ما بين عدن والضاحية ... حقيقة دعم إيران للحراك الجنوبي

أخبار محلية

خامنئي - أرشيفية
خامنئي - أرشيفية

ما بين عدن والضاحية ... حقيقة دعم إيران للحراك الجنوبي "تحقيق"

 يعود الجدل من جديد حول حقيقة التناغم بين الحراك الجنوبي وإيران للواجهة من جديد عقب التصدع الواسع الذي حدث بين الحكومة الشرعية والحراك الجنوبي الذي أصبح اللواء عيدروس الزبيدي يمثله على الرغم من أن ظاهرة دعم إيران للحراك توقفت عن الجدل عقب عاصفة الحزم قبل عامين.


 وعلى قدر ما يذهب الكثير للحديث عن ارتماء الحراك الجنوبي في إحضان إيران قبل التدخل العربي في اليمن كردة فعل للخلاص من الوضع السياسي السائد إلا أن آخرين يتعاملون مع هذا التصور باعتباره جزء من المكايدة السياسية لتهشيم صوت الحراك الداعي لرفض الاستئثار بالسلطة والثروة اللتان احتكرهما نضام صالح والحكومة التي جاءت من بعده.

 

مجرد ادعاءات:


وفي هذا الإطار يتحدث الكاتب والمحلل السياسي هاني مسهور، إن حقيقة دعم إيران للحراك الجنوبي هي في الاصل ظاهرة تعود إلى جذور الازمة بين طرفي الوحدة في 1994م إذ كان المخلوع صالح يتهم الجنوبيين بأنهم مدعومين من السعودية معتبرا ان الرياض تقود المشروع الامبريالي آنذاك، وحشد القوى المذهبية والقبلية حول علاقة السعودية بالجنوب حتى اعلن الحرب في 27 ابريل 94م هناك استعملت القوى المتأسلمة (الاخوان المسلمين) خطاب مختلف بتكفير الجنوب باعتبارهم ماركسيين وتم توظيف ذلك الخطاب حتى الى ما بعد اجتياح المحافظات الجنوبية وفرض سياسة الأمر الواقع.

 

ويقول مسهور في حديث خاص لـ"اليمن العربي" وهو من أبناء حضرموت ويقيم في الرياض، لم تكن انتفاضة الجنوب مرتبطة بجهات دولية في انتفاضة المكلا 1997م بل بانتهاكات عسكرية ضد المدنيين وتوسعت حالة الاحتقان الشعبي حتى تبلورت في مسيرات شعبية اتضحت اكثر في 2007م. حتى ما قبل عاصفة الحزم كانت اتهام المخلوع صالح والقوى الشمالية بارتباط الحراك الجنوبي بايران تبعثرت التهمة واقعيا مع احتماء الرئيس هادي بالحراك في عدن فلقد تشكلت اللجان الشعبية في 19 مارس 2015 للدفاع عن ما تبقى من الشرعية التي حاول المخلوع صالح ومليشيات الحوثي ضربها في المعاشيق عندما شن سلاح الجو اليمني غارات متتابعة استهدفت شخص الرئيس هادي.

 

ويستدل مسهور، بنقض دعوى دعم ايران للحراك بما قدمته المقاومة الجنوبية وذلك "بتحولها لرأس الحربة في المعارك البرية ونجحت باسناد التحالف العربي من تحرير المحافظات الجنوبية، بل انها تواصل تواجدها في جبهات صعدة وتعز والمخا والحديدة لتحريرها من الانقلابيين.


واعتبر أن جيش النخبة الحضرمي والحزام الأمني تم اعدادهما باشراف مباشر من التحالف العربي وهذا يؤكد مدى وثوق التحالف بالجنوبيين واعتبار أن الاتهامات لم تكن سوى مكايدة هدفها استمرار النفوذ القبلي والحزبي على المحافظات الجنوبية.

 

دعم إيراني لجناح البيض:


من جانبه يتجه علي الأحمدي الأمين المساعد لحركة النهضة في عدن للحديث عن احتضان ايران لتيار الرئيس السابق علي سالم البيض في بيروت غير أنه يؤكد أن هناك تضخيم إعلامي في إطار المماحكات الاعلامية والسياسية.

 

ويقول الأحمدي في حديث خاص لـ"اليمن العربي" إن حقيقة دعم إيران للحراك  له جانب من الصحة لكنه ضاع في جانب التضخيم والمماحكات، جانب الصحة أن تيار البيض محتضن في بيروت وهناك دعم وتدريب لقيادات عسكرية وهناك تشكيلات في مناطق نائية  لكن هذا الدعم كان محدود جدا وليس بذلك الشكل الذي ضخمته اجهزة اعلامية بغرض المناكفة مع الحراك  فحين كان ضبعان يسوم الضالع سوء العذاب وحصلت مجزرة العزاء في سناح لم تكن هناك ردة فعل قوية بل مناوشات واطلاق هاونات وعمليات محدودة، مما يشير الى حجم تلك القوة وذلك الدعم.


ويلخص الأحمدي حديثه بأن "دعم ايران للحراك هو للمشاغلة فقط  ليس لتحقيق الانفصال بدليل قنوات ايران لا تتعاطى مع الانفصال".

 

التجنيد في الضاحية:


الناشط السياسي أكرم البجيري، وهو أحد المشاركين في معارك تحرير عدن من الانقلاب لا يعتبر أن دعم إيران للحراك مجرد ظاهرة إعلامية بقدر ما هي حقيقة عكسه التناغم بين الحوثيين والجناح السياسي للحراج في مؤتمر الحوار الوطني.

 

وقال البجيري في حديث خاص لـ"اليمن العربي" في مؤتمر الحوار كان لإيران دعم للحراك على خطين الخط السياسي والذي يمثله محمد علي أحمد وكلنا يعلم التحالفات التي كانت قائمة بين الحوثيين وبين فصيله في مؤتمر الحوار ولا شك أن ذلك لم يأتي من فراغ لكنه أتى من تنسيق عالي كانت تديره طهران حتى أن الحوثيين تنازلوا في شكل الدولة الى أن قالوا نحن نقبل بإقليمين مع حق تقرير المصير للجنوب مع أنه في عقيدتهم الدينية لا يؤمنون بالتفرقة لكن لانهم يعلمون أن ذلك إن تم فسيضمنون التواجد بحلفائهم في الجنوب وعن طريق الخط الاخر وهو الجناح المسلح للحراك والذي كان للحوثيين السبق في تأهيله وتدريبه على المستوى المحلي عندما كانت توسل الوفود الشابة من الضالع الى صعدة لتدريبها هناك".

 

ويضيف البجيري أن إيران بعد أن أوجدت كيان مصغر مسلح لها في الجنوب عبر الحراك المسلح والذي كان يقوده عيدروس الزبيدي، وكان يبنى النهج المسلح حازوا بعد ذلك على ثقة ايران الأمر الذي تطور إلى أخذ مجاميع شابه من الجنوب الى الضاحية الجنوبية في لبنان لتدريبها على يد عناصر حزب الله هناك ومن هنا تجذرت العلاقة".

 

هل استمر ارتباط الحراك بإيران بعد عاصفة الحزم:


عقب عاصة الحزم في مارس 2015م تراجع صوت الحراك في المناطق الجنوبية وتهشم الدور الايراني بعد أن حاولت استغلال ضعف سلطات الدولة بالتغلغل في الجنوب كما صنعت في المناطق الشمالية وصنعت جماعة الحوثي المسلحة

 

المحلل السياسي هاني مسهور يستمر في التأكيد أن الحراك، حتى عقب عاصفة الحزم، هي تشكيلات شعبية مختلطة ليس له قيادات سياسية والدليل عدم قدرة جهة من الجهات اثبات سلطتها على القوى الشعبية، كما ان عدم قدرة المكونات الجنوبية على توحيد قيادتها السياسية تؤكد انعدام الارضية السياسية التي يمكن ان يستفاد منها في تمرير اجندات لتحقيق نفوذ ايراني في المحافظات الجنوبية".

 

ويضيف: " من المهم التذكير دائما ان الحشود الشعبية هي اطار لحالة احتقان لم تنجح كل القوى السياسية في جرها لمربع الاصطفاف الى جانب ايران او غيرها من القوى الاقليمية المتنافسة على الجنوب بينما مازلنا نرصد الرغبة في الانتماء للمشروع العربي وما عبر عنه مؤتمر حضرموت الجامع واعلان عدن التاريخي يؤكد ذلك تماما".

 

أما الأمين المساعد لحركة النهضة علي الأحمدي، يقول: "بعد عاصفة الحزم انضم من كانت احتضنتهم إيران في بيروت للمحور الشرعي والتحالف ضد مشروع إيران، ولكن بقيت اطراف سياسية لها علاقة بإيران واذا نجح التحالف باستيعاب قضية الجنوب عبر اقناعهم بمخرجات الحوار فيمكن القضاء على فكرة عودة العلاقة بايران".


فيما يتجه الناشط السياسي أكرم البجيري للقول :" إن ما بعد عاصفة الحزم بدأ تغيير المسار في شخصيات الحراك الجنوبي فيعدروس الزبيدي الذي كان رأس الحربة في التواصل مع حزب الله والحوثيين قبل عاصفة الحزم غير بعد ذلك الى صف التحالف في اطار التحالفات الجديدة لكن يبقى هناك غموض في غضهم الطرف عن الحوثيين خاصه في المناطق المسيطرين عليها والقريبين منهم مثلا منطقة دمت بالضالع، يسيطر عليها الحوثيين لكن الحراك لا يخشى من تلك السيطرة ربما لتفاهمات قائمة بينهم".

 

ويضيف أن هناك شخصيات جديدة من الحراك ظهرت وهي توالي ايران منهم فادي باعوم والدليل أن هناك شيء ما يزال غامض، أن فصائل الحراك لم تتبرأ من هذا الشخص –باعوم- أو تنتقده في الاعلام بل أن فعاليات فصيله في عدن وحضرموت وغيرها من مناطق الجنوب تقام ولا احد يتكلم وهذا دليل قاطع أنه لايزال هناك تواصل وأن تغيرت الشخصيات الممثلة لذلك التواصل".

 

وفضلا عن ذلك كله، فإن الحراك الجنوبي، ظل طيلة السنوات الماضية يبحث عن ملجأ يجد فيه تضامنا مع تطلعاته السياسية وهي العودة إلى ما قبل 90، فوجد إيران الدولة الوحيدة التي تناغمت مع تطلعاته لأغراض لا تقود إلا لإضعاف الدولة على حساب صعود الحوثيين.


تعاملت بعض فصائل الحراك مع إيران كمجال سياسي رافع لتطلعاتهم بخلاف التمازج الفكري بين الحوثيين وطهران، غير أن عاصفة الحزم جاءت وأضعفت علاقة الحراك بإيران ومع ذلك لم تصل إلى قطع ما بقي من خيوط لقيادات حراكيه بإيران حتى اللحظة.