صحيفة إماراتية: الدبلوماسية القطرية تشبه "جحا" كثيراً

عرب وعالم

تميم ن حمد
تميم ن حمد

عدن - اليمن العربي

قالت صحيفة إماراتية أن الدبلوماسية التي تتبعها قطر تشبه كثيراً قصة جحا الذي سئل أين أذنك اليسرى؟ فمد يده اليمني فوق رأسه ليمسك بها، في حين انه كان من الممكن ومن السهل أن يمسكها بيده اليسرى، من دون أن يتكبد مشقة أشبه بالبهلوانية.


وأوضحت صحيفة الخليج الإماراتية في سياق تقرير لها، أن الدبلوماسية القطرية تشبه جحا كثيراً، ويتطابق أسلوبها في التفكير والعمل مع أسلوبه .. مشيرة إلى أنها بدلاً من أن تسخّر جهدها لحل الأزمة القطرية بالطريقة الأسهل، تتكبد المشاق، وتضيع الوقت والمال والجهد، من دون كثير غناء، حتى ينطبق عليها المثل العربي القديم«جعجعة ولا أرى طحناً»، أو شبيهه الانجليزي «Much ado about nothing».


وجاء في الصحيفة، "وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس الدبلوماسية القطرية منذ بدء الأزمة القطرية مع الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، وهو في حالة حركة دائبة". 


وأضافت "فما إن يعود من جولة خارجية حتى يتبعها بأخرى. وهو في أكثر من 120 يوماً من عمر الأزمة زار الكويت، وإيران، وتركيا، وألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وروسيا، والصين، واليابان، والدول الاسكندنافية، والولايات المتحدة، وكندا، بل إن زياراته إلى بعض هذه الدول تكررت اكثر من مرة. وهذه الدول بينها الخمسة الكبار دائمو العضوية في مجلس الأمن الدولي والدول الصناعية الكبرى في مجموعة السبع".


وترى الصحيفة أن الدوحة إستقبلت هي الأخرى وزراء خارجية هذه الدول، ووزراء الدفاع في بعض هذه الدول، ومبعوثين خاصين، أرسلهم رؤساء حادبون على التوسط، أو المساعدة في الوساطة للتوصل إلى حل ينهي الأزمة.


وأكدت الصحيفة أن رئيس الدبلوماسية القطرية قطع قرابة 140 ألف كم و168 ساعة طيران متجولاً في عواصم الدول الكبرى والمتنفذة في العالم، من اجل استقطاب هذه الدول إلى جانب قطر، والتدخل والضغط على الدول الأربع الداعية إلى محاربة الإرهاب من اجل تخفيف ضغوطها ومقاطعتها لقطر.


وأستطردت : في حين أن المسافة بين الدوحة والرياض لا تزيد على 700 كم، والوصول إلى العاصمة السعودية بالطائرة لا يستغرق سوى ساعة من الزمان.


وبحسب الصحيفة فالمسافة إلى حل الأزمة القطرية قصيرة جداً، ولكن قطر لا تريد أن تقطع هذه المسافة القصيرة، وتفضل الطريق الطويل في الاتجاه المعاكس الذي لا يوصل إلى الهدف. 


وأشارت الصحيفة إلى أن مثل هذا المسار يعني أن من سلكه قد ضل الطريق. ومن يضلّ الطريق يدرك - لو كان عاقلاً- مع طول الرحلة انه لابد أن يتوقف، ليعيد مساره إلى الاتجاه الصحيح. فالرحلة التي تستغرق ساعة واحدة في الاتجاه الصحيح، أصبحت رحلة طويلة استغرقت آلاف الساعات من دون الوصول إلى الوجهة النهائية الصحيحة.


وقالت الصحيفة "الهدف هو حل الأزمة القطرية، وعودة الدوحة إلى حاضنتها الخليجية، ولكن الرحلة طالت، والأيام امتدت، فهل من المعقول أن الدبلوماسية القطرية لم تدرك حتى الان أنها قد ضلت الطريق، وفقدت الاتجاه الصحيح الذي يجب أن تتجه إليه لتصل إلى الوجهة النهائية والغاية المقصودة؟


البلاغة الدبلوماسية هي التي تستخدم ما قلّ ودلّ للوصول إلى الغاية المقصودة، والدبلوماسية الناضجة تستخدم الآليات المرعية للاتصال والحوار والتفاوض، والنظر في الخيارات المتاحة والممكنة لأن الدبلوماسية في أبسط تعريف لها هي «فن الممكن»، والدبلوماسية الناجعة هي القادرة فعلاً على توظيف هذه الآليات في تحقيق الهدف المنشود من الحراك، وإلا فإن زخم الحركة الدبلوماسية القطرية الجاري الآن يعني أن الدولة الصغيرة تمارس تمريناً لا حاجة إليه لتثبت شيئاً، لأنه لم يثبت أي شيء حتى الآن".
 

وأكدت الصحيفة أن قطر نهجت نهجاً دبلوماسياً يقوم على الاتصال مع الدول الكبرى وإبلاغها الشكوى والمظلومية القطرية المزعومة، واحتمال تعرضها لعمل عسكري من الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، وطلبها صراحة تأمينها ومنع أي عمل عنيف قد تتعرض له.


وأشارت إلى أن الزعم بأن قطر معرضة لعمل عسكري من الدول الأربع زعم لا دليل عليه، ولا مؤشرات توصل إليه، أو استعدادات تشي به. فقد ذهبت قطر بعيداً في تضخيم كل شيء، وادعت أنها تتعرض للحصار، وأن شعبها يتعرض للتجويع، وأن مواطنيها يتعرضون لسوء المعاملة في الدول الأربع..إلخ. وهي كلها مزاعم لا يصدقها الواقع وتوصيفات تجانب الحقيقة. 


وأوضحت الصحيفة أن هذا ما ركز عليه وزير الخارجية محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في جولاته العديدة على مختلف الدول التي تعتقد قطر أنها توفر لها الأمن، وتملك القدرة على الضغط على الدول الأربع للتراجع عن موقفها المقاطع للدوحة. وقد حاول الوزير في مؤتمراته الصحفية التي عقدها في العواصم التي زارها، اللعب على نغمة أن قطر تتعرض لحصار جوي وبري وبحري، وهو يعلم جيداً أنه أمر غير صحيح، فليس هناك حصار بهذه الصفات على قطر، وإنما هي مقاطعة.


وبحسب الصحيفة لم يستنكف الوزير ومعلمه الأكبر (وزير الخارجية السابق) حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الزعم بأن الدول الأربع تحاول تجويع الشعب القطري، لتركيعه، ومصادرة قراره السياسي، وفرض الوصاية على البلد، وكانت بين الفينة والأخرى تفلت من الرجلين اتهامات غير مباشرة، أو مباشرة إلى السعودية.


وسعى وزير الخارجية القطري دوماً إلى القول إن المطالب الثلاثة عشر التي قدمتها الدول الأربع، والمبادئ الستة التي شددت عليها لحل الأزمة، تمسّ السيادة القطرية، ولا مجال للنقاش حولها، وفي الوقت نفسه يدعي الوزير، ومن بعده الأمير تميم بن حمد (خلال زياراته إلى تركيا وألمانيا وفرنسا ولقاءته على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وزياراته إلى إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة) أن قطر مستعدة للحوار والجلوس إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل للازمة. وهو كلام يبدو جيداً، ولكن من الناحية النظرية، وعلى أسلوب «طق الحنك». فالدبلوماسية القطرية لم تعط مؤشراً جيداً على رغبتها في الحوار.


وترى الصحيفة أن الدوحة تستثمر في الوقت، فهي تزعم الرغبة في الحوار والتوصل إلى حل، وتدعي أنها تحارب الإرهاب، ولكنها عملياً تتباعد كل يوم عن أية رغبة في التوصل إلى حل. فالمسؤولون القطريون يشرّقون ويغرّبون ولكنهم يفتقرون إلى الشجاعة، أو الجدية، أو الرغبة في تسوية الأزمة. 


واضافت "فالدبلوماسية القطرية تعلن تأييدها للوساطة الكويتية، وهي تعمل على نسفها، وفي الوقت نفسه لا تبالي بالجهد الخليجي، وتعوّل على قوة الضغط الغربية، وهي تسارع إلى توقيع بروتوكول لمكافحة تمويل الإرهاب مع الولايات المتحدة، لكنها لا تبالي بأن تعقد مثل هذا الاتفاق وإمضاء هذا التعهد إلى الدول الشقيقة في الخليج والوطن العربي، أو حتى الوفاء بالاتفاقات السابقة التي وقعها الأمير تميم في 2014".


ولفتت الصحيفة أن قطر تحاول تدويل الأزمة باعتبار أن الدول الكبرى التي تعتقد الدوحة أن لها عليها دالة ويداً سابقة، ستمنع أي عمل عسكري ضد قطر، كما ستمنع إجبار الدوحة على القبول بالشروط التي تطرحها الدول الأربع. وقد حاولت قطر جاهدة تكبير ملف التدويل مع الدول الكبرى وفي المنظمات العالمية وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة.


وأشارت الصحيفة إلى أن كل تلك المحاولات وجهود التدويل باءت بالفشل الذريع .. موضحة أن الدول الكبرى نصحت قطر بالعودة إلى الحوار والتفاوض، والبحث عن الحل في إطار البيت الخليجي. كما كررت هذه الدول دعمها للمبادرة الكويتية وأنها لا ترغب، ولا تحمل وساطة جديدة تتفق مع الرغبة القطرية في الاستقواء.


وأكدت الصحيفة أن الدبلوماسية القطرية تشرق وتغرب، ويمعن «تنظيم الحمَدين» في العناد والمكابرة والتعامي عن رؤية الحقائق، لكن أزمة الدوحة ظلت من دون حل لأن الدوحة تعتقد أنها تسلك الطريق الثالث للحل. 


وتكبد قطر نفسها بحسب الصحيفة المزيد من الأعباء المالية وتهدر الكثير من الوقت، من دون أن تنتج عن هذا الصرف المالي، والجهد المبذول ثمرة نافعة، أو تحقيق الغاية المقصودة. وهذا بلغة الاقتصاد يعني العجز عن تحليل المنفعة، فإذا كان العائد من العمل صفراً فهو فاشل، ومن الأجدر التوقف عن هدر الموارد المادية والبشرية على قضية خاسرة.


وأكدت أنه ينبغى على قطر أن تدرك ضرورة التحول من التكتيكي إلى الاستراتيجي.