تصالح السعودية وإيران.. خبراء يكشفون حقيقة الأمر!!

تقارير وتحقيقات

اليمن العربي

تسعي إيران حاليا إلى إصلاح علاقتها مع دول الخليج وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، لما تتميز به المملكة من ثقل سياسي وعسكري في المنطقة يمكنها من قيادة باقي دول الخليج وحمايته من المكائد والشباك الإيرانية، هذا واتسمت العلاقات السعودية الإيرانية بالاحتقان الشديد بسبب الخلافات السياسية والمذهبية وتدخل إيران السافر في شؤون الخليج وخلق الفتن والتدخل عسكريا في بعد البلدان العربية، أدى كل هذا إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وهو ما دفع بعدة تساؤلات، كان أبرزها هل تتخلى إيران عن سياستها التوسعية في المنطقة وتدخلها في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وتتصالح مع دول الخليج؟ وهل تتحول إيران من العدو إلى شريك في العملية السياسية في المنطقة؟ وأخيرا، ما الأسباب التي جعلت إيران تسعي للتصالح؟

 

فيما يلي نرصد لكم تاريخ التوترات بين المملكة العربية السعودية وإيران.


قطع العلاقات للمرة الاولى

قطعت السعودية العلاقات الدبلوماسية للمرة الأولى مع إيران في العام 1988 بعد مصرع أكثر من 400 شخص، معظمهم إيرانيون، أثناء أداء فريضة الحج في منى، إثر مواجهات مع عناصر من الشرطة السعودية.

وقد تصاعدت التوتر إثر خروج محتجين إلى شوارع طهران واقتحامهم السفارة السعودية 1987 واحتجاز الدبلوماسيين السعوديين بداخلها، كما أضرموا النار في السفارة الكويتية، وقد توفي آنذاك الدبلوماسي السعودي مساعد الغامدي في طهران متأثرا بجروح أصيب بها عندما سقط من نافذة بالسفارة واتهمت الرياض طهران بالتأخر في نقله إلى مستشفى في السعودية.

وقد اعتدى المهاجمون على القنصل السعودي في طهران رضا عبد المحسن النزهة، وبعد تلقيه العلاج اقتادته قوات الحرس الثوري الإيراني واعتقلته قبل أن تفرج عنه بعد مفاوضات بين السعودية وإيران وعلى إثرها قام الملك فهد بقطع العلاقات الدبلوماسية في أبريل عام 1988.


قطع العلاقات للمرة الثانية

 

قررت الرياض للمرة الثانية في 3 عقود، قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران إثر اقتحام سفارتها في طهران احتجاجا على إعدام رجل الدين الشيعي الشيخ نمر النمر، الذي أدين بنشر الإرهاب والتطرف وقلب نظام الحكم في المملكة.

وعلى إثرذلك قام محتجون إيرانيون باقتحم السفارة السعودية في طهران وأضرموا النار فيها، كما أنزل المحتجون العلم السعودي من فوق مبنى السفارة، كما هاجم متظاهرون إيرانيون مبنى القنصلية السعودية في مشهد وأحرقوا جزءا منه على خلفية إعدام نمر النمر.

ومن جانبها أدانت إيران بغضب شديد اعدام السعودية للشيخ النمر، وتوعد الحرس الثوري الإيراني "بالانتقام الشديد".

ووضع المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية رسما كاريكاتوريا على موقعه على الإنترنت يشبه ممارسات النظام القضائي في السعودية بممارسات تنظيم "الدولة الإسلامية".

وردت السعودية بدورها باتهام إيران بدعمها للإرهاب مما أدى إلى تصاعد التوتر الدبلوماسي بين البلدين.

ووصفت السعودية إيران بأنها ترعي الإرهاب "بلا حياء" وتهدد استقرار المنطقة.

 

برنامج إيران النووي


تسعي إيران للهيمنة على منطقة الخليج وتعزيز تواجدها الإقليمي وذلك عن طريق امتلاكها للأسلحة النووية، مما تسبب في تعميق القلق الخليجي نظرا لسياسة طهران التوسعية.

وتطور قلق السعودي والخليجي في العام 2015 إثر توصل إيران والقوى العالمية الست إلى اتفاق شامل في الـ14 من يوليو بخصوص برنامج إيران النووي، وقد رأت السعودية أن الاتفاق يمنح إيران القدرة على تطوير قدراته النووية.

وأظهرت برقيات دبلوماسية أمريكية نشرها موقع "ويكيليكس" أن القادة السعوديين بمن فيهم الملك الراحل عبد الله بن عبدالعزيز يضغطون على واشنطن لاتخاذ موقف متشدد من إيران فيما يخص برنامجها النووي بما في ذلك إمكانية استخدام القوة العسكرية.

 

قضية " تدويل الحج"

 

لإيران مسلسل طويل في استغلال موسم الحج لإثارة الشغب والفوضى والاضطرابات والفتن ومحاولة إحداث الصراعات الطائفية بدءا من أحداث شغب مكة عام 1987، والتي كانت أبرزها وأكثرها خطورة، وحتى حادثة تدافع منى، حيث يسعي نظام الملالي في طهران على طرح قضية "تدويل الحج" منذ سنين. وقد كرر المرشد هذا الموضوع في تصريحاته أمس الاثنين، عندما طالب في رسالة نشرت على موقعه الإلكتروني وعلى وسائل إعلام إيرانية رسمية بأنه "يتعين على العالم الإسلامي أن يعيد النظر فيما يتعلق بإدارة الحرمين الشريفين والحج"، على حد قوله.

وتثير إيران هذه القضية في موسم الحج سنويا بهدف أن تتحول إلى موضوع جدل عالمي يبرز فيه رأي مؤيد للتدويل خاصة عند الغرب، وذلك عبر خلق أزمة قبل كل موسم حج واستغلال حوادث التدافع والوفيات، والتي هي سبب فيها، لاتهام السعودية بالتقصير والفشل في إدارة ورعاية الحج.

وقضية ‏تدويل الحرمين مطلب إيراني قديم يؤكد عليه معاون السلطة القضائية الإيرانية محمد جواد لاريجاني في كتابه "مقولات في الاستراتيجية الوطنية" خلال تناوله نظرية طرح إيران بمثابة "أم القرى" بدلا من أرض الحرمين، والتي تدعو صراحة إلى تدويل الحرمين، وضرورة خروجهما عن السيطرة السعودية، وإدارتهما عن طريق لجان دولية يكون لإيران فيها نصيب أكبر، حسب نظرية لاريجاني.

 

الحروب بالوكالة


منذ فترة بعيدة انتهجت دولة الملالي إسلوب خطيرا جدا وهو التدخل في شؤون كل الدول المحيطة بها عن طريق أذرع تدعمها ماديا وعسكريا لقلب نظام الحكم في هذه البلاد والسيطرة عليها وعلى مقدرات شعوبها، فأصبح الوضع قالبا من الحروب بالوكالة، ففي اليمن ساعدت الحوثيين، وزودتهم بالأسلحة والأموال اللازمة حتى أصبحوا قوة كبرى عقب خروج الأوضاع في اليمن عن إطارها السلمي، ما مكنهم من الاستيلاء على معظم مناطق البلاد، في حين تقود السعودية تحالفا من الدول العربية لدعم الشرعية وحكم الرئيس عبدربه منصور هادي،  ودحر الحوثيين، وقامت في مارس 2015 بحملة عسكرية لمنع الحوثيين المتحالفين مع إيران من الاستيلاء على السلطة، واتهمت الرياض إيران باستخدام مسلحي الحوثيين لتنفيذ انقلاب.

 وفي سوريا دعمت إيران حكومة الرئيس السوري، بشار الأسد، ضد أبناء شعبة مما أدى إلى ارتكاب مجازر في حق المعارضين، فمنذ اندلاع الثورة السورية قررت إيران منذ الأيام الأولى إرسال مستشارين عسكريين لمساعدة القوات الحكومية، واعترفت لاحقا بتكثيف وجودها العسكري، وزادت دعمها السياسي والعسكري والاقتصادي للنظام السورية، وشجعت حلفاءها على التدخل لمساعدة الحكومة في وجه "المعارضين"، ومن جانبها طالبت السعودية، صيف 2011، الرئيس بشار الأسد بالتنحي، وانتقلت لاحقا إلى دعم المعارضين السوريين عسكريا وسياسيا واقتصادي..

كما للصراع الإقليمي أصداء في الأماكن التي بها أغلبية شيعية مثل لبنان، حيث ترغب السعودية في إخماد نفوذ "حزب الله" المدعوم من إيران، ومثل العراق، حيث تشعر الأقلية السنية بالحرمان بعد أن كانت في السابق مسيطرة سياسيا.

 

لماذا تسعى إيران إلى التصالح؟


وفي هذا السياق قال خبراء في تصريحات خاصة لـ"اليمن العربي"، إن إيران لن تتخلي عن سياستها التوسعية مطلقا في الدول التي تتدخل فيها، لأنها فكريا قائمة علي فكرة نشر أفكارها الثورية، موضحين أن في حال تخليها عن هذه الفكرة أو التراجع عنها ستتفكك من الداخل لوجود معارضة كبيرة ضد نظام الحكم.

وبخصوص فرضية أن تكون إيران شريك سياسي، قالت المصادر "لليمن العربي" أن إيران لن تتحول الي شريك سياسي فعلي، وإنما تنطلق في مفاوضاتها من فكرة في المذهب الشيعي تدعي "التقية" وهي إظهار ما يخالف الباطن لما فيه صالح المذهب وهو ما أعلن في الوسائل الاعلامية الايرانية داخليا تعليقا علي المفاوضات النووية والسير فيها والتجربة التي شاركت فيها سياسيا.

وأخيراً، سعي ايران للتصالح في الفترة الحالية وتحركاتها الدبلوماسية المكثفة بين دول الخليج، تقول المصادر أنه سعي دبلوماسي خشية من انفراط العقد والحفاظ علي ما تبقي، فقد شعرت إيران أن العالم لن يقبل باستمرار التوسع والعبث علي حساب القوي الإقليمية الأخري، فلن تقبل الولايات المتحدة في الثأثير علي تحالفها مع دول الخليج ولن تقبل روسيا الاستدارة عليها وتحقيق انتصارات تقلل من نصيبها وصيحات تركيا المتكررة من التدخل الايراني في سوريا، ولهذا ووبناء علي امكانياتها المادية التي مهما عظمت لن تغطي تكاليف التوسع وخاصة وأن إيران تعتمد علي النفط الذي تقلصت قيمتها في تمويل 60% من ميزانيتها وقد تاثرت كثيرا لذا فان سعيها السياسي له ما يبرره وحتي تحافظ علي جزء من انتصاراتها وتبتعد عن ما يمكن أن يضغط عليها.