لماذا طالبت المعارضة الإيرانية تدخل الزعيم عبد الناصر؟؟

عرب وعالم

جمال عبد الناصر
جمال عبد الناصر

ان فتحى الديب فى مكان القنصلية المصرية حين حضر للقائه ضيف إيرانى يقطن فى خارج إيران هو وإخوته، بعدما طردهم شاه إيران.
 
كان «الديب» يشغل وقتئذ مركز وظيفي ملحق دبلوماسي جمهورية مصر العربية فى سويسرا، وهو من مؤسسى جهاز الإستخبارات المصرية، تحت رئاسة زكريا محيى الدين عام 1953، وأسند إليه حُسن عبدالناصر مسؤولية حركات التحرر العربية، وقد كان مهندس الاتصال بين جمهورية مصر العربية والثورة الجزائرية، التى بدأ كفاحها المسلح مقابل الانتزاع الفرنسى أول تشرين الثاني 1954 بمساعدة جمهورية مصر العربية، ويؤكد فى كتابه «عبدالناصر وثورة إيران» عن «ترتيب الدراسات السياسية والاستراتيجية- الأهرام»، أن «عبدالناصر» أمره بشغل مركز وظيفي ملحق دبلوماسي جمهورية مصر العربية فى سويسرا، وطالبه بالعمل على تغيير موقعه بالسفارة ليصبح ترتيب اتصال متقدمًا لثورة 23 تموز، منفتحًا على العالم الخارجى، مستفيدًا من الموقع الاستراتيجى المعتدل لسويسرا.
 
قد كانت الصلات بين العاصمة المصرية القاهرة وطهران سيئة وقتئذ، نتيجة لـ رابطة شاه إيران، محمد رضا بهلوى، الحميمة مع إسرائيل، والتى بلغت إلى حاجز اعتراف الشاه لمحمد حسنين هيكل فى كتاب «مدافع آيات الله»، «دار الشروق- العاصمة المصرية القاهرة»: «تعاوننا مع إسرائيل لا يقتصر على الإستخبارات لاغير، لكن إنه أوسع من ذلك بكثير، فلقد بعثت مجموعات من كل أسلحة القوات المسلحة وفروع الإدارة المدنية للتمرين فى إسرائيل».
 
فى ذلك التوجه التاريخى أتت زيارة الإيرانى محمد ناصر قاشقاى إلى القنصلية المصرية فى سويسرا، لمقابلة «الديب» يوم 2 شهر فبراير «مثل ذلك هذا النهار» عام 1962، وربماّم ذاته كرئيس لقبائل «قاشقاى» التى تقيم بالجبال الممتدة في جنوب في غرب إيران، وصرح لـ«الديب» إنه وإخوته، عبدالله وحسين وخسرو، اضطروا إلى مغادرة الأراضى الإيرانية بعدما تمكن الشاه من القضاء على انتفاضتهم العسكرية، التى قاموا بها فى مسعى لفرض السيطرة على المساحة التى تقوم عليها قبائل «قاشقاى»، ويصل تعدادها أكثر من  مليون نسمة، وهذا لتخليصهم من استبداد الشاه.
 
ذكر «قاشقاى» أنهم نجحوا فى الطليعة فى تجهيز ما ليس أقل من عشرة آلاف مقاتل مزودين بالبنادق، وما أمكنهم من الحصول عليه من أدوات عسكرية وأسلحة، وباشروا قتال القوات المسلحة الإيرانى على أرض قبائلهم، وتمكنوا من تكبيده الكثير من الخسائر، ثم سيطروا تمامًا على منطقتهم، سوى أن كتائب الجيش استخدمت كل وسائل الحرب الجديدة للقضاء على انتفاضتهم المسلحة.
 
ويضيف «الديب» أن «قاشقاى» أماط اللثام له أن طلبة جامعة طهران قاموا بإضرابات، احتجاجًا على إرهاب الأجهزة الطموح، ويؤكد «الديب» أن «قاشقاى» أخبره بأن أحد رجال الدين، الإمام الخومينى، ذا النفوذ الهائل على رجال الدين والشعب الإيرانى، أفتى بأن الشاه كافر وخارج على الدين، الشأن الذى قد كانت له آثاره البعيدة فى نفوس الحشود، وأشعل نيران الحنق فى صدورها، الأمر الذي صرف الشاه إلى إبعاد الخومينى عن إيران، وشدد «قاشقاى» أنه على رابطة راسخة بالقيادات الدينية والزعامات السياسية، وهناك تفاهم معها لمعاودة النضال المسلح مقابل الشاه، بالتنسيق مع رؤساء القبائل العدائية له. 
 
يؤكد «الديب» أن «قاشقاى» أخرج من جيبه أوراق خريطة لإيران، مبينًا عليها مواقع القبائل التى تم الاتفاق مع رؤسائها على القيام بثورة مسلحة، هى قبائل «باختيارى وجافان روت الكردية»، وتابع شرحه بأنه على اتصال وثيق بالتجمعات الطلابية المقيمة فى أوروبا وأمريكا والمعادية للشاه، وقدم إحصائية دقيقة عن عددهم، ونشرة يوزعها الطلبة فى أوروبا باسم «الجبهة الوطنية الإيرانية»، وبعد أن أكمل «قاشقاى» استعراضه للأوضاع، طرح مطالبه قائلًا: «القيادات الوطنية والدينية الإيرانية أملهم فى دعم حُسن عبدالناصر، ودعمه لحركتهم الثورية مقابل الشاه»، وطلب بعض الأسلحة الأتوماتيكية النافعة فى حرب العصابات، وقنابل يدوية وألغام، وتمرين بعض الأشخاص على طرق حرب العصابات فى القاهرة عاصمة مصر، وإمدادهم بمبلغ مالية تصل مليونى ومائتى ألف دولار للصرف منها على القبائل، ويؤكد «الديب» أنه أبلغ «قاشقاى» بنقل الصورة إلى القائد حُسن عبدالناصر فور رجوعه إلى القاهرة عاصمة مصر، وأنه سيبلغه بما سيستقر عليه الشأن.
 
ويؤكد «الديب» أنه قام بجمع البيانات عن عائلة «قاشقاى»، والجبهة الوطنية الإيرانية، والهيئات الإدارية، والاتحادات الطلابية المتواجدة فى أوروبا، خصوصا فى جمهورية ألمانيا الاتحادية وسويسرا، وأتى إلى العاصمة المصرية القاهرة لمقابلة «عبدالناصر» وإطلاعه على جميع التفاصيل، وفى تلك المقابلة دعوة «عبدالناصر» من «الديب» إبلاغ «قاشقاى» عدم إيمانه بطريقة شراء القبائل الذى طرحه، وأن أى تحرك لا ينبع من حس أخلاقي المشتركين فيه، ويعتمد على القدرات المحلية، لن يكتب له التوفيق، وطلب من «الديب» الإبقاء على تلك الاتصالات، والمساهمة فى مساندة «قاشقاى» فى الحركة، والتركيز على التجمع الطلابى الإيرانى فى أوروبا، والتريث فى الإقدام على أى خطوة داخل إيران وخارجها، وتعددت اللقاءات في وقت لاحق لكنها شملت أطيافًا أوسع فى الرافضون الإيرانية.