"مشاهد" من تضحيات جنود السعودية دعمًا لمصر في مواجهة الصهاينة

عرب وعالم

الملك فيصل
الملك فيصل

ثمة كتاب صدر في السعودية وضعه محمد بن ناصر الأسمري ورصد فيه مذكرات قائد الجيش السعودي في فلسطين الراحل اللواء سعيد الكردي، التي تنشر لأول مرة بعد وفاته رحمه الله منذ أكثر من ثلث قرن.


وهذه المذكرات (أول مذكرات سياسية عسكرية لمسؤول سعودي) كشفت لأول مرة عن حقائق ومعلومات سياسية وعسكرية غاية في الأهمية وفيها من الصدق والدقة في رصد الأحداث الشيء الكثير الذي يمكن ان يستفاد منه في شأن التعامل مع قضايا الأمة المصيرية.


لقد أبان كيف تعاملت القيادة السعودية مع الأحداث والسياسات التي سادت خلال نشوب الحرب النظامية بين الجيوش العربية واليهودية، وكيف حارب السعوديون بالمال والنفس والرجال والسلاح والمواقف في وقت كانت البلاد لم تزل في بدايات التكوين والتأسيس.


ورصد الباحث شهادات عينة من العسكريين السعوديين الذين شاركوا من الجيش السعودي في الحرب على الجبهة الجنوبية ضمن القوات المصرية.


وجاء بنص كلماته:  كان لمقابلتي واستنطاق هذه الكوكبة من الأبطال الذين أنسأ الله لهم في الأجل ليكونوا شهود عيان وأبطال ميدان، لقد سعدت كثيراً بهذا العمل رغم ما لاقيته من نصب ووصب مالي وبدني، إلا أن ما نطق به هؤلاء الرجال الشرفاء كان من أهم وثائق العصر على جدية المشاركة وفعالية الأداء في جبهة القتال.


السعودية هي الدولة الوحيدة التي شاركت بقوة مع مصر


 ولعل شهادة اللواء علي المواوي القائد العام المصري في الجبهة الجنوبية في رسالة منه للقيادة السياسية المصرية التي قال فيها: «ان السعودية هي الدولة الوحيدة التي شاركت معنا بكل جدية وأمانة واخلاص وحارب جيشها معنا كتفاً الى كتف واظهروا من الشجاعة والتضحية والفداء ما جعلني اطلب إهداء علم القوات المسلحة المصرية للجيش السعودي وأطلب منح أوسمة الشجاعة والاقدام لحضرات الضباط والعساكر الذين عملوا تحت قيادتي».


 ولعل شهادات الضباط والعسكر الذين ارتقوا في الرتب قد فتحت مجالا خصبا في الدراسات السياسية والعسكرية السعودية وفتحت للأجيال المتعاقبة في وطننا المجال للوقوف على الكثير من الحقائق والوقائع التي غيبت بفعل الاهمال في الذكر والتوثيق.


ورصد الكتاب خطاب لرئيس أركان حرب الجيش المصري الفريق عثمان المهدي باشا رحمه الله لضباط و الجنود السعوديين في عام ١٩٤٩ بعد مشاركتهم من الحرب بفلسطين:


وجاء في الخطاب:


"أبنائي الضباط و الجنود السعوديين يشرفني ويسعدني ان احمل إليكم تحية مولاي حضرة صاحب الجلالة الملك فاروق المعظم".

 

وقبل ان اتحدث إليكم استرحم الله على الشهداء الابرار الذين سكنوا الى جوار ربهم طالبا لهم الرحمة و الرضوان.أيها الضباط والجنود انه ليسرني اليوم ان اراكم هذا المعسكر ولقد زادني شرفا وجود وزرائكم الكرام وانه لفخر عظيم لنا سيسجله التاريخ لقد قمتم بواجبكم عند ما دعا الداعي و أظهرتم من البطولة ما نفخر به وتفخر به الامم العربية جمعاء.


فان القوات السعودية كانت اول من لبى داعي الواجب وكنتم إخوانا لزملائكم ضباط وصف الجيش المصري ولقد كنت انظر إليكم والى ما سجلتموه من البطولة و الاعمال المجيدة فأشعر بأنكم قمتم بما اعتز به وتعتز الامم العربية.

 

لقد كان العالم ينظر إلينا في هذا الدرس فرفعتم بأعمالكم المجيدة وببطولتكم راس امتكم وبرهنتم على أنكم رجال ابطال في الماضي و الحاضر و أنكم خير خلف لخير سلف ان القدر أراد ان يمتحننا فالحمد لله وشكرا لقد ادينا الامتحان وفدنا ونجحنا الى الحد الذي اراده الله .

 

فقد فوجئنا بالحرب ونحن على غير استعداد ، ادينا اكبر قسط من الواجب ، وكان ذالك أعظم برهان على اننا اذا أستعدينا ودعا الداعى قمنا بالواجب خير قيام.


اننا نشكر القدر الذي أيقظنا من سباتنا فيجب ان نعمل لما هو ات لقد اتيتم الى مصر بروح عالية وستبقى هذه الروح عالية وستزداد على مر الايام و انني اشعر من قلبي أنكم اخوان لى ضباط وضباط صف وجنود الجيش المصري و أنكم مهما كُنتُم ففي قلوبكم إيمان كامل بالقضية المشتركة.


ويجب بعد الدرس ان لا نتوانى و ان نعمل جاهدين بقلوب مخلصه لله ولأوطاننا ولملوكنا و ان نعمل جاهدين ولا نضيع وقتنا سدى للاستعداد الكامل و أنكم شباب و المستقبل لكم وتستطيعون بقوة إيمانكم ان تؤدوا واجبكم خير اداء وستكونون في الحصن الحصين للعروبة ولبلادكم ونصيحتي إليكم ان تغرسوا في نفوس الجنود هذه الروح .

و ان تبثوها دائما على ان لا تعمل الا لله وللملك وللوطن نصيحتي إليكم ان توجهوا صغار الضباط و الجنود دائما الى التدريب و العلم و التضحية فذالك هو سبيل النجاح ويجب ان نعمل ونجاهد فقد وهبنا أنفسنا دائما للحق و القتال فقد برهنا اننا امّم حرب وأمم سلام و امّم نظام فلنعمل لهذا لقد كان العرب قديما سادة العالم ثم دار الزمن دورته مرة اخرى فيجب ان نعمل لنعيد مجدنا القديم ولا يمكن ان نصل لهذا المجد الا بالايمان و العلم و الأخلاق”)