أبرزها "الإعدامات والاعتقالات".. هكذا يعامل الأكراد السنيين في إيران (تقرير)

تقارير وتحقيقات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

لم تحترم إيران في يومًا ما بسياسة اختلاف وجهات النظر ما بين القوى السياسية بداخلها، بل دائمًا وأبدأ تتعامل مع المُعارضين وخاصة الأكراد السنيين بسلاح الإعدام لتهم وهمية لتصفيتهم أو اعتقالهم لبث روح الرعب لكل من تسول له نفسه أن يعارض سياسة الدولة. 

 

أعرق القوميات الإيرانية

يعتبر الأكراد من أقدم وأعرق القوميات الإيرانية، ويحظون بتاريخٍ من الأساطير وبحضارة ثقافية خاصة، كما بتقاليد مشتركة مع الإيرانيين الفرس، ولا ينظر الإيرانيون الفرس إلى الأكراد كأقلية قومية بل كمكون أساسي من البلد تاريخياً حتى أن ملا مصطفى بارزاني زعيم كردستان العراق، يرى أنه حيث يعيش الأكراد "هناك جزء من إيران".

 

7 ملايين نسمة

الأكراد في إيران يصل عددهم إلى 7 ملايين نسمة موزعون على أربع محافظات، هي كردستان وأذربيجان الغربية وإيلام وكرمنشاه، وهم أغلبية السكان في أول محافظتين وأكثريتهم من السنة، وفي كرمنشاه التي تعيش فيها أقلية كردية، أغلب الأكراد فيها من الشيعة فيما في إيلام تقريباً كل الأكراد فيها من الشيعة.

 

بداية الخلافات

اللغة الكردية قريبة من الفارسية فتسمية الأعداد في اللغتين واحدة، وأكبر أعيادهما القومية هو "نوروز"، لكن هذه القواسم المشتركة بين الأكراد والفرس في التقاليد يقابلها تعارض في أمرين الأول وهو الأساس النزعة الاستقلالية أو الميول للمطالبة بالحكم الذاتي للأكراد، والثاني انتماء الأغلبية الكردية إلى المذهب السني الذي يحول الكرد إلى أقلية عرقية بجانب كونها أقلية مذهبية، على الرغم من أن الانتماء إلى المذهب السني ليس عائقاً أمام التضامن الوطني عند الإيرانيين.

 

محاولات الانفصال

أولى محاولات الانفصال للأكراد بدأت في العام 1878، حين حاول الشيخ عبيد الله النقشبندي تأسيس دولة كردستان واستولت قواته على مدن في محافظة اذربيجان الغربية لكن الدولة القاجارية قمعَتها واستردت المدن، وخلال الاضطرابات التي كانت تعيشها إيران بسبب حربين عالميتين أعلن في العام 1946 قاضي محمد عن تأسيس أول دولة كردية بدعم روسي، فيما كانت قوات التحالف احتلت إيران، وفور خروجهم من إيران أقدمت الحكومة المركزية على قمع الدولة الكردية بقسوة.

 

الكردية في إيران

توجد مناطق للأكراد في إيران وخاصة في محافظة كردستان، وتتسم بأنها فقيرة وتعود أسباب ذلك إلى انعدام الأمن والاستقرار فيها وتحديداً منذ انتصار الثورة الإيرانية العام 1979 التي أوهمت بعض الأحزاب بأنها ستتمكن من الحصول على الاستقلال أو الحكم الذاتي في ظل الدولة الجديدة التي كانت وليدة ثورة شعبية.

 

خطوة إعدادية

لكن الدولة الجديدة الثورية، رأت أن المطالبة بالحكم الذاتي تعني المطالبة بالاستقلال أو خطوة إعدادية للمطالبة بالاستقلال، فشهدت السنوات العشر الأولى بعد انتصار الثورة، معارك مستمرة بين الدولة والمطالبين بالانفصال من الجماعات والأحزاب الكردية، بموازاة الحرب العراقية الإيرانية، ولجأت إيران بالتحالف مع أحزاب كردية عراقية إلى عقد اتفاقات لضمان أمن حدودها مع كردستان العراقية، ولكي تحول دون الائتلاف بين أكراد إيران وأكراد العراق، فضلاً عن أنها استغلت معارضة أكراد العراق لنظام صدام حسين فقدمت لهم الدعم في معاركهم ضد نظام البعث.

 

إعدامات النشطاء

ومع توتر العلاقات، وقعت العديد من حوادث الإعدامات لنشطاء من الأكراد السنة في إيران بينهم الداعية شهرام أحمدي الذي اعتقل في العام 2009 واتهم بالانتماء لجماعات تكفيرية، وحكم عليه بالإعدام بسبب نشاطه الدعوي في المساجد السنية الكردية.

 

الأكراد الإيرانيين

وفتح ملف الإعدامات المسيسة للأقليات في إيران، فليست هذه الحادثة المنفردة التي تقوم فيها السلطات الإيرانية بسياسة الإعدامات الجماعية،  حيث شهد العام الماضي 2015 تنفيذ الإعدام بحق 6 نشطاء سنة من الأكراد الإيرانيين، وهم كل من حامد أحمدي وكمال ملائي وجمشید دهقاني وجهانغیر دهقاني وصديق محمدي وهادي حسيني، بتهم لا تختلف كثيرًا عن تهم الداعية شهرام أحمدي ومن أعدموا معه.

 

البلوشية السنية

وكذلك في نوفمبر 2014، أعدم الشقيقان وحيد شه بخش "22 عاما" ومحمود شه بخش "23 عاما" من الأقلية البلوشية السنية، بتهم العمل ضد الأمن القومي الإيراني، وفي نفس العام كانت السلطات الإيرانية قد أعدمت في شهر يوليو الناشط البلوشي المعتقل في سجن زاهدان المركزي ياسين كرد بتهمة "محاربة الله ورسوله" بعد اعتقال استمر خمسة أعوام، على خلفية نشاطه المطالب بحقوق البلوش في إيران، كما أعدمت السلطات الإيرانية عام 2013 حبيب الله ريغي، شقيق عبدالمالك ريغي، زعيم جماعة "جند الله" السنية، الذي أعدمته السلطات في يونيو 2010.

 

غير شرعية

وفي أبريل من العام 2009 أعدمت السلطات الإيرانية الشيخ خليل الله زارعي والشيخ الحافظ صلاح الدين سيدي شنقا بتهم حمل وحفظ السلاح بطريقة غير شرعية ومعارضة النظام وتهديد الأمن القومي، وهذه الإعدامات الجماعية هي امتداد لسياسات ممنهجة تتم بحق الأقليات في إيران منذ اندلاع الثورة الإسلامية في العام 1979، فبعد الثورة الإيرانية بسنة واحدة، قامت القوات المسلحة الإيرانية بأمر من الرئيس الإيراني أبو الحسن بنی ‌صدر بحملة تمشيط واسعة على المناطق الكردية في إيران وخاصة في مدن مهاباد وسنندج وباوه ومريوان، لمحاصرة تواجد العنصر الكردي في إيران.

 

إعدام السياسيين

أعدمت السلطات الإيرانية ما يزيد عن 20 معتقلًا سياسيًا من الأقلية الكردية السنية، ووفق ما ذكر موقع "كوردستان24" أن عدد من نفذ فيهم حكم الإعدام يصل إلى 36 معتقلًا من بينهم الداعية الشهير شهرام أحمدي، واتهمت إيران المعتقلين بالانتماء لجماعة "التوحيد والجهاد" في محافظة كردستان الإيرانية، وقد اتهم الادعاء العام الإيراني الذين أعدموا ليلة الثلاثاء الماضية بارتكاب ما وصفها بـ "جرائم إرهاب ضد الشعب".

 

نفس المصير

وتشير تقارير حقوقية إلى أنه هناك أكثر من 200 من الطائفة السنية الكردية، مهددون بالإعدام الوشيك في سجن رجائي شهر بمدينة كرج، غرب طهران، بتهم "التآمر ضد الأمن القومي" و"الدعاية ضد النظام"، حسب التهم الموجهة إليهم بمحاكم الثورة الإيرانية، ويتوزع المعتقلون الآخرون على سجون كرج وطهران وسنندج وهمدان وكرمانشاه وأرومية وسقز ومهاباد ومريوان، فيما تؤكد التقارير أنهم محرومون من حقوقهم الأساسية كباقي السجناء، وتتم معاملتهم بقسوة من قبل سلطات السجون، وفي الكثير من الأحيان يُمنعون من القيام بفرائضهم الدينية.

 

الكرد كفار

ورفضت الأحزاب الكردية في إيران الدستور الإيراني الجديد، بعد أن اعتبروا أنه يكرس العنصرية والتفرقة بين المواطنين، مما دفع الخميني إلى إصدار فتوى ضد الأكراد تعتبر أن "الكرد كفار"، وقصفت الطائرات عدة مناطق كردية، وأسفر قمع السلطات الإيرانية لانتفاضة الأكراد وكفاحهم المسلح، الذي استمر من 1979 إلى 1988، تاريخ انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، عن مقتل 3 آلاف كردي، حسب مسؤول العلاقات العربية في حزب الكوملة الكردستاني الإيراني، سوران بالآتي.

 

اغتيال القادة 

وأقدمت السلطات الإيرانية على اغتيال عدد من قادة الأكراد، من أبرزهم زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، عبد الرحمن قاسملو، الذي قتل، وفق بالآتي على يد المخابرات الإيرانية في فيينا عام 1989، حيث كان يخوض مفاوضات مع النظام الإيراني نفسه.