من ابوالعباس السفاح ...الى عفاش

اليمن العربي

"ابوالعباس السفاح اول خليفة في الدولة العباسية عندما تولى الحكم قال مقولتة الشهرة "للدولة رجال وللثورة رجال " لقد ادرك ابو العباس الامر مبكرا بأن رجال الازمة غير رجال الدولة فهو يعلم يقينا ان الادمان على الازمات يعرقل مسيرة البناء لذلك قضى على كل دعاة الدولة العباسية ،

 

وقد تكرر نفس الامر في الثورة الفرنسية التى اكلت ابنائها بعد الإنتصار.

 

بينما حدث ما يثبت القاعدة في المملكة المتحدة حيث تولى رئيس الوزراء ونستون تشرشل الحكم في عام 1940م وذلك قبيل  الحرب العالمية الثانية  في ذروة وعنفوان هتلر وقوته ،وكان تشرشل رجل ازمة من طراز نادر فاستطاع ادراة الامور بمهارة فائقة حققت له وللحلفاء النصر ومع هذا ما ان قاربت الازمة على الانتهاء حتى ادرك الشعب البريطاني الواعي فكرياً بان رجل الازمة لايصنع دولة..

فهناك  فرق  بين رجل البناء والتمنية الذي حان وقت توليه زمام الامور في بريطانيا وبين رجال الحرب ،

ولان بريطاني رائدة الديمقراطية في العالم ادرك شعبها الواعي الامر بسهولة...

فلم يشفع النصر لتشرشل او يرجح كفته للبقاء في الحكم ،

وهذا ما يميز الديموقراطية الواعية والحقيقية عن الديمقراطية المدعاة او المزيفة وهو ما ساعد على تحقيق استعادة الدولة لتوازنها بسرعة رغم الدمار الذي لحق بها جراء الحرب..!

 

في اليمن تولى الحكم علي عبدالله عفاش عام 1978م وكان رجل ازمة بامتياز ومتمرس في المؤامرات فاستطاع الاطاحة بكل خصومة بسرعة البرق وفي كل المراحل كان هو المنتصر ،فقد أجاد إدارة الأزمة بل أدمنها ولعله ادرك انه لايستطيع ادراة الامور الا بسياسة الأزمات و لذلك كان يقضي على الازمة بازمة اخرى فأبدع في ضرب الخصوم ببعضهم البعض فقد استخدم مهارته وخبراته في تعاليم وسياسة حزب البعث في تصفية الخصوم ومعرفته في وسائل الناصرين في تركيع وابتزاز الحلفاء...!

وكان ذو مهارة عالية في ( استراتجية صفوت الشريف) (موافي ))،

فلم يستطع خصومة وحلفاءة الاقتراب منه ولم يتمكنوا من مجاراته سلما وحربا ،

 

واتضح ذلك في الازمة الاخيرة حيث لم يستطع خصومه الامساك به فقد تملص من كل محاولاتهم وشق صفوفهم بل واخترقهم من الداخل ،

ففشلوا في مجاراته رغم الامكانيات الكبيرة التى هويئت لهم

لذلك كان لابد من الاستعانة بالخارج ،فالشرعية تفتقد حقا لرجل ازمة ماهر يستطيع أن يجاريه او يتفوق عليه في إدارة الأزمة..!

ولهذا لن تنتهي الازمة الا بالقضاء على استاذ الازمة .

او رأس الأفعى كما يسمونه خصومه..!

وهذه الإشكالية ليست حكراً على اليمن بل هي سمة مشتركة بين غالبية الدول العربية وخاصة تلك التى قيل أنها شهدت ثورات...

 

فقد عانى المواطن من الثورة ورجالها الذين ادمنوا الازمة ولم يستطيعوا  ان ينقلوا الامة من مرحلة الثورة الى مرحلة الدولة ..!

ومن المؤكد أننا لن نصل إليها مالم يتخلى رجال الثورة عن المناصب التى أدمنوا عليها...!

وحتى يتحقق ذلك سنظل نعيش في منطقة اللادولة ،

وأكاد أجزم أننا سنظل  فيها طويلا مالم يتولى رجال الدولة دفة الامور .....!

حسين باراس