ما علاقة المخابرات البريطانية بـ"الإخوان المسلمين" ولماذا تحتضنهم؟

أخبار محلية

اليمن العربي

رغم الأحداث الكثيرة التى مرت على العالم وخاصة العالم العربي من عمليات إرهابية اتهمت فيها جماعة الأخوان المسلمين بالوقوف وراء هذه العمليات، إلا أن الغرب وخاصة بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية المعروفين بمعاداتهم للإسلام والجماعات الإسلامية الراديكالية لم يعلنوا جماعة الأخوان المسلمين جماعة إرهابية رغم تصنيفها في دول عربية على أنها جماعة إرهابية، تعرف هذه الدول العربية على أنها من أهم حلفاء هاتين الدولتين (بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية) في إفريقيا والشرق الأوسط.

أسهمت المملكة المتحدة في تطور الإرهاب العالمي، لقيامها بتغذيته عبر جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وما انشق عنها من أعضاء ليشكلوا جماعات أخرى في كل من سوريا والعراق والأردن واليمن تحت نفس المسمى، أو ليشكلوا جماعات تحمل صفة "الإسلامية"، مع إسقاط كلمة "إخوان"، في دول أخرى غير عربية، كأفغانستان والبوسنة وإندونيسيا.


جاءت مساعي بريطانيا في التعاون مع الإخوان، المصريين خصوصاً، خدمةً لمصالحها الخارجية، متبعةً في ذلك أيديولوجيةً براغماتيةً بحتة، على غرار سياسة "عدو عدوي صديقي"، حيث فطنت بريطانيا منذ بدايات تشكيل التنظيم، على يد زعيم الإخوان في العشرينيات حسن البنا، إلى اشتراك هذا التنظيم معها في الكراهية "تجاه النزعة الوطنية وكل تيار آخر يحقق الشعبية الوطنية"، حيث ابتعد الإخوان عن الأفكار القومية، الأمر الذي حبذته بريطانيا لأن من شأنه زعزعة نظام الحكم في مصر، لا سيما نظام عبد الناصر، الذي كانت أفكاره مهيمنة على المنطقة العربية وقتها، لدعوته لقومية عربية شاملة، وفيما يلي نورد ملخصاً لاستراتيجيات بريطانيا مع جماعة الإخوان.


وهنا ظهرت تساؤلات عدة أهمها لماذا لم تضع بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية جماعة الأخوان المسلمين على قائمة التنظيمات الإرهابية؟ .. ما سر العلاقة التى تربط المخابرات البريطانية بجماعة الإخوان المسلمين؟


شهدت فترة الثلاثينيات توتراً في العلاقة بين الإخوان وبريطانيا، إلا أن هذه العلاقة تطورت في الأربعينيات، إثر بدء الملك فاروق بتمويل الإخوان عام 1940، وجاء أول اتصال بين المملكة المتحدة والجماعة بعد ذلك بعام في 1941، لإيمانها بأن التنظيم "من أشد المخاطر على أمن مصر"، وبالتالي أرادت احتواءه لتضمن الهدوء الذي يخدم مصالحها الإمبريالية والاقتصادية بآن واحد.


وفي عام 1942 بدأت بريطانيا رسمياً في تمويل الإخوان، مع تكتم من الحكومة الموالية لها آنذاك، لكن في نفس الوقت، اعتمدت بريطانيا سياستها المعروفة "فرق تسد" لإثارة الخلاف بين قائد التنظيم حسن البنا والوكيل العام له آنذاك أحمد السكري، كما قضت سياستها باحتواء تدريجي للتنظيم حتى القضاء على شوكته عندما يصبح غير ذي فائدة لها.


ورغم إيمان بريطانيا بأن تنظيم الإخوان "ضيق الأفق وظلامي"، إلا أنها أرادت استغلال "تطرف" هذا التنظيم في إنشاء "فرق الانتحاريين" التي من شأنها الوقوف مع "دول المحور" في الحرب العالمية، الأمر الذي "توهموا أنه سيجعلهم ذوي التأثير السياسي المهيمن في مصر".


وتستمر ازدواجية بريطانيا في مصر، فرغم إيمان مسؤولين بريطانيين بأن جماعة الإخوان المصرية تمثل الإسلام العنيف المتطرف، إذ كتب أحد مسؤولي وزارة الخارجية البريطانية أن لديهم "قدرةً سلبيةً على التآمر والاغتيال"، إلا أنها استمرت في التعاون مع أعضاء الجماعة.


وفي عام 1970 كانت واشنطن "حريصةً جداً" على العمل مع السادات، لجلب مصر إلى الجانب الأمريكي في الحرب الباردة، بحيث أن صُناع السياسة وضباط المخابرات نظروا إلى استعادته لليمين الإسلامي على أنه أمراً ليس خطيراً، بينما الحقيقة أن سياسات السادات ساعدت في "إطلاق شرارة نشوء الراديكالية الإسلامية العالمية".


حاول السادات التصدي للجماعات اليسارية بمحاولات "أسلمة معتدلة"، ولم يدرك أن الجماعات الأكثر أصوليةً، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين في مصر، لن ترضى بأقل من الأسلمة الكاملة للمجتمع، بل وسيطرة تنظيم الإخوان على مفاصل الحكم، ولم يقم نظامه باتخاذ الإجراءات الصارمة تجاه الجماعة إلا في عام 1981، مقرراً حلها في سبتمبر.


ويرى مراقبون أن علاقة بريطانيا بالإخوان يستفيد منها الاثنان، فبريطانيا تستفيد من توظيف التنظيم الإخوانى فى تشتت المجتمع العربى برمته وعدم التفافهم حول مشروع قومى وطنى واحد يحقق لهم التنمية والريادة، كما يستفيد الإخوان من هذه الرعاية فى الضغط على الأنظمة حتى لا يتم القضاء عليهم، والمصلحة مشتركة لكل منهما هدفه فى بقاء هذه العلاقة طوال هذه الفترة التاريخية الممتدة".


موضحين أن بريطانيا  لن تستغنى أبدا عن الإخوان فهم تنظيم وظيفى تم تأسيسه لخدمة المصالح الغربية فى المنطقة وورقة مهمة فى يدها تلاعب بها جميع الأنظمة التى تريد إخضاعها لهيمنتها" مضيفًا: "الرعاية البريطانية للإخوان تتعدى الدعم المالى فاستثمارات التنظيم الدولى تحتضنها الأراضى البريطانية، وترعى بريطانيا دعم قطر وتركيا وغيرها للإخوان بالأموال والمنابر الإعلامية الداعمة للتنظيم".