باحث سياسي يُفجر مفاجآت حول كركوك.. ويكشف أسرار الصفقات التي يعقدها قاسم سليماني على حساب العراقيين (حوار)

تقارير وتحقيقات

قاسم سليماني
قاسم سليماني

فجر الدكتور غسان حمدان، الباحث السياسي العراقي، العديد من المفاجآت والأسرار في حوار له مع "اليمن العربي"، حول معركة البيشمركة في كركوك، واستقلال كردستان، والتحركات الأخيرة للجيش العراقي، مؤكدًا أن انسحاب البيشمركة هو بداية العودة إلى الطريق الصحيح ونتيجة التوافق السري الذي حدث ولم يعلن عنه بشكل رسمي بعد.

 

*هل زيارة قاسم سليماني أول أمس لأربيل كانت تمهيدًا لعزل الاتحاد الوطني الكردستاني عن معركة البيشمركة وحزب مسعود بارزاني؟

◄كل القرائن تشير إلى ذلك، ولكني بصراحة أعتقد أن الأمر مجرد تمثيلية، بعبارة أخرى، إن الاتفاق حصل مع الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة أسرة الطالباني وكذلك الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه البارزاني، بتعبير آخر لم تحصل خيانة من قبل الاتحاد الوطني الكردستاني بل إنه كان هناك تنسيق بين الطرفين، صحيح أن هناك خلافات بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي ولكنها ليست بقدر ما يجعلهما في مواجهة أحدهما الآخر علانية، صحيح أن الانسحاب الكردي من كركوك حصل بفعل ضغوط اقليمية ودولية وحتى مباركة الولايات المتحدة الأميركية كعقاب على عدم التفات بارزاني للغرب بوجوب تأجيل الاستفتاء أو إلغائه، إلا أن الانسحاب كان نتيجة الحوار مع الحزبين الأساسيين في الإقليم الكردي.

 

*ما هي أسباب زيارة قاسم سليماني لأربيل؟

◄هناك من يتساءل لماذا زار قاسم سليماني مدينة سليمانية ولم يلتقي بمسؤولي الحزب الديمقراطي في أربيل؛ الإجابة هي: إنه بعد هذه الضغوطات تم الاتفاق على بعض النقاط من ضمنها عودة حدود الإقليم إلى عام 2003، وإعادة الرواتب المقطوعة بسبب الخلافات و... ولكن، من أجل الحفاظ على ماء وجه البارازني الذي صرح عدة مرات بأنه لم يتراجع عن كركوك وأن المدينة هي "قدس كردستان"، وأن الحدود ترسم بالدم، قدموا تمثيلية بأن الاتحاد الوطني قام بخيانة شريكه الكردي ما جعل البارزاني يواجه الأمر الواقع، إن قام الاتحاد الوطني بالخيانة فلم بيشمركه الحزب الوطني لم يدافع عن كركوك والآبار النفطية وسنجار وبعشيقة والمواقع الأخرى، لماذا انسحب؟ لماذا لم يستجمع الحزب قواه ليحارب؟ كل هذه الأسباب تجعلنا نشكك في قضية الخلاف بين الحزبين، الأمر هو تحميل الاتحاد الوطني أسباب انتكاسة الكرد لحفظ ماء وجه البارزاني. أكيد سيحصل الاتحاد الوطني على امتيازات لقاء هذه "التضحية"..

 

* فساد منظومة النفط في كردستان العراق هي الحرب الحقيقية بين الحكومة المركزية وحلفائها ورئيس الإقليم وحلفائه، هل تعقد صفقة مرة أخرى على حساب المواطن العراقي الكردي مثلما فعل في السابق مسعود بارزاني و تعاونه مع صدام حسين ضد جلال الطالباني؟

◄بالتأكيد إن هذا الانسحاب ليس رخيصاً، بل جاء بعد إبرام صفقات سياسية وسيذهب ريعه للأحزاب المتنفذة والسياسيين والسماسرة، الوضع في العراق هش وغير مستقر والكل يريد الحفاظ على موقعه وذلك عبر تحالفات تناسب منافعهم، هذه المنافع غير مستمرة وستتغير بناءً على المعطيات السياسية والتطورات الإقليمية والعالمية.

 

وهناك من يقول إن الاتحاد الوطني الكردستاني رد بهذه الصفقة مع الجانب العراقي والانسحاب من مدينة كركوك، على تعاون الحزب الديمقراطي الكردي مع صدام حسين في عام 1995 حيث قاموا باحتلال أربيل وطرد الطالباني منها، لا أحد يستطيع ضمان المستقبل وربما سيكون هناك طلاق نهائي بين الحزبين الكردستانيين.

 

*الأمر مقلق جميع وسائل الإعلام منقسمين إلى مؤيد لتحركات الجيش العراقي وهروب قوات البيشمركة وعناصر بي كا كا، وإلى ما يرى أن ما حدث هو استكمال لفرض سيطرة ايران على العراق؟

◄قبل كل شيء أرفض ما يقال بأنه هروب قوات البيشمركة من كركوك، القوات لم تهرب بل إنها انسحبت بناء على أوامر قادتها السياسيين نتيجة اتفاق بين بغداد والطرفين الكرديين، هذا الانسحاب هو قرار حكيم وعاقل جنب البلاد إراقة دماء وحرب أهلية لن يفوز فيها أحد، الجميع خاسر في الحرب الأهلية، والانسحاب هذا يمهد الطريق للمفاوضات المستقبلية البعيدة عن النبذة الطائفية. كما أن وجود عناصر بي كي كي كان مجرد إشاعة ولم يثبت الأمر. وأما في خصوص إيران... إن السيطرة الإيرانية موجودة في المنطقة الخضراء فقط. حتى في المدن المذهبية كالنجف وكربلاء ليس هناك أي وجود للسلطة الإيرانية.. النفوذ الإيراني ينحصر في الأحزاب الدينية فقط وليس في الأماكن الجغرافية؛ والأهم من ذلك كله نأمل أن ينتهي النفوذ الإيراني ويجد العراق هيبته وسيادته. هناك من يتخوف من الحشد الشعبي ويصوره على أنه فصيل شيعي يقوم بالذبح الطائفي فهو متوهم، مدينة سنجار الإيزدية عادت للعراق بعدما خرجت منها القوات التابعة للبيشمركة، ويحفظ أمنها الآن قوات إيزدية تابعة للحشد. بعبارة أخرى الحشد ليس شيعياً، وإنما يضم الإيزيديين والمسيحيين وحتى السنة. الحشد ليس فصيلاً واحداً، بل يتشكل من عدة فصائل، كما أن الحشد الشعبي سوف يخرج من كركوك حسب الاتفاق المعلن. ما نسمعه مجرد تهويل للأمر ومبالغة في قلب الحقائق.

 

*هل ممكن العودة إلى المربع صفر والجلوس إلى طاولة المفاوضات والاتفاق على صيغة موحدة تضمن حق الشعب العراقي في إقليم كردستان في حياة كريمة وإنعاش اقتصاد الإقليم مع مراعاة توريد عائدات النفط إلى حكومة العراق المركزية، أم أن الأمر صعب؟

◄أنا أعتقد أن انسحاب البيشمركة هو بداية العودة إلى الطريق الصحيح ونتيجة التوافق السري الذي حصل ولم يعلن عنه بشكل رسمي بعد، وأما بالنسبة لانفصال الكرد أعتقد أنه لن يحصل في المستقبل القريب بسبب الظروف الإقليمية وعدم رضا دول الجوار؛ كما أن الموارد لا تكفي لإقامة دولة كردية. لذلك سيجلس الطرفان ويتفاوضان من أجل لي العقبات وحل المشكلات العالقة. وبالنسبة لموضوع عائدات النفط، فأكيد أنه كان ضمن صفقة الانسحاب الكردي من مدينة كركوك. ستحل مشكلة الرواتب وترجع نسبة الاقليم من ميزانية العراق. فقط علينا أن نغلب العقلانية ولغة الحوار ونبتعد عن الشحن الطائفي.