'اليمن العربي' ينفرد بلقاء خاص مع رئيس جمعية فناني حضرموت (صور)

أخبار محلية

اليمن العربي

إنفرد مراسل 'اليمن العربي' في حضرموت، بتحقيق خاص مع رئيس جمعية الفنانين، وكشف من خلاله الوضع الحقيقي للمجال الفني في السابق والحاظر، وما يحتاجه الفن لإسترجاع ذروته التي ذاع صيتها في الخارج قبل الداخل، كما كشف عن وضع الفنان أثناء إحتلال حضرموت، ومدى تاثيره على الفن والفنان في تلك الفترة.

*: نبذة تعريفية عنك:  تاريخ الميلاد، حياتك الفنية، الآلات التي تعزفها.

**الاسم محمدانور عبدالعزيز.  
من مواليد 23/12/1970 المكلا-حضرموت، 
حاصل على شهادة البكلاريوس علوم وآداب جامعة عدن ، اعمل  بمكتب السياحة في ساحل حضرموت. 
رئيس جمعية فناني حضرموت الإطار النقابي والحقوقي لمعضهم المهن الفنية في ساحل حضرموت 
اهوى العزف على الكمان والاوكرديون والعود وبعض الاَلات الاخرى.

*: كيف بدأت مشوارك الفني، وعام كم؟

**: لحسن حظي ان والدي  الله يعطيه الصحة والعافية كان من هواة الموسيقى والغناء ويعزف على العود والكمان، وله موهبة في الخط والرسم وهو بالمناسبة من مؤسسي اتحاد الموسيقيين في دولة الجنوب في بداية السبعينات ورئيسه حتى عام١٩٩٤م، وكان يمتلك العديد من الاَلات الموسيقية ولاحظ اهتمامي وحسي الموسيقي وشجعني بطريقة مباشرة وغير مباشرة ، بعد ذلك كان الدور لرعاية الشباب بقيادة المغفور له بأذن الله العم 'غالب محمد اليزيدي' الذي مهما قلنا أو وصفنا لايمكن ان نفي بحقه ودوره الريادي في رفد الحياة الموسيقية في حضرموت بدماء شابة ومواهب كان لها اثر كبير في الحركة الفنية افتقدنا دورها بعد نهبها وتدميرها العام ١٩٩٤م، بعد رعاية الشباب انضممت الى فرقة اتحاد شباب اليمن الديمقراطي (اشيد) بقيادة الاستاذ الموسيقار 'فرج برك محفوظ'، وفي بداية التسعينات انضممت لفرقة مكتب الثقافة اثناء دراستي في الجامعة بدعوة كريمة من قائد الفرقة آنذاك الاستاذ المايسترو 'طارق باحشوان' حتى العام ١٩٩٥م، بعدها اعتزلت العزف بسبب ظروف العمل حتى عام ٢٠٠٣م.

*: مقارن بوضع الفن حاليا وفي الفترة السابقة ماقبل الوحدة أيها أفضل في نظرك؟

**: لايمكن بأي حال من الأحوال ان نقارن الفن الان بما كان عليه قبل الوحدة مع الشمال، فالفنون والآداب والثقافة كانت في صلب 'ايدلوجية' الدولة والحزب الحاكم، وكانت الدولة تشجع الفنانين والفرق الموسيقية وفرق التراث الشعبي وتقوم بتأهيل الكوادر الفنية داخليا وخارجيا ناهيك عن الفن والفنانين كقيمة معنوية وما يلاقوه من اهتمام وتكريم وتميز كل ذلك افتقدناه الان، بأختصار كنّا نعامل من الدولة كأصحاب رسالة وتثقيف وتعليم كما انه لم تكن هناك أفكار متطرفة تحارب الفنون الجميلة مثل مايحصل الان. 

*: هل كنتم تتحصلون على إهتمامات وحوافز وتسهيلات إجتماعية، مثل تسهيل معاملات، خصومات، بشكل عام هل نظرت الحكومة والناس لكم مثل نظرة أي شخص عادي؟

**: طبعا كان للفنان قيمة فنية لاينافسه احد عليها كان هناك تميز ، كانت الدولة تصرف الحوافز المادية للفنانين وتقوم بتوفير ما يحتاجون اليه من آلات موسيقية وأدوات رسم ونحت ومسرح وسينما وغيرها وبالمجان،  كما ان للمهرجانات الفنية والتراثية دور كبير في خلق التنافس بين المبدعين على طول وعرض الدولة الجنوبية وما يصاحب ذلك من تمثيل خارجي افتقدناه الان. 

*: ماذا قدمت لجمعية الفنانين، هل تمتلك صلاحيات تخولك لذلك؟

**: يقول الفيلسوف جلال الدين الرومي: "من دون الحب ..كل الموسيقى ضجيج كل الرقص جنون كل العبادات عبئ"، والسكرتارية الحالية التي أتشرف برئاستها قدمت الحب لجميع الأعضاء، فالشيطان نفسه لم يكن ليختار توقيت اسوء من التوقيت الذي انتخبنا فيه، انتخبنا في ابريل ٢٠١١م والبلد في هيجان، والشباب في الساحات تطلب التغيير، والحياة الاقتصادية والثقافية مشلولة، وما لاحق ذلك من سنين عجاف الى ان وصلنا الى ٢ ابريل ٢٠١٥م، الْيَوْمَ الذي سيطر تنظيم القاعدة  وأصبحنا مهددين في حياتنا وليس فننا، الا اننا ورغم كل ذلك كانت  وبحمد الله  للسكرتارية اعمال إيجابية في اعادة تأهيل المقر بدعم من الدكتور 'قاسم سلام' وزير السياحة السابق والأستاذ 'خالد محفوظ بحاح' جلب الدعم المادي والعيني للأعضاء من خلال الجمعية الاسلامية برئاسة البرفيسور 'عبدالله باهارون' رئيس جامعة الأحقاف، كما قدمنا دعم مادي عن طريق المحافظ خالدالديني للعديد من أعضائنا المرضى، كما تحصلنا أيضا على دعم  وتأييد من الدكتور 'عبدالباقي علي ناجي الحوثري' مدير عام مديرية مدينة المكلا  الذي قدم سلال غذائية كشخص متفهم لدورنا وجهودنا، وكلف الجمعية بالحفل الفني الخاص  بالذكرى الاولى ليوم النصر ٢٤ ابريل ٢٠١٧ م والذي قمنا فيه بتشكيل فرقة فنية من خيرة العازفين في المحافظة وكان حفلا رائعا بكل المقاييس.

*: ماهي أبرز اعمالك ومشاركاتك في المجال الفني.

**: عن مشاركاتي الفنية فأغلبها كانت كعازف كمان وعود في فرقة 'رعاية الشباب' وفرقة 'اشيد' وفرقة مكتب وزارة الثقافة بالاضافة الى الحفلات الخاصة وبعض التسجيلات الفنية في الإذاعة  والتلفزيون والاستديوهات الخاصة، فأنا أصنف نفسي انني هاوي ومتذوق للموسيقى ولَم أصل الى مرحلة الاحتراف. 

*: هل لك بصمة في كتابة الشعر او تلحنه؟

**: لم اطرق باب الشعر والتلحين رغم وجود الإمكانية لدي ولكنني لدي ايمان بالتخصص في في كل مجال وانا اشجع الشباب على طرق هذه الجوانب الإبداعية وتنميتها.

*: كيف ترى الفن في حضرموت؟

**: الفن في حضرموت متجذر من ايّام عاد الاولى، حيث حدثنا التاريخ عن "جرادتا عاد" المغنيتين الشهيرتين، فحضرموت دائما كانت المنبع الأساسي للفن والفنون في الجزيرة العربية ويشهد على ذلك انتشار فننا في كل ارجاء الجزيرة العربية وشرق اسياوافريقيا بعد العام ١٩٩٤م، وهو عام مفصلي بالنسبة للفن والفنانين حيث بدء التدمير الممنهج للفنون في حضرموت، حيث دمرت مقرات رعاية الشباب وسلبت محتوياتها ودمر معهد الفنون الجميلة وألغيت حصتي التربية الموسيقية من مدارسنا الابتدائية، ودخول أفكار غريبة لا تمت لثقافتنا ولا لمدرستنا الدينية الوسطية بشئ وتوج كل ذلك بأحتلال تنظيم لساحل حضرموت  في ٢ ابريل ٢٠١٥م.

*: كيف يمكن للفن أن يعود لذروته المعهودة؟

**: ‏يمكن للفنان الحضرمي ‏أن يعود إلى سابق عهده ‏ولكن هذا الأمر يحتاج الى عمل ‏مضني ‏وشاق، ‏تتضافر في جهود الفنانين والسلطه ورجال الأعمال لانتشال وضعنا الفني من حالة الركود الذي يعانيه والخروج به الى فضاء التجديد والتطوير والابداع، ونذكر هنا بعض الخطوات المهمة مثل تأهيل فنانين شباب، تأهيل أكاديمي في الخارج ليكونو نواة معهد الفنون الجميلة أو أكاديمية الفنون في المكلا، اعادة دور رعاية الشباب كتجربة رائدة في رفد الساحة الفنية بكوادر ودماء جديد، تثقيف العامة برسالة ودور الفن في المجتمع، إيجاد مسرح  وصالة عرض مجهزة تجهيز حديث لعرض أبداعات الفنانين، انشاء مركز لتوثيق ودراسة الموروث الفني الحضرمي يسهم في حفظ تراثنا الغزير والمتشعب، تطبيق قانون حق الملكية الأدبية والفكرية لضمان حقوق الفنانين والمؤلفين، ترشيد الخطاب الديني المنكر للفنون ودورها في التثقيف وترسيخ الهوية الوطنية، اتاحة الفرصة للفنانين في المشاركات المحلية الوطنية والخارجية، اعتماد مهرجان الاغنية الحضرمية كتظاهرة فنية يتنافس فيها المبدعون بكل ماهو جديد وجميل، تكريم وتشجيع الفنانين على الإبداع والتنافس الشريف، تشجيع مؤسسات الانتاج الفني والاستديوهات الحديثة واعتماد مخصصات للتسجيلات الفنانين الشباب، انشاء قناة فضائية متخصصة بالفن والموروث الحضرمي وتطويره، اعفاء الاَلات الموسيقية  واي تجهيزات ابداعية اخرى وقطع غيارها من الضرائب والجمارك، اعادة تدريس حصتي الموسيقى والتربية الفنية الى مدارس التعليم الأساسي، تفعيل صندوق التراث والتنمية الثقافية في حضرموت  وصرف مخصصات للفنانين القدامى، الاهتمام بجمعية فناني حضرموت كأطار نقابي وحقوقي فريد لا زال نشيط ومتماسك وتخصيص ميزانية سنوية ودعم لنشاطها المتخصص والفريد. 

*: هل ترى أن الفنانيين في وضع سيئ لقلة الإهتمام بهم، مثلا؟

**: الفنان شخص مرهف وحساس جدا ”أتكلم هنا عن الفنان الحقيقي“، وإذا لم يجد بيئة حاضنة ومستقبلة لإبداعاته فهو يصاب بالاحباط وينفر من هذه الممارسة الإبداعية، وعلينا خلق بيئة حاضنة للمبدعين ليستطيعوا الاستمرار والابداع  اعطيك مثل واضح لهذه الحال  لنأخذ مثلا فنان يحمل آلة موسيقية في احدى شوارع مدينة المكلا في فترات متباعدة: 
•في عام ١٩٩٠م، كان في نظر الناس فنان ومبدع ومتميز والكثير يتمنون ان يكونوا مكانه. 
•في عام ٢٠٠٠م، انقسم المجتمع حوله منهم يراه مبدعا ومنهم يراه  ضال ويحتاج الى توبة.  
•في عام ٢٠١٥م، كانت حياة هذا الشخص مهددة بسبب وجود تنظيم القاعدة في المكلا. 

*: لماذا يكتفي كل الفنانين تقريبا بغناء الأغاني القديمة، ويتركون الجديد إن وجد؟

**: عندما نقول القديم هنا نعني هامات فنية وشعرية وملحنين، هنا نعني 'حسين المحضار وحسين محمدالبار'  و'حداد الكاف' و'الباحسن' و'عمر العيدروس' و'عبدالقادر الكاف' و'صالح عبدالرحمن المفلحي'، نتكلم عن 'محمد جمعة خان' و'أبوبكر سالم' و'كرامة مرسال' و'حسن باحشوان' و'عبدالرب ادريس' و'سعيد عبدالنعيم سالم' و'احمد بامطرف' و'كندارة' و'بن بريك'، التنافس بين هؤلاء خلق الإبداع  ولازلنا نجتر ما بدعوا لنا وذكرت في سياق حديثي السبل الكفيلة لخلق مبدعين وابداع جديد.

*: هل يحمل الإعلام مسؤلية ضعف التغطية الفنية؟

**: أنا من منبركم هذا اناشد الرأسمال الحضرمي في الداخل والخارج، للعمل لإيجاد قناة فضائية متخصصة بالفن والموروث الحضرمي وستساهم في توثيق أشكال فنية تشارف على الاندثار، ولكن الأهم هو إيجاد تمويل دائم لها للاستمرار وخدمة الفن الحضرمي كما اناشد الاعلاميين تسليط الضوء على مبدعينا الذين لازالو على قيد الحياة ونقل همومهم وما اصابهم من إقصاء وتهميش  ونكران في السنوات الماضية. 

*: كونك رئيس جمعية الفنانين في حضرموت، لماذا لاتطرح فكرة إقامة فعاليات فنية للفنانين وإن كانت بشكل تطوعي منهم إذا لم تتوفر لهم الحوافز من المعنيين من أجل تحريك الفن الذي يعاني من ركود، فمع الوقت ربما يتحصلون على حوافز لن يتوقعها أحد.

**: ليعلم الجميع بكل وضوح اننا في جمعية الفنانين لم نترك باب لم نطرقه سواء هنا أو في صنعاء، ولكن الظروف  العصيبة التي تمر بها البلد سببت عدم ترجمة افكارنا الى مشاريع ملموسة  وكان اخر مشروع هو إقامة مهرجان الاغنية الحضرمية الثاني والذي تقدمنا به  لمعالي وزير النفط المهندس 'محمد عبدالله بن نبهان'، وهو فنان ومتذوق للفن الحضرمي وقد وعد بأيجاد تمويل ولكن الظروف السياسية لم تساعد على تحقيق ذلك، كما ان هناك مشكلة كبرى نعانيها وهي اعتماد اصحاب القرار على شخصيات غير مثقفة  تحدد أولويات المسؤلين الكبار، وهي أيضا غير مدركة لرسالة الفنون والثقافة  ونحن حتى الان نعاني من هذا الامر كثير ولَم نستطيع إيصال صوتنا ومشاريعنا حتى هذه اللحظة. 

*: ماهي رسالتك لكل من في حضرموت من فنانيين ومسؤلين؟

**: رسالتي الى جميع الفنانين والمسؤلين في حضرموت  ان الفن والثقافة والمورث الشعبي، هي هوية حضرموت الخالدة  التي أكسبتها قيمتها الحضارية والإنسانية عبر تاريخ طويل وحافل بالأمجاد والمثل والقيم الوسطية المتسامحة، والتي حقق لها امتداد وتمدد في مشارق الارض ومغاربها واستطاعت الانتصار في الصراع الحضاري، وتحافظ على مكونها وتفاصيله في كل بلدان مهجرها البعيد والقريب، حفاظنا على موروثنا يعني حفاظنا على هويتنا والعكس صحيح، أتمنى من قيادة المحافظة  الاهتمام بجمعية فناني حضرموت، والتى تعاني حتى الان من انقطاع مصادر تمويلها منذ احتلال ساحل حضرموت من قبل تنظيم القاعدة، كما نود تعيين مستشار  في جانب  الفنون والثقافة لمحافظ حضرموت يستطيع إعطاء المشورة الصحيحة  في هذا الجانب ورفع يد المتطفلين الذين لايمتلكون الدراية الكافية بهذه الجوانب، أتمنى ان يكون هذا العام عام خير على الفن والفنانين في حضرموت ويحقق ولو اليسر اليسير من طموحاتهم، وأشكر موقع "اليمن العربي" على هذه الاستضافة الكريمة.