البطالة.. "شبح" يخيم على سباق الانتخابات الرئاسية الإيرانية

تقارير وتحقيقات

اليمن العربي

تشهد الانتخابات الرئاسية الإيرانية حملة شديدة ضد البطالة المتصاعدة في البلاد، وتحول النقاش حول أزمة البطالة المتفشية إلى المحاور الرئيسية في الحملات الانتخابية بعدما توجه مرشحو التيار المحافظ لاستغلال عجز إدارة روحاني في مواجهة أبرز مؤشرات تدهور الوضع الاقتصادي.

وكان وزير العمل علي ربيعي أقر أول أمس الأحد بأن توفير مليون فرصة عمل لا يترك أثراً على تحسين معدلات البطالة، وانتقد نائب الرئيس ومرشح الانتخابات الرئاسية إسحاق جهانغيري وعود منافسه المحافظ وعمدة طهران محمد باقر قاليباف حول توفير 5 ملايين فرصة عمل، متهماً إياه بـ"خداع الشعب".

وقال جهانغيري رداً على قاليباف من دون التطرق إلى اسمه إن "البعض يطلق شعارات بخلق فرص بمستويات معينة، من يطلق تلك الوعود إما لم يوفر فرص عمل إلى الآن وإما لم ينتبه للأرقام والأعداد"، مضيفاً أن "طاقات الاقتصاد توضح نسبة الوظائف التي يمكن توفيرها، ومن يتحدث عن توفير فرص عمل بالملايين من الواضح أنه يريد خداع الشعب".

جرس إنذار

وأقدمت وكالة "تسنيم" التابعة للحرس الثوري على نشر مقطع من حملة روحاني في انتخابات 2013 يتحدث فيه عن توفير 4 ملايين فرصة عمل فقط عبر تنشيط السياحة في إيران، وجاء رد قاليباف بعد ساعات قائلاً إن "من يقولون لا يمكن توفير 5 ملايين فرصة عمل، ينظرون إلى أماكن أخرى (الغرب)، اليوم سماسرة يديرون الاقتصاد".
وكان قاليباف يتحدث أمام عدد من نواب البرلمان المحافظين في طهران عن حاجة إيران العاجلة لتوفير 5 ملايين فرصة عمل للحفاظ على الوضع كما هو عليه، وحاول قاليباف أن يرد بالأرقام على حملات الانتقادات بشأن وعوده بتحسين الوضع الاقتصادي، موضحاً أنه يمكن لإيران أن تعادل خالص الأرباح السنوية للاتحاد الأوروبي البالغة 170 مليار دولار إن قامت بتعديل نماذج استهلاك الطاقة.
وأطلق قاليباف جرس الإنذار من دخول مليون و300 ألف شخص سنوياً إلى سوق العمل الإيرانية ابتداء من عام 2024، وأشار إلى رغبته في توسيع نشاط الحرس الثوري في الاقتصاد الإيراني عبر ذراعه الاقتصادية مجموعة خاتم الأنبياء، وتولى قاليباف قيادة المجموعة بين عامي 1994 و2004 قبل انتقاله لقيادة الشرطة الإيرانية.
ويأتي التركيز على البطالة في الحملات الانتخابية والوعود حول توفير فرص العمل اتساقاً مع شعار العام الإيراني الجديد الذي أطلقه المرشد الإيراني علي خامنئي عشية عيد النوروز في 20 مارس الماضي تحت عنوان "الاقتصاد المقاوم توفير فرص العمل والإنتاج".

صعوبة توفير فرص 

وحاول جهانغيري أمس الإثنين من خلال تدشين مشروع حكومي شرح طبيعة الأزمة عندما اعترف بصعوبة المهمة في توفير فرص العمل على مدى السنوات القليلة المقبلة على خلاف المرشحين الثلاثة المحافظين الذين أطلقوا وعوداً كبيرة بتوفير فرصة عمل لترويض حصان البطالة الجامح في البلاد منذ سنوات.

أصعب التحديات

وتعتبر الحكومة الحالية أزمة البطالة أبرز التحديات التي تواجهها وهي "سوبر تحد" حسب ما قاله جهانغيري في يوم تقديم طلبه للدخول في السباق الرئاسي.

وأوضح جهانغيري رداً على انتقادات لإدارة روحاني أن "توفير فرص العمل يعد الهاجس الأساسي للإدارة الحالية"، لافتاً إلى أن الجامعات الإيرانية تستقبل سنوياً 5 ملايين طالب، ويبلغ عدد الخريجين من الجامعات مليون خريج، ولأجل ذلك هاجسنا الأساسي توفير فرص العمل.

وفي 20 مارس الماضي قال روحاني إن "800 ألف خريج من خريجي الجامعات ينضمون إلى طوابير الباحثين عن العمل"، مشدداً على أنه حتى في حال توفير 700 ألف فرصة عمل فإن 500 ألف عاطل يضافون إلى عدد العاطلين عن العمل.

وفي سبتمبر 2014 نقلت وكالة "تسنيم" المقربة من الحرس الثوري عن خبراء أن 13 مليوناً في سوق العمل يشكلون نواة البطالة، ولكن خلال تصريحات عن حلول أزمة البطالة وجه جهانغيري رسالة إلى منتقدي الحكومة قائلاً: "إذا كنا حريصين على مؤشرات الاقتصاد والتنمية ومستقبل البلاد يجب ألا نتعامل مع مصير الشعب مثلما نريد خلال الأيام القليلة التي نستلم فيها المسؤوليات".

ومن جانبه، تحدث المرشح المحافظ الآخر وأبرز المرشحين لخلافة خامنئي إبراهيم رئيسي عبر تطبيق "إنستغرام" إلى الإيرانيين وقال إن لديه حلولاً بأن يصل معدل البطالة إلى 8%، وتطرق كذلك إلى الفساد قائلاً: "إلى متى ينبغي على الشعب أن يسمع عن قضايا وملفات الفساد، من الممكن أن يلدغ الإنسان من الجحر عدة مرات وهذا يظهر أن هناك مشكلة".

ومن جهته، قال المرشح المحافظ مصطفى ميرسليم خلال حملته بمحافظة مازندران إن "إيران تعاني من الركود والبطالة وتعطل الإنتاج"، مضيفاً أنه "لا يمكن لأحد أن ينفي صحة ما أقول".

مجالس البلدية

وعلى صعيد انتخابات مجالس البلدية التي من المقرر أن تجري في توقيت واحد مع الانتخابات الرئاسية، فإن المصادر الإعلامية الإيرانية أشارت إلى تقديم عدد كبير من خريجي الجامعات طلبات لدخول معركة انتخابات مجالس البلدية هرباً من دوامة البطالة.

وكانت أزمة البطالة، موضوع نقاش جلسة مغلقة في البرلمان، وأفادت وكالات أنباء إيرانية نقلاً عن وزير العمل علي ربيعي قوله إن "توفير مليون فرصة عمل سنوياً حتى عام 2021 لا يترك أثراً على نسبة البطالة".

وكشف عضو هيئة الرئاسة في البرلمان أكبر رنجبر زاده لوكالة "مهر" أن وزير العمل أعلن عن 3 ملايين ومائتي ألف عاطل عن العمل وفق إحصاءات وزارته، في حين تظهر إحصائية مركز أبحاث البرلمان عن وجود بين 5.6 مليون إلى 7 ملايين عاطل عن العمل.

وتشير أحدث إحصائية برلمانية إلى ارتفاع معدل البطالة من 11% إلى 4.12% وكان صندوق النقد الدولي قال في تقرير له في نوفمبر الماضي إن معدل البطالة في إيران ارتفع من 6.10% في 2015 إلى 7.11% في 2016.