الإمارات دولة التسامح والتعايش والانفتاح

أخبار محلية

 أرشيفية
أرشيفية

منذ التأسيس وإلى يومنا هذا وقيم التسامح والتعايش مترسخة في جذور إمارات الخير، وقد خلد التاريخ نهج باني الدولة الوالد المؤسس المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وحبه للجميع دون تميز وتفرقة، حتى تمكنت الإمارات من ترسيخ قيم ديننا الحنيف والعادات العربية الأصيلة، التي تدعو للتسامح والتآلف واحترام الآخرين من جميع الأديان والأعراق والثقافات.

وتقف مواقف دولة الإمارات العربية المتحدة في «يوم التسامح العالمي» شامخة لتكرس نفسها رمزاً للتسامح ووطناً للسلام ومكاناً للعدل، حتى أصبح التسامح في الدولة نهج ورسالة و»معايشة»، فالإمارات هي صاحبة رسالة عالمية لمكافحة التمييز ونبذ العنف، وحريصة على تحصين المجتمع ومحاربة الأفكار الإرهابية ونشر التسامح، من خلال استحداث وزارة للتسامح هي الأولى من نوعها في العمل الحكومي بالعالم، وإصدارها قانون مكافحة التميز والكراهية، وترسيخ قيمة التسامح في الشعب منذ تأسيس الدولة، لتشكل تجربة الإمارات محل فخر واعتزاز لكل إنسان غيور على دينه وعروبته، ويقف العالم باحترام لهذه الجهود العظيمة، خاصة أن الدولة عبرت في مواقف وتشريعات عدة رفضها التشدد والغلو.

تتبع الإمارات سياسة التسامح الديني، التي تنتهجها بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وأصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات.

وتؤكد الدولة أهمية السياج الديني والأخلاقي الحميد الذي تتمسك به الإمارات في سياستها الداخلية والخارجية، بقيادة صاحب السمو رئيس الدولة، التي تأتي امتداداً لمسيرة الخير والمحبة التي غرس بذورها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وشهد لها العالم أجمع.

يؤكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن الإمارات تسعى دائماً إلى تعزيز وتطوير علاقاتها في مختلف المجالات مع مختلف الدول الصديقة، كون الإمارات ترتبط بعلاقات تعاون مشترك مع مختلف الدول، وتعمل دائماً على الحفاظ على الأمن والسلم العالميين، وتسعى إلى تعزيز التعاون والعمل المشترك، وتطوير علاقات الشراكة الاقتصادية والاستثمارية مع الدول والمؤسسات العالمية ذات العلاقة.

ويقول سموه: إن السياسة الخارجية لدولة الإمارات قائمة في مبادئها وممارستها على الوسطية والاعتدال وصيانة الأمن والاستقرار واعتماد الوسائل السلمية لحل الخلافات الداخلية والخارجية والاحتكام للشرعية الدولية، واحترام سيادة الدول وتطلعات الشعوب وإقامة علاقات تعاون مع كل دول العالم.

ويؤكد سموه التزام الدولة بمسؤولياتها الدولية، حيث تسعى بشكل دؤوب لتعزيز وتنسيق برامج الإغاثة والمساعدات الإنسانية والإغاثية للدول النامية، فضلاً عن إسهامها في الجهود الدولية لحفظ السلام، وإعادة الإعمار ومواجهة الأزمات والكوارث وتلبية نداءات الاستغاثة، وهو ما يؤكد شراكتها المتميزة في ضمان صيانة السلم والأمن الدوليين، وإسهامها الفاعل في مختلف أنشطة الأمم المتحدة وبرامج وكالاتها المتخصصة، مقدمة مساعدات بلغت قيمتها مليارات الدولارات.

 

وزارة للتسامح

 

استحداث الملف الوزاري المعني بالتسامح «وزارة التسامح» الأولى من نوعها في العالم؛ حيث تبرهن على حرص قيادة الدولة على إفشاء روح السلام والتسامح ليس فقط على أرضها، ولكن أيضاً خارج حدودها في الوقت الذي باتت ظواهر العنف والرفض للآخر تسود المشهد في كثير من الأحيان في مواقع مختلفة من العالم.

وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله،: «علمتنا السنوات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط «الجديد» بأننا نحتاج أن نتعلم التسامح ونعلمه ونمارسه، أن نرضعه لأطفالنا فكراً وقيماً وتعليماً وسلوكاً، أن نضع له قوانين وسياسات ومنظومة كاملة من البرامج والمبادرات نعم تعلمنا ذلك من مئات الآلاف من القتلى وملايين النازحين والمنكوبين الذين رأيناهم في آخر خمس سنوات في هذه المنطقة، بسبب التعصب والكراهية وعدم التسامح الطائفي والفكري والثقافي والديني. ولا يمكن أن نسمح بالكراهية في دولتنا، ولا يمكن أن نقبل بأي شكل من أشكال التمييز بين أي شخص يقيم عليها أو يكون مواطناً فيها، لذلك عينا وزيراً للتسامح».

واكد سموه على نهج الدولة في التسامح من خلال الرسالة التي وجهها سموه إلى المواطنين والمقيمين في الدولة، وقال فيها: «أكثر ما نفاخر به الناس والعالم عندما نسافر ليس ارتفاع مبانينا ولا اتساع شوارعنا ولا ضخامة أسواقنا بل نفاخرهم بتسامح دولة الإمارات... نفاخرهم بأننا دولة يعيش فيها جميع البشر على اختلافاتهم التي خلقهم الله عليها بمحبة حقيقية وتسامح حقيقي». وأصبحت رسالة سموه بعد التفاعل الكبير الذي حظيت به في مختلف دول العالم خارطة طريق للأجيال القادمة، وخاصة أهل الإمارات، حيث زاد عدد التفاعل معها على مواقع التواصل على مليون مشاهدة.

 

البرنامج الوطني للتسامح

 

قيم التسامح في المجتمع الإماراتي، ترتكز على سبعة أركان رئيسية بعدد إمارات الدولة، وهي: «الإسلام، الدستور الإماراتي، إرث زايد والأخلاق الإماراتية، المواثيق الدولية، الآثار والتاريخ، الفطرة الإنسانية، والقيم المشتركة»، فمن خلال هذه الأسس المتينة يواصل المجتمع الإماراتي الأصيل ترسيخ قيم التسامح والتعددية الثقافية وقبول الآخر، ونبذ التمييز والكراهية والتعصب فكراً وتعليماً وسلوكاً.

ويأتي البرنامج الوطني للتسامح ليدعم توجه الدولة لتنفيذ رؤية الإمارات 2021 والأجندة الوطنية، للوصول لمجتمع متلاحم محافظ على هويته.

ويعمل البرنامج ضمن خمسة محاور رئيسية، ترتكز على: تعزيز دور الحكومة كحاضنة للتسامح، وترسيخ دور الأسرة المترابطة في بناء المجتمع، وتعزيز التسامح لدى الشباب ووقايتهم من التعصب والتطرف، وإثراء المحتوى العلمي والثقافي، والإسهام في الجهود الدولية لتعزيز التسامح، وإبراز الدور الرائد للدولة في هذا المجال.

ويتضمن مبادرات عدة، منها: مبادرة صوت التسامح، التي تقوم على اختيار أفراد من مختلف شرائح المجتمع، لنشر قيم التسامح ونبذ العنصرية والكراهية، وذلك من خلال أنشطة وفعاليات عدة هادفة، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات الاتصال المتاحة، وبالشراكة مع وسائل الإعلام المختلفة.

وتضمنت المبادرات إنشاء مجلس المفكرين للتسامح، الذي سيضم الجهات ذات العلاقة، إضافة إلى نخبة من أهل العلم والخبرة والفكر والاختصاص، الذين سيعملون على الإسهام في وضع السياسات والاستراتيجيات التي تعزز التسامح واحترام التعددية الثقافية وتنبذ العصبية والكراهية والتطرف، فضلاً عن دور المجلس في تقديم المبادرات التي ستعزز التسامح وتنشر قيمه ومبادئه محلياً وإقليمياً ودولياً.

كما يتم إطلاق الميثاق الإماراتي في التسامح والتعايش والسلام، وهو بمثابة مجموعة من المواثيق المرتبطة بالمواطن والمقيم والمعلم والطالب والموظف، التي تهدف إلى تعزيز التسامح والتعايش وقبول الآخر واحترام التنوع الثقافي، ونبذ العنف والتطرف والعنصرية، إضافة إلى إنشاء مركز الإمارات للتسامح، الذي يعنى بإعداد الدراسات والبحوث المختصة، التي ترتكز على تأصيل وتعزيز التسامح واحترام الآخرين.

 

«جائزة محمد بن راشد للتسامح»

 

أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عن تدشين مبادرة عالمية للتسامح تشمل تكريم رموز التسامح العالمي في مجالات الفكر الإنساني والإبداع الأدبي والفنون الجمالية، كما ستؤسس «جائزة محمد بن راشد للتسامح» لبناء قيادات وكوادر عربية شابة في مجال التسامح وتدعم الإنتاجات الفكرية والثقافية والإعلامية المتعلقة بترسيخ قيم التسامح والانفتاح على الآخر في العالم العربي.

كما أعلن سموه عن إنشاء «المعهد الدولي للتسامح» كأول معهد للتسامح في العالم العربي يعمل على تقديم المشورة والخبرات اللازمة في مجال السياسات التي ترسخ قيم التسامح بين الشعوب، ويقوم بنشر الدراسات والتقارير المتعلقة بموضوع التسامح والعمل مع المؤسسات الثقافية المعنية في العالم العربي لنشر مبادئ التسامح لدى الأجيال الجديدة.

وسيطلق المعهد الجديد أيضاً مجموعة من الدراسات الاجتماعية؛ للبحث في جذور التعصب والانغلاق والطائفية.

كما سيعمل على دعم الباحثين العرب والمتخصصين العالميين في مجال التسامح، وسيسهم في ترسيخ فكر مختلف في الأجيال الشابة عبر إسهاماتها البحثية في تطوير منظومات التعليم.

 

تكريم ومسابقات

 

وستمنح «جائزة محمد بن راشد للتسامح» في خمسة أفرع: ثلاثة منها تكريماً لجهود رموز التسامح في الفكر الإنساني والإبداع الأدبي والفنون الجمالية، واثنان في مجال مسابقات تنظمها الجائزة بشكل مبتكر في مجال المشاريع الشبابية والإعلام الجديد.

ففي مجال الفكر الإنساني تمنح الجائزة للعالم والمفكر الذي قام بإسهامات بارزة في نشر قيم التسامح عبر مواقفه العامة والآفاق العلمية التي يرتادها والقدرة على المزاوجة بين الثقافات وإنتاج الأعمال المتميزة تأليفاً وتحقيقاً.. أما في فرع الإبداع الأدبي فستمنح للأديب والروائي الذي حقق جدارة مطلقة بإبداعه المتسم بالتعدد الثقافي وحفظ ذاكرة التراث الإنساني وإشاعة الوئام وترويج المساواة والتفاهم المتبادل بين الشعوب.

كما وجه سموه بالعمل على تأسيس المعهد الدولي للتسامح الذي يضمن استدامة المشاريع وتنظيم سلسلة من البرامج التي توفر بيئة آمنة وصحية للشباب، ويعمل على تعميق الوعي تجاه قضايا التسامح بتمكينهم من تحويل أفكارهم إلى واقع ملموس ومؤثر يعود بالنفع عليهم، ويرسخ شعور الانتماء للوطن العربي الكبير.

 

ميزة ووعد وتحد

 

تعد قيمة «التسامح» في المجتمع الإماراتي ميزة بقدر ما هي عبء، ووعد بقدر ما هو تحدٍّ، فالميزة فيها أنها مسار وإجراء يسهم بطريقة خلاقة في إدارة التنوع، بما يخفف من أي احتقان، ويعزز السلم المجتمعي بما يقود إلى الاستقرار. أما العبء فيتعلق بما على الإمارات أن تبذله من جهد عظيم، على مستوى الخطاب والممارسة، كي تبرهن دوماً على أن ما سلكته على طريق التسامح ليس مظهراً عابراً، ولا سداً لذرائع، إنما هو نهج وطريق حقيقي لا بد من المضي فيه، مع توسيعه وتعميقه طوال الوقت.

كما أن التسامح وعد، لأن كل من في الإمارات، من مواطنين ومقيمين، يعول على هذا المسار في تحسين فرصه في حياة أفضل، مع تعزيز قيم المساواة والحرية والعدالة والكرامة، وهي من القيم الأساسية المؤثرة على التسامح، بل والمكونة له. وهو تحدٍّ، لأن الإصرار عليه يفرض على الإماراتيين، حكومة وشعباً، بذل طاقة دائمة في سبيل نبذ كل أشكال وأنماط التعصب والكراهية، التي هي من الأمراض الاجتماعية الخطرة.

 

حاضنة الحوار وداعية السلام

 

حتى عام 2007 لم تكن هناك علاقات دبلوماسية بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الفاتيكان، ولكن خلال هذه الفترة القصيرة من العلاقات أثمرت علاقة استراتيجية قوية.

وكانت دولة الإمارات قد نالت تقدير الحبر الأعظم وإشادته لترسيخها قيم التسامح والمودة والتعاون والمحبة وتحولها إلى حاضنة للسلام ومهداً للحوار والتفاهم والتعايش. وفي عام 2010، أصبحت د. حصة عبد الله أحمد العتيبة أول سيدة في تاريخ دولة الفاتيكان تتقلد منصب سفير.

ومنذ بدء العلاقة بين الإمارات والفاتيكان كان التقدير للرؤية الحكيمة لصاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله، ولروح التسامح الديني الذي يتميز به النسيج الاجتماعي للدولة. وأشاد في حينه الحبر الأعظم السابق البابا بنديكتوس بضمان الإمارات حرية العبادة التي أكّد أنها «تسهم بشكل كبير في تحقيق الصالح العام، والتناغم الاجتماعي للشعوب كافة التي تمارسها».

وزار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الفاتيكان مؤخراً، تأكيداً لمبدأ راسخ في سياسة الدولة، عماده سماحة الأديان السماوية والقيم الإنسانية المشتركة التي تجمعنا للتعايش في سلام وتعاون ووئام، وتجسيداً لتعزيز ثقافة الحوار بين الشعوب. فحكومة دولة الإمارات برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رسخت قيم التسامح والمودة والتعاون والمحبة، واتخذت كل الخطوات العملية التي جعلت من الإمارات حاضنة للسلام، ومهداً للحوار والتفاهم والتعايش والانسجام.

 

مبادرات عالمية

 

قيمُ التسامح والتعايش بين الأعراق واحترام مختلف المعتقدات والديانات، من القيم المتأصلة في عمق تاريخ الإمارات.

وعملت قيادة الإمارات منذ ولادة الاتحاد وبتوجيهات الآباء المؤسسين على تجسيد قيم التسامح، مع إيمان بأنّ الاختلاف الديني والثقافي والعرقي يمثل دافعاً للحوار والتقارب بين الشعوب، وليس مصدراً للعداء والصراع بين الأمم والمجتمعات.

وأخذت دولة الإمارات في السنوات القليلة الماضية بتوجيهات سامية من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عدداً من المبادرات العالمية خدمة للإنسانية، مثل: مركز مكافحة التطرف العنيف «هداية» وغيرها من المبادرات الرائدة في مجال التعاون والتكامل العالمي، وترسيخ قيم التماسك والترابط والاحترام في العالم أجمع، وتأكيد سماحة الأديان السماوية، والقيم الإنسانية المشتركة للتعايش في سلام وتعاون ووئام، وتجسيداً لتعزيز ثقافة الحوار بين الشعوب.

مع انتهاج الإمارات مواقف دولية باتت معروفة للقاصي والداني قائمة على مناصرة الحق والخير، ونشر ثقافة السلام، وعدم العنف، والتعايش والحوار.

 

التسامح تراث وإرث

 

التسامح والتعايش هما في إرث وتراث وتاريخ الإمارات منذ مئات السنين، وهما سياستان كرّسهما باني هذه الدولة، رحمه الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وله من المواقف ما لا يمكن إحصاؤها، جميعها تؤكد انتهاجه نهج التسامح والتعايش، وحب الجميع دون تمييز أو تفرقة.

وخلد التاريخ وسيخلد الحكمة العظيمة التي حبا الله، عز وجل، بها الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي امتلك فكراً وحدوياً عز نظيره، استطاع به تأسيس دولة الإمارات، والارتقاء بأبنائها خلال وقت قياسي، وبموازاة ذلك سعى، طيب الله ثراه، إلى ترسيخ ما يتحلى به شعب الإمارات من قيم الإسلام الحنيف والعادات العربية الأصيلة، فجعل العدل والمساواة والتآلف والتسامح واحترام الآخر، من جميع الأديان والأعراق والثقافات، نهجاً ثابتاً لا يقتصر على الداخل بين مكونات المجتمع فقط، وإنما يحكم علاقات الدولة بالعالم الخارجي.

تجسد الإمارات في «اليوم العالمي للتسامح»، الذي يحتفي به العالم اليوم، نموذجاً فريداً للتسامح الديني والاعتراف بالآخر والتعايش الحضاري بين مختلف الجنسيات والأديان، فقد أضحت قبلة للاعتدال والتوازن والعيش المشترك، فالكل على هذه الأرض يعيش في بوتقة واحدة، وبيئة أصيلة تفعّل القيم النبيلة المستمدة من الفكر الإسلامي السمح، والأخلاق الإنسانية العالية، خاصة قيم السلام والخير والعدل والمساواة وغيرها من المبادئ والمفاهيم التي تصون حقوق الإنسان وتحترم حقه في الحياة، وتؤكد الإمارات سياستها القائمة على الوسائل السلمية والوسطية لحل الخلافات.

 

نصب تذكاري للتسامح

 

قبل إنشاء الإمارات وزارة خاصة للتسامح بسنوات طويلة، تم وضع تسع قطع لنصب تذكاري أمام ديوان ولي عهد أبوظبي، وسر هذه المجسمات، تشكل مجتمعة كلمة «تسامح» باللغة الإنجليزية (tolerance)، وهي إحدى ثماني نسخ صنعها فنان فرنسي ووزعها على عواصم ثماني دول، أبوظبي إحداها، وهو دليل على إيمانها وتطبيقها لمبدأ التسامح اجتماعياً وسياسياً.

وقيمة التسامح تعلو على ما عداها من قيم، في مجتمع مركب إلى حد بعيد، ويحوي جنسيات تنتمي إلى كل دول العالم تقريباً، ومع هذا يمر كل شيء على ما يرام، قياساً بما يحدث في مجتمعات أخرى، تركيبتها السكانية أقل تعقيداً، ومع هذا تعاني التعصب الشديد، الذي يؤدي إلى «الإكراه الاجتماعي» و«الاحتقان المزمن» ويقود إلى جرائم وفوضى في بعض الأحيان، ووقوف دائم على حواف الفتن، أو حتى الانزلاق إليها، والتردي فيها.

إن الإمارات يعيش على ترابها أناس ينتمون لما يزيد على مئتي جنسية من مختلف الأعراق والألوان والمذاهب والأديان يمارسون حرياتهم الدينية ويقيمون شعائرهم في معابدهم ويقومون بدورهم في خدمة الوطن بروح التسامح والتعاون، فمنهم العامل والتاجر والموظف والمزارع والخبير والطبيب والمهندس والمدرس إ إلى جانب العاملين في غير ذلك من المجالات.

 

علاقة وثيقة بين السلام والاعتدال

 

قدمت دولة الإمارات نموذجاً عملياً للعالم كله يثبت العلاقة الوثيقة بين السلام والاستقرار وقيم الاعتدال والوسطية والانفتاح من ناحية، والتقدم والنهضة من ناحية أخرى، وهي تضم بين جنباتها 200 جنسية يعيشون على أرضها بسلام ووئام قل مثيلهما في العالم وهو نموذج ملهم في ظل الظروف الصعبة والمعقدة التي تعيشها البشرية، وتكثر فيها أسباب الصراع والصدام وعدم الاستقرار ويسقط الأبرياء في مناطق عدة من العالم، ويعاني ملايين البشر ظروفاً معيشية صعبة جراء النزاعات والصراعات المسلحة.

ولا خلاف على أن السياسة الخارجية الإماراتية تمثل نموذجاً للحيوية والفاعلية والديناميكية، ويعود ذلك بالأساس إلى تبني القيادة السياسية في دولة الإمارات وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، رؤية ذات محددات وركائز واضحة لإدارة العلاقات مع العالم الخارجي.

 

قانون مناهضة التمييز والكراهية

 

نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة عبر عقود في ترسيخ موقعها في المنطقة والعالم، كمثال حي لبلد التسامح والتعاون والتكافل بين الشعوب، من خلال اعتماد آليات في مكافحة التمييز ونبذ الكراهية بين الأديان، وجاء إصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، قانون مكافحة التمييز والكراهية، تأكيداً لدور الدولة في تجريم كافة أشكال ازدراء الأديان والمقدسات وخطابات الكراهية والتكفير، كما يحظر القانون ويجرم كافة أشكال التمييز على أساس الدين أو العقيدة أو الطائفة أو المذهب أو الأصل أو العرق أو اللون، ويضع عقوبات مشددة لذلك.

ويجرم القانون الجديد كل قول أو فعل يدعو إلى إثارة الفتن والنعرات، أو استغلال الدين في تكفير الأفراد والجماعات.

ويحظر القانون الإساءة إلى الذات الإلهية أو الأديان أو الأنبياء أو الرسل أو الكتب السماوية أو دور العبادة وفقاً لأحكام هذا القانون أوالتمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو المذهب أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل الإثني.. كما جرم كل قول أو عمل من شأنه إثارة الفتنة أوالنعرات أو التمييز بين الأفراد أو الجماعات من خلال نشره على شبكة المعلومات أو شبكات الاتصالات أوالمواقع الإلكترونية أو المواد الصناعية أو وسائل تقنية المعلومات أو أية وسيلة من الوسائل المقروءة أو المسموعة أو المرئية بمختلف طرق التعبير كالقول أوالكتابة أو الرسم.

ووفقاً لنص قانون مكافحة التمييز والكراهية، يجرم كل من يقوم بالإساءة إلى الأديان أو إحدى شعائرها أو مقدساتها أو تجريحها أو التطاول عليها أو السخرية منها أو المساس بها.

كما يجرم التعدي على أي من الكتب السماوية بالتحريف أو الإتلاف أو التدنيس أوالإساءة بأي شكل من الأشكال، إلى جانب تجريم التخريب أوالإتلاف أو الإساءة أو التدنيس لدور العبادة أوالمقابر. أوباستخدام أي وسائل، وتكون العقوبة الإعدام إذا اقترن الرمي بالكفر تحريضاً على القتل فوقعت الجريمة نتيجة لذلك.

 

مكافحة الإرهاب

 

جددت دولة الإمارات في كل مناسبة التزامها بمكافحة التطرف والإرهاب بكل أشكاله وصوره، داعية المجتمع الدولي لمضاعفة جهود المكافحة الكفيلة بالوصول إلى مجتمعات آمنة وخالية من التطرف والإرهاب.

وخلال المناقشة العامة التي عقدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك، بشأن استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، تجدد موقف الدولة المؤكد أن الإرهاب ظاهرة عالمية تتجاوز الحدود والثقافات والأديان، حيث لم تعد هناك دولة أو مدينة في العالم بمأمن من خطره.

 

مركز صواب يواجه دعاية المتطرفين

 

تعمل الإمارات على كشف رسائل الجماعات المتطرفة، من خلال مركز «صواب» الذي أطلقته الدولة في مارس/‏‏‏آذار 2015 لمكافحة دعاية التنظيم المتطرف، ورفع صوت الاعتدال عالياً، وإحباط أصوات المتطرفين في المنطقة والعالم، وشددت الدولة على أهمية توحيد جهود الدول إقليمياً ودولياً، لاجتثاث تهديدات التطرف، بما في ذلك تبادل أفضل الممارسات والخبرات، وبناء شراكات دولية وتنسيق الجهود.

 

قوانين تكافح تمويل الإرهابيين

 

تحظى مسألة إصدار القوانين الرادعة للتطرف والإرهاب، بأهمية بالغة، حيث عملت الإمارات على وضع إطار عمل قانوني شامل، للتعامل مع التطرف، كما أقرت في عام 2014 تعديلات على قانون الإرهاب، بحيث بات يوفر أدوات جديدة لمحاكمة الإرهابيين، ويقدم في الوقت نفسه الفرصة لإعادة تأهيل أولئك الذين رفضوا الإرهاب وتخلوا عنه.

كما أصدرت الإمارات، منذ عام 2004 قوانين واسعة النطاق، تكفل مكافحة التمويل للإرهابيين، وتجريم كل من يمولهم، فضلاً عن انضمامها إلى معاهدات دولية مهمة بهذا الشأن.. لافتة إلى أهمية تضمين جهود التغلب على المتطرفين والإرهابيين، جهوداً منسقة تكفل تنفيذ استراتيجيات بعيدة المدى، تضمن هزيمتهم فكرياً.

 

منع التنظيمات والالتحاق بها

 

وفقاً لقانون مكافحة التمييز والكراهية، يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار جمعية أو مركزاً أو هيئة أو منظمة أو تنظيماً أو جماعة أو فرعاً لإحداها أو استخدم لذلك أي وسائل بغرض ازدراء الأديان أو التمييز أو إثارة خطاب الكراهية أو تحبيذ ذلك أو الترويج له. كما يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات كل من انضم إلى أي من الجهات المنصوص عليها أعلاه.

وتضمن القانون المعاقبة بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من عقد أو نظم مؤتمراً أو اجتماعاً في الدولة إذا كان الغرض منه ازدراء الأديان أوالتمييز أو إثارة خطاب الكراهية، ويعاقب بذات العقوبة كل من شارك في المؤتمر أو الاجتماع مع علمه بأغراضه.

 

بوكوفا: فكرة آيلة إلى الزوال!

 

جرت العادة على أن يوجه المدير العام «لليونيسكو» رسالة سنوية للعالم احتفاء باليوم العالمي للتسامح، وفي رسالتها لهذا العام قالت ايرينا بوكوفا «يبدو التسامح اليوم فكرة آيلة إلى الزوال، لا تؤمن بها سوى فئة قليلة من الناس في عدد هائل من بلدان العالم. هناك اشتداد لدعوات الانغلاق ونبذ الآخر، أرى استغلال أزمة المهاجرين، أو النزاعات المسلحة، واتخاذها وسيلة لتأجيج نار الحقد والتحريض على كراهية الآخر.

 

جائزة اليونيسكو مادانجيت سنغ 2016

 

منحت جائزة اليونيسكو مادانجيت سنغ لهذا العام لمركز المنهجية والأبحاث الروسي للتسامح وعلم النفس والتعليم. وأنشئت الجائزة عام 1995 خلال الاحتفال بعام الأمم المتحدة للتسامح، وتمنح كل عامين، وتحمل إلى جانب اليونيسكو اسم الدبلوماسي الهندي الشهير الذي اختير أول سفير نوايا حسنة للتسامح، كما يعد أطول من حاز المنصب من عام 1995 وحتى رحيله 2013 وهو ممول الجائزة.