صحيفة: محاربة القاعدة في اليمن بشكل استعراضي قد يأتي بنتائج عكسية

أخبار محلية

اليمن العربي

 

قالت صحيفة لندنية، إن محاربة تنظيم القاعدة في اليمن بـ”شكل استعراضي” مثل الذي رافق عملية الإنزال الأميركي بمحافظة البيضاء، من شأنها أن تأتي بنتائج عكسية وأن تشوّش على الجهود المحلية والإقليمية في مواجهة التنظيم، والتي سبق أن أثبتت جدواها بشكل عملي من خلال نجاح التحالف العربي في انتزاع مدينة المكلاّ من سيطرته.

 

وحذّرت مجموعة الأزمات الدولية، الخميس، من أن الفرع اليمني لتنظيم القاعدة “أقوى من أي وقت مضى”، لافتة إلى أنه قد يستفيد من عمليات عسكرية شبيهة بأول عملية أمرت بها إدارة الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي وأسفرت عن مقتل مدنيين.

 

وبحسب صحيفة "العرب" الصادرة اليوم الجمعة - تابعها "اليمن العربيط، فإن عملية عسكرية خاطفة نفذتها قوّة أميركية خاصة داخل الأراضي اليمنية أثارت انتقادات المختصّين في الشؤون الأمنية كون الضربة التي استهدفت تجمّعا لعناصر تنظيم القاعدة في مديرية يكلا بمحافظة البيضاء، بدت متسرّعة وغير مدروسة وأوقعت خسائر في صفوف المدنيين، ما يمثّل خدمة غير مباشرة للتنظيم الساعي لترميم حاضنته القبلية التي تآكلت خلال السنوات الماضية بفعل عملياته الدموية التي نفذها داخل البلاد وكانت في كل مرّة توقع ضحايا بين المدنيين وفي صفوف منتسبي القوات المسلّحة الذين ليسوا سوى أبناء تلك القبائل التي يعتمد عليها التنظيم.

 

كما تعمل القاعدة ميدانيا على إعادة تموضعها بمحافظات شرق وجنوب اليمن واستعادة توازنها الذي اختلّ بفعل ضربات التحالف العربي المتلاحقة لها وأشدّها الضربة التي تلقتها في ربيع العام الماضي بمحافظة حضرموت شرق البلاد وأنهت سيطرتها التي كانت قد فرضتها بشكل كامل على مدينة المكلاّ.

 

واعتبر خبراء الشؤون الأمنية أن التعويل في محاربة القاعدة على جهود القوات اليمنية وعلى دعم التحالف العربي، واكتفاء واشنطن بالجهود الاستخباراتية وبضربات الطائرات دون طيّار، على أن تكون دقيقة وحذرة من إصابة مدنيين، أجدى من التدخّل الأميركي المباشر على الأرض كون هذا التدخّل كثيرا ما يخدم دعاية التنظيم وينفّر اليمنيين من الانضمام لجهود محاربة المتشدّدين.

 

وفي مظهر لقوّة التنظيم باليمن سيطر مقاتلوه الخميس على حاجز عسكري في منطقة الخشعة شرقي مدينة أحور في محافظة أبين بعد انسحاب قوات الجيش التي كانت مرابطة فيه.

 

وتعرّضت القوات المنسحبة باتجاه مدينة عدن لتفجير عبوة ناسفة أسفر عن مقتل خمسة جنود وجرح عدد آخر.

 

 

وذكرت مصادر محلية أن مسلحي القاعدة عاودوا السيطرة على حواجز تفتيش عسكرية بعد نحو خمسة أشهر من تواريهم عن الأنظار بسبب عملية عسكرية تمكنت من دحرهم من مديريات أبين في أغسطس 2016.

 

وفي تقرير بعنوان “القاعدة في اليمن في طور التوسع”، أوضحت مجموعة “إنترناشونال كرايسيس غروب” المستقلة التي تحلّل النزاعات حول العالم كيف استفاد تنظيم “قاعدة الجهاد في جزيرة العرب” ومنافسه تنظيم داعش من الفوضى والحرب في اليمن.

 

ورغم الانتكاسات التي لحقت به، فإن التنظيم “يزدهر وسط بيئة انهيار للدولة، والطائفية الدينية المتنامية، وتغيير التحالفات، والفراغات الأمنية والحرب الاقتصادية المتفاقمة” بحسب التقرير.

 

وتؤكد مجموعة الأزمات الدولية أنه “من أجل قلب هذه التوجه، يجب إنهاء النزاع الأساسي”، وتعزيز الحكم في المناطق المعرضة للخطر واستخدام الوسائل العسكرية “بتعقل وبالتنسيق مع السلطات المحلية”.

 

وفي هذا الصدد، أشار مركز الأبحاث الذي يتخذ من بروكسل مقرا له، إلى أن “تلك الجهود ستقوض في حال أقدمت بلدان، كالولايات المتحدة، مهتمة بقتال القاعدة في جزيرة العرب والفرع الناشئ لتنظيم داعش، على اتخاذ إجراءات عسكرية تتجاهل السياق المحلي وتتسبب بخسائر كبيرة بين المدنيين”.

 

واستشهدت المجموعة الدولية بعملية الإنزال التي قامت بها القوات الأميركية بأمر من إدارة ترامب الأسبوع الماضي ضد تنظيم القاعدة في محافظة البيضاء في وسط اليمن.

 

ويشير التقرير إلى أن ذلك “لا يبشر بالخير أبدا” في الجهود المبذولة من أجل “مواجهة القاعدة في جزيرة العرب بذكاء وفعالية”، لافتا إلى أن العملية أسفرت عن مقتل “العديد من المدنيين بينهم نساء وأطفال”، بالإضافة إلى رجال قبائل محليين، ما يعزز ادعاء التنظيم بأنّه “يدافع عن المسلمين ضد الغرب”.

 

وأقرت الولايات المتحدة الأربعاء بمقتل مدنيين في تلك العملية. وكان البنتاغون قد تحدث عن 14 قتيلا “بينهم نساء كنّ يقاتلن” في صفوف القاعدة، ومقتل جندي أميركي من قوات النخبة.

 

ويشهد اليمن نزاعا مسلحا منذ أكثر من 20 شهرا فجّره المتمرّدون الحوثيون المتحالفون من الرئيس السابق علي عبدالله صالح باستيلائهم على السلطة بقوّة السلاح واحتلالهم عددا من مناطق البلاد بما فيها العاصمة صنعاء. واستفاد تنظيما القاعدة وداعش، من النزاع بين الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، لتعزيز نفوذهما خصوصا في جنوب اليمن.

 

وبحسب التقرير، فإن تنظيم القاعدة تمكّن من تشكيل “تحالفات ضمنية” مع القبائل في بعض المناطق.

 

وكان تنظيم القاعدة المتواجد في اليمن منذ أكثر من عقدين قد تعرض لانتكاسات مع فقدانه السيطرة على مدينة المكلا الساحلية جنوب شرق البلاد في أبريل الماضي خلال عملية نوعية قادتها قوات مشاركة في التحالف العربي، لكن مجموعة الأزمات الدولية رأت أن هذه النجاحات تظلّ هشة في غياب حكم محلي قويّ.

 

ومن جهتها قالت أوساط سياسية ناقدة لعملية الإنزال باليمن، إنّها ذات طابع استعراضي من قبل إدارة ترامب بهدف إظهار التزام الأخير بتنفيذ وعوده بالحزم في مواجهة الجماعات الإرهابية.

 

غير أنّ وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) شدّدت على أن العملية كان يتم الإعداد لها منذ فترة طويلة وبموافقة من إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، إلاّ أنّ أسبابا إجرائية حالت دون تنفيذها عندما كان أوباما لا يزال في منصبه.