رغم العلاقات الجيدة.. ماذا وراء إعلان ماليزيا الحرب على السعودية؟

تقارير وتحقيقات

الملك سلمان ورئيس
الملك سلمان ورئيس وزراء ماليزيا

في تطور لافت للنظر في السياسة الدولية المياليزية، تم الإعلان في كوالالمبور عن إنشاء هيئة دولية لمُراقبة إدارة السعودية للحرمين والمشاعر المقدسة، بما في ذلك المواقع التاريخية الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة.


من جانبها قالت الهيئة الدولية لمُراقبة إدارة السعودية للحرمين والمشاعر المقدسة بعد تدينها من قبل ماليزيا، إن مهامها تتلخص فيما يلي:


1 – السعي لمنع استخدام الأراضي المقدسة لأغراض سياسية.

2 -  وقف أعمال طمس الهوية الإسلامية في مكة المُكرمة والمدينة المنورة بالتوسع العمراني الذي تقوم به المملكة العربية السعودية.

3 - منع استفراد السعودية بإدارة المشاعر المقدسة بصورة تؤثر على سلامة الحجاج والمعتمرين.

4 - ضمان عدم إغلاق المشاعر أمام الزوار لأسباب غير مُقنعة.

5 - العمل على التأكد من أن المملكة توزع حصص الحج والعمرة على الدول الإسلامية بصورة عادلة.

6 – التأكد من أن المملكة العربية السعودية لا تُسيس العبادات الدينية.

7 – القيام بتحقيقات دورية في استخدام السعودية الأراضي المقدسة على مدى مئة عام لأغراض سياسية، ورصد الانتهاكات الميدانية، وتقديم النصح للمملكة.


الموقف الماليزي من إعلان هيئة دولية لمُراقبة إدارة السعودية للحرمين والمشاعر المُقدسة يأتي انتهاجًا للسياسة الإيرانية الرامية لتدويل قضية الحج، بالرغم من العلاقات المتينة والمتميزة التي تربط ماليزيا بالمملكة العربية السعودية.

 

وتتوجت العلاقات السعودية – الماليزية في العام المنصرم بزيارة تاريخية للملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود إلى ماليزيا، حيث أكد متابعون أن الزيارة عززت الكثير من النجاحات الباهرة منذ اللحظة الأولى لها وحتى النهاية؛ إذ أشاروا إلى أن الزيارة التي استمرت ثلاثة أيام، كانت تستهدف تعزيز العلاقة بين السعودية وماليزيا على كل المستويات؛ وبخاصة السياسية والاقتصادية، وتأكيد التعاون بين البلدين على محاربة الإرهاب بشتى صوره، ومد جذور التعاون والشراكة في العديد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وبحث إقامة مشاريع مشتركة، والتأكيد على دعم القضايا الإسلامية، وكل ما يخدم الدين.


وكشفت كلمات مسؤولي البلدين عن مدى ترسيخ العلاقات بين الرياض وكوالالمبور، وهي نقطة إيجابية ركّزت عليها الزيارة التي وصفها رئيس وزراء ماليزيا بـ"المهمة"، والتي من شأنها تعزيز العلاقة الأخوية الماليزية والسعودية على أساس من الثقة والاحترام المتبادلين؛ قائلاً: إنها "ستكون مثالاً للعالم الإسلامي والدول الأخرى في العالم".


واقتصادياً وعلى هامش الزيارة، وقّعت "أرامكو السعودية" وشركة النفط الحكومية الماليزية "بتروناس" اتفاقاً ومذكرات تفاهم جديدة، وتشمل هذه الاتفاقيات والمذكرات: التعاون في مجمع للتكرير والبتروكيماويات بطاقة 300 ألف برميل يومياً في ولاية جوهور بجنوب ماليزيا تبلغ قيمته 27 مليار دولار.


وأعلنت أرامكو أن استثماراتها في مشروع مصفاة نفطية في ماليزيا بقيمة 7 مليارات دولار ستُعزز طرح أسهم شركة أرامكو السعودية للاكتتاب العام المقبل.


وتم تبادل 7 مذكرات تفاهم باستثمارات في السعودية تصل قيمتها إلى أكثر من 8 مليارات ريال؛ للتعاون في مجالات: تطوير اللقاحات، والنقل العام، والأغذية، وصيانة الطائرات، وبرمجيات وحلول إلكترونية، والأجهزة الكهربائية، إضافة إلى تنفيذ مشروعات مشتركة في الطاقة؛ الأمر الذي يدل على نمو التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية وماليزيا.


إعلان حرب على السعودية


وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، قد أكد أن أي طلب لتدويل المشاعر المقدسة عدواني وإعلان حرب ضد المملك، مشيرًا إلى أن المملكة العربية السعودية تحتفظ بحق الرد على أي طرف يعمل في مجال تدويل المشاعر المقدسة، وهو ما يكشف عن أن الإعلان الماليزي يُمثل حرب على المملكة العربية السعودية.


لماذا الإعلان الماليزي رغم العلاقات المٌتميزة؟


التفسير الوحيد الذي من المُمكن أن يكون سبب الإعلان الماليزي هو دعم المملكة العربية السعودية إلى حدًا كبير لمهاتير محمد الذي تربطه علاقة قوية برجل أعمال سعودي من أصول حضرمية يمنية ومُقرب للأسرة الحاكمة السعودية في مواجهة رئيس الوزراء الماليزي الحالي محمد نجيب رزاق في الانتخابات القادمة.


ويُحاول رجل الأعمال السعودي تقريب وجهات النظر بين المملكة العربية السعودية ومهاتير محمد الأقرب للفوز في الانتخابات القادمة، مما تسبب في غضب رئيس وزراء ماليزيا الحالي محمد نجيب رزاق الذي قام بتدويل قضية الحج، كرد منه على هذه التقاربات


ويُعتبر مهاتير أكبر تهديد لرئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق، الذي يواجه اتهامات بالفساد تضمنت احتواء حساباته المصرفية على مئات الملايين من الدولارات.


ويأتي ذلك في ظل بقاء أنور إبراهيم، وهو أكثر زعيم معارض يتمتع بشعبية في البلاد، في السجن، كما يبلغ مهاتير 92 من العمر وسيعتبر أكبر قادة العالم سنًا في حال فوزه.


وتولى مهاتير رئاسة البلاد من عام 1981 لمدة 22 عامًا، و أتيحت له الفرصة كاملة ليحول أفكاره إلى واقع، بحيث أصبحت ماليزيا أحد أنجح الاقتصاديات في جنوب آسيا والعالم الإسلامي، وتعتبر مفاهيم مهاتير عن التطور مخالفة لمفاهيم الغرب عمومًا والولايات المتحدة بشكل خاص، كما رأى مهاتير في ثقافة العمل في اليابان بشكل خاص هي الأنسب لثقافة وتكوين بلاده، حيث أصر مهاتير، أثناء توليه الرئاسة، على سياسته التي أثبتت الأيام أنها كانت ناجحة، حتى أن دولًا كثيرة تدرسها وتحاول تكرارها.


وبحسب تصريحات لمهاتير فإن وسائل إعلام عالمية ترفض دومًا الاعتراف بالنجاح الذي حققته ماليزيا في مواجهة الأزمة المالية الآسيوية، ولا تظهره بالشكل الكافي.