قباطي، فإن فرص جذب السياحة إلى اليمن ممكنة؛ في ضوء أن 80 في المئة من اليمن تحت سيطرة قوات الشرعية، وفي ظل وجود مناطق سياحية لم تطلها الحرب وبعيدة من البر اليمني، مشددًا على سعي وزارته للترويج للسياحة وتنشيطها.



ويعتقد بأنه يمكن تشجيع السياحة الداخلية والخارجية معًا، قائلًا: "نتعشم في أن نتمكن من تشجيع السياحة الداخلية بحكم أن اليمن فيه 30 مليون من البشر وأيضا لديه كتلة كبيرة من المغتربين والشتات اليمني في الخارج.. أبناء اليمن بالخارج موجودون بالملايين بداية من إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة ومرورا بالهند والخليج العربي والجزيرة العربية وانتهاء بالدول الغربية مثل بريطانيا وأمريكا.. تشجيع مثل هذه السياحة والزيارات لهؤلاء المغتربين المهاجرين لبلدهم جزء من عملنا".


من بين تلك المناطق التي ركّز قباطي حديثه بشأنها "جزيرة سقطرى" والتي يؤكد على كونها جزيرة آمنة وبعيدة عن مناطق التوتر داخل اليمن. وجزيرة سقطرى، المصنفة في العام 2008 كواحدة من مواقع التراث العالمي، تبلغ مساحتها حوالي 3796 كم2 وهي تعد بذلك أكبر الجزر العربية واليمنية، ويبلغ طول الشريط الساحلي لها 300 كيلومتر.


وتحظى الجزيرة بشهرة واسعة لما لها من أهمية حضارية وتاريخية ترجع إلى العصر الحجري، فضلًا عن قيمتها التجارية قديمًا من خلال تجارة "السلع المقدسة"، ولذا سمّاها اليونانيون قديمًا "جزيرة السعادة".


ولليمن بتاريخ كبير وحافل بالحضارات، ولديه الكثير  من مواقع الجذب السياحي، غير أن كثيرًا من تلك المواقع  تعرضت للتضرر والتدمير جراء الوضع الراهن، فيما تسعى الحكومة لمعالجة الآثار التي خلفتها تلك الأوضاع على القطاع السياحي، وفي ضوء تنامي سيطرة قوات الشرعية على الجزء الأكبر من الأراضي اليمنية.

يقول الوزير اليمني إن سقطرى -التي وصفتها صحيفة نيويورك تايمز بأنها "أكثر المناطق غرابة في العالم" لما تشهده من تنوع حيوي وأهمية بيئية، والتي تتنوع نباتاتها- تتمتع بعدد من المزايا التي تجعلها جاذبة للسياحة، حتى في الوقت الراهن على اعتبار أنها بعيدة عن البر اليمني بقرابة 350 كيلومتراً ومن ثمّ تتمتع بالأمن لبعدها عن مناطق التوتر.. وتحتاج الجزيرة إلى إعادة تطوير وتعزيز البنية التحتية، وفي سبيل ذلك تسعى وزارة السياحة في اليمن لتوقيع بروتوكولات مع ممولين دوليين للمساهمة في ذلك الإطار، سواء فيما يرتبط بتعزيز قدرة ميناء سقطرى الاستيعابية أو بناء وتطوير المنشآت السياحية كالفنادق والمنتجعات السياحية. إذ لم تصل "الحرب" لجزيرة سقطرى؛ ما يجعلها أقل تضررًا من الأوضاع في اليمن، وتحتاج التطوير وتعزيز قدراتها فقط من أجل أن تكون جاذبة للسياحة.



المنطقة الثانية التي تحدث عنها قباطي بما يجعل "السياحة في اليمن ممكنة" هي محافظة حضر موت (شرق اليمن) والتي تلقب بـ"مانهاتن الصحراء" التي اشتهرت فيها بلدة شبام بكونها "أقدم ناطحات السحاب في التاريخ". والتي يقول قباطي إنهم يحاولون استعادة السياحة إليها، بالإضافة إلى مديرية حوف (إحدى مديريات محافظة المهرة في أقصى شرق اليمن) التي تتمتع بطقس خاص يشبه المناطق الاستوائية في أفريقيا، بالإضافة إلى "مأرب" التي تعتبر رمزًا للحضارة اليمنية القديمة.



تزخر مأرب بالآثار التي تعود لآلاف السنوات والمعالم السياحية، من بينها "سد مأرب، ومعبد الشمس ومحرم بلقيس"، وقامت عليها واحدة من أعظم الدول اليمنية القديمة "مملكة سبأ".



غير أن كثيرًا من تلك الآثار تعرضت للتدمير إزاء الأوضاع الميدانية التي يشهدها اليمن، إلا أنه باستعادتها إلى الحكومة الشرعية فإن هناك مجالًا للحديث عن محاولة تنشيط السياحة إليها.وحول طبيعة الحركة السياحية حاليًا في اليمن في ظل ظروف الحرب، يشير قباطي إلى أنه "بالفعل هناك حركة سياحية بشكل طفيف، وهناك بعض السياح الذين يزورون تلك المناطق، بينما نسعى فيما يتعلق بجزيرة سقطرى إلى ربطها بالخارج مباشرة كأحد أبرز التحديات التي تواجهنا، على اعتبار أن السياحة إلى سقطرى حاليًا تمر عبر المطارات اليمنية الموجودة في البر اليمني والكثير من السياح الأجانب يفضلون -ودولهم تفضل أيضًا- أن يكون الربط ربطًا مباشرًا سواء جوًا أو بحرًا.. ونتطلع لأن نتغلب على ذلك التحدي قريبًا؛ من أجل أن نؤمن تطور ونمو السياحة في سقطرى".