السفر إلى بيحان .. مشقة صنعتها المليشيا يسعى الجيش لكسرها

تقارير وتحقيقات

السفر إلى بيحان
السفر إلى بيحان

السفر إلى بيحان .. مشقة بالغة صنعتها مليشيا الحوثي الانقلابية عزلت من خلالها مديرية بيحان غرب محافظة شبوة عن محيطها اليمني، جاعلة من حياة السكان بداخلها أكثر معاناة من سواهم من سكان بقية المحافظات القابعة تحت سيطرة تلك المليشيا المتطرفة.

في أواخر مارس من العام 2016 م، أقدمت مليشيا الحوثي الانقلابية على قطع كافة الطرق المردية إلى مديرية بيحان، بعد ان قامت بقطع الطريق الاسفلتي الرئيسي الرابط بين محافظتي مأرب وشبوة .

وبحصارها الجائر الذي فرضته المليشيا على بيحان، تسببت في تفاقم معاناة السكان في المديرية، التي شهدت انتشاراً كبيراً للأوبئة كوباء حمى الضنك الذي حصد أرواح العشرات من ابناء المديرية نتيجة صعوبة إدخال الأدوية إلى مستشفياتها وصعوبة اسعاف المصابين إلى خارجها .

وصول محدود

ليس كل من أراد السفر من مدينة بيحان غرب شبوة إلى مدينة حريب جنوب شرق مأرب، أو من حريب إلى بيحان المحاذية لها، يستطيع ذلك بسهولة.

قد تستطيع جميع السيارات والحافلات الوصول إلى صنعاء وصعدة بقية المحافظات الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية، ولكنها لا تستطيع جميعها الوصول إلى بيحان.

يقول مراسل " اليمن العربي " ان السفر من مأرب إلى حضرموت مسافة 1000 كم، أكثر سهولة من السفر إلى بيحان المتاخمة لمأرب من الجنوب على بُعد مسافة لا تزيد عن 100 كم.

وأوضح المراسل ان السفر من حريب إلى بيحان المحاذية لها على بُعد مسافة لا تزيد عن 30 كم، أصبح صعب وشاق للغاية، حيث يضطر المسافرون إلى عبور تلال وكثبان رملية مرتفعة من الصعب عبور المركبات ثنائية الدفع لها.

وأضاف المراسل ان الحافلات والمركبات ثنائية الدفع لا تستطيع أبداً عبور الطريق الصحراوي الذي بات هو الطريق الوحيد الرابط بين حريب وبيحان.

وأشار إلى أن السيارات رباعية الدفع هي فقط تستطيع عبور تلك الطرق الصحراوية الوعورة التي تعبر أعالي الكثبان الرملية في صحراء ذهبا شمال بيحان.

وأكد المراسل انه استغرق وقتاً طويلاً للوصول من حريب عبر الصحراء إلى مديرية عسيلان شمال شرق وادي بيحان على متن سيارة رباعية الدفع عبرت بمشقة شاسعة إلى أطراف المنطقة المحاصرة، ولم يتمكن من العودة بسهولة نتيجة انعدام سيارات الأجرة بين حريب وبيحان، نتيجة العدد المحدود لسيارات الأجرة ذات الدفع الرباعي وعدم قدرة سائقي سيارات وحافلات الأجرة من التنقل بين المديريتين، ما دفعهم إلى الانتقال للعمل في مدن أخرى التنقل فيما بينها عبر طرقاً معبدة .
وقال ان الكثير من السكان ممن يمتلكون سيارات ثنائية الدفع عندما ينوون السفر إلى بيحان يتركون سياراتهم ويبحثون عن سيارات رباعية الدفع أجرة أو إعارة من صديق .

مشقة السفر عبر الصحراء

تشعر بالحزن الشديد عندما ترى السيارات والحافلات المدنية تعدل عن الطريق الرئيسي المعبد، لتسلك طرقاً صحراوية وعرة وشاقة، ويتحمل المسافرون من كبار سن ومن نساء وأطفال مشقة السفر عبر الصحراء أملاً منهم في الوصول إلى منازلهم مهما كلف الثمن، ولا شيء يجبر المسافرين على ترك الطريق الاسفلتي القريب سوى إرادة مليشيا الحوثي الانقلابية.

ويقول سكان محليون في حديث لـ " اليمن العربي " ان الحصار الجائر الذي فرضته مليشيا الحوثي على بيحان من خلال قطع الطرق المعبدة المؤدية إلى المديرية، دفعهم وبالتعاون مع رجال الجيش والمقاومة إلى شق طرقاً بديلة عبر الصحراء للتخفيف من معاناتهم.

وأوضحوا ان مليشيا الحوثي قامت أواخر مارس من العام 2016، بقطع الطريق الاسفلتي من منطقة الساق شمال بيحان ومن منطقة الحمى شرق المديرية، وتقوم بإطلاق النار على المسافرين في حال حاولوا الاقتراب او العبور وقد تسببت في مقتل وجرح العشرات من المسافرين من ابناء المديرية.

وأكدوا ان حصار المليشيا لبيحان تسبب في ارتفاع اسعار الأجرة إلى سعر يتراوح بين 3000 ريال و 5000 ريال للراكب الواحد بعد ان كان لا يزيد عن 500 ريال فقط، كما تسبب في صعوبة التنقل من وإلى المديرية مما تسبب في ارتفاع نسبة الوفيات نتيجة صعوبة إسعاف المرضى والمصابين إلى خارج المديرية في ظل تفشي الأمراض والأوبئة نتيجة تردي الوضع الصحي في المديرية بعد ان أصبح من الصعب وصول الأدوية والمستلزمات الطبية إلى مستشفيات المديرية بسهولة حيث تقوم المليشيا بمنع دخول المساعدات الطبية والغذائية المقدمة من الهلال الأحمر الإماراتي والأمم المتحدة.

وعبر السكان عن شكرهم الكبير لما تقوم به قوات الجيش الوطني من فتح طرق بديلة وتطهيرها من ألغام المليشيا وتوفير الحماية والتأمين لها.

كما عبروا عن استيائهم الكبير من صمت المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني عن جرائم الحصار المطبق الذي تفرضه مليشيا الحوثي على السكان المدنيين في مديرية بيحان غرب محافظة شبوة، مطالبين بتحرك دولي انساني، وتحرك يمني وعربي يكسر حصار المليشيا ويطرد المليشيا الانقلابية ويعيد المديرية إلى أحضان الجمهورية.

تفريق بين الأهل وقطيعة أرحام

تسبب الحصار الجائر الذي تفرضه مليشيا الحوثي على بيحان في التفريق بين سكان المديرية وسكان المديريات المجاورة لها الذين تربطهم علاقات اجتماعية وأسرية.

عبد الرحمن عبدالله أحد سكان حريب المجاورة لبيحان يقول في حديث لـ " اليمن العربي " أشعر بالخجل الشديد عندما تجمعني الصدفة بأحد أقاربي من ابناء بيحان في منطقة أخرى، وأنا لم أتمكن من القيام بواجبي تجاهه في عدة مناسبات من سواء كانت افراح أو عزاء، بعد ان تسبب حصار المليشيا على بيحان في عدم القدرة على السفر والدخول إلى الأقارب والأرحام في الداخل المحاصر في بيحان.

وأضاف : لم تكن تمنعنا سيطرة مليشيا الحوثي على بيحان أواخر مارس 2015، من زيارة الأهل والأقارب في بيحان، وكنا نعبر بنقاط تابعة لها منتشرة على الطريق الاسفلتي المؤدي إلى بيحان، لكن بعد ان قامت بقطع الطرق وفرض حصار مطبق على بيحان أواخر مارس 2016، وتعمدها إطلاق النار على المارة لم نتمكن من العبور إلى الاقارب كما كنا من قبل نتمكن من ذلك.

حلول بديلة لتخفيف المعاناة 

ما أن فرضت المليشيا حصارها المطبق على بيحان بقطع كافة الطرق الاسفلتية المؤدية إلى المديرية، حتى هرع رجال الجيش والمقاومة إلى البحث عن حلول بديلة لكسر حصار المليشيا على المديرية لتخفيف معاناة السكان .
وبدأ رجال الجيش في لواء الحزم، بتطهير المناطق المحررة شمال بيحان من الألغام الأرضية التي قامت مليشيا الحوثي بزراعتها، وتمكن الفريق الهندسي التابع للواء الحزم من تفكيك نحو 650 لغم أرضي زرعته المليشيا في الطريق الرملي الرابط بين بيحان وحريب.

كما قام لواء الحزم بنشر نقاط عسكرية على امتداد الطريق الاسفلتي والصحراوي الرابط بين حريب وبيحان بعد تطهيره من ألغام المليشيا ونشر وحدات عسكرية من اللواء بالخطوط الأمامية بجبهة الساق شمال بيحان لتأمين الطريق وتحرير ما تبقى من مديرية بيحان إلى جانب ألوية 26 مشاة و19 مشاة و21 ميكا والمقاومة.

وقال العميد الركن أحمد صالح أحمد العقيلي في حديث خاص لـ " اليمن العربي " ان مليشيا الحوثي الانقلابية هي من قام بفرض الحصار المطبق على بيحان بعد أن قامت بقطع كافة الطرق الاسفلتية المؤدية إلى المديرية.

وأوضح العميد العقيلي ان الجيش الوطني لا يمانع في فتح الطريق، بل هو من يقوم بتأمينها وتطهيرها من ألغام مليشيا الحوثي ويوفر الحماية الكاملة للمسافرين، ويرحب بأي مساعي خيرية تسعى إلى فتح الطريق، إلا ان مليشيا الحوثي تنقلب على كل اتفاقيات وتقوم بإطلاق النار على المسافرين كما قامت بزراعة الألغام والعبوات الناسفة والمتفجرات في الطريق الاسفلتي وعلى محاذاته.

وأكد ان اللواء الذي يقوده من خلال الفريق الهندسي التابع له تمكن من تفكيك نحو 650 لغم أرضي من مناطق شمال بيحان، كما قام بنشر نقاط عسكرية على امتداد الطريق لتأمين المسافرين إضافة إلى نشر وحدات عسكرية من اللواء في الخطوط الأمامية بجبهة الساق لمواصلة تحرير بيحان وحماية الطريق الرملي البديل.

وأوضح العميد الركن احمد صالح العقيلي ان دوريات تابعة للواء الحزم تقوم بتمشيط الطريق الرملي البديل الرابط بين حريب وبيحان لتأمينه إضافة إلى تكليف فصائل راجلة تقوم بحماية الطريق من أية محاولة تسلل للمليشيا لضمان عدم وصولها إليه لزراعة الألغام والمتفجرات التي قد تعرض حياة المسافرين المدنيين للخطر، كما تسببت في استشهاد وإعاقة عدداً من المسافرين إضافة إلى تدمير مركبات مدنية أواخر العام قبل الماضي.

وأشار العقيلي إلى ان قوات اللواء تمكنت من كسر عدة محاولات هجومية قامت بها المليشيا حاولت من خلالها التقدم إلى الطريق الرملي شمال منطقة الساق للسيطرة عليه وإحكام الحصار على بيحان بشكل كلي، بعد ان تمكن الجيش من تخفيفه من خلال تلك الطريق الصحراوية البديلة التي استطاع من خلالها كسر حصار المليشيا على السكان في بيحان بشكل جزئي خفف قليلاً من معاناتهم.

وختم العميد الركن العقيلي حديثه لـ " اليمن العربي " ان تحرير بيحان ضرورة ملحة ومسئولية تقع على عاتق الجميع لإنهاء معاناة السكان القابعين تحت الحصار الجائر الذي تفرضه مليشيا الحوثي الانقلابية المتطرفة منذ أكثر من عام ونصف العام متسببة في كوارث انسانية متعددة صحية ومعيشية يتعرض لها السكان داخل المديرية المحاصرة.