بائعو القات والحرب: خسائر الوضع العام والراتب

تقارير وتحقيقات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يشتكي بائعو القات في سوق عنس، وسط العاصمة صنعاء، من تراجع المردود المادي، منذ اندلاع الحرب في اليمن إثر انقلاب مليشيا الحوثي والرئيس المخلوع، علي عبد الله صالح، على السلطة الشرعية أواخر العام 2014م.

 

ويؤكد تجار وبائعو القات في عنس، أحد أشهر أسواق صنعاء، أن شحة السيولة وتوقف المرتبات انعكس بشكل سلبي عليهم.

 

لازالت الناس تخزن


في هذا السياق يقول جميل مثنى، أحد تجار القات "الحدأ" في السوق، إن معظم الزبائن الذين ظلوا يترددون عليه لشراء القات طوال الأعوام الماضية، لازالوا يحضرون إلى محله بشكل شبه يومي.

 

ويستدرك، في حديث إلى "اليمن العربي": لكن من كان يخزِّن (عملية مضغ القات) بثلاثة آلاف ريال بات يخزن بألف، ومن كان يخزن بألف بات يبحث عن قات بخمس مئة ريال.. وهكذا، حد وصفه.

 

ويضيف: لازالت الناس تخزن، ولم أعرف أن أحدًا ترك القات بسبب تردي الوضع، لكنهم يشترون بمبالغ أقل، وكمية أقل، وهناك من حدد ثلاثة أيام في الأسبوع لتناوله.

 

عصر العُفِّيس

ويتفق سعد الرداعي مع علي مثنى على حرص الناس على الاقتصاد في شراء القات.

 

ويؤكد الرداعي، أحد تجار القات القيفي، أن الإقبال على الأنواع الجيدة منه، كالقات القيفي والأرحبي والأهجري وبعض أنواع الحدأ والعنسي، تراجع كثيرا، لارتفاع سعره، مقارنة بوضع الناس الحالي، ولعدم قدرتهم على شرائه.

 

وبحسب الرداعي فقد اتجه الناس لشراء الأنواع الرديئة من القات، أو ما يُسمى بـ"العفِّيس".

 

تكاليف النقل

إلى جانب ذلك، يشتكي تجار القات من ارتفاع تكاليف النقل بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.

 

وفي هذا السياق يقول محسن النصيري، أحد تجار القات "القطيني" في السوق، لـ"اليمن العربي" إن سيارته تستهلك أكثر من ثمانين لترا بترول، ذهابا وإيابا من صنعاء إلى بيت قطينة في المحويت وبعض مناطق محافظة حجة شمال غربي اليمن.

 

وبحسب محسن فإن ارتفاع تكاليف النقل مبرر لرفع سعر القات "لكننا لا نستطيع، لأن قدرة الناس على الشراء باتت محدودة، وسنخسر مرتين".

 

الهروب إلى القات

وبرغم أن كثيرا من اليمنيين تخلوا عن معظم الكماليات، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي أوجدتها الحرب، إلا أنهم لم يتوقفوا عن شراء القات ومضغه.

 

ويؤكد المواطن عبد الرؤوف الصمدي، أحد مرتادي سوق عنس، أن الحاجة لشراء القات حاليا باتت أكثر إلحاحا من ذي قبل "ما عاد في إلا هو ينسينا الهموم" حد وصفه.

 

ويضيف أنه لم يعد يشتري أنواعا غالية أو كميات كبيرة من القات، لعدم قدرته، ولوجود احتياجات أكثر أهمية، إلا أنه لا يتوقف عن زيارة السوق وشراء ما تيسر من الأوراق الخضراء.

 

وبحسب الصمدي فإن كثيرا من متعاطي هذه الشجرة لا يتعاطونها حاليا إلا لينسوا همومهم.

 

مصائب قومٍ..

ورغم أن معظم تجار القات في السوق يشكون من تراجع العائد المادي، إلا أن آخرين استفادوا من الوضع القائم، ومنهم المتعاملون مع مليشيا الحوثي.

 

ويقول يحيى الهمداني، أحد موردي القات "الهمداني" إلى سوق عنس، في حديث إلى "اليمن العربي" إن معظم ما يجلبه، يشتريه منه الحوثيون، لمسلحيهم الموجودين كنقاط تفتيش وغيرها في مربع السوق والمربعات القريبة.

 

قات مُشرف

ومع أن قدرة الناس على الشراء تراجعت، منذ عامين، إلا أن مشرفي جماعة الحوثي اشتهروا، أخيرا، بشراء أنواع غالية من القات.

 

ويقول أحد من يتعامل معهم مشرفو الجماعة، في تصريح إلى "اليمن العربي" إنه لم يعد يجد من يشتري بمبالغ كبيرة إلا أصحاب الأعمال الخاصة الذين لم يتأثروا بتوقف الرواتب أو المشرفين الحوثيين.

 

واشتهرت أخيرا عبارة "معي لك قات مشرف" التي يرددها بائعو القات للتعبير عن جودة قاتهم.

 

الراتب

ويتفق غالبية تجار القات على أن توقف مرتبات الموظفين لعبت دورا كبيرا في الحد من الإقبال على الشراء.

 

في هذا السياق يقول علي سالم المحبشي، في تصريح إلى "اليمن العربي": منذ أكثر من عامين لا يوجد أحد بالبلد كله إلا وتضرر وفي مقدمة ذلك نحن، حيث أن أعداد المشترين تراجعت كثيراً مع تراجع الحركة العامة في البلد اقتصاديا وسياسياً وفي مختلف النواحي وهذا أدى بكثير من المقاوتة يتركونها بالكامل لأشهر.

 

ويضيف: التأثر الكبير لدينا كان منذ انقطاع الراتب عن الموظفين الحكوميين حيث أن الكثير منا أفلس وأصبح مطالباً بمبالغ للرعية لأن بعض الزبائن من الموظفين لم يتمكنوا من تسديد ما عليهم وهناك زبائن خففوا المبلغ المخصص لشراء القات لأكثر من النصف.