خبير اقتصادي: التطاول على استقلالية البنك المركزي يستهدف الشرعية

اقتصاد

النك المركزي اليمني
النك المركزي اليمني - عدن

متابعات: خاص

اتهم الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور محمد علي القاضي الحكومة بأنها وراء تدهور سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية جراء إصرارها على استمرار فتح عدد من الحسابات الحكومية في احد البنوك الخاصة بالسعودية، وذلك خارج الحساب الرسمي العام للبنك المركزي.


وقال الخبير الاقتصادي في تقرير متخصص نشرته عدد من المواقع الالكترونية "ان استمرار توريد إيرادات بيع النفط في حساب خاص في الرياض، وتوريد الإيرادات القنصلية في حساب أخر منفصل يتبع وزارة الخارجية، لهو مؤشر خطير، على تعدد ازدواج الحسابات الحكومية خارج الحساب الرسمي والعام للبنك المركزي". مشيرا الى ان الصرف المباشر من قبل رئيس الوزراء ووزير الخارجية من هذه الحسابات الخاصة يعد مخالفة جسيمة لقوانين المالية العامة، وهي إجراءات غير قانونية وغير دستورية لم تشهد لها مثيل في تاريخ اليمن.


واستغرب القاضي من إصرار رئيس الوزراء على استمرار هذه الحسابات خصوصا بعد انتفاء الحاجة لها عقب انتقال مقر البنك المركزي إلى عدن. منوها الى ان الاستمرار في الصرف المباشر من "المنبع الايرادي" يضعف من قدرة وزارة المالية في الإشراف الفاعل على الموازنة العامة للدولة، ويجعل البنك المركزي عاجزاً عن تنشيط دورة النقود والوفاء بالتزامات الدين العام تجاه البنوك المحلية، كما انه يعيق توفير السيولة اللازمة للاقتصاد الوطني.


ونبه الدكتور محمد علي القاضي من ان الإشكال الأكبر في عدم توريد إيرادات بيع النفط والإيرادات القنصلية في الحد من قدرة البنك المركزي في إعادة بناء وإدارة الاحتياطات الخارجية، ويضعف من مصداقيته في القدرة على الوفاء بالتزاماته الخارجية تجاه الدائنين والبنوك المحلية، وبالتالي يعيق تدفق الواردات السلعية. وهي إجراءات حقيقة لمعالجة التدهور الحاصل، إذا ما تمت ستسهم في تدعيم العملية الوطنية وإيقاف حالة الانهيار الحاصلة.


وأكد الخبير الاقتصادي من ان ذلك سيفضي الى كارثة حقيقية ستعمل على مزيد من انهيار العملة وستنتهي بنا الى عجز كامل في تدفق الواردات السلعية الهامة لقوت المواطنين والاحتياجات الضرورية، وسيصاحبه ارتفاع جنوني للأسعار.


وحذر القاضي من التعدي على استقلالية البنك المركزي اليمني، وتجاوز النصوص الدستورية والقانونية لمهامه واستقلاله الكامل عن الحكومة او رئيسها، يعد سابقة خطيرة ستكون تداعياتها كبيرة، خصوصا إذا ما تبين ووصل هذا التأثير لتقييم الصناديق والمؤسسات المالية الإقليمية والدولية المتابعة للشأن الاقتصادي اليمني عن قرب، والأداء المؤسسي للبنك المركزي ومدى تمتعه بالاستقلالية. والتي بدون دعمها واعترافها وثقتها في استقلالية مجلس إدارة البنك المركزي لن تقوم للبنك قائمه.

 

ودعا الدكتور محمد علي القاضي الرئيس عبدربه منصور هادي للتنبه للتطاول الحاصل على استقلالية البنك المركزي، وبأنه أمر يستهدف الشرعية ولا يخدمها محلياً وإقليمياً ودولياً، خصوصاً وان على قيادته شخصية مصرفية لها حضورها وتأثيرها الكبير، وتحظى أيضاً باحترام واعتراف وثقة جميع رؤساء الصناديق والمؤسسات المالية الإقليمية والدولية والبنوك التجارية والإسلامية المحلية والإقليمية.

 

وتناول الأكاديمي القاضي في تقريره عدداً من الموضوعات المتصلة بإصرار المحافظات الخاضعة لسيطرة الشرعية بعدم توريد إيراداتها لحساب البنك المركزي، مقابل المطالبات بدفع الرواتب، والضغط على البنك بدفع مرتبات الجيش الوطني التي تتكفل المملكة بدفع رواتبهم، وتجاوز الاتفاق بان الأوراق النقدية المطبوعة (الجديدة) هي لمواجهة مرتبات المدنيين، ولإرفاد البنوك اليمنية بالسيولة المطلوبة للحفاظ على القطاع البنكي من الانهيار.

 

وفسر الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور/ محمد علي القاضي الهجوم الحاصل على شخص محافظ البنك المركزي، بأنه سعي طرف سياسي يمثل أحد أقطاب الشرعية للدفع بتعيين شخصية محسوبة عليه، لبسط باقي نفوذهم السياسي على مؤسسات الشرعية، وهم يسعوا بكل قوة لأن يكون لهم موطئ قدم في البنك المركزي وكذلك في وزارة المالية.

 

وأشار إلى أن محافظ البنك المركزي ليس وزيراً تعينه ثم تغيره لمتطلبات توازنات سياسية معينة، وإنما يخضع تعيين وإقالة المحافظ، لقانون البنك المركزي اليمني رقم (14) لسنة 2000م وتعديلاته الذي حدد فترة خدمة المحافظ ونائبه بخمس سنوات، ومجلس الإدارة بأربع سنوات، محدداً الحالات القاهرة التي تستدعي إجراء أي تغيير.