هل تكون البحرين سبب اندلاع حرب "إيرانية سعودية" مباشرة؟

تقارير وتحقيقات

اليمن العربي

مرت العلاقات البحرينية الإيرانية بالعديد من المراحل أهمها بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 حيث كان للثورة تأثير كبير في المنطقة وخاصة بالنظر إلى شعار تصدير الثورة الذي رفعته إيران خلال العقد الأول من الثورة.

وكانت البحرين تنظر إلى هذا الشعار وكأنه تهديد لها باعتبار طبيعة التكوين المذهبي لكل منهما، حيث أكثرية سكان البحرين هم أتباع المذهب الشيعي، الذي يمثل المذهب السائد والحاكم في إيران. لكن البحرين أيدت انتصار الثورة الإسلامية في إيران وأرسلت وفدا رسميا لتهنئة أقطاب الثورة، إلا أن هذه العلاقة لم تدم طويلا.

وطوال عقد الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي مرت العلاقات بين البلدين بعواصف عديدة أهمها عندما اتهمت البحرين طهران بتمويل جماعات شيعية لقلب نظام الحكم وإثارة القلاقل في صفوف الشيعة، في وقت كانت قد بدأت فيه الحرب الإيرانية العراقية وكانت البحرين من الداعمين للعراق.

وإثر تلك الاتهامات لطهران قامت السلطات البحرينية باعتقال من اعتبرته مشاركا في إثارة القلاقل من البحرينيين وقامت بتسفير آخرين من ذوي أصول إيرانية، كما منعت مواطنيها من السفر إلى طهران.

وبلغت العلاقات بين البلدين ذروة التوترعام 1996 عندما اكتشفت البحرين -بحسب الرواية الرسمية- تنظيما سريا باسم حزب الله البحرين، وأن المراد منه التآمر لقلب نظام الحكم، وأنهم تلقوا تدريبات في طهران.

واتخذت عقب ذلك قرارا يقضي بتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع إيران إلى درجة قائم بالأعمال بعد ما تم رفع المستوى إلى سفير عام 1991.

تحسن العلاقات بتجدد الحكام

بيد أن العلاقات بين البلدين شهدت منعطفا جديدا منذ عام 1997 بُعيد انتخاب محمد خاتمي رئيسا لإيران، الذي كانت توجهاته العامة بالانفتاح وتطبيع العلاقات مع دول الجوار العربي وخاصة مع دول مجلس التعاون الخليجي، ومن جهة أخرى تسلم حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم إثر وفاة والده، فتم تبادل السفراء بين الرئيس الجديد والملك الجديد في عام 1999.

وفي أعقاب هذه التطورات، أخذت العلاقات البحرينية الإيرانية في التحسن بشكل كبير للغاية وكان للتقارب السعودي الإيراني دور مهم فيها وقد توجت هذه العلاقات بزيارات متبادلة لوزراء خارجية البلدين واستئناف العلاقات الدبلوماسية.

لكن الأهم في هذه التطورات هي زيارة الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى طهران، وزيارة الرئيس خاتمي إلى المنامة، وتعتبر هاتان الزيارتان تحولا مهما في تاريخ العلاقات بين البلدين.

عيسى قاسم

رغم الهدوء الحذر في العلاقات بين البلدين، إلا أن النظام الإيراني لم يتواني في تصدير ثورته ودعم أذرعه لخلق الفتن، وعلى إثر ذلك قامت البحرين بتجريد رجل الدين الشيعي البارز الشيخ عيسى قاسم من الجنسية البحرينية، حيث تمت إدانته بتأسيس تنظيمات تابعة لمرجعية سياسية دينية خارجية، ولعب دوراً رئيسياً في خلق بيئة طائفية متطرفة، وعمل على تقسيم المجتمع تبعاً للطائفة وكذلك تبعاً للتبعية لأوامره.

إلا أن ذلك الأمر أغضب النظام الإيراني فقام بإرسال تحذيرات وتهديدات عديدة عبر قادته، وقال الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، إذ قال في تلميح ضمني إلى الأوضاع الداخلية في البحرين، إن السلطات في المنامة "ليس لديها تقديرات صحيحية عن مدى غضب" الشعب، معتبراً أن التعرض للشيخ قاسم "خط أحمر يشعل تجاوزه النار في البحرين والمننطقة".

وبدوره حذر مدير عام الشؤون الدولية في مجلس الشور الإيراني، حسين أمير عبداللهيان وقال، إن محاكمة قاسم سيكون لها "عواقب".

وأضاف عبداللهيان: "أنصح النظام البحريني الحاكم بأخذ الحيطة والحذر، معلقا بأن "على آل خليفة أن يدركوا جيداً عواقب محاكمة عيسى قاسم وتبعاتها،" على حد تعبيره.


قطع العلاقات الدبلوماسية


في يناير 2016 قررت البحرين قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، بعد يوم من اتخاذ السعودية القرار نفسه، في أعقاب اقتحام محتجين سفارة الرياض في طهران، احتجاجا على إعدام نمر النمر.

ويعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين البحرين وإيران الحلقة الأكثر تطورا للعلاقات التي شهدت تدهورا كبيرا بين البلدين، خاصة في الآونة الأخيرة.

وعزت الخارجية البحرينية ذلك لـ"الانتهاكات الإيرانية المتكررة والسافرة لكافة الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية ومبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل وتعديها المرفوض على استقلال وسيادة مملكة البحرين ودول مجلس التعاون".

كما ضبطت وزارة الداخلية البحرينية، خلايا إرهابية "مرتبطة بالعراق وإيران"، ومستودعا للمتفجرات وعددا من الأسلحة والذخائر وسط منطقة مأهولة بالسكان.

سجن "جو"

في يناير من العام الجاري هاجم مسلحون "سجن جو" جنوب البحرين وأطلقوا سراح عدد من السجناء المدانين في قضايا متعلقة بالإرهاب، كما وقتل شرطي أثناء التصدي للهجوم.

واتهمت وزارة الداخلية البحرينية، إيران بدعم الهجوم المسلح على سجن "جو".

وبرهنت ذلك بما بثته "قناة أهل البيت" التي تمولها إيران والتي أكدت أن العملية الإرهابية التي تعرض لها مركز الإصلاح والتأهيل في جو قد تمت بنجاح"

وأضافت الوزارة "إن هذا الأمر يمثل دعما إيرانيا وارتباطا مباشرا بالأعمال الإرهابية وإصرارا على التدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين".

هل تندلع حرب سعودية إيرانية؟

بينما يتصاعد التوتر بين المملكة العربية السعودية وإيران بسبب تتدخل الأخيرة المتزايد في دول المنطقة وخاصة البحرين، تتزايد التكهنات بشأن أساليب المواجهة المسقبلية بين البلدين بعيدًا عن الحروب التقليدية المفتوحة.

ونشرت مجلة “فورين” بوليسي الأمريكية مقالاً للكاتب مايكل نايتس، -المتخصص بالشؤون العسكرية- تناول فيه التوقعات بشأن الحرب السعودية الإيرانية.

وقال نايتس المملكة العربية السعودية وإيران يقاتلان وكلاء بعضهم البعض، وبشكل غير مباشر يقاتلان مستشاري وقوات بعضهما البعض في اليمن وسوريا والبحرين.

وأضاف، الكتلة الشيعية الموالية لإيران هي الأكثر مدعاة للقلق بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فهم يظهرون تجاهلاً لـ “خطوط حمراء” طويلة الأمد مع البحرين والمنطقة الشرقية للسعودية الغنية بالنفط.

وفي العام 2011 قامت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بنشر العشرات من دبابات القتال وناقلات الجند المدرعة في البحرين، بعد طلب من السلطات البحرينية لحماية المنشأت وحفظ الأمن والنظام في ظل اضطرابات شديدة تشهدها المملكة.

ويبدو أن هذا التحرك القوي أزعج طهران، ما أدى إلى سعي إيران لاغتيال عادل الجبير، سفير المملكة لدى الولايات المتحدة وقتها.

وفي العام 2015 يبدو أن إيران كانت تتصرف بتهور في البحرين. فعملت الميليشيات الشيعية العراقية مثل بدر المنشقة عن كتائب حزب الله مع الخلايا المدعومة من ايران في البحرين والمنطقة الشرقية على استيراد ذخائر المتفجرات المتقدمة المخترقة للدروع بأعداد كبيرة بقصد إعطاء الجاليات الشيعية القدرة على الدفاع عن ذاتها ضد أية حملات عسكرية محتملة من قبل السعودية.