أبرز الإنجازات خلال عامين من «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» باليمن

أخبار محلية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

مثل هدف التحالف من خلال العمليات العسكرية في "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل" بردع الإنقلابيين.


وأوردت صحيفة "الخليج" الإماراتية تقريراً مفصلاً عن مجريات الأحداث التي مرت بها اليمن منذ قبيل الإنقلاب.


وتقول الصحيفة: "حتى نهاية عام 2014، لم تكن غالبية الشعب اليمني تعتقد أن البلاد ستدخل في أزمة حرب طاحنة، كالتي تعيشها الآن، وكان الاعتقاد أن مرحلة دامية جديدة حلت وستأخذ وقتها، كعهد البلاد خلال تاريخها المعاصر، إلا أن ما كان يضمره الانقلابيون يشي بغير ذلك، وظهر ذلك واضحاً في تطورات دراماتيكية، شهدتها العاصمة اليمنية صنعاء، خلال شهر يناير/ كانون الثاني من عام 2015، بعد اقتحامها في 21 سبتمبر/ أيلول 2014 من قبل الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح".


وقتها كانت أنظار الجميع تتجه إلى منزل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي؛ حيث بدت غطرسة قيادات جماعة الحوثي المدعومة من إيران، التي تحاصره بمليشياتها، وتملي عليه نصوص قرارات رئاسية لتمكين الانقلابيين من كافة مفاصل السلطات في البلاد، غير أن الرجل وبعد أن قدم تنازلات عدة وتعامل بصبر، منذ اجتياح الميليشيات لصنعاء، لم يجد من طريقة لصد تهور وجموح الحوثيين، آنذاك، غير تقديم استقالته، الأمر الذي قابله الانقلابيون بمنع «مجلس النواب» من مناقشة الاستقالة. 


وقبل عام من الآن، وفي مثل هذا التوقيت كان هادي يتذكر تلك اللحظات، ويقول «لعل شعبنا لم ينس كيف تعاملنا بكل حكمة وصبر وتحمل، فاستهدفت شخصياً في منزلي وتم قتل عدد من حراساتي، وتقدمت باستقالتي حين وجدت الأبواب مع تلك العصابات قد أغلقت، وتم منع النواب من مناقشة الاستقالة، وانتهت الفترة القانونية لذلك، فلم أجد بداً من الخروج نحو عدن، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهناك استدعيت الحكومة وبدأنا العمل في العاصمة المؤقتة عدن، واستمر طيشهم، ليقوموا بعد ذلك بحصار تعز وضرب واستهداف أهلها ومن ثم ضرب«قصر المعاشيق» الرئاسي بالطائرات واجتياح عدن بصورة دموية انتقامية». 


هكذا لم يكن أمام الرئيس اليمني، وباسم الشعب اليمني، إلا أن يستنجد بقادة الدول العربية الشقيقة، ليأتي الرد سريعاً بالاستجابة وإعلان «عاصفة الحزم» من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، وبداية العمليات العسكرية بقيادة السعودية في اليمن، بمشاركة 10 دول، لتبدأ أولى ضرباتها في الساعة الثانية صباحاً بتوقيت السعودية من يوم الخميس 26 مارس 2015؛ حيث تمت السيطرة على أجواء اليمن وتدمير الدفاعات الجوية التي سيطر عليها الانقلابيون، وتدمير نظم الاتصالات العسكرية، وإعلان الأجواء اليمنية منطقة محظورة. 


وما إن أعلن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن انتهاء «عاصفة الحزم»، حتى أعلن في 21 إبريل 2015 عملية «إعادة الأمل»، المستمرة حتى الآن. ومثل الائتلاف العربي لدعم الشرعية في اليمن ملمحاً بارزاً في التاريخ العربي المعاصر، فقد تمكنت الدول العربية ولأول مرة من تشكيل قوة ردع عسكرية كبيرة، وبعون إقليمي ودولي واضح، اكتسب شرعيته من المادة 51 لميثاق الأمم المتحدة، التي تشير إلى أنه من حق الدول ذات السيادة أن تقوم باتخاذ التدابير اللازمة للدفاع الطبيعي عن النفس في حالة وقوع عدوان عليها، وتُجيز أن تقوم بالدفاع عن نفسها بمفردها، أو بطلب من دولة أخرى أو دول أخرى، وأيضاً استناداً إلى ميثاق جامعة الدول العربية، ومعاهدة الدفاع العربي. 


ولم يكن من بد أمام العرب للجم الأطماع الإيرانية، إلا بضرب ذراعها في اليمن التي باتت تهدد المنطقة بأسرها والملاحة في باب المندب، وكانت اليد الإيرانية واضحة الحضور، قبل ذلك، في إرسال سفن الأسلحة، والدعم المادي والتدريبي للحوثيين، ومثل الحضور الأبرز، قبل وقت وجيز من بدء«عاصفة الحزم» إعلان الانقلابيين في 28 فبراير 2015 عن تسيير جسر جوي بين صنعاء وطهران يشمل 28 رحلة طيران بين صنعاء وطهران أسبوعياً، وأنشطة تجارية وسياحية بحسب زعمهم، ومن ثم تنفيذ مناورة عسكرية لميليشيات الحوثي في 12 مارس 2015 في محافظة صعدة، على الحدود السعودية. ووصل التمادي الأخطر بالتمدد الانقلابي المسلح نحو محافظة تعز والمحافظات الجنوبية، وبلغ التمادي يوم 19 مارس 2015 بقصف مقر إقامة الرئيس اليمني في مدينة عدن ومن ثم بدء اقتحام المدينة، التي سيطروا على أجزاء منها، حينها اعتقدت إيران أن غايتها تحققت، وتجرأ قادتها في الحديث عن سقوط صنعاء العاصمة العربية الرابعة في قبضتها، بعد بغداد ودمشق وبيروت، إلا أن «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» جاءتا لتعصف بأحلام إيران التوسعية ومشروعها الطائفي الديني. 


عامان مضيا من الحرب في اليمن، جرى خلالهما الكثير سياسياً وعسكرياً وإنسانياً، وتحقق خلالهما الكثير في هذه الاتجاهات، بدءاً من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 في إبريل 2015، وهو ما يمكن اعتباره من أهم ما حققته «عاصفة الحزم»، ومن ثم استمرار الجهود الأممية لحل الأزمة، وجولات الحوار والهدن الإنسانية الفاشلة، التي عرقلها الانقلابيون، وعمليات الإغاثة والعون الإنسانية، وأبرزها من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. 


بعد عامين من بدء الحرب وعمليتي «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» نجحت قوات الشرعية بدعم فاعل من قوات وطيران دول التحالف العربي في استعادة أكثر من 80% من الأراضي اليمنية، فيما يستمر الانقلابيون في اعتداءاتهم على المدنيين في البلاد، ومهاجمة مواقع قوات الشرعية، وقصف الأراضي السعودية، محاصرة مدينة تعز، وفرض سلطتهم المتبقية في صنعاء بقوة السلاح ونهب المال العام والمساعدات. 


كان التحالف العربي واضحاً في إعلان أهداف عملية «إعادة الأمل» وأبرزها: استئناف العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن رقم 2216، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، واستمرار حماية المدنيين ومكافحة الإرهاب وتيسير إجلاء الرعايا الأجانب وتكثيف المساعدة الإغاثية والطبية للشعب اليمني في المناطق المتضررة وإفساح المجال للجهود الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية، والتصدي للتحركات والعمليات العسكرية للميليشيات الحوثية ومن تحالف معها، وعدم تمكينها من استخدام الأسلحة المنهوبة من المعسكرات، ومنع وصول الأسلحة إلى المسلحين الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح. 


وتمثلت أبرز الإنجازات في المشهد العسكري خلال عامين، وحتى الآن، بتحرير محافظات الجنوب وأجزاء واسعة من محافظة مأرب، وكذلك محافظة الجوف، ومناطق في محافظة صعدة، والسيطرة على باب المندب ومدينة المخا ومينائها والاقتراب أخيراً من مدينة الحديدة ومينائها، المنفذ البحري الاستراتيجي، الذي يستغله الانقلابيون عسكرياً لنهب المساعدات الإنسانية والإغاثية، الذي تحول مؤخراً إلى معركة سياسية بين قوات التحالف والشرعية والأمم المتحدة، بعد أن بات تحرك الأولى وشيكاً، لولا المحاذير الدولية لبعض الدول وهيئات في الأمم المتحدة. 


وكان أن طلبت دول التحالف العربي من الأمم المتحدة الإشراف على ميناء الحديدة ومراقبة إدارته، بعد أن حولته الميليشيات الانقلابية منفذاً لتهريب السلاح وسرقة المواد الغذائية والطبية وتوظيفها لأعمالها العسكرية العدائية وجعلت من الميناء منطلقاً لعملياتها ضد خطوط الملاحة البحرية الدولية. 


وفي هذا الاتجاه كان لافتاً تصريح مستشار وزير الدفاع السعودي، المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العربي، العميد أحمد عسيري، قبل أيام، لوكالة «سبوتنيك» الروسية، حينما قال: «بالنسبة لنا ميناء الحديدة هو أحد موانئ الجمهورية اليمنية، ومن الطبيعي أن يكون تحت تصرف الحكومة اليمنية الشرعية، أو على أقل تقدير تحت تصرف الأمم المتحدة والجماعات الإغاثية التي تمثل البرامج الإغاثية، ولا يمكن القول إن الميناء أصبح بحالة من الفوضى والتخبط، ويستغل لتهريب السلاح واختطاف المواد الغذائية والطبية واستخدامها لأغراض عسكرية، وانطلاق العمليات ضد خطوط الملاحة من داخل الميناء؛ لذلك نقول إما أن يكون تحت إشراف الأمم المتحدة ومراقبين يتأكدون كيف يدار هذا الميناء، أو الحكومة الشرعية ستستعيد السيطرة على الميناء». 


وعكس العسيري، الهدف الرئيسي للعمليات العسكرية في سياق «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» وهو أن العمل العسكري يهدف إلى الدفع نحو استئناف العملية السياسية بردع الانقلابيين في اليمن، ووقف أعمالهم العدائية وإعادة ما نهبوه من ممتلكات الدولة ومنها الأسلحة، والانسحاب من المدن، وقال بهذا الصدد: «المسار العسكري والمسار السياسي متلازمان ويسيران بالتوازي، لكن أي عملية سياسية تحتاج أن يكون هناك طرفان، اليوم الحكومة اليمنية الشرعية تقبل بجميع المبادرات وتجلس إلى الطاولة وحيدة ولا يوجد طرف ثان، فالطرف الثاني ما زال يتعنت، ولا يفهم إلا منطق القوة؛ ولذلك العمل العسكري سيستمر حتى تقبل الميليشيات الحوثية الجلوس إلى طاولة التفاوض، وإيجاد حل سياسي، وتتحول من ميليشيات مسلحة إلى حزب سياسي». 


المشهد الأخير بالنسبة إلى الانقلابيين واضح، فقد باتوا مدانين ولا يُعترف بحكومتهم المزعومة أحد، ومحاصرين في رقعة جغرافية محدودة، بعد خسارات متتالية لمليشياتهم وتقهقرها، وميدانياً تعد عملية «الرمح الذهبي» لتحرير الساحل الغربي لليمن، التي تلعب فيها القوات الإماراتية الدور الرئيسي والفاعل، وعملية تحرير «نهم»، شمال صنعاء، توجهين عسكريين حاسمين، لا تعيقهما سوى الحسابات السياسية والدولية، فعملية «الرمح الذهبي» تهدد العصب الأهم لتموين الانقلابيين وهو «ميناء الحديدة»، والعملية العسكرية في «نهم» تطرق أبواب صنعاء، معقل الإدارة الانقلابية، في وقت خسر الانقلابيون الكثير خلال عامين، وخاصة ما كانوا يعتقدون أنها حواضن شعبية لهم. 


وما يُحسب لقوات التحالف العربي، إقليمياً ودولياً، هو تبديدها للخطر الإيراني الذي استهدف السيطرة والإضرار بالممر الملاحي الاستراتيجي في باب المندب، وتأمينها لمرور كافة السفن عبره، رغم أن جزءاً من الخطر ما زال قائماً في ظل استمرار سيطرة الانقلابيين الحوثيين على محافظة الحديدة الساحلية ومينائها. ولم يكن ذلك ليتحقق لولا التضحيات الكبيرة، التي قدمتها قوات دول التحالف العربي التي قدمت الشهداء. 


لم تكن دول التحالف العربي وفي المقدمة منها الإمارات والسعودية حاضرة، فقط، بالدعم والإسناد العسكري لاستعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب المدعوم من إيران، وإعادة بناء الجيش الوطني وتسليحه، بل واكبه حضور متصاعد خلال العامين بالإغاثة والمساعدات الإنسانية، ويمكن الجزم، أن ذلك خفف الكثير من معاناة اليمنيين، ويبدو ذلك واضحاً في المناطق المحررة، وبعدد من المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين، التي وصلتها المساعدات. 


خلفت حرب الانقلابيين المستمرة على الشعب اليمني تكلفة إنسانية عالية، وضعت اليمن في المرتبة الأولى في مقياس التداعيات الإنسانية جرّاء الحروب والأزمات؛ حيث الملايين ما زالوا مهددين بالمجاعة، فضلاً عن تعطل كافة الخدمات الضرورية.