الشيخ العالم علي بن عبدالله باراس الحضرمي في سطور

اليمن العربي

يعتبر الشيخ العالم العلامة علي بن عبدالله باراس من فحول العلماء في حضرموت عامة ودوعن خاصة، ومن أشهر علماء الخريبة وقبل الولوج لهذا النجم الساطع والعلم البارز ، نعرج لحظات ونسلط الضوء على هذه القرية التي ذاع صيتها وانتشر خبرها لكثرة علمائها والفقهاء الذين لمع صيتهم، فالخريبة من أكبر قرى دوعن وأقدمها فهي قبلة الزوار من مشارق الأرض ومغاربها ، ومن أكثر قرى دوعن عمارة ورفاهية، حيث جاء في ( مجموع كلام السيد عمر بن حسن الحداد ) المتوفي سنة 1308هجرية أنه قال : ( يذبح في سوقها في كل ليلة عشرون رأسا من الغنم، مع أنه لا يذبح لذلك العهد في سيئون وتريم أكثر من رأسين في كل ليلة فأنظر إلى هذا التفاوت العظيم) . ولأن الخريبة سوق ذو شان كبير في ذلك الوقت لكثرة الوافدين إليها من كل حدب وصوب حتى قيل أن ( ألف جمل يدخل إليها وألف جمل يخرج منها ) ، ويوجد بها الرباط العلمي وذلك في زمن الشيخ عبدالله بن أحمد باسودان ، واتصل هذا الرباط بعلماء تريم وسيئون وشبام وغيرها من مناطق حضرموت ، لذا كانت مهوى الرحالة الأجانب فعلى سبيل الذكر لا الحصر فقد وطئ ترابها الرحالة فون فريدا عام 1831م والرحالة دانيال الهولندي والرحالة مولن عام 1931م أنظر مرجع (الرحلات والدراسات الجغرافية لحضرموت.أحمد سعيد باحاج). يبلغ عدد سكان الخريبة حوالي 3800نسمة ، فهذه لمحة سريعة عن قرية الخريبة التي كانت المركز الرئيسي وقلب دوعن ، وثقلها الإقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي في ذلك العصر .

 

ولد شيخنا العلامة في قرية من قرى حريضة سنة 1027 هجرية وقد تتلمذ ونبغ على يد السيد الحبيب عمر بن عبد الرحمن العطاس فتعلم القرآن وحفظه والفقه وعلوم الشريعة واللغة والأدب وغيرها من العلوم وكان الشيخ علي بن عبدالله باراس سريع الفهم ذو قريحة وقادة وفراسة لا تخطي، مجتهد صبور ومثابر لا يكل ولا يمل في طلب العلم ، حتى قال عنه العلامة أحمد بن حسن العطاس ( لم يقرأ عليه إلا بعض خطبة ((بداية الهداية)) للغزالي فقط .

 

وقد انتدبه شيخه الحبيب عمر العطاس إلى قرية ( قرن المال ) وقرى أخرى في وادي ( عمد ) يعلم أطفالها القرآن الكريم والفقه والحديث واللغة وهناك تعلم وتفقه على يد الفقيه أحمد بن علي بابحير.


أحب الحبيب عمر العطاس تلميذه لفضله وصلاحه وصدقه وكان يقدمه إماما ويصلي خلفه مؤتما به ويقول عنه ( إنه هو المعين لي والمؤازر لي ) ويقول عنه أيضا ( إنه لساني ومن فرق بن عمر وعلي لا يفلح ) .

 

أولاده وذريته :

بفضل من الله حفظنا ذرية جدنا العالم العلامة علي بن عبدالله باراس كابر عن كابر وهذا مشجر عملته بعد جهد جهيد وذلك خوف أن ينسى الجيل الصاعد ذرية جده العالم الذي توارثه أجدادنا وآبائينا وحفظوه إلى يومنا هذا وهذا مشجر ذرية الشيخ علي بن عبدالله باراس جمع وتوثيق الأستاذ سالم محمد بن أحمد بجود باراس .معلوم أن ذرية الشيخ علي هم أربعة ( أحمد ( مات بالرشيد) . _ عبدالرحمن ( جد آل دوعن) . _ عبدالله _ عمر ( جد آل الشادلي  ) .


فمن ابنه أحمد ولد له الشيخ الولي عمر وخلف أربعة من الأولاد وهم :


أبوبكر ( جد آل سوية ) ._ سالم ( جد آل المقد ; الدهماء ، جدفون ، الرقاقة) ._ محمد ( جد آل حجر والحصن) ._ عبدالله ( جد آل مهروه ).


ومن ذرية سالم ( جد آل المقد) حسين ( له زيارة بحويرة) والثاني هو عمر ، أما حسين فخلف خمسة  من الأبناء وهم :

 

محمد ( جد آل بامحمد الذي أشترى شرج الدهماء وهو أكبرهم) .


_ عبدالله ( جد آل سيود) ._ عمر ( جد آل جدفون) . _ سالم ( جد آل بكور وآل بن علي ) واخرهم حسن ( مات كلالة) .


وأما ابنه عمر  فخلف من الذرية سالم وله ابن واحد اسمه محمد ( له زيارة بريدة باجاه ( وهي قرية من قرى مرتفعات حضرموت تابعه لقبيلة آل باصريح ) ومات كلالة. 

 

 كراماته وأحواله: ولقد كانت له كرامات وأحوال، ذكر الحبيب عمر بن حسن الحداد في ( مجموع كلامه ) ( أنه استأذن شيخه للحج فلم يأذن له ثم استأذنه مرة أخرى فأذن له ، ولما كان بمكة ذهب السوق لحاجة فرأى امرأة مصرية فأعجبته فأخذ يتأمل في محاسنها ، فلم يشعر إلا بضربة عصا في جنبه ، فعرف أن هذا تنبيه من الله فثبت على الحق ) وقد ذكر هذه القصة أكثر من واحد .


ولقد رأى الشيخ الحبيب عمر العطاس في تلميذه نبوغ وعلم وتبحر وولاية فقال الشيخ عمر العطاس مقولته المشهورة : (( اذهب ياشيخ علي فلا يصح سيفين في جفير)) كناية عن علمه وورعه ووصوله لدرجة العلم والفقه والولاية والكرامة ، ما يجعله قطب من أعلام كبار العلماء ، فهذه إجازة له من شيخه عمر العطاس وشهادة له .


 ومما يذكر عنه واشتهر أنه كان ذات يوما الشيخ علي بن عبدالله باراس جالس مع مجموعة من كبار الأعيان بمنطقة الخريبة في سمرة فأرادوا التسلية واللهو فأخذ مغنيهم العود وبدأ يعزف عليه ، فقفز شيخنا من مجلسه مسرعا فقال القوم : ما بك يا شيخ علي ؟!!! فقال : أما سمعتم ما يقول هذا العود ؟!!!! قم ..قم ..قم ..فضحك القوم ولم تنسى له هذه الدعابة إلى يومنا هذا، وهذا يدل على ورعه وكرمه وبعده عن المعازف وزخرف الحياة ، فقد عزفت نفسه عن الدنيا وزينتها وتفرغ للعلوم والشريعة والتبحر فيها .

 

لسنا قبائل بل مشائخ علم وتنصبة وحل الخلافات بين القبائل وأهل صلح ونتبذ التعصب والحزبية بكل أشكالها وألوانها ، نذكر هنا للفائدة وليس للإثبات ، ما ذكرته بعض المصادر عن نسب آل باراس وأن كان صحيحا من الناحية النظرية لهذا الاسم ، ولكنها لم تفرق المصادر والاجتهادات بين قبائل آل باراس (أهل شبوة ومن تبعهم ) وبين مشائخ آل باراس (أهل حضرموت / دوعن ) فهناك فرق كبير وبون شاسع، ما بين  الثرى والثريا وما بين الأرض والسماء ، وسنبين ذلك لاحقا . ذكر السيد الحداد في كتاب الشامل ( أن جدهم هو الشيخ علي بن عبدالله باراس الظفري السيباني ) وذكر أبن عبيدالله في كتابه (( إدام القوت في ذكر قبائل حضرموت) أنه من كندة. وذكر صاحب (( كتاب الجازع ) أنه من العوالق من آل معن . نقول وقد تعددت المصادر والاجتهادات ، وليس هناك دليل جازم وبرهان قاطع .

 

عما قيل ويقال ، وقد تتبعت خيوط القضية، فخرجت بدليل قاطع وبرهان ساطع ، بأن آل باراس حضرموت/ دوعن هم مشائخ علم وتنصبة توارثوها كابرا عن كابر وجيل بعد جيل . لم يحملوا السلاح يوما ، منذ عهد جدنا وشيخنا وعالمنا الزاهد العلامة علي بن عبدالله باراس وإلى يومنا هذا ، بل حملوا العلم ونشروا ثقافة التسامح والصلح ، كانوا سفراء سلام ومحبة ووئام ، ويشهد على ذلك قبائل نوح وسيبان قاطبة ، وكل قبائل دوعن ، وسادتها وأعيانها ، ومن يقول عكس ذلك فعليه بالدليل والبرهان من الواقع إنتهى.

 

ولقد قرأ الشيخ الجليل والعالم الرباني علي بن عبدالله باراس الفقه على يد الفقيه ( أحمد بن علي بابحير) حتى تفقه فيه وعلم تلاميذه بحريضة فترة من الزمن، ثم عاد أدراجه لقرية الخريبة سنة 1045هجرية.


أولاده : وللشيخ العلامة علي بن عبدالله باراس أربعة أبناء وهم ( أحمد ، محمد ، عبدالرحمن، عبدالله ) أنظر كتاب الشامل في تاريخ حضرموت ص140 وكتاب ( إدام القوت ص316) .


شيوخه  : تتلمذ الشيخ على يد جمهرة كبيرة من كبار الشيوخ نذكر منهم للذكر لا للحصر :


*السيد عمر بن عبدالرحمن العطاس . *الإمام حسين بن الشيخ أبي بكر بن سالم . *الشيخ أحمد بن علي بابحير.


*الشيخ علي بن محمد باهارون. وغيرهم الكثير والكثير وفيما ذكر الكفاية.


 كتبه ومصنفاته: له العديد من الكتب والمصنفات نذكر منها : *شيم الحسن الأنيق ( شرح قصيدة لبامخرمة) .


* شرح راتب الحبيب عمر العطاس المسمى ( عزيز المنال وفتح باب الوصال) *فتح الوهاب في كلام السادة الأحباب.


*شرحان على الحكم العطائية ( كبير وصغير ) أما الصغير فمفقود والكبير اطلعت عليه فهو شرح وافي ويدل على علم غزير وبحر واسع ، وشرح الحكم العطائية هي للعالم الشيخ أبي عطاء الله السكندري( 658 _ 709هجرية) وقد اسماه الشيخ علي بن عبدالله باراس ( 1027 _ 1094 هجرية) ( شفاء السقم وفتح خزائن الكلم في معاني الحكم ) وذلك  في القرن الحادي عشر ، والكتاب طبع بنسخة ممتازة بعناية لجنة إحياء التراث بدار الحاوي عام 2016 م وهو حاليا موجود بمكتبة تريم الحديثة _ حضرموت وفي كثير من دول العالم منها العربية والغربية مثل فرنسا وإنكلترا وتركيا وغيرها  .


 *وشرح قصيدة الشيخ أبي بكر بن عبدالله العيدروس التي أولها : ما أحسن يعشق غير حسن لبنى ....ما مثلها محبوب ولا جمال يذكر بكل معنى ...إلا لها منسوب.

* الروضة الخضراء والدرة الزهراء بكشف معاني ما لذة العيش إلا صحبة الفقراء وهو شرح لقصيدة الإمام بالله أبي مدين .

* شرح أبيات للشيخ عبدالهادي السودي. وغيرها من الكتب والمصنفات والشروحات .


تلاميذه :

هم كثر ولكن سنذكر أهم وأشهر تلاميذه

* الحبيب الحسين بن عمر العطاس الذي أسكنه معه في بيته وزوجه في بلد الخريبة.

* الشيخ محمد بن محمد بامشموس.

* الحبيب علي بن محمد باهرون.

* الحبيب عيسى بن محمد الحبشي صاحب خنفر .

* الشيخ عبدالله بن عمر باعباد صاحب الدوفة.

* الشيخ عبدالله بن محمد باهرمز.

* الشيخ سهل بن إسحاق .

 

 توفي رحمه الله بالخريبة يوم الأربعاء شهر ربيع الأول سنة 1094 هجرية ، ولا زال مسجده وبيته المتواضع شاهدا أثريا في منطقة الخريبة إلى يومنا هذا .