مبادرة حقوقية تطعن في قرارات المحكمة الجزائية بحق البهائي "حامد بن حيدرة"

أخبار محلية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أوردت المبادرة اليمنية للدفاع عن حقوق البهائيين في اليمن سلسلة ردود على قرار المحكمة الجزائية بحق البهائي حامد حيدرة.

وكانت المحكمة الجزائية في صنعاء والتي تسيطر عليها مليشيا الحوثي وصالح اتهمت حامد بن حيدرة بممارسة الجاسوسية  والتواصل مع مرجعيات البهائيين، أعلى مرجع للبهائيين في العالم والذي يقع في حيفا".

وفيما يلي نص البيان:


أصدرت النيابة الجزائية بتوقيع السيد راجح زايد أمرا بتشديد حبس المواطن المضطهد البهائي حامد بن حيدرة وإعادته إلى السجن الانفرادي،  وتؤكد المصادر بأن الحُجّة (الغريبة) التي استخدمتها النيابة الجزائية لإصدار هذا الأمر هي: بأنه يمارس أنشطة خطيرة ضد امن الدولة من داخل السجن وبأنه يتواصل مع العالم الخارجي، في إشارة إلى مبادرتنا هذه وحملتنا الإعلامية والتي بدأت بمسمى ((الصفحة الرسمية لدعم حرية حامد بن حيدرة)) وتطورت بسبب الدعم المتتالي والمتزايد من المئات من الناشطين لتصبح ((المبادرة اليمنية للدفاع عن حقوق البهائيين)). فالنيابة الجزائية تحاول أن تضيف إلى تهم حامد بن حيدة تهمة إدارة هذه الحملة وتستخدمها لإلصاق تهمة التجسس به.


في البدء نود أن نشكر النيابة الجزائية والسيد راجح، فقرارهم هذا (رغم كل ما فيه من ظلم وتلفيق للتهم) هو أكبر دليل على نجاح هذه المبادرة المتواضعة، وأفضل شاهد على حالة الارتباك التي اصابتهم لاستشعارهم بأن اعداد متزايدة من الناشطين والإعلاميين والحقوقيين بدأت تعرب عن استيائها ورفضها للظلم الذي تمارسه باسم الأمن. فالنيابة الجزائية وفريقها الذي يفترض منهم أن يسهروا على أمن الوطن والمواطن أصبحت تختلق تهماً واهية جديدة لا يصدقها عقل منصف ضد شخص هو في الأصل معتقل لديهم منذ أكثر من 3 سنوات ونصف.


إن هذه التهمة التي بسببها تم ارجاع حامد بن حيدرة إلى الحبس الانفرادي (رغم مرضه الشديد) تضمنت ثلاثة جوانب سنتناول كل واحد منها على حدة: 


أولا: تتضمن هذه التهمة إهانة واضحة ضد من يحكم صنعاء واتهاما صريحا ضد الأجهزة الأمنية. وإلا فكيف بإمكان سجين في أهم وأكبر سجن في العاصمة واشدها رقابة أن يدير أنشطة خطيرة ضد الدولة (كما يدعون) وأن يتواصل مع العالم شرقا وغربا، ويدير حملة نشطة تصل إلى الآلاف من الإعلاميين والحقوقيين داخل البلاد وخارجها دون ان تشعر السلطة و تنتبه الأجهزة الأمنية؟!! الحقيقة أننا لم نرَ اتهاما يهين الدولة وأجهزتها الأمنية كهذه التهمة الغريبة، فهل يعقل بأن الأجهزة الأمنية بهذه السذاجة والضعف وقلة الحيلة بحيث يتمكن شخص وحيد معتقل منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف ويعاني من امراض وآلام شديدة (يرفضون علاجها)، ويسير على العكاز بسبب كسر لا يلتئم  أصيب به في السجن بسبب سوء المعاملة، وفقد اكثر من نصف سمعه بسبب التعذيب الوحشي والصعق الكهربائي؛ أن يدير حملة خطيرة تستدعي استنفار النيابة الجزائية!! هل سجوننا اصبحت رحبة سهلة مخترقة بحيث يدار منها مثل هذه النشاطات؟!!


إن كان حقا بإمكان حامد بن حيدرة وحده (وهو المشهود له من قبل مسئولي السجن بالالتزام والنظام والسلوك الحميد) أن يقوم بكل ذلك، لكم أن تتخيلوا ما يمكن أن يقوم به زعماء العصابات وتجار المخدرات وصناديد الإرهاب المحبوسين في نفس السجن.  إن تنفيذ وإدارة مثل هذه الحملة تتطلب العمل على مدار الساعة للتواصل مع الإعلام والناشطين داخل صنعاء وخارجها والاجابة على استفساراتهم وإصدار البيانات والتصريحات والظهور عبر وسائل الإعلام؛ فهل من سجين يمتلك كل هذه الحرية في الحركة؟؟ إن تسيير حملة كهذه وإنتاج موادها المرئية يتطلب وجود أجهزة حاسب وشاشات ونواسخ وبرمجيات بالإضافة إلى مهارات متقدمة في استخدام برامج مثل الفوتوشوب وغيرها فهل سجوننا تتوفر بها مثل هذه التقنيات المتقدمة؟؟ إن هذا الحجم من التواصل وتحميل الملفات والصور يتطلب – تقنيا –  وجود اتصال سريع بالإنترنت وخوادم تساعد على التواصل فهل أصبحت سجوننا عالية التقنية إلى هذا الحد؟!! سبحان الله، هل حامد بن حيدرة مسجون حقا في السجن المركزي الذي بالكاد تصله الكهرباء أم ربما هو نزيل السجون الفندقية بالسويد؟؟ هل فكر من لفقوا هذه التهمة الغريبة – ولو لوهلة – في حجم الكوميديا السوداء التي يرسمونها؟؟ وهل خطر ببالهم أي ارث وتاريخ يتركون من خلفهم؟؟  


إن كان هذا الاتهام صحيحا فإن تلك كارثة عظيمة تستدعي محاكمة الأجهزة الأمنية واستجواب النيابة (وممثلها) التي سكتت طوال هذه السنوات ولم توقف هذه الأنشطة الخطيرة إلا منذ يومين فقط. وإن لم تكن التهمة صحيحة فإن الكارثة أعظم، فحينها لن يكون هناك إلا معنىً واحدا لما حدث وهو بأن بعض ممن ائتُمن على العدل في النيابة واقسم على أن يكون مدافعا عن الحق أصبح يبتز حرية الكلمة ويستغل سلطته ليضغط على معتقل مظلوم لا حول له ولا قوة أملا في لوي ذراع من يدافعون عنه وتكميم افواه الحقوقيين والإعلاميين الذين يدافعون عن حق هذا المظلوم وعن حقوق البهائيين اليمنيين والذين تستهدفهم وتضطهدهم أجهزة الامن القومي والنيابة الجزائية.
ثانيا:  التهمة تتضمن أيضا انتهاكا صارخا لحرية الكلمة وتصنف مساعينا وحملاتنا على أنها أنشطة خطيرة تستجوب العقوبة الصارمة. فمنذ متى أصبح الدفاع عن الحريات في بلادنا نشاطا خطيرا يهدد أمن الدولة؟!! ومنذ متى أمسي الاعتراض على انتهاك حقوق مكوّن من مكونات مجتمعنا جريمة؟؟ ومنذ متى أصبح الدفاع عن حرية المعتقد المكفول بالدستور وبالميثاق الدولي لحقوق الإنسان عملا خطيرا؟؟  اننا كناشطين وإعلاميين وحقوقيين من مختلف المكونات والانتماءات نستنكر وبشدة مثل هذه اللغة وهذه القرارات. 


إننا نود أن نؤكد بأن الشيء الوحيد في قضية البهائيين الذي يمكن اعتباره جريمة خطيرة تمس بأمن اليمن هو اعتقال الأبرياء والنساء والاطفال وسجنهم وتعذيبهم وتهديدهم ومداهمة منازلهم دون رعاية لحرمة، ومصادرة الممتلكات والاموال لمجرد كونهم بهائيين، وكذلك استغلال السلطة واجزة الدولة واختلاق تهم واهية لتنفيذ اجندة متعصبة ضد مكون أو آخر.


كما نحب أن نذكر النيابة الجزائية والأمن القومي من باب {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِين} بأن الصحافة وُجدت لتكون سلطة رابعة تتابع وتحاسب وتفضح من يخطئ ،، وبأن الحقوقي تَعَلّمَ مهنة الدفاع عن الحق ليكون نصيرا للمظلوم والمضطهد ،، وبان الناشطين تحركهم ضمائرهم المؤمنة بالحقوق الأساسية ،، وبأن البشر جميعا مهما اختلفت أفكارهم او معتقداتهم سواسية أمام القانون فلا ينبغي حرمان فرد او مجموعة من حقوقهم لمجرد اختلاف أفكارهم او معتقداتهم ،، فإن كنتم تتوقعون غير ذلك من الداعمين لهذه الحملة فإنكم مخطئون. تذكروا بأن "العدل أساس المُلك" فإن كنتم صادقين في حبكم لوطنكم وحرصكم على مصالحه اعدلوا، وتذكروا قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}. 


ثالثا: (وهو الأخطر) إن هذه التهمة بالإضافة إلى ما تسببت به من ضرر جسدي فادح بسجين مريض وضع في الحبس الانفرادي، فإنها أيضا تحمل تلميحا واضحا إلى تهمة سبق ووجهتها النيابة الجزائية (دون تقديم دليل واضح) ضد حامد بن حيدرة ألا وهي تهمة التجسس والتخابر مع الخارج. فما من تهمة أشد خطورة في عواقبها النفسية والاجتماعية والقانونية من مثل هذه التهمة.


ولمن لا يعلم الخلفية التاريخية لقضية حامد بن حيدرة يجب التنويه بإن رجال الأمن القومي قاموا بخطف حامد بن حيدرة من مقر عمله في عام 2013م، حيث سجن لقرابة السنة دون أن يعلم أحد عن مكان تواجده او الجهة التي خطفته. تعرض حامد خلال هذه المدة لأشد أنواع التعذيب وتمت مصادرة املاكه وامواله. في تلك المرحلة كانت التهم تحوم حول ممتلكاته وتجارته. وعندما تمكنت المنظمات الحقوقية ان تكشف عن مكان اعتقاله وهوية معتقليه وتفضح مصادرة أملاكه، تحولت الاتهامات فأصبح حامد فجأة زعيما يحاول تأسيس دولة خاصة به ومع مرور الوقت وفشل النيابة في تقديم أي دليل حقيقي على هذه التهمة الغريبة –  سوى تخيلات المدعي – تحولت التهم تدريجيا إلى أن أصبحت التهمة الرئيسية الموجهة ضد حامد هي التجسس والتخابر مع الخارج. النيابة الجزائية لم تستطع حتى هذا التاريخ أن تقدم أدلة حقيقة تثبت اتهامها، وبالتالي قامت بالمماطلة المتكررة لتأجيل النظر في القضية والحكم فيها؛ ليبقى المواطن المضطهد حامد بن حيدرة سجينا منذ أكثر من ثلاثِ سنوات ونصف دون تقديم دليل حقيقي. وللأسف لم يتم الاكتفاء بكل هذا الظلم البيّن بل أصرت النيابة الجزائية على عدم إخراجه من السجن بكفالة بل وحتى رفضت أن يتلقى العلاج في المستشفى من الامراض الخطيرة التي يعاني منها نتيجة تعذيبه على يد الامن القومي ونتيجة سوء المعاملة في السجن. وقد شهد ناشطون حقوقيون بأن السيد راجح زايد قال بانه حريص على أن يَحرم حامد من حقه القانوني في العلاج ويطيل من أمد القضية إلى أن يموت في السجن. 


اليوم تتهمون حامد بن حيدرة بأنه جاسوس وحجتكم بأنه يتواصل مع "بيت العدل الأعظم" أعلى مرجع للبهائيين في العالم والذي يقع في حيفا، وتعتبرون ذلك تخابرا مع دولة عدوة. لا داعي هنا لنذكر تفاصيل وجود الأماكن المقدسة للبهائيين في عكا وحيفا بفلسطين والذي حدث بسبب فرمان خليفة المسلمين العثماني السلطان عبدالعزيز والذي سجنهم وحصرهم بين عكا وحيفا في زمن الخلافة الإسلامية وقبل عقود طويلة من الاحداث السياسية الراهنة. عكا وحيفا بالنسبة للبهائيين كالقدس والخليل وبيت لحم والناصرة بالنسبة للمسلمين والمسيحيين تضم أماكن مقدسة لا يمكن نقلها أو تغيير أماكنها، ويبقى السؤال هل إذا قام مواطن يمني مسلم بالاستماع إلى خطبة جمعة من الحرم القدسي او دخل على موقع الكتروني إسلامي في القدس للاستعلام حول خطبة او قضية شرعية أو أرسل او استلم بالبريد الالكتروني خطبة او فتوى صدرت من مرجع في القدس هل يعتبر مثل هذا الشخص جاسوسا او عميلا؟؟ وهل تعتبر عملية تواصل المسلم مع مفتي القدس او المسيحي مع قساوسة بيت لحم تواصلا مع دولة عدوة؟؟ هل إذا استلم مسيحي نسخة من خطبة من بابا الفاتيكان ستصنفون هذه الخطبة مراسلة مباشرة بين البابا وبين هذا المسيحي؟؟ وهل إذا أرسل مسلمٌ يمني في صنعاء سؤالا فقهيا لشيخ ارتضاه في القدس او في مكة وحصل بالتالي على جواب لسؤاله الفقهي يعتبر قد ارتكب جريمة سياسية؟؟ وهل إذا ارسل رسالة إلى شيخ في القدس يرجو منه أن يدعو له أو لأسرته في الحرم القدسي يعتبر ذلك مراسلة مع الخارج وتخاطب مع دولة عدوة؟؟ لماذا إذن إذا قام البهائي بذلك وصفتموه بأنه جاسوس وعميل؟؟ إن الإجابة واضحة وضوح الشمس {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}.
إن النيابة الجزائية أدخلت نفسها – دون أن تدرك – في ورطة كبيرة باتهام حامد بن حيدرة بالتجسس والتلميح بنفس التهمة لسائر البهائيين رجالا ونساء كبارا وصغارا. فقد حولت القضية دون أن تشعر إلى قضية رأي عام وأصبحت مطالبة الآن أن تثبت بأنها لا ترمي التهم جزافا.  النيابة الجزائية لا ينبغي أن تنزعج من اهتمامنا واهتمام الرأي العام فهي التي خلقت هذا السؤال "هل البهائيون جواسيس" كما لا ينبغي على النيابة الجزائية وأجهزة الأمن القومي أن تستغرب من ملاحظتنا للتشابه القريب إلى التماثل بين التهم التي توجه ضد البهائيين في صنعاء وبين التهم التي توجه ضد البهائيين في إيران؟!! في مرحلة أصبح لإيران صوتا مسموعا لدى البعض في اليمن. وربما خيرا فعلت النيابة الجزائية أن فتحت هذا الملف الخطير لتتكشف الأمور وتظهر الحقائق. 


ويبقى السؤال الحقوقي والقانوني قائما: من الجاسوس الحقيقي؟ أهو من يؤمن بالتعايش والتسامح عقيدةً وبخدمة المجتمع والعطاء مذهباً وبحرمة التدخل في السياسة وألاعيبها ديناً؟ أم من يسعى لتحقيق أجندة دولة أخرى تريد أن تصدر لنا تعصباتها وعدائها ضد هذه الأقلية الدينية؟؟ هل فعلا نريد أن نصبح ثاني دولة في العالم بعد إيران تتخصص في اضطهاد واعتقال وتعذيب البهائيين وتلفيق التهم الواهية ضدهم؟؟ البهائيون متواجدون حسب احصائيات الأمم المتحدة في كافة دول العالم واعدادهم في بعض الدول بمئات الآلاف والملايين فهل نحن وإيران فقط من اكتشفنا هذا السر الخطير الذي لا يعلمه إلا الراسخون في الأمن؟؟ 


لا نعلم ما في نوايا من يقفون خلف اضطهاد البهائيين ولكن ثقوا ثقة كاملة بأن جواب السؤال التالي واضح وضوح الشمس لدى أي منصف عادل في اليمن بل وفي العالم أجمع: 
السؤال: من مما يلي يمكن أن يكون عميلا لمخططات خارجية؟ 

أ)  الذين يتم القاء القبض عليهم في نشاط تعليمي مرخص يهدف إلى زرع قيم خدمة المجتمع والعمل التطوعي والاهتمام بتعليم الأطفال في زمن توقفت فيه الكثير من المدراس بسبب صراعاتنا، 

ب) من يسعى لتشويه سمعة اقلية كاملة وخلق القلق والتوجس بين مكونات الوطن الواحد، مستخدماً اسلوب ولغة ومقاربة دولة نعرفها جيدا – تلطخت يدها بدماء اقلياتها الدينية – من أجل مطاردة واعتقال وتعذيب واضطهاد اقلياتنا.
المبادرة اليمنية للدفاع عن حقوق البهائيين
   29 أبـريل 2017