إيران تنفجر من الداخل في انتظار ثورة تطيح بولاية الفقيه

أخبار محلية

الخوميني
الخوميني

يغرق الساسة الإيرانيون في حلم تصدير الثورة الخمينية، ولكن في المقابل، هل يستبعدون فكرة اندلاع الثورة داخل إيران؟ وهل يستبعد أتباع الولي الفقيه سقوط تلك الإمبراطورية الفارسية الحديثة التي يروِّجون لها كأنموذج ينبغي محاكاته في الدول العربية؟ وماذا عن المهتمين فينا بأخبار التمدد الإيراني والمحذّرين من خطره في المنطقة، هل نستبعد بدورنا اندلاع ثورة تقوّض نظام الولي الفقيه من الداخل؟

استطاعت إيران التغطية على الغضب الداخلي عن طريق ترسانتها الإعلامية المُطَوّعة في خدمة نظام الملالي، وعن طريق التحرك خارج الحدود في أكثر ملفات المنطقة سخونة، ومحاولات التمدد الإقليمي، فألْهت الداخل والخارج عن النظر إلى عوامل الانهيار التي تهدد الدولة الصفوية، وتُنذر باندلاع ثورة جديدة بلا عمائم. ويمكننا رصد هذه العوامل من خلال العناصر التالية::

خفوت الشحنة الدينية:

يرى المفكر الكويتي عبدالله النفيسي أن الثورة الإيرانية حقنت الشعب بشحنة دينية فوق طاقته وطبيعته، تحمّلها الإيرانيون إبان الحرب مع العراق لتبرير المواجهة، إلا أن الإيرانيين اكتشفوا بعد الحرب أن الملالي ألبسوهم لباساً غريباً على طبيعتهم، فبدأ الباطن يزاحم الظاهر، وبدأ الشعب يظهر على طبيعته التي تُنافي التقيّد الديني.

فالشعب الإيراني كان أقرب للطبيعة الليبرالية، فجاءت الثورة محمّلة على نظرية ولاية الفقيه التي أعطتها قدسية، فرضت نفسها على مظاهر الحياة في الشارع الإيراني، ولم تُراعِ مبدأ التدرج، لكن النظام استفاد من تلك الشحنة للتعبئة لخوض الحرب مع العراق. وعلى رغم الحرص الإيراني الشديد على إظهار التدين، والذي يُلمح بوضوح في رحلات الطيران والتمثيل السياسي والديبلوماسي للمرأة الإيرانية (مُرضِية أفْخَم أنموذجاً)، إلا أن تلك المظاهر أشبه بالبروتوكولات، ولا يصحبها تدين حقيقي في إيران. ومن ثم تعتري إيران حالة من صراع الإرادات بين نظام الولي الفقيه الذي يفرض سلطته الكهنوتية، وبين شعب بعيد عن صبغة التدين، وهو ما ينذر بالثورة على نظام الملالي.

فإيران بها أعلى نسبة إدمان عالمياً، إذ بها أكثر من مليون و325 ألف مدمن حتى 2012، بحسب مؤسسة مكافحة الإدمان، وحوالى 2.5 في المئة ممن تزيد أعمارهم على 15 عاماً مدمنون، وبحسب ويكيليكس فإن الإيرانيين من أكبر مهربي المخدرات في العالم. وعدد المومسات في إيران يزيد على 300 ألف امرأة والعدد في تزايد مستمر، ولا يدخل في هذا العدد الزنا المقنّع والمسمى بزواج المتعة. كما أفادت تقارير سابقة أن الدعارة انتشرت بين تلميذات المدارس بنسبة 63.5 في المئة، إضافة إلى أن 75 في المئة من عدد السكان لا يُصلّون، وكلها مؤشرات لفشل الثورة الإيرانية في إصلاح المسار الاجتماعي، إذ اقتصر النظام على التعبئة لمعارك إقليمية تحت شعار ديني، في الوقت الذي ينطوي المجتمع على الخواء الروحي والانحراف الأخلاقي والسلوكي.

 

اهتزاز نظرية الولي الفقيه:

وهي نظرية قديمة في التراث الشيعي، إلا أن الخميني ابتعثها بصبغة مغايرة مختلفة، نقلتها من الإطار الفقهي إلى الفضاء السياسي، ومنحت الولي الفقيه سلطة دينية وسياسية مطلقة.

 

نظرية الولي الفقيه كانت الفكرة المركزية التي جمعت الشيعة في جميع أنحاء العالم، ووجهت ولاء الغالبية العظمى منهم إلى إيران باعتبارها تضم الولي الفقيه، النائب عن الإمام الغائب وفق العقيدة الشيعية، وترتب عليه وصول «الخُمس» من شتى البقاع إلى «قم»، لإنفاقها في مصالح الحكومة الإسلامية التي جادت بها قريحة الخميني، الأمر الذي مكّن إيران من نشر نفوذها سواءً عن طريق القوة الناعمة، أم عن طريق العمل العسكري، والإنفاق على الميليشيات المسلحة الموالية لإيران في دول عربية عدة.

 

هذه النظرية قضت على التعددية الفقهية والدينية، وأنكرها العديد من المرجعيات الشيعية، وعلى رأسهم شريعتمداري، الذي كان قد منح الخميني لقب «آية الله»، وحين رفض أفكار الخميني، عُوقب بالسجن في بيته، وقُتل بمنع العلاج عنه.

 .

 

أما الوضع الآن فهو انقسامي، بين قلة تتبع ولاية الفقيه وتتحكم بمؤسسات الدولة الصلبة كالحرس الثوري والاستخبارات والمالية…، وبين كثرة ترفض نظام الولي الفقيه، وهو ما يكسر حاجز تقديس النظام، ومن ثم يُمهد الطريق لتثوير الشعب الإيراني