الصحافي العبسي.. اقتربت تحقيقاته من السوق السوداء فقتله أمراء الحرب

تقارير وتحقيقات

 العبسي
العبسي

يبدو أن قضية الصحافي الاستقصائي، محمد عبده العبسي، قد دفنت معه، رغم تأكيد تقرير الطب الشرعي، الذي أعد في الأردن، العام الماضي، أنه مات مسموما ومختنقا بمادة أول أكسيد الكربون.

وكان العبسي قد فارق الحياة، بصورة مفائجة، في شهر ديسمبر من العام الماضي، مع أنه لم يكن يشكو من أية أمراض، وهو الأمر الذي دفع أسرته إلى المطالبة بتشريح جثته قبل دفنها.

البيان الصادر  بيان عن فريق المتابعة الخاص بقضية وفاة الصحفي العبسي، أكد أن مادة (الكاربوكسي هيموغلوبين) في الدم بنسبة تشبع 65 %، والتي تعتبر قاتلة، وُجدت في العينات التي أُخذت من جثمانه.


سوق النفط السوداء

وكان العبسي، قبل مقتله، قد اشتغل على تحقيقات استقصائية عن تجار السوق السوداء في اليمن.

وبحسب الرسائل التي سربها العبسي لناشطين، دون أن ينشرها هو، خوفا على حياته، فإن أكبر شركات نفطية محتكرة لإستيراد النفط هي ثلاث شركات وكلها شركات حوثية.

وورد في الرسائل: الشركة الاولى والأكبر هي لمحمد عبد السلام الناطق بإسم جماعة الحوثي وقد أسس شركة نفطية بإسم شركة "يمن لايف " يديرها أخوه ، وشركه أخرى لـ دغسان محمد دغسان تاجر سلاح من صعده واسم الشركة "اويل برايمر".

وشركة "الذهب الاسود " لـ علي قرشة وهذا كان عضو لجنة الوساطه بالحرب الخامسة في محافظة صعدة شمالي اليمن بين نظام صالح والحوثيين.

وأكدت رسائل العبسي، المنقولة من تحقيقاته غير المنشورة، أن الثلاث الشركات الحوثية هي المحتكره لإستيراد النفط لليمن وتبيعه باسعار مرتفعه مع أنه لا حجر على إستيراد المشتقات النفطية.

في سياق آخر كشف العبسي عما وراء ارتفاع سعر الدولار إلى الضعف خلال فترة وجيزة.

وطبقا لما نقل عن العبسي فإن سبب الارتفاع يعود لسحب العملة الصعبه من السوق وتحويلها للمتاجرة في استيراد النفط من الخارج.

ويضيف: تشكلت طبقة تجارية جديدة من الحوثيين في فترة وجيزة وهذا مايفسر شرائهم للعقارات والمباني مع ان البلاد في حالة حرب وعزمهم فتح شركات اتصالات من الجيل الرابع وبنوك وغيرها.

ويذهب تقرير العبسي إلى أن هذا الشيء هو احد أسباب إفشال محمد عبدالسلام وفريقه المفاوض لأي حلول ولكل مفاوضات السلام فهم يحاولون إبقاء الوضع الحالي كما هو لأطول وقت ممكن حتى يتمكنوا من تكوين ثروة تمكنهم من البقاء اقتصاديا.

وكان آخر ما قاموا به، بحسب الصحافي العبسي، هو إقصاء شركة استيراد لرجل الاعمال عمار توفيق وهو تاجر من تعز بسبب رفضه شراء نفط لشركاتهم باسمه من الخارج وتم حجز ست ناقلات نفط عليه في غطاس ميناء الحديدة حتى تراكمت عليه الغرامات بأكثر من قيمة الحمولة.

تهديد وتنفيذ

الصحافي العبسي، الذي عرف بتحقيقاته الاستقصائية المميزة، كان قد أخبر أحد زملائه أنه لم يعد قادرا على النشر في صفحته أو باسمه، بسبب التهديدات التي تصله، والتي تُرجمت، ذات مرة، إلى خطوات عملية، من خلال تهشيم زجاج سيارته.

وبحسب ما نشره زملاء كانوا على تواصل معه، فإنه كان ينتظر الوقت المناسب لنشر تحقيقاته، قبل أن تصل إليه أيدي عصابات السوق السوداء.

ولأن الصحافي العبسي من سكان صنعاء الخاضعة لسيطرة المليشيا، فقد انتهت قضيته بمجرد أن اختفت جثته تحت التراب في إحدى مقابر صنعاء.