الملاعب الإيرانية والتحول من الترفيه إلى نيران "السياسة"
لم يكتفي اتحاد كرة القدم الإيراني بتدخلاته القمعية في شئون اللعبة، والتي تجمع نوعا من الترفيه، والندية في المنافسة والتي تصل قمة متعتها في حصد الألقاب، واعتلاء منصات التتويج خلاف التعصب الكروي المشهود.
ويتمتع المشجع الكروي بحرية دعم أي من الأندية التي يحبها ويتبادل معها الأفراح والأحزان، إلا ان اتحاد الكرةالإيراني يرى عكس ذلك.
فرض السيطرة والتشجيع على مشجعي إيران سمة أساسية يتمتع بها القانون الرئيسي لدى الاتحاد الإيراني، بانتهاج مبدأ " حلال لي وحرام عليك".
أباحو الشعارات الدينية التي تدعم التفكير الشيعي في مبارياتهم، مخالفين اللوائح الدولية للفيفا، ولم يُكبح جماحهم، بل تمادوا في تحريم وتجريم المناوئين من فريقي "تراكتور سازي" بسبب هتاف مشجعيه من الاتراك ، بالتهديد أو الإيقاف.
تمادت إيران في تهديدها لفريقي تراكتور سازي" بسبب هتاف مشجعيه من الأتراك الآذريين "الخليج عربي"، وهي ظاهرة باتت تتكرر في أغلب مباريات هذا الفريق الذي يقول مناصروه إنهم من خلال هتاف "الخليج عربي" يردون على العنصرية الفارسية المعادية للعرب والأتراك في إيران التي تصر على "تفريس" الأسماء العربية والتركية.
ويعد فريق "تراكتور"رمزاً للقومية التركية الآذربيجانية، وفريق "فولاذ" في الأهواز رمزاً للقومية العربية، حيث يطلق أبناء القوميتين شعارات تتحدى التفريس وترفع مطالب اجتماعية وقومية وسياسية في غياب أي تمثيل حقيقي لهم في مؤسسات الدولة الإيرانية.
وليست هذه المرة الأولى التي يهتف فيها جماهير الفريق بهتاف "الخليج عربي" رداً على شعار الجماهير الفارسية "الخليج فارسي" أو شعار "خليج هميشه فارس" أي "الخليج فارسي للأبد" وكذلك تأكيدهم على صهر كل القوميات قسراً في بوتقة اللغة والتاريخ والثقافة الفارسية.
التهديد بالعقوبات القاسية
هدد حمزة صفري المسؤول الحقوقي للاتحاد الإيراني لكرة القدم ، فريق "تراكتور سازي" بتنفيذ "عقوبات قاسية" إذا استمر مشجعوه بترديد شعار الخليج العربي.
ونقل موقع صحيفة "جام جم" عن صفري قوله: "هذا الشعار في ملعب آزادي يعتبر انتهاكا للحرمات والسمعة، ويجب أن يبحث من الناحية الحقوقية".
وهدد صفري بحرمان المشجعين من الحضور في المباريات التي يستضيفها وقال إن لجنة تحقيق ستصدر قرارا بهذا الشأن.
فلماذا هدد مسؤلوا إيران هؤلاء الجماهير عل الغم رفع جماهير المنتخب رفع شعارات دينية، ولم يمنعهم أحد؟
وطالب عضو الاتحاد الإيراني برصد من حرضوا الجمهور الذين أطلقوا شعار الخليج العربي ومعاقبتهم.
كما يردد الكثير من المشجعين من أبناء القوميات خلال المباريات شعارات تندد بالتمييز والتهميش والخطاب الاستعلائي الذي يحقّر القوميات غير الفارسية في الملاعب والإعلام والإذاعة والتلفزيون في إيران.
ولم يترك أهالي الأحواز مناسبة إلا وأعلنوا فيها تمردهم المسلح ضد النظام الإيراني، فعلى سبيل المثال كانت مباراة كرة قدم بين الهلال السعودي والفولاذ الأحوازي، في مارس 2015، وقد حضر المباراة أحوازيون يرتدون اللباس العربي "المحرم"، ورحبوا بالفريق السعودي بلافتات كتب عليها: "يا الهلال العربي أهلاً فيك في الأهواز العربي".
وأدت تلك الفعاليات إلى اشتباكات بين الشرطة الإيرانية والأحوازيين، وتخللها أعمال مسلحة قام بها عناصر أحوازية.
وتبادل الجمهور الهلال بالرد على تلك العبارات التي أطلقها أهل الاحواز بالترحيب، والدعاء بالانتصار في أرضيهم.
وفي ظل قمع الدولة المركزية الإيرانية للشعوب غير الفارسية ومنعها من ممارسة حقوقها القومية وتصاعد موجة الخطاب العنصري ضد القوميات، تحولت ملاعب كرة القدم إلى متنفس للتعبير عما يعانيه أبناء القوميات التي تخرج في الكثير من الأحيان عن السيطرة.