كيف إستفاد أصحاب محلات الصرافة من الحرب في اليمن "حضرموت أنموذجاً"؟

تقارير وتحقيقات

صور ارشيفية
صور ارشيفية

مع إنهيار قيمة العملة الوطنية للبلاد وبداية نفاذ وتلاشئ المخزون النقدي من العملات الأجنبية في خزينة البنك المركزي اليمني جراء الأحداث التي تمر بها البلاد، إستغل معظم أصحاب محلات الصرافة المتاجرين بالعملة هذه الأزمة لصالح نفوذهم وبدوء بالتلاعب في أسعار العملات الأجنبية مما جعل قيمة الريال اليمني تصبح على المحك.

ولمعت خلال الأعوام القليلة الماضية أسماء الكثير من أصحاب محلات الصرافة ووصل بريقهم في عالم الإقتصاد إلى حد كبير جداً، ففي محافظة حضرموت أشتهرت شركة "العمقي وإخوانة" للصرافة، وأيضاً شركة "البسيري" للصرافة، وأخيراً وليس بأخراً مصرف "الكريمي" للصرافة والتمويل الأسلامي الأصغر.

وما تم ذكره من أسماء صرافات أعلاه ليست هي وحدها التي توجد في محافظة حضرموت، فهناك شركات صرافة أخرى بحضرموت يمتلكها أشخاص معروفين ولكن لم تحظئ بنفس الشهره التي يمتلكها "العمقي" و "البسيري" و "الكريمي" في عالم الصرافة لإنتشار فروعها في أغلب مديريات ومناطق المحافظة وبشكل واسع. 

ولم يضع أصحاب محلات الصرافة هذه في حسبانهم أي حساب ثمناً للشهرة، فهم أيضاً أشتهروا بالمتاجرة في العملة وأصبحت أسماءهم تنطق على كل لسان في محافظة حضرموت خصوصاً وباقي المحافظات عموماً.

متى ظهر المتاجرين بالعملة؟

ظهر المتاجرين بالعملة مع عدم قدرة البنك المركزي، أو بالأصح ليس بمقدورة، على توفير السيولة النقدية الأجنبية للتجار، مما جعل التأجر يلجئ لحيلة أخرى لكي يقوم بتوفير السيولة الأجنبية من أجل الإستيراد من الخارج.

وجميع هذه العوامل ساعدة المتاجرين بالعملة لبناء تجاره قائمة على الإستغلال، وكان ذلك بالبدء في توفير العملة الأجنبية للتجار بسعر خيالي يفوق السعر الذي يفرضة البنك المركزي المجزاء إلى جزئين أحدهم تحت سيطرت الحوثيين في صنعاء، والآخر تحت سيطرت الشرعية في عدن. 

كيف يوفر المتاجرين بالعملة السيولة الأجنبية؟

مع عدم إلتزام أو إلزام أصحاب محلات الصرافة، بسعر الصرف الذي يفرضة البنك المركزي، تمكن المتاجرين بالعملة من التحكم بسعر الصرف في المحافظة التي يسيطر عليها، فبمجرد أن يطلب أحد التجار رقم معين من العملة الأجنبية يقوم المتاجرين برفع سعر صرفها لإغراء المتحفظين عليها من المواطنيّن بصرف مالديهم من عملة. 

وفي دليل على ذلك رصد مراسل "اليمن العربي" في حضرموت، أن سعر الصرف مقابل الريال السعودي يتراوح عند 115 - 117 ريال يمني، في معظم أيام الشهر، ولكن مع نهاية الشهر وعند إقتراب موعد إستلام رواتب المنتمين للمنطقة العسكرية الثانية والتي تقوم قوات التحالف العربي بالإشراف على قواتها، يتراجع سعر الصرف نسبياً ويصل إلى 102 - 104 ريال يمني، بالرغم من أنهُ كان في اليوم الذي سبقه عند 115 ريال يمني أو أكثر. 

ويلاحظ أغلب أفراد المنطقة العسكرية الثانية، هذا التلاعب التي يقوم به أصحاب محلات الصرافة المحليين، والذي هم من بني جلدتهم للأسف، حيثُ أنهُ بمجرد أن يتأكدوا بأن جميع الأفراد قاموا بصرف مالديهم من عملة أجنبية، يعود سعر الصرف للأرتفاع كما هو معتاد عليه عند 115 - 117 ريال يمني. 

الجدير ذكره أن سعر صرف العملات الأجنبية قد يزيد فجأةً بحسب حاجة التأجر للعملة، بعد أن يتفق مع أصحاب محلات الصرافة المتاجرين بالعملة لشراء العملة بسعر معين من المواطنيّن المتحفظيّن عليها حتى إرتفاع سعر الصرف. 

كيف إستفاد المتاجرين بالعملة؟

يمكن القول إن أصحاب محلات الصرافة المتاجرين بالعملة إستفادوا من فارق بيع وشراء العملات الأجنبية بشكل كبير نسبياً، وذلك بعد توفير السيولة النقدية للتجار لكي يقومون بإستيراد بضائعهم من الخارج.

وإن صح القول فإن أصحاب محلات الصرافة المتاجرين بالعملة يلعبون لعبة الوسيط الرابح، فهم يوفرون السيولة الأجنبية من المواطنيّن المتمسكين بها بعد إغراءهم بسعر الصرف، ومن ثم يقومون ببيعها بفارق سعر عالي للتجار، وهنأ يكون سعر البيع بحسب حاجة الزبون وإضطرارة لشراء العملة الأجنبية من أجل الأستمرار في تجارته. 

هل يترتب عن ذلك أي آثار جانبية؟

الأجابة هنأ «نعم»، يترتب عن شراء العملة الأجنبية من المتاجرين بالعملة بأسعار خيالية عواقب وخيمة، تنعكس آثارها على جميع المواطنيّن في حياتهم المعيشية اليومية منها إرتفاع أسعار المواد الغذائية والكمالية وأيضاً سعر المشتقات النفطية بشكل أساسي.

وطبعاً عند سؤال أحد التجار عن سبب زيادة سعر سلعة ما، سيكون الجواب حتماً “بسبب إرتفاع سعر الصرف”، ولا يدرك المواطن المتحفظ على العملات الأجنبية أنهُ يعد سبب من مسببات إرتفاع سعر الصرف. 

والسؤال هنأ هل ستستمر الحكومة بترك أصحاب محلات الصرافة المتاجرين بالعملة بالتلاعب بسعر الصرف أم أنها ستتخذ خطوات حاسمة حيال ذلك الأمر؟ وهل ستتخذ إجراءات قانونية صارمة ضدهم أم أنها كالعادة ستتغاضى عن ذلك؟..